تـوافق السياسات النقدية والمالية (الجدل الفكري حول فاعلية السياستين النقدية والمالية) |
2612
03:50 مساءً
التاريخ: 17-6-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-7-2022
1619
التاريخ: 23-6-2019
1994
التاريخ: 30-6-2022
1216
التاريخ: 17-5-2019
5888
|
الفصل الثالث:
توافق السياسات النقدية والمالية
اولا:
الجدل الفكري حول فاعلية السياستين النقدية والمالية
تدأب كل من السياستين النقدية والمالية الى تحجيم مستوى التقلبات الاقتصادية ولا سيما التقلبات في النمو الاقتصادي ومعدلات كل من التضخم والبطالة، فاذا كانت السياسة النقدية تعد عنصراً امامياً في السياسة الاقتصادية فيما يتعلق بكمية النقود واسعار الفائدة، فان السياسة المالية هي الاخرى تتناول الايرادات والنفقات الحكومية وتكون المسئولة عن توفير السلع والخدمات العامة والرئيسة من خلال تنمية الاقتصاد، وبرامج الرعاية الاجتماعية التي لا يمكن عرضها من قبل القطاع الخاص ، لذا فان مسألة تحقيق سياسة معينة لتخفيض التضخم وتحقيق معدلات نمو اقتصادي مناسب ثم التقليل من مستويات البطالة، تبرز تساؤلاً عن مدى اهمية الاعتماد بشدة على سياسة معينة دون اخرى على التأثير في تلك المتغيرات وتحقيقها للنتائج المرغوبة ؟، ومثل هذا التساؤل يقتضي بالضرورة التمعن وبشكل مناسب لمسألة الفاعليات النسبية للسياستين المذكورتين وجدوى كل منها، فضلاً عن ضرورة تبيان المحددات التي تعترض سبيلها ومدى التقارب الفكري حول اهمية كل منها في ذلك التأثير، ومدى امكانية واهمية التنسيق بينها في ظل القلق الذي يصيب الاقتصاديين ومخططي السياسة الاقتصادية في التركيز على اي منها.
ولم يكن من السهولة الحديث عن اتفاق في الفكر الاقتصادى على دور السياستين النقدية والمالية او على الاقل بين المدارس الاقتصادية الي تعمل في مجال معين لاي من السياستين المذكورتين؛ فلما كان النظام الرأسمالي لم يعرف في تاريخه قبل فترة السبعينات من القرن العشرين الا ازمة واحدة اما التضخم عند (الانتعاش) او البطالة وانخفاض الاسعار عند (الركود)، واذا كان الفكر الاقتصادى قد نجح في التعامل مع أزمة معينة كأزمة الكساد من خلال ابتكار الآليات الاقتصادية المناسبة، فان ذلك النظام قد عجز خلال هذه المرحلة في مواجهة أزمة الركود التضخمي(Stagflation)، والتي انطوت بظهور تيارات فكرية اخرى وخصوصاً ما بعد سبعينات القرن الماضي تعرض خلالها الفكر الاقتصادى الى ازمة فكرية بين الاقتصاديين الرأسماليين وخصوصاً ما يتعلق بالجدل حول مدى فاعلية السياستين النقدية والمالية على التأثير في المتغيرات الاقتصادية الكلية، كان الأبرز منها في هذا المجال هو الجدل بين المدرسة الكينزية (الكينزيون) والمدرسة النقودية (النقوديون) فضلاً عن آراء اخرى سيتم التعرض لها تباعا.
ويعد الجدل بين الكينزيين (Keynesians) والنقوديين (Monetarists) الابرز منذ العقود الماضية في الخلافات حول مدى الفعالية النسبية للسياستين النقدية والمالية في التأثيرعلى متغيرات مثل التضخم والناتج والعمالة.
ففي الوقت الذي يميل فيه الكينزيون الى صالح السياسة المالية اكثر من السياسة النقدية كوسيلة للتأثير بشكل فاعل على تلك المتغيرات الاقتصادية الكلية، فان النقوديين يميلون الى العكس من ذلك ويعتبرون السياسة النقدية هي السياسة الأكثر فاعلية من السياسة المالية للتأثير في تلك المتغيرات، وفي هذا الصدد يمكن ابراز أهم الاختلافات بين الطرفين من خلال النقاط الاتية:
١- اثار السياستين النقدية والمالية:
أ . اثار السياسة النقدية Monetary Policy Effects:
اذا كان الكينزيون والنقوديون يتفقون في تقارب وجهات النظر حول تأثير السياسة النقدية على الطلب الكلي فانهم يختلفون في آليـة انتقال اثر هذه السياسة، اذ يعتقد الكينزيون بأن أثرها ينتقل الى النشاط الاقتصادي من خلال سعر الفائدة في حين يرى النقوديون ان أثرها يتم بشكل مباشر عل مستوى الطلب الكلي، ويعلل الكينزيون ذلك بان الجزء الاكبر من تأثير هذه السياسة يقع بطريقة غير مباشرة على مستوى الانفاق الكلي من خلال الاسواق المالية وتأثيرها في سعر الفائدة، وان التغير في سعر الفائدة يؤثر على تكلفة الاقراض من البنوك، فانخفاضه يعمل على زيادة الانفاق الاستثماري الخاص وبالتالي يرتفع مستوى الطلب الكلي ومن خلال عملية مضاعف الاستثمار يزداد الانتاج والدخل والاستثمار، ولما كانت فاعلية السياسة النقدية وفقاً للنظرية الكينزية تعتمد على مدى استجابة سعر الفائدة للتغيرات في كمية النقود من جهة، وعل مدى استجابة الانفاق الاستثماري للتغيرات الحاصلة في سعر الفائدة من جهة اخرى، فانهم يعتقدون في درجة استجابة الاستثمار للتغيرات في سعر الفائدة بأنها قد تكون ضعيفة، لان الانفاق الاستثماري لا يعتمد على سعر الفائدة فحسب، وانما ايضاً على توقعات المستثمرين للحالة الاقتصادية المستقبلية، وبالتالي لن يؤدي الانخفاض في سعر الفائدة دوره في تشجيع الاستثمار الممول ذاتياً ، وبالتالي فان السياسة النقدية تكون محدودة الفاعلية وخصوصاً اذا كان الانفاق الاستثماري غير مرن بالنسبة لسعر الفائدة، او اذا كان الاقتصاد يقع في شرك السيولة (Liquidity Trap)، ذلك ان الافراد والشركات سيعملون على استثمار الارصدة النقدية الفائضة في السندات والاسهم والاصول المالية الاخرى وبالتالي ارتفاع اسعارها وتخفيض معدلات الفائدة.
