أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-07
737
التاريخ: 2023-12-10
1231
التاريخ: 2023-04-10
845
التاريخ: 2023-12-09
1160
|
افترض شرودنجر (1944م) أنَّ عوامل الصفات الوراثية (الجينات) لا بد أن تكون بلورات غير دورية على خلاف البلورات الدورية للمواد الصلبة، كملح الطعام؛ حيث تترتب الذرات ضمن البلورة بنسق فراغي معيَّن ومتكرّر لا يتغير. ومثل هذه البلورات لا تحمل كثيرًا من المعلومات بينما البلورة غير الدورية مثل الجين تحتوي على تراكيب منتظمة لكنها متغيرة؛ وبالتالي يمكن أن تحمل الكثير من المعلومات. كما استنتج شرودنجر أن الدقة العالية لعمل الجينات (من خلال التردُّد المنخفض جدًّا للطفرات الوراثية) ذات التركيب الذري المحدود لا يمكن أن تفسر على أساس قوانين الميكانيك التقليدي والديناميكا الحرارية التي تتطلب أعدادًا هائلة من الذرات؛ حيث ينشأ النظام من الفوضى، ولا بد أن يُفسر عمل الجينات على أساس ميكانيك الكم. بعد 10 سنواتٍ من أطروحات شرودنجر، بين واتسون وكريك (1953) أن الجينات هي امتدادات أو مناطقُ من جزيئة الـ DNA وقدَّما وصفا دقيقًا لتركيب هذه الجزيئة وطريقة عملها. وهكذا صار معروفًا أن صفات الكائن الحي وحيويته تتحدد بالمعلومات المحفوظة في جزيئة الـ DNA عبر تتابع القواعد النووية في شريطي الجزيئة اللذين يلتفَّان على بعضهما ويشكلان اللولب المزدوج. وعلى الرغم من أن طول جزيئة الـ DNA يصل إلى مئات وآلاف الميكرومترات؛ أي إنه يقع ضمن أبعاد الحالة الفيزيائية التقليدية، فإن سُمكها أو قُطرها لا يتجاوز nm2؛ أي إنه يقع ضمن الأبعاد المجهرية النانوية. وحيث إن الجزيئات المتفاعلة مع جزيئة الـ DNA كالبروتينات وإنزيمات البوليميريز تتعامل في الواقع مع النكليوتيدات المفردة في كل خطوة بالتوالي على شريط واحد، وهي بأبعاد نانوية أيضًا. وهكذا فإن هذه المنظومة تسمح من حيث المبدأ بعمل الظواهر الكمومية.
هذا الدور المركزي لجزيئة الـ DNA ينشأ من كون المعلومات المحفوظة في هذه الجزيئة هي التي ستُحدِّد أنواع وكميات البروتينات وجزيئات RNA التي ستكونها الخلية من خلال التعبير الجيني (Gene expression) في عمليتي النسخ (Transcription) والترجمة (Translation).
إن كافة مكونات الخلية تتألف من بروتينات وبروتينات محورة (بروتينات دهنية وبروتينات سكرية) ودهون وجزيئات RNA أو مواد أخرى متنوعة تتكون من خلال نشاط الإنزيمات التي هي بروتينات أيضًا. إن نوع البروتين يتحدد أساسًا من خلال أنواع الأحماض الأمينية وتتابعها فيه؛ فإن تغير أحد الأحماض الأمينية أو تتابعه في الجزيئة سيؤدي إلى تغير تركيب البروتين ونشاطه والذي قد ينعكس كتغير في الطراز المظهري (Phenotype) للخلية أو الكائن الحي وحيث إن أنوع وتتابع الأحماض الأمينية في جزيئة البروتين تشفّر من قِبَل امتداد معين من تتابع القواعد النووية في شريط الـ DNA المعروف بالجين (Gene)، فإن اختلاف إحدى هذه القواعد النووية نتيجة الطفرة (Mutation)، سيؤدي إلى اختلاف نوع البروتين عما هو عليه في الخلية أو الكائن الحي الأصلي، أو ما يُعرف بالطراز البري (Wild type).
