لقد شهد العالم ثلاث ثورات ساهمت إلى حد كبير في الاخذ بيد مجتمعات العالم نحو التقدم والرقي الحضاري. تعرف اولى هذه الثورات بالثورة الزراعية، والثانية بالثورة الصناعية ، اما الثلث فهي ثورة المعلومات التي اتخذت لها ابعاداً عديدة طبعت بصماتها على النشاطات البشرية في جميع المجالات ودفعت بها اشواطاً بعيدة على طريق التقدم.

ان ثورة المعلومات هي التطور غير المسبوق في انتاج المعلومات بكميات هائلة ، والتطور العجيب في تقنيات المعلومات والاتصالات الرقمية والتي ادت إلى تقليل دراماتيكي في تكاليف الحصول على المعلومات ومعالجتها، وخزنها وبثها بالوسائط المتعددة (نص  ، صورة ، صوت رسم) ، وتتمثل ابعاد ثورة المعلومات بالآتي:

1- الكم الهائل من المعلومات والذي يتمثل في الاعداد الهائلة من اوعية المعلومات بمختلف اشكالها الورقية واللاورقية التي تصدر عن مؤسسات الطباعة والنشر وغيرها في العالم. وان هذا الكم يزداد 12.5% سنوياً.

2- تعدد اشكال ولغات مصادر المعلومات وتشعب موضوعاتها بشكل لم يسبق له مثيل. ويظهر تعدد اللغات التي تنشر بها المعلومات إذا ما علمنا بأن هناك سبعين لغة مستعجلة في نشر المعلومات العلمية والتقنية. أما التشعب الموضوعي للمعلومات فيمكن ملاحظته من خلال حقيقة اننا نستطيع ان نجد الآن من المعلومات بشتى صنوف المعرفة وبأدق الاختصاصات.

3- ظهور تقنيات المعلومات والاتصالات ذات الامكانيات الهائلة في الخزن الواسع للمعلومات ومعالجتها واسترجاعها وبثها واستقبالها . فضلاً عن استخدام هذه التقنيات في المؤسسات المعلوماتية لتحقيق الاتاحة الافضل للمعلومات امام من يطلبها بالشكل والكم والوقت الذي يريد ومن قنوات متباعدة ومنتشرة على مساحات شاسعة على الكرة الارضية. والجدير بالذكر ان هذه التقنيات قد اصبحت صناعة رائجة في الكثير من بلدان العالم وتساهم لرجة كبيرة في الدخل القومي.

4- زيادة الاهتمام بالمعلومات والادراك باهميتها كونها ثروة وطنية لا تقل اهمية عن الثروات البشرية والطبيعة ، بل ان الثروات البشرية والطبيعية لا يمكن استثمارها بدون ثروة المعلومات. وعلى هذا الاساس فقد اصبح رصيد المعلومات الذي يمتلكه البلد ودرجة استثماره من المؤشرات التي يقاب بها تقدم ذلك البلد. وفي هذا الاطار تنقسم مجتمعات العالم إلى مجتمعات فقيرة بالمعلومات ومجتمعات غنية بالمعلومات وكما هو الحال بين المجتمعات الغنية والمجتمعات الفقيرة في مجال الاقتصاد.