أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-3-2016
2307
التاريخ: 6-03-2015
1654
التاريخ: 16-10-2014
1622
التاريخ: 10-10-2014
1999
|
فخر الدين الرازي أبو عبد اللّه محمد بن عمر التميمي البكري، ويعرف بابن الخطيب الشافعي (544- 606 هـ ). وكتابه هو «مفاتيح الغيب» ويقع في ثمانية مجلدات كبار والعلماء مختلفون فيما بينهم فيما إذا كان الرازي قد فسر القرآن كله أم لا. يقول ابن قاضي شهبة : أن الفخر الرازي لم يتمه (1) ، كما يقول ذلك ابن خلكان (2).
هذا والرازي يهتم ببيان المناسبات بين آيات القرآن وسوره، ويكثر من الاستعداد إلى العلوم الطبيعية والربانية والفلكية والفلسفية، ومباحث الإلهيات على نحو استدلالات الفلاسفة العقلية، كما يذكر مذاهب الفقهاء والمسائل الأصولية والنحوية ولكن المسائل الكونية كان لها النصيب الأوفر حتى أعد هذا الكتاب موسوعة كلامية وكونية. وبذلك قال فيه بعض العلماء: فيه كل شيء إلا التفسير (3) ! ولنا عليه عدة نقود على تسمية كتابه ب (مفاتيح الغيب).
أولا : بما أن لفظ الغيب هو مما استأثر به اللّه سبحانه وتعالى فلا طريق للرازي ولا لأي مدعي في ذلك.
ثانيا : إن قلنا بأن اللّه عز وجل أطلع بعض أوليائه وهم (الراسخون في العلم) على شيء من الغيب فالفخر الرازي ليس منهم قطعا بل هو منحرف عن أهل الذكر وأهل البيت عليهم السّلام أيضا!
ثالثا : بما أنه هو من في كتابه مختلف المعارف وركز على النواحي الطبيعية والكونية، وكان نصيب الغيب منه القليل القليل هذا بالإضافة إلى اشتباهاته- كما سيجيء- في تفسير المتشابه على المذهبي الأشعري الجزافي الملتوي!
رابعا : بما أنه فسر القرآن برأيه، فإن تسمية كتابه جاء كذلك ارتجالا برأيه! وعليه فالأولى أن يسمي كتابه : (الرجم بالغيب)؟!
أولا : تفنيد أسس تفسير الرازي
الأول : وجود شبهة الشرك فيه: فقد ذكر الرازي في تفسيره (4) : النقد الموجه على كتاب (التوحيد) ل (محمد بن اسحاق بن خزيمة) وهو من الحنابلة والغالب فيهم أنهم حشوية (5) أي يحشون الأحاديث التي لا أصل لها، وجميعهم، يقولون بالجبر والتشبيه! إذ قال الرازي في الكتاب : هو في الحقيقة كتاب شرك؟! هنا نلفت نظر الرازي الذي حكم بشرك الحشوية : لو أن الرازي وقف بالتحقيق والإنصاف على تعاليم الأشاعرة والأشعري، الذي يدعو به، وينتصر له، المتمثل بالجبر الملتوي- المأوّل- بتكلف في مقابل الجبر الصريح، والتجسيم والتشبيه الخفيين المنتشرين في عدة أماكن في تفسيره، لما اتخذ المذهبي الأشعري! الذي هو أحد وجهي العملة والوجه الآخر عقيدة أهل الحديث والحشو- لنفسه شعارا ولما هاجم الحشوية واتهمهم بالشرك؟!!
ثانيا : انحرافه عن السنة المحمدية
يقول الذهبي : «و قد بدت في تأليفه بلايا وعظائم وسحر وانحرافات عن السنة؟! واللّه يعفو عنه ...» (6).
