أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-6-2021
2396
التاريخ: 20-7-2019
2077
التاريخ: 19-7-2019
1851
التاريخ: 16-11-2018
2308
|
غزوة بئر معونة
في صفر على رأس ستة وثلاثين شهراً
حدثني محمد بن عبد الله، وعبد الرحمن بن عبد العزيز، ومعمر بن راشد، وأفلح بن سعيد، وابن أبي سبرة، وأبو معشر، وعبدالله بن جعفر، وكل قد حدثني بطائفةٍ من هذا الحديث، وبعض القوم كان أوعى له من بعض وغير هؤلاء المسلمين، وقد جمعت كل الذي حدثوني، قالوا: قدم عامر بن مالك بن جعفر أبو البراء ملاعب الأسنة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فأهدى لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فرسين وراحلتين، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): لا أقبل هدية مشركٍ! فعرض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عليه الإسلام، فلم يسلم ولم يبعد، وقال: يا محمد، إني أرى أمرك هذا أمراً حسناً شريفاً، وقومي خلفي، فلو أنك بعثت نفراً من أصحابك معي لرجوت أن يجيبوا دعوتك ويتبعوا أمرك، فإن هم اتبعوك فما أعز أمرك! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): إني أخاف عليهم أهل نجد. فقال عامر: لا تخف عليهم، أنا لهم جارٌ أن يعرض لهم أحدٌ من أهل نجد. وكان من الأنصار سبعون رجلاً شببةً يسمون القراء، كانوا إذا أمسوا أتوا ناحيةً من المدينة فتدارسوا وصلوا، حتى إذا كان وجاه الصبح استعذبوا من الماء وحطبوا من الحطب فجاءوا به إلى حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وكان أهلوهم يظنون أنهم في المسجد، وكان أهل المسجد يظنون أنهم في أهليهم. فبعثهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فخرجوا فأصيبوا في بئر معونة، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على قتلتهم خمس عشرة ليلة. وقال أبو سعيد الخدري: كانوا سبعين، ويقال إنهم كانوا أربعين، ورأيت الثبت على أنهم أربعون. فكتب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) معهم كتاباً، وأمر على أصحابه المنذر بن عمرو الساعدي، فخرجوا حتى كانوا على بئر معونة، وهو ماءٌ من مياءه بني سلمة، وهو بين أرض بني عامر وبني سليم، وكلا البلدين يعد منه.
فحدثني مصعب بن ثابت، عن أبي الأسود، عن عروة، قال: خرج المنذر بدليلٍ من بني سليم يقال له المطلب، فلما نزلوا عليها عسكروا بها وسرحوا ظهرهم، وبعثوا في سرحهم الحارث بن الصمة، وعمرو بن أمية. وقدموا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى عامر بن الطفيل في رجالٍ من بني عامر، فلما انتهى حرام إليهم لم يقرأوا الكتاب، ووثب عامر بن الطفيل على حرام فقتله، واستصرخ عليهم بني عامر فأبوا. وقد كان عامر بن مالك أبو براء خرج قبل القوم إلى ناحية نجد فأخبرهم أنه قد أجار أصحاب محمد، فلا يعرضوا لهم، فقالوا: لن يخفر جوار أبي براء. وأبت عامر أن تنفر مع عامر بن الطفيل، فلما أبت عليه بنو عامر استصرخ عليهم قبائل من سليم عصية ورعلاً فنفروا معه ورأسوه، فقال عامر بن الطفيل: أحلف بالله ما أقبل هذا وحده! فاتبعو إثره حتى وجدوا القوم، قد استبطأوا صاحبهم فأقبلوا في إثره، فلقيهم القوم والمنذر معهم، فأحاطت بنو عامر بالقوم وكاثروهم، فقاتل القوم حتى قتل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم). وبقي المنذر بن عمرو، فقالوا له: إن شئت آمناك. فقال: لن أعطي بيدي ولن أقبل لكم أماناً حتى آتي مقتل حرام، ثم برىء مني جواركم. فآمنوا حتى أتى مصرع حرام، ثم برئوا إليه من جوارهم، ثم قاتلهم حتى قتل، فذلك قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): " أعنق ليموت " . وأقبل الحارث بن الصمة وعمرو بن أمية بالسرح، وقد ارتابا بعكوف الطير على منزلهم أو قريبٍ من منزلهم. فجعلا يقولان: قتل والله أصحابنا، والله ما قتل أصحابنا إلا أهل نجد! فأوفى على نشزٍ من الأرض فإذا أصحابهم مقتولون وإذا الخيل واقفةٌ. فقال الحارث بن الصمة لعمرو بن أمية: ما ترى؟ قال: أرى أن ألحق برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فأخبره الخبر. فقال الحارث: ما كنت لأتأخر عن موطنٍ قتل فيه المنذر. فأقبلا للقوم فقاتلهم الحارث حتى قتل منهم اثنين، ثم أخذوه فأسروه وأسروا عمرو بن أمية. وقالوا للحارث: ما تحب أن نصنع بك، فإنا لا نحب قتلك؟ قال: أبلغوني مصرع المنذر وحرام، ثم برئت مني ذمتكم. قالوا: نفعل. فبلغوا به ثم أرسلوه، فقاتلهم فقتل منهم اثنين ثم قتل، فما قتلوه حتى شرعوا له الرماح فنظموه فيها. وقال عامر بن الطفيل لعمرو بن أمية، وهو أسيرٌ في أيديهم ولم يقاتل: إنه قد كانت على أمي نسمة، فأنت حرٌّ عنها! وجز ناصيته، وقال عامر بن الطفيل لعمرو بن أمية، هل تعرف أصحابك؟ قال، قلت: نعم. قال: فطاف فيهم وجعل يسأله عن أنسابهم فقال: هل تفقد منهم عن أحدٍ؟ قال: أفقد مولىً لأبي بكر يقال له عامر بن فهيرة. فقال: كيف كان فيكم؟ قال، قلت: كان من أفضلنا ومن أول أصحاب نبينا. قال: ألا أخبرك خبره؟ وأشار إلى رجلٍ فقال: هذا طعنه برمحه، ثم انتزع رمحه فذهب بالرجل علواً في السماء حتى والله ما أراه. قال عمرو، فقلت: ذلك عامر بن فهيرة! وكان الذي قتله رجلٌ من بني كلاب يقال له جبار بن سلمى، ذكر أنه لما طعنه قال، سمعته يقول: فزت والله! قال، فقلت في نفسي: ما قوله فزت؟ قال: فأتيت الضحاك بن سفيان الكلابي فأخبرته بما كان وسألته عن قوله فزت، فقال: الجنة. قال: وعرض علي الإسلام. قال: فأسلمت، ودعاني إلى الإسلام ما رأيت من مقتل عامر بن فهيرة من رفعة إلى السماء علواً. قال: وكتب الضحاك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يخبره بإسلامي وما رأيت من مقتل عامر بن فهيرة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): فإن الملائكة وارت جئته! وأنزل عليين.
فلما جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) خبر بئر معزنة، جاء معها من ليلةٍ واحدةٍ مصابهم ومصاب مرثد بن أبي مرثد، وبعث محمد بن مسلمة، فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول: هذا عمل أبي براء، قد كنت لهذا كارهاً. ودعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على قتلتهم بعد الركعة من الصبح، في صبح تلك الليلة التي جاءه الخبر، فلما قال: سمع الله لمن حمده! قال: اللهم اشدد وطأتك على مضرا، اللهم، عليك ببني لحيان وزعبٍ ورعل وذكوان وعصية، فإنهم عصوا الله ورسوله، اللهم، عليك ببني لحيان وعضل والقارة، اللهم، أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن ابن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، غفارٌ غفر الله لها، وأسلم سالمها الله! ثم سجد. فقال ذلك خمس عشرة، ويقال أربعين يوماً، حتى نزلت هذه الآية: " ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوب عليهم ... " الآية. وكان أنس بن مالك يقول: يا رب، سبعين من الأنصار يوم بئر معونة! وكان أبو سعيد الخدري يقول: قتلت من الأنصار في مواطن سبعين سبعين يوم أحد سبعون، ويوم بئر معونة سبعون، ويوم اليمامة سبعون، ويوم جسر أبي عبيد سبعون. ولم يجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على قتلى ما وجد على قتلى بئر معونة. وكان أنس بن مالك يقول: أنزل الله فيهم قرآناً قرأناها حتى نسخ: " بلغوا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه " .
قالوا: وأقبل أبو براء سائراً، وهو شيخٌ كبيرهم، فبعث من العيص ابن أخيه لبيد بن ربيعة بهديةٍ، فرسٍ، فدره النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وقال: لا أقبل هدية مشركٍ! فقال لبيد: ما كنت أظن أن أحداً من مضر يرد هدية أبي براء. فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): لو قبلت هدية مشرك لقبلت هدية أبي براء. قال: فإنه قد بعث يستشفيك من وجعٍ به وكانت به الدبيلة. فتناول النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) جبوبةً من الأرض فتفل فيها، ثم ناوله وقال: دفها بماءٍ ثم اسقها إياه. ففعل فبرىء. ويقال إنه بعث إليه بعكة عسل فلم يزل يلعقها حتى برىء. فكان أبو براء يومئذٍ سائراً في قومه يريد أرض بلى، فمر بالعيص فبعث ابنه ربيعة مع لبيد يحملان طعاماً، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لربيعة: ما فعلت ذمة أبيك؟ قال ربيعة: نقضتها ضربةٌ بسيفٍ أو طعنةٌ برمح! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): نعم. فخرج ابن أبي براء فخبر أباه، فشق عليه ما فعل عامر بن الطفيل وما صنع بأصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم)، ولا حركة به من الكبر والضعف، فقال: أخفرني ابن أخي من بين بني عامر. وسار حتى كانوا على ماءٍ من مياه بلى يقال له الهدم، فيركب ربيعة فرساً له ويلحق عامراً وهو على جملٍ له، فطعنه بالرمح فأخطأ مقاتله. وتصايح الناس، فقال عامر بن الطفيل: إنها لم تضرني! إنها لم تضرني! وقال: قضيت ذمة أبي براء. وقال عامر بن الطفيل: قد عفوت عن عمي، هذا فعله! وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): اهد بني عامر واطلب خفرتي من عامر بن الطفيل.