يُعد التكاثر الذاتي أحد أهم الخواص المميّزة للكائنات الحية وشرط بقائها. هذه الخاصية تفترض بالضرورة الأمانة التامة في نقل المعلومات المحفوظة في الـ DNA؛ حيث تُورث للأجيال اللاحقة؛ لذلك تُسمَّى بالمعلومات الوراثية. غير أن دقة الأحداث في الطبيعة تكون محدودة، وهذا ما تُشير إليه لامتساويات وغنر (Wigner inqualities). وهكذا فإن عملية مضاعفة الـ DNA تبلغ درجة عالية جدا من الدقة، وبنسبة خطأ تبلغ واحدًا بالمليار. ونسبة الخطأ هذه تُذكَّرنا بنسبة الخطأ (بمعنى الشذوذ أو الاختلاف) نفسها عند بداية نشوء المادة؛ فحين كان تصادم المادة والمادة المضادة يؤدّي إلى فنائهما وتكوين فوتونات، كان واحد بالمليار فقط من هذه المصادمات يشنُّ لينتج مادة، والتي شكلت مادة الكون. صحيح أن النقل تام الأمانة للمادة الوراثية لنسل الخلية أو الكائن الحي ضروري من أجل تأمين خواصها وفعالياتها، غير أن ذلك يجعلها عاجزةً عن القدرة على الحياة إذا ما تغيرت عوامل البيئة؛ كدرجات الحرارة والرطوبة والضوء والموارد الغذائية... إلخ، بمديات مهمة، وهو ما يحصل فعلا؛ فعلى الرغم من أن الكائن الحي معزول بحدود معيَّنة عن البيئة، إلا أنه لا يتمكن من الحياة أبدًا دون تبادل المواد والطاقة والمعلومات مع البيئة؛ فهو منظومة معقدة متكيفة مفتوحة.
ومن المعروف أيضًا أن عمل معظم الجينات يتأثر بتغير عوامل البيئة. وهكذا سيكون حصول تأثير مدمر للعوامل البيئية لفرد من نوع معين من الكائنات الحية كفيلا بتدمير جميع الأفراد الأخرى (كونها متماثلة وراثيا) وتدهور أو انقراض النوع. إن عدم الدقة في تضاعف جزيئات الـ DNA على ضالته إمكانية نشوء تغاير فيها قد يكون محايدًا أو ضارًا في الغالب أو نافعًا أحيانًا. وفي حين تؤدي التغيرات الضارة إلى تدهور الفرد الحامل لها أو زواله، فإن التغيرات المحايدة أو النافعة يمكن أن تتراكم مع الزمن محدثةً اختلافات تركيبية ووظيفية ثم تنوعًا يزيد من قدرة الأحياء على التكيف مع البيئة من خلال الانتخاب الطبيعي الذي يُبقي على الأفراد الأكثر أهلية للانسجام مع البيئة. إن هذا النوع من التغاير الذي يعتمد على التغير التلقائي (العشوائي) والدائم في جزيئات الـ DNA والذي يُعرف بالطفرة هو المصدر الأولي للتنوع والتطور الذي استخدمته الأشكال الأولى للنُّظم الحية والأحياء الخلوية البدائية، المتمثلة بالبكتيريا والأركيا واستمرت بالاعتماد عليه حتى الوقت الحاضر، مع وجود بعض آليات التغير الأخرى؛ كالتزاوج (Conjugation) والتحول (Transformation) والتوصيل (Transduction). غير أن الأحياء الأكثر تطورًا ابتدعت طريقا أكثر ضمانًا وتأثيرًا للتغاير تمثل بالتكاثر الجنسي. مع ذلك، استمر فعل التغاير التلقائي (الطفرة التلقائية) في هذه الأحياء أيضًا / والذي ورثته عن أسلافها من الأحياء الأقل تطورًا.
إضافة إلى الطفرة التلقائية ثمة أنواع أخرى تعرف بالطفرات المستحثة (Induced mutations) والتي تتسبب بفعل عامل مطفّرٍ (Mutagen) خارجي فيزيائي؛ كالأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية والإشعاعات النووية، أو كيميائية؛ كجذور الأوكسجين الفعالة وحامض النتروز والصوديوم أزايد والسموم الفطرية؛ الأفلاتوكين وغيرها. ويمكن أن تنشأ الطفرة المستحنثّة، إضافةً إلى الطفرة التلقائية نتيجة السلوك الكمومي.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|