ومما يؤكد ذلك أي انحرافه عن السنة هو ما نقله صاحب «تاريخ روض المناظر» عن ابن الأثير: أن السلطان (غياث الدين) قد أبلغ في إكرام الإمام فخر الدين، وبنى له المدرسة هراة فعظم ذلك على أهلها الكرامية من الحنفية والشافعية، فحضروا عند الأمير غياث الدين، للمناظرة، وحضر فخر الدين الرازي، والقاضي عبد المجيد بن القدوة، وطال الكلام، وقام غياث الدين فاستطال (الرازي) على (ابن القدوة) وشتمه ! فأغضب ذلك الملك ضياء الدين، ابن عم غياث الدين، فلم يصنع إليه شيئا، فلما كان الغد وغدا ابن القدوة الناس، فحمد اللّه وصلى على النبي ، وقال : ربنا آمنا بما أنزلت وأتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين، أيها الناس لا نقول إلا ما صح عندنا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؟!
وأما علم أرسطو وكفريات ابن سينا وفلسفة الفارابي فلا نعلمها فلأي (جهة) تنسب بالأمس شيخ من شيوخ الإسلام، الإسلام يذب عن دين اللّه وسنة نبيه، فبكوا وبكت الكرامية، واستعانوا وثار الناس من كل جانب، وامتلأ الناس فتنة، وبلغ ذلك السلطان غياث الدين فسكن الفتنة وأوعد الناس بإخراج فخر الدين، ثم أمره بالعودة إلى هراة (7)؟!! وهكذا تعلم أنه لا يفسر في الغالب بالسنة النبوية الشريفة الصحيحة بل برأيه الشخصي المبني على انحرافات الفلاسفة يونانيين وإغريق وغيرهم وينتصر لهم لا للكتاب والسنّة ودين الإسلام! هذا فضلا عن الاعتماد على الإسرائيليات، بالإضافة إلى تعصبه للمنهج الأشعري، ومع الجمع بمنهج الفلاسفة السابق تظهر البصمات على تفسيره، مما يشم منها التأويل الملتوي ولكنه في النتيجة يسقط في شبهة التجسيم والتشبيه، خلافا للسنة الصحيحة المباركة! وسيجيء في تفسيره لقوله تعالى { الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى } [سورة طه : 5]!
ثالثا : شخصيته المتذبذبة وعدم موضوعيته
وهي أن الرازي ، بسبب أشعريته وبالتالي نصبه فإنه يخالف الإمامية من أتباع أهل البيت عليهم السّلام في غالب المجالات، خصوصا فيما يرجع إلى مباحث الإمامة والآيات الواردة في حق الإمام علي عليه السّلام (8)، فيقوم بإيراد التشكيكات تكلفا ونصبا وتنطعا لا دفاعا عن الكتاب والسنة بل بغضا لأبي تراب عليه السّلام، شأنه شأن كل ناصبي لا يطيق أن يسمع اسم علي عليه السّلام لأنه يسبب له ما يحصل لكل ناصبي مبغض؟!
مثال على ذلك في تفسيره (9) لقوله تعالى : { إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ راكِعُونَ } [سورة المائدة : 55].
فقد فسرها باللف والدوران (البلكفة) أي على طريقته وفق المذهب الأشعري الذي تعصب له، عند ما يريد تفسير الاستواء على العرش، واليد، والرؤية .. فهو يستبطن التجسيم والتشبيه ولكن يغلفها بقوله لا بكيف؟! وهذا التفسير لا يخلو :
أ- إمّا أنه استبطان للكفر وإظهار للإيمان!
ب- وإمّا العجز- ونحن ممن نحسن الظن بالمسلمين ونحملهم على أحسن المحامل- بحيث يصعب عليه توضيح ذلك المعنى بما يليق بقدس اللّه تعالى، مع الاحتفاظ بدلالة اللفظ والنص!