وعليه فانه وفقاً لوجهة النظر الكينزية ان اتباع سياسة نقدية توسعية ستعمل على تخفيض سعر الفائدة ومن ثم تحفيز الإنفاق الاستثماري وزيادة الطلب الكلي، وبالعكس عند اتباع سياسة نقدية انكماشية، لانه يجعل من سعر الفائدة قناة مهمة ورئيسة في السياسة النقدية لدى الكينزيين.
وان اطروحات الكينزيين هذه جاءت مخالفة لما يعتقده النقوديون حول آلية انتقال اثر السياسة النقدية، اذ يعتقدون بأن اثرها يقع بشكل مباشر في مستوى الطلب الكلي وليس من خلال سعر الفائدة.
وانطلاقا من أهمية النقود لدى النقوديين كوسيلة لحيازة الثروة والتي تطلب لتحقيق تيار من الحدمات اضافة الى كونها وسيلة للتبادل، فان الركيز على هذه السياسة قد اكتسب عندهم أهمية كبيرة، اذ يصممون على وجود علاقة قوية ومباشرة بين عرض النقد والمتغيرات الاقتصادية الكلية (الناتج والعمالة والاسعار) على خلاف ما جاء به الكينزيون بان هذه العلاقة غير مباشرة كونهم لا يرون في التأثير للتغيير في عرض النقد اهمية واضحة.
ولما كان النقوديون يفترضون استقرار القطاع الخاص حتى في غياب السياستين النقدية والمالية، فان التغيرات في عرض النقود مقابل استقرار الطلب على النقود تؤدي الى تغيرات افي الانفاق الكلي وبالتالي فإن العلاقة هي علاقة سبب ونتيجة، بينما الكينزيون وبسبب افتراضهم عدم استقرار القطاع الخاص فان الحكومة بامكانها تعزيز هذا الاستقرار أو مواجهة عدمه في هذا القطاع، اذ ان التغيرات في الانفاق تؤثر في الاقتصاد وبصورة أكثر من تأثير التغيرات في عرض النقود؛ ذلك ان التغيرات في عرض النقود تكون نتيجة وليس سبباً للتغير في الانفاق الكلي فعلا عن انها ليست العامل الحاسم في التغيرات التي تنظم الانفاق، وعليه وبحسب رأي النقوديون تكون الزيادة في عرض القود (خارجية المنشأ) وتؤدي الى زيادة الأرصدة النقدية ومن ثم زيادة الانفاق بينما بحسب رأي الكينزيين ان الزيادة في عرض النقد (ذاتية) وناتجة جراء الزيادة في الطلب على النقود من جانب المقترضين لاجل المزيد من الانفاق.
وفي حين يرى الكينزيون ان السياسة النقدية التوسعية تعمل على تخفيض سعر الفائدة ومن ثم تحفيز الاستثمار وزيادة الطلب الكلي فان النقوديين يرون فيها انها تخلق فائضاً في عرض النقود ويستجيب الناس لهذه السياسة بزيادة انفاقهم على السلع وبنطاق أوسع، الامر الذي يؤدي الى نمو الطلب على النقود مما يدفع بهم الى خفض انفاقهم، وبالتالي فان فاعلية السياسة النقدية تكون مستقلة عن سعر الفائدة، وان أثرها تختلف في الاجل القصير عنه في الاجل الطويل، ذلك ان التغيرات في معدل نمو عرض النقد خلال الاجل القصير تكون على الانتاج والبطالة وبشكل مؤقت، بينما خلال الاجل الطويل وبعد تكيف شامل للاسواق فان تأثيرها سيقتصر على الأسعار ولن يتأثر الانتاج كثيراً بسبب تأثره بعوامل اخرى كالعمالة ورأس المال والموارد الطبيعية والفنية.
ب. اثار السياسة المالية Fiscal Policy Effects:
ان الخلاف حول فاعلية السياسة المالية بين الكينزيين والنقوديين يبدو متضائلاً، اذ ينحصر بصورة رئيسة في عملية انتقال أثر السياسة المالية الى الطلب الكلي.
وفي هذا الصدد يرى الكينزيون في السياسة المالية بأنها تمارس تاثيرها مباشرة في الطلب الكلي اي ان العجز او الفائض في الموازنة العامة يؤثر في الطلب الكلي بشكل مباشر، بينما يرى النقوديون ان العجز او الفائض في الموازنة يؤثر في سعر الفائدة وسرعة تداول النقود في البداية ثم في الطلب الكلي، اي ان التأثير هنا يكون تاثيراً غير مباشر.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يواصل إقامة دوراته القرآنية لطلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف
|
|
|