أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-8-2019
2417
التاريخ: 10-8-2019
2912
التاريخ: 13-8-2019
25354
التاريخ: 10-8-2019
8736
|
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [التوبة : 28] .
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآية (1) :
لما تقدم النهي عن ولاية المشركين ، أزال سبحانه ولايتهم عن المسجد الحرام ، وحظر عليهم دخوله ، فقال : {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس} معناه : إن الكافرين أنجاس ، {فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} أي : فامنعوهم عن المسجد الحرام . قيل : المراد به منعهم من دخول الحرم ، عن عطا قال : والحرم كله مسجد وقبلة ، والعام الذي أشار إليه هو سنة تسع ، الذي نادى فيه علي عليه السلام بالبراءة ، وقال : لا يحجن بعد هذا العام مشرك . وقيل : المراد به منعهم من دخول المسجد الحرام على طريق الولاية للموسم والعمرة . وقيل : منعوا من الدخول أصلا في المسجد ، ومنعوا من حضور الموسم ، ودخول الحرم ، عن الجبائي .
واختلف في نجاسة الكافر ، فقال قوم من الفقهاء : إن الكافر نجس العين ، وظاهر الآية يدل على ذلك . وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب : امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين ، وأتبع نهيه قول الله تعالى : {إنما المشركون نجس} الآية . وعن الحسن قال : لا تصافحوا المشركين ، فمن صافحهم فليتوضأ .
وهذا يوافق ما ذهب إليه أصحابنا من أن من صافح الكافر ، ويده رطبة ، وجب أن يغسل يده ، وإن كانت أيديهما يابستين مسحهما بالحائط . وقال آخرون : إنما سماهم الله نجسا لخبث اعتقادهم ، وأفعالهم ، وأقوالهم ، وأجازوا للذمي دخول المساجد قالوا : إنما يمنعون من دخول مكة للحج . قال قتادة : سماهم نجسا لأنهم يجنبون ، ولا يغتسلون ، ويحدثون ولا يتوضؤون ، فمنعوا من دخول المسجد ، لأن الجنب لا يجوز له دخول المسجد .
{وإن خفتم عيلة} أي : فقرا وحاجة ، وكانوا قد خافوا انقطاع المتاجر بمنع المشركين عن دخول الحرم {فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء} أي : فسوف يغنيكم الله من جهة أخرى إن شاء أن يغنيكم ، بأن يرغب الناس من أهل الآفاق في حمل الميرة إليكم ، رحمة منه ، ونعمة عليكم . قال مقاتل : أسلم أهل نجدة ، وصنعاء وجرش ، من اليمن ، وحملوا الطعام إلى مكة على ظهور الإبل والدواب ، وكفاهم الله تعالى ما كانوا يتخوفون . وقيل : معناه يغنيكم بالجزية المأخوذة من أهل الكتاب . وقيل : بالمطر والنبات . وقيل : بإباحة الغنائم . وإذا سئل عن معنى المشيئة في قوله : {إن شاء} ، فالقول فيه : إن الله تعالى قد علم أن منهم من يبقى إلى وقت فتح البلاد ، واغتنام أموال الأكاسرة ، فيستغني ، ومنهم من لا يبقى إلى ذلك الوقت ، فلهذا علقه بالمشيئة . وقيل : إنما علقه بالمشيئة ليرغب الانسان إلى الله تعالى في طلب الغنى منه ، وليعلم أن الغنى لا يكون بالاجتهاد . {إن الله عليم} بالمصالح ، وتدبير العباد ، وبكل شيء {حكيم} فيما يأمر ، وينهي .
____________________________
1 . تفسير مجمع البيان ، ج5 ، ص 38-39 .
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآية (1) :
{ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا } . أي العام التاسع للهجرة ، وهو العام الذي قرأ فيه علي ( عليه السلام ) على الناس آيات البراءة . وكلمة المشركين يستعملها القرآن - غالبا - في عبدة الأوثان بخاصة مشركي العرب ، ويستعمل كلمة أهل الكتاب في اليهود والنصارى ، وقد عطف المشركين على أهل الكتاب في الآية 105 من سورة البقرة : { ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ولَا الْمُشْرِكِينَ } . والآية 1 من البينة : { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ والْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ } والعطف يشعر بأن المعطوف غير المعطوف عليه ، مع العلم بأن كلا من عطف التفسير ، وعطف الخاص على العام ، والعام على الخاص جائز ، ولكن مع القرينة .