ت- وإمّا الجهل والانحراف لزيغهم عن الحق برجالهم وآرائهم الجزافية، من غير مستند على حق فيعرفون أهله ؟! فالذي يتجرأ على كتاب اللّه وسنة رسوله برأيه، كيف لا يتجرأ على أوليائه وعلى رأسهم أميرهم علي بن أبي طالب عليه السّلام ؟! فقام بدهائه الماكر بصرف الآية باتجاه بعيد لأجل الضبابية والتعمية، فقال: عن عكرمة أنها نزلت في أبي بكر؟! وبعدها جاء بثلاث روايات، عن ابن عباس، وعن عبد اللّه بن سلام، وعن ابن ذرّ (رض) أن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: «اللّهمّ إن ... واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري» قال : أبو ذرّ : فو اللّه ما أتم رسول اللّه هذه الكلمة حتى نزل جبريل : فقال يا محمد اقرأ { إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ راكِعُونَ } الآية إلى آخرها ..!
ثم يعقب الرازي مراوغا مغالطا مطلقا قوله جزافا وارتجالا بل كذبا عند ما تخرص قائلا: فهذا مجموع ما يتعلق بالروايات في هذه المسألة (10)؟!! وتمادى صاحبنا الرازي بمختلف ألوان المراوغة، فقسم البحث إلى (المسألة الثانية) ثم إلى مقامين، قال (في المقام الأول) : إن الولي في اللغة جاء بمعنى الناصر والمحب؟! نقول للرازي : إذا كنت ممن يراوغ في الاحتيال على الآيات، واللف والدوران بالروايات بالارتجال والهوى الشخصي وتسمي ذلك اجتهادا وما هو إلا الرأي الجزافي .. ولكنك تفتضح بأدنى مراجعة لقواميس اللغة ومعاجمها؟!
فالولي لغة : إنما هو الأول بالتعرف كما في قولنا: فلان ولي القاصر، وكل من ولي أمر واحد فهو وليه ؛ فيكون المعنى الذي يلي أموركم فيكون أولى بها منكم، إنما هو اللّه عز وجلّ ورسوله وعلي، لأنه هو الذي اجتمعت به هذه الصفات ...؟!
و لا يجوز أن يكون هنا بمعنى التعبير والمحب أو نحوهما، أن لا يبقى لهذا الحصر وجه؟! كما لا يخفى وهذا ملحق بالواضحات البينات؟! ثم يكابر ويثني عطفه عن الحق الجلي .. ليقفز إلى (المقام الثاني)
ويقسمه إلى وجوه أول وثاني ... وحجج أولى وثانية وثالثة ورابعة وخامسة (11)، وكان أهمها أن لفظ (آمنوا) للجمع فكيف أطلق على المفرد؟! نجيب اختصارا: العرب يعبرون عن المفرد بلفظ الجمع، لنكتة تستوجب ذلك، فإن كنت لا تعرف أمثال هذا الواضحات، فما لك والدخول بين المفسرين؟! أ لم أقل لك كان أولى أن تسمي تفسيرك الكشكول في الرجم بالغيب؟! ونرد عليه بما يلي: أ لم يذكر اللّه تعالى { الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الْوَكِيلُ } [سورة آل عمران : 173]. وإنما كان القائل نعيم بن مسعود الأشجعي، وحده، بإجماع المفسرين والمحدثين وأهل الأخيار! وإذا كان النصب والبغض قد أعمى بصرك وبصيرتك لتعاند الحقائق وتنكرها فهذه نظيرة تلك وهي قوله تعالى { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْْ } [سورة المائدة : 11]. والذي بسط يده هو غوث من بني محارب، وقيل عمرو بن جحاش من بني النضير. فقد أوردها ابن هشام في سيرته (12) وجلّ المفسرين؟! ونظائر كثير!! فاعلم أيها الناصبي الذي أضاع تعصّبه عمله أنها :
أ- إما للتعظيم، وهذا أشهر في كلام العرب، فلا مجال من اعتراض أشباهك من المبغضين! ب- ما ذكره الزمخشري (13) في كشافه نكتة أخرى حيث قال : فإن قلت كيف صح أن يكون لعلي رضي اللّه عنه واللفظ لفظ جماعة؟ قلت: جيء به على لفظ الجمع، وإن كان السبب فيه رجلا فردا ليرغب الناس في مثل فعله، فينالوا مثل نواله، ولينبه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البر والإحسان، وتفقد الفقراء حتى إن لزمهم أمر لا يقبل التأخير وهم في الصلاة لم يؤخروه إلى الفراغ منها.