وأقبل عمرو بن أمية حتى قدم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم)، سار على رجليه أربعاً، فلما كان بصدور قناة لقى رجلين من بني كلاب، قد كانا قدما على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فكساهما، ولهما منه أمانٌ. ولم يعلم بذلك عمرو، فقايلهما فلما ناما وثب عليهما فقتلهما للذي أصابت بنو عامر من أصحاب بئر معونة. ثم قدم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فأخبره بقتل أصحاب بئر معونة، فقال: أنت من بينهم! ويقال إن سعد بن أبي وقاص رجع مع عمرو بن أمية، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): ما بعثتك قط إلا رجعت إلي من بين أصحابك. ويقال إنه لم يكن معهم ولم يكن في السرية إلا أنصاري، وهذا الثبت عندنا. وأخبر عمرو النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بمقتل العامريين فقال: بئس ما صنعت، قتلت رجلين كان لهما مني أمانٌ وجوار، لأدينهما! فكتب إليه عامر بن الطفيل وبعت نفراً من أصحابه يخبره: إن رجلاً من أصحابك قتل رجلين من أصحابنا ولهما منك أمانٌ وجوار. فأخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ديتهما، دية حرين مسلمين، فبعث بها إليهم.
حدثني مصعب، عن أبي الأسود، عن عروة، قال: حرص المشركون بعروة بن الصلى أن يؤمنوه فأبى وكان ذا خلة بعامر، مع أن قومه بني سليم حرصوا على ذلك. فأبى وقال: لا أقبل لكم أماناً ولا أرغب بنفسي عن مصرع أصحابي. وقالوا حين أحيط بهم: اللهم، إنا لا نجد من يبلغ رسولك السلام غيرك، فاقرأ عليه السلام فأخبره جبريل عليه السلام بذلك.
تسمية من استشهد من قريش
من بني تيم: عامر بن فهيرة، ومن بني مخزوم: الحكم بن كيسان حليفٌ لهم، ومن بني سهم: نافع من بديل بن ورقاء، ومن الأنصار: المنذر بن عمرو، أمير القوم، ومن بني زريق معاذ بن ماعص، ومن بني النجار: حرام وسليم ابنا ملحان، ومن بني عمرو بن مبذول: الحارث ابن الصمة، وسهل بن عامر بن سعد بن عمرو، والطفيل بن سعد، ومن بني عمرو بن مالك: أنس بن معاوية بن أنس، وأبو شيخ أبي بن ثابت ابن المنذر، ومن بني دينار بن النجار: عطية بن عبد عمرو، وارتث من القتلى كعب بن زيد بن قيس قتل يوم الخندق، ومن بني عمرو بن عوف: عروة بن الصلت حليفٌ لهم من بني سليم، ومن النبيت: مالك بن ثابت، وسفيان بن ثابت. فجميع من استشهد ممن يحفظ اسمه ستة عشر رجلاً.
وقال عبد الله بن رواحة يرثي نافع بن بديل، سمعت أصحابنا ينشدونها:
رحم الله نافع بن بديلٍ ... رحمة المبتغى ثواب الجهاد
صارمٌ صادق اللقاء إذا ما ... أكثر الناس قال قول السداد
وقال أنس بن عباس السلمى، وكان خال طعمية بن عدي، وكان طعمية يكنى أبا الريان، خرج يوم بئر معونة يحرض قومه يطلب بدم ابن أخيه، حتى قتل نافع بن بديل بن ورقاء، فقال:
تركت ابن ورقاء الخزاعى ثاوياً ... بمعترك تسفى عليه الأعاصر
ذكرت أبا الريان لما عرفته ... وأيقنت أني يوم ذلك ثائر
سمعت أصحابنا يثبتونها. وقال حسان بن ثابت يرثي المنذر بن عمرو:
صلى الإله على ابن عمروٍ إنه ... صدق اللقاء وصدق ذلك أوفق
قالوا له أمرين فاختر فيهما ... فاختار في الرأي الذي هو أوفق
أنشدني ابن جعفر قصيدة حسان سحاً غير نزر.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|