واختلف الفقهاء في منع الكفار من المساجد . قال الشافعي : يمنعون من المسجد الحرام دون غيره . وقال مالك : يمنعون من كل مسجد . وقال أبو حنيفة :
لا يمنعون إطلاقا ، لا من المسجد الحرام ولا من غيره ( الرازي عند تفسير هذه الآية ) .
والذي نراه ان النجس يجب منعه من كل مسجد ، وان كان فيه وجب إخراجه منه ، سواء أكان النجس إنسانا ، أم حيوانا ، أم غيرهما ، وسواء أكانت النجاسة متعدية تستلزم تلويث المسجد وهتكه ، أم لم تكن ، والدليل على ذلك ان الآية أطلقت حكم التحريم ، ولم تقيده بشيء .
ونريد بالإنسان النجس الجاحد وعابد الأوثان ، أما أهل الكتاب فقد أثبتنا طهارتهم عند تفسير الآية 5 من سورة المائدة .
وتسأل : ان قوله تعالى : { فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ } . يدل على صحة قول الشافعي من أن المنع خاص بالمسجد الحرام ، دون غيره ، لأنه لم يقل :
فلا يقربوا كل مسجد .
الجواب : ان مجموع الآية يدل على العموم ، لا على الخصوص ، لأن المتبادر إلى الأذهان من الآية بمجموعها ان علة المنع من الدخول هي النجاسة واحترام المسجد عند اللَّه ، وليس من شك ان كل مسجد هو محترم عند اللَّه لأنه منسوب إليه جلَّت عظمته . . والحكم يدور مع علته اثباتا ونفيا . ولذا أجمع الفقهاء على تحريم الوسكي ، مع أنه لا نص عليها بالخصوص اكتفاء بالنص على علة التحريم ، وهو الإسكار .
{ وإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللَّهً عَلِيمٌ حَكِيمٌ } .
كان المشركون في جميع أنحاء الجزيرة العربية يقصدون مكة للحج والتجارة ، وكان أهل مكة ينتفعون بذلك ، فيبيعونهم ويشترون منهم ، ويؤجرون لهم المساكن ، ومكة تقع في واد غير ذي زرع ، ولما منع اللَّه المشركين منها خاف بعض أهلها الفقر ، فقال لهم سبحانه : { وإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ } أي ان خفتم الفقر بسبب انقطاع المشركين عن مكة فإن اللَّه يعوض عليكم بوجه آخر ، لأن أسباب الرزق عنده بعدد قطرات المطر ، كما في الحديث ، وصدق اللَّه العظيم ، فقد فتح على المسلمين البلاد والغنائم ، ودخل الناس في دينه أفواجا ، وتوجهوا بقلوبهم وأموالهم إلى مكة بالملايين ، ورأى أهلها من الغنى ما لم يحلموا به من قبل .
وتسأل : ما هو الغرض من قوله تعالى : ( إِنْ شاءَ ) مع العلم بأنه قد شاء ؟ .
الجواب : قد يكون القصد الإشارة إلى أنه يجري المسببات على أسبابها ، وقد يكون المراد مجرد تعليم عباده ان يتّكلوا في جميع أعمالهم على اللَّه ، ويعلقوا تحقيق أهدافهم على مشيئته مع السعي : كما في قوله : { ولا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ } [الكهف - 23] .
____________________________
1. تفسير الكاشف ، ج4 ، ص 27-29 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآية (1) :
قوله تعالى : ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا﴾ قال في المجمع ، : كل مستقذر نجس يقال : رجل نجس وامرأة نجس وقوم نجس لأنه مصدر ، وإذا استعملت هذه اللفظة مع الرجس قيل : رجس نجس - بكسر النون - قال : والعيلة الفقر يقال عال يعيل إذا افتقر .
والنهي عن دخول المشركين المسجد الحرام بحسب المتفاهم العرفي يفيد أمر المؤمنين بمنعهم عن دخول المسجد الحرام ، وفي تعليله تعالى منع دخولهم المسجد بكونهم نجسا اعتبار نوع من القذارة لهم كاعتبار نوع من الطهارة والنزاهة للمسجد الحرام ، وهي كيف كانت أمر آخر وراء الحكم باجتناب ملاقاتهم بالرطوبة وغير ذلك .
والمراد بقوله : ﴿عامهم هذا﴾ سنة تسع من الهجرة ، وهي السنة التي أذن فيها علي (عليه السلام) بالبراءة ، ومنع طواف البيت عريانا ، وحج المشركين البيت .