فلم نكثر البحث واقتصرنا على البديهيات والواضحات من لغة العرب ولسانهم، بحيث يقطع المجال على مفسر مثل الرازي أن يحتال برأيه المراوغ على اللغة بعد ما تجرأ على آيات اللّه وسنة رسوله كما قدمنا؟! وإلى فمن يراجع كتاب تفسير الميزان في تفسير هذه الآية يجد المعلم الذي يوجه تلميذه الضال المعاند. هذا نقلا عن تفاسيرهم هم !!.
ناصبي لا موضوعي
وأخيرا تظهر على فلتات لسانه خبايا بواطنه ودخائلها من نصب وبغض للحق وأهله، تارة بإخفاء الحقائق وأخرى بالشتم والسباب على طريقة سلفه وإمامه معاوية وأقرنه كابن تيمية والذهبي وحشوية الحنابلة، إذ يسيئون إلى أحمد بن حنبل الذي ثبت للناس أن عليا هذا الخليفة الرابع الذي حاول إخفائه المنافقون والنواصب وسياسة الحكام، وبالتالي إساءة الرازي وأشباهه عند ما ينسبون أنفسهم إلى أهل السنة والجماعة ؟! وهكذا ينضح ظرف الرازي بقوله (14) : «إن عليا كان أعرف بتفسير القرآن وهؤلاء الروافض؟!».
هنا خرج عن موضوعيته لو اعتبرناه عالما وأهلا لأن يدخل عالم التفسير بتجرد وموضوعية فهل أن الذي يوالي عليا على ضوء التفسير البين للآيات ينعت بالرافض ؟! بينما من يتجرأ على صرف الآيات عن مقاصدها وأهلها برأيه وعلى هواه يسمى أهل السنة والجماعة ؟!!
- هل أن الذي تمسك بالسنة الصحيحة الواردة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم باتباع أهل بيته يكون رافضيا ؟! أما الذي انحرف عنها إلى سنّة الحكّام ووعّاظهم يكون من أهل السنة والجماعة ؟!- هل أن الذي اتبع الحق المتمثل بعلي يوم صفين هو الرافضي ؟! بينما الذي حاربه وسبه وطمس ذكره بل وأبغضه، بالتحاقه بفئة معاوية الباغي بالإجماع، وكل حاكم غالب هو السني؟!- وهل الذي عرف الحق فعرف أهله رافضيا ؟! وأن من تلمّس الحق بالرجال سنيا؟! ثم هكذا تقزمون عليا - وحاشاه - بإطلاق اسم الرافضة على من يتحرى الحق به أو أن يذكر مظلوميته؟! فما لكم كيف تحكمون وعلى أي دين تسيرون ؟! ثم يستمر الرازي بكل صلف وتجني لإخفاء الحقائق أن التعتيم عليها بقوله : «فلو كانت هذه الآية دالة على إمامته لاحتج بها في محفل من المحافل؟!».
مغالطة جديدة : بل وتزوير للحقائق وتصوير الأمر بكل بساطة انتخب الخليفة الأول بالشورى ثم أوصى بها للخليفة عمر ثانيا ثم بالستة الشورى وانتهت إلى الخليفة عثمان، الذي قتل مظلوما؟! ثم طالب وريثه الشرعي معاوية بدمه، فأبى علي أن يسلم قتلة عثمان له. عندها اضطر معاوية لمحاربة الخليفة المراجع- الذي اعترف به في زمن ابن حنبل- مؤسسا سنة الحاكم الغالب وليجتهد على هواه بجعل الأمر وراثيا ملوكيا ... الخ.
