أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-26
1133
التاريخ: 13-8-2019
2560
التاريخ: 23-4-2019
1824
التاريخ: 2023-05-30
1125
|
نشأة وتطور الحضارة العراقية القديمة في مجال الشرائع والمدونات القانونية (قانون أور نمو، وقانون لبت عشتار، وقانون أشنونا) .
إن أقدم القوانين المكتوبة التي توصل إليها علماء الآثار هي القوانين العراقية القديمة . ولذلك اعتبر المجتمع العراقي القديم أول مجتمع أنساني عاش في ظل القانون وترك لنا بعض معالم ذلك القانون (1) .
ولهذا يراد بالقانون في وادي الرافدين هو مجموعة القواعد والنظم القانونية التي سادت في وادي الرافدين منذ فجر التاريخ حتى الفتح الإسلامي للعراق وتستمد معلوماتنا عن القانون في وادي الرافدين من الألواح التي كتبت بالخط المسماري ثم بالحروف الأبجدية بعد أن تم اختراع الفينيقيين لها وهي لا تزال مستعملة حتى ألان كما نستخلصها من النقوش الموجودة على الآثار العراقية (2) .
وعلى الرغم من إن المدونات القانونية في وادي الرافدين كانت قد قطعت شوطاً بعيداً في بناء الحضارة الإنسانية والتنظيم الاجتماعي فان النصوص المسمارية ظلت تحتل المرتبة الأولى بين تلك المصادر وما زالت تعد الأساس في أي دراسة تاريخية قانونية (3) .
ومع هذه الكثرة في عدد الوثائق التي وصلتنا عن القانون في وادي الرافدين فان معلوماتنا لا تزال ناقصة. ولعل سبب ذلك هو عدم قيام علماء الآثار بنشر كل ما عثروا عليه وترجمته ليكون في متناول الدراسات العلمية فضلاً عن وجود محررات لم يتم الكشف عنها لحد هذا اليوم كما إن هذه الوثائق كانت خالية من الدراسات النظرية والقانونية التي تبين المبادئ العامة للقانون (4) .
أهم المدونات في بلاد وادي الرافدين :-
نهضت المدونات القانونية بدور مهم في حيات العراقيين القدماء فقد دلت على ما وصلوا إليه من تقدم في مضمار الحضارة الفكرية والقانونية . ذلك إن ظهور القوانين والأنظمة الأجتماعية في الحضارة يعد من أوثق المعايير والمقاييس للحكم على مدى تقدم تلك الحضارة في سلم التطور الحضاري والتقدم العمراني (5) .
فالتاريخ لا ينسى فضل ملوك العراقيين القدماء على الثقافة القانونية الذي تجلى بتدوين القوانين. فكان الملوك لا يصدرون القوانين التي تستهدف إلى وضع الملوك للمسائل القانونية المختلفة التي تتمخض عنها التطورات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية وكانت سلطة إصدار القوانين مقصورة على الملوك وحدهم فأوامرهم كانت هي القانون غير إن تلك السلطة كانت مقيدة بقواعد دينية وعرفية تلزمهم بإتباع ما تأمرهم به العدالة وكانت هناك حكمة تشير إلى إن الملك إذا لم ينشر العدالة فان رعيته ستثور عليه . ومملكته ستتهاوى ومصيره سينقلب والبلية تلاحقه (6) .
ولذلك فقد ورد في كثير من المدونات القانونية ما يفيد تقيد الملوك بالعدالة فمثلاً تضمنت مقدمة وخاتمة شريعة حمورابي إشارة صريحة على التزام الملك حمورابي بالعدالة سواء في المجال الاقتصادي أو الاجتماعي (7) .
وقد أكد بعض المختصين إن القوانين في وادي الرافدين لم تكن إلا مجرد قرارات معظم هذه القوانين . وتجدر الإشارة إلى إن الحديث عن القوانين وسيلة من وسائل تحقيق العدالة يصرف ذهن السامع عادة إلى شريعة حمورابي . غير إن هذه الشريعة ليست بأقدم قانون عرفه المجتمع العراقي القديم . فقد وصلت ألينا قوانين أقدم عهدا منها فشريعة حمو رابي وان تضمنت قواعد قانونية عديدة فإنها تمثل مرحلة متقدمة من مراحل التطور القانوني التي بنيت على ما سبقها من مراحل (8) .
وفيما يأتي عرض لأهم المدