أمّا هذا الرأي، فقد راح يوفّق بين الرأيين السابقين، والذي يرى بوجوب التمييز بين نوعين من الأعمال فيما قاما بتشييده المقاول والمهندس المعماري، فيجعلهما مسئولين عن العيوب التي قد تظهر، ويقاس ذلك بمدى تطلّب هذا العمل من خبرة عالية لدى المقاول والمهندس المعماري، طالما هذه الأعمال سواء كانت فوق سطح الأرض أم بباطنها، غالبًا ما تستوجب فنّية عالية، والتي كثيرًا ما تنعدم لدى رب العمل، ولذا كان يجب لحماية هذا الأخير، إخضاع مثل هذه الأعمال لأحكام الضمان العشري، أمّا ما تعلّق بالمنشآت الثابتة الأخرى، التي لا تتطلّب الكثير من المهارة، خاصة إذا تعلّقت فقط بعمليّات الحفر، فينتفي فيها الغرض من إخضاعها لذات الأحكام.

إلاّ أنّ بعض الفقه يعقّب على هذا الرأي، - الذي يفرّق بين أعمال ذات أهمية عالية فيتمّ إخضاعها لأحكام الضمان العشري، وغيرها من الأعمال كعمليات الحفر...،

التي لا تتطلب ذات المهارات من المقاول والمهندس المعماري، فتستبعد من تطبيق هذه الأحكام المشدّدة، أن لا أساس له، على اعتبار أنّ هذه الأعمال الأخيرة، أليست هي الأخرى تتطلّب مقاولين ومهندسين معماريين ذوو خبرة عالية، كتعبيد الطرقات وحفر الآبار...؟ فهذا العمل لا يقتصر فقط على عملية الشق والحفر، إنّمّا يقوم على دراسة عميقة لنوعية التربة ومدى صلاحية الأمكنة التي يتمّ فيها الحفر للعمل المطلوب إقامته.

وخلاصة الرأي، فإنّ الاتفاق الفقهي، يرى بإخضاع ما تمّ تشييده من أعمال أو أقيم من منشآت ثابتة أخرى لقواعد الضمان العشري، سواء كانت مرتفعة عن سطح الأرض أم بباطن الأرض أم مساوية لهذا السطح (1).

____________

1- د .عمرو طه بدوي محمد علي- الالتزام بالضمان في عقود البناء والتشييد- دراسة  تطبيقية على عقود الإنشاءات الدولية  رسالة دكتوراه، القاهرة 2004 – ص 230 ، د.عبد الرازق حسن يس- المسئولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء- شروطنا، نطاق تطبيقنا، الضمانات المستحدثة فيها دراسة مقارنة في القانون المدني ط 1، سنة 1987 ، دون دار نشر – ص 69