و لكن معاوية سكت فجأة عن قميص عثمان بعد ما حصل على الملك! وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة، وإجماع واتفاق السلف الصالح . ولكن هناك الرافضة لعنهم اللّه، لا زالوا يرون أن الحق والأمر لعلي في الخلافة، وفي حربه مع سيدنا معاوية ، وهم بقايا أتباع عبد اللّه بن سبأ اليهودي؟! فقد اندس في جيش علي (...) ولو أنه كان يحوي على (850) من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وبيعة الشجرة والرضوان، وعلى رأسهم الصحابي الشهير عمار بن ياسر (رض). ومن المؤسف له حقا أنهم صدقوا عبد اللّه بن سبأ هذا، فأصحبوا بذلك روافض زنادقة، يهود هذه الأمة؟! فلم يتورعوا عن سبّ الصحابة؟! ولم يطيعوا كل خليفة غالب؟! ويرفضون البيعة وإن حصلت باثنين بل بواحد؟! وقد انقسموا إلى فرق باطنية وشيطانية و... و.. الخ.
وعليه جاز قتالهم لأنهم اخطر من اليهود، فدمهم وعرضهم ومالهم مباح ؟! كفرة زنادقة لا يواكلون ولا يشاربون ولا ... الخ .. فلا يؤمنون على تفسير ولا على حديث، وجزاؤهم القتل والإبعاد عن محافل العلم والتدريس .. كل هذا بأمر ولي المسلمين الحاكم الغالب. وهذا ما عليه إجماع واتفاق السلف والسنة والجماعة ؟!! وعلى ضوء ذلك تأسست السنة الجديدة بوقف الإسلام ذريا للحاكم ووعاظه ومرتزقته ؟! وكل من لم يوافق على ذلك فهو رافضي بغيض، بل وكل من يتعاطف أو يوجد في قلبه حب لعلي وأهل البيت عليهم السّلام، تناله تلك التهمة كما حصل للشافعي والنسائي وغيرهم (15) ؟! هنا نجيب الرازي عند ما خاطبناه لو أنه سمى تفسيره كشكول الرجم بالغيب؟! ثم يواصل الرازي في نفس الصفحة حديثه بقوله :
وليس للقوم أن يقولوا : إنه تركه تقية ؟!
لمحة عن التقية : أيها الرازي الراضي بولاية كل سلطان غالب فلقد كانت يدك مبسوطة ولك مطلق الحرية وتوافر أسباب التأليف والتفسير، ومع ذلك تجرأت على اللّه ورسوله وعلى عباده ؟! عند ما وافقت هوى الحاكم حيث لم تفقه ولم تعرف معنى التقية بل والتقوى بجرأتك هذه ؟! فبأدنى حد أن لا تخوض في دماء وأعراض المسلمين، وإلا فهو ثمن رفع التقية عنك، وشمتّ لفرضها على الآخرين من الأحرار الذين لا يتقون إلا اللّه، وطغيان الظالمين فلقد التزم كل من عبد اللّه بن عمر، وابن الخياط، وابن أكثم الكوفي والحسن البصري، وابن المسيب وغيرهم التقية خشية إمامك معاوية ومن بعده ممن تسميهم ولاة الأمور ولو بالغلبة، وكان نصيب الظلم على أهل البيت عليهم السّلام وأتباعهم الأكبر؟! فيأتي أمثالك ممن سلّم لمختلف الحكام وأيديهم بل أوّل بتكلف وبكل جرأة النصوص لمصلحتهم وخاض معهم في ظلم المسلمين، لينجو من تعسفهم بالتقية، وليلعن العاملين بها ؟! فمن أولى باللعن ؟! أنتم أم الذين ألجأتموهم إلى التقية ؟! كلا فإن عليا لا ولن يتاقي ولا تاقى بل راعى مصلحة الإسلام العليا، وغصنه الطري ولكنه الوارث للنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالحق والنصوص المتواترات والحسان إذ قال عليه السّلام: «لأسلّمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا عليّ خاصة؟!» (الخطبة 74- 1 نهج البلاغة).