وقوله : ﴿وإن خفتم عيلة﴾ الآية ، أي وإن خفتم في إجراء هذا الحكم أن ينقطعوا عن الحج ، ويتعطل أسواقكم ، وتذهب تجارتكم فتفتقروا وتعيلوا فلا تخافوا فسوف يغنيكم الله من فضله ، ويؤمنكم من الفقر الذي تخافونه .
وهذا وعد حسن منه تعالى فيه تطييب نفوس أهل مكة ومن كان له تجارة هناك بالموسم ، وكان حاضر العالم الإسلامي يبشرهم يومئذ بمضمون هذا الوعد فقد كان الإسلام تعلو كلمته ، وينتشر صيته حالا بعد حال ، وكانت عامة المشركين في عتبة الاستئصال بعد إيذان براءة لم يبق لهم إلا أربعة أشهر إلا شرذمة قليلة من العرب كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عاهدهم عند المسجد الحرام إلى أجل ما بعده من مهل فالجميع كانوا في معرض قبول الإسلام .
____________________________
1 . تفسير الميزان ، ج9 ، ص 190-191 .
تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآية (1) :
لا يحقّ للمشركين أن يدخلوا المسجد الحرام :
قلنا : إن واحدا من الأمور الأربعة التي بلّغها الإمام علي عليه السلام في موسم الحج في السنة التاسعة للهجرة ، هو أنّه لا يحق لأحد من المشركين دخول المسجد الحرام ، أو الطواف حول البيت ، فالآية محل البحث تشير إلى هذا الموضوع وحكمته ، فتقول أوّلا : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا} .
وهل الآية هذه دليل على نجاسة المشرك بالمفهوم الفقهي ، أو لا ؟! هناك كلام بين الفقهاء والمفسّرين ، ومن أجل تحقيق معنى الآية يلزمنا التحقيق في كلمة «نجس» قبل كل شيء ...
«النجس» على زنة «الهوس» كلمة ذات معنى مصدري ، وتأتي للتأكيد والمبالغة والوصف .
يقول الراغب في مفرداته : إنّ النجاسة والنجس يطلقان على كل قذارة ، وهي على نوعين : قذارة حسية ، وقذارة باطنية .
ويقول الطبرسي في مجمع البيان : كل ما ينفر منه الإنسان يقال عنه : إنّه نجس.
فلذلك فإنّ كلمة نجس تستعمل في موارد كثيرة- حتى في ما لا مفهوم للنجاسة الظاهرية فيه- فمثلا يسمّي العرب الأمراض الصعبة المزمنة أو التي لا علاج لها ب «النجس» كما يطلق على الشخص الشّرير ، أو الساقط خلقيا ، أو الشيخ الهرم ، أنّه نجس .
ومن هنا يتّضح أنّه مع ملاحظة ما جاء في الآية- محل البحث- لا يمكن الحكم بأنّ إطلاق كلمة نجس على المشركين تعني أن أجسامهم قذرة كقذارة البول والدم والخمر وما إلى ذلك أو لعقيدتهم «الوثنية» فهي قذارة باطنية ، ومن هنا لا يمكن الاستدلال بهذه الآية على نجاسة الكفار ، بل ينبغي البحث عن أدلة أخرى .
ثمّ تعقب الآية على ذوي النظرة السطحية الذين كانوا يزعمون بأن المشركين إذا انقطعوا عن المسجد الحرام ذهبت تجارتهم وغدوا فقراء معوزين فتقول {وإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ} .
كما فعل ذلك سبحانه على خير وجه ، فباتساع رقعة الإسلام في عصر النّبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أخذ سيل الزائرين يتجه نحو بيت اللّه في مكّة ، وما زال هذا الأمر مستمرا حتى عصرنا الحاضر حيث أصبحت مكّة في أحسن الظروف فهي بين سلسلة جبال صخرية لا ماء فيها ولا زرع ، لكنّها مدينة عامرة ، وقد صارت بإذن اللّه مركزا مهما للبيع والشراء التجارة .
ويضيف القرآن في نهاية الآية قائلا : {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} فكل ما يأمركم به اللّه فهو وفق حكمته ، وهو عليم بما سيؤول إليه أمره من نتائج مستقبلية ، وهو خبير بذلك .
_________________________
1. تفسير الأمثل ، ج5 ، ص 191-192 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|