الطمس والتجهيل
فلا تستغرب عزيزي المسلم عند ما ترى التراث مليء بفلان وفلان من الرجال، بحيث تهفو إليهم قلوب المسلمين وترى فيهم الحفظة على أمانة الإسلام وأنهم المجددون لكل قرن، وأن البعض منهم جاء بما يعجز عنه الثقلين وإن اجتمعوا بل فاقوا باجتهادهم اجتهاد المجتهد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - عليه وعلى آله الصلاة والسلام- والبعض الآخر كان له الفضل على الإسلام بالفتوحات هو وعائلته المالكة وعشيرته المقدسة ؟!!
بينما يكون علي وأهل بيته في عالم الإهمال والنسيان، وكأنهم في التاريخ مصادر فتنة لإثارة الروافض والزنادقة ضد أولي الأمر من الحكام الغالبين من أئمة السنة والجماعة ...؟!
فاستمع إلى الرازي وهو يستهزأ ويستخف بحجة علي وأتباعه الروافض بقوله : فإنهم ينقلون عنه أنه (16) : تمسك يوم الشورى، بخبر الغدير، وخبر المباهلة، وبجميع فضائله ومناقبه- والتي لم تجديه نفعا- ولم يتمسك البتة بهذه الآية في إثبات إمامته؟! وذلك يوجب القطع بسقوط قول هؤلاء الروافض لعنهم اللّه ؟!.
هكذا تعرف أخي المسلم كيف ضاع الحق، وكيف أقصى أهله تنكيلا وتشويها وتجهيلا؟! فعادوا لا يذكرهم ذاكر إلا حفنة من الرافضة لعنهم اللّه؟! ولما ذا اللعن؟! لم لا يعتبرونهم مجتهدين يرون الحق لعلي؟! بينما اجتهادات بالتفسير بالرأي الجزافي، وإطاعة الغالب والانتقام من أهل البيت وأتباعهم؟! هو الإسلام وسنته؟!
_________________
(1) شذرات الذهب : 5/ 21.
(2) وفيات الأعيان : 2/ 267.
(3) كشف الظنون : 1/ 230 وما بعده.
(4) مفاتيح الغيب : 27/ 150.
(5) الغيث المنسجم - للصفدي - 2/ 470.
(6) سير أعلام النبلاء : 21/ 501.
(7) روضات الجنات : 8/ 44.
(8) رغم المتواترات، والحسان من الروايات والاستفاضات التي ملأت صحاحهم وسننهم؟!!
(9) الرازي : 12/ 26 وما بعدها.
(10) يوجد (45) حديثا من الصحاح والسنن عند العامة، ومنها تفاسير أقران الرازي، كالتمهيد لعلوم التنزيل للكلبي 1/ 181، والكشاف للزمخشري 1/ 649، تفسير الطبري 6/ 288، زاد المسير في علم التفسير ابن الجوزي الحنبلي 2/ 383، تفسير القرطبي 6/ 219، التفسير المنير لمعالم التنزيل للجادي 1/ 210، فتح البيان في مقاصد القرآن 3/ 51، أسباب النزول للواحدي ص 148، تفسير ابن كثير 2/ 71، تفسير النسفي 1/ 289.
أنظر: كتاب المراجعات من المراجعة 11- إلى المراجعة 111، بحيث أذعن شيخ الأزهر سليم البشري للأدلة القرآنية، والسنة في كتبهم فقال: وقد أوضحت هذا الأمر فجعلته جليا .. وكنت قبل أن اتصل بسببك- على لبس نبيكم لما كنت أسمعه من إرجاف المرجفين وإجحاف المجحفين؟! ص 737.
(11) تفسيره : 12/ 28.
(12) سيرة ابن هشام : 3/ 120.
(13) الكشاف للزمخشري : 1/ 649 ط بيروت.
(14) تفسير الرازي : 12/ 28.
(15) بلا تعليق (...)؟!!
(16) وكأن مقولتهم قد صدقت وحقت على من شذ عن الجماعة وأهل السنة الذين ركنوا إلى التمسك بالسنة التي أسسها وأبدعها الحكام مع وعاظهم؟! بينما بقي علي والروافض يحتجون بحجج واهية وباطلة يريدون الفتنة وتفريق الجماعة وسب الصحابة والتابعين رضوان اللّه عليهم أجمعين!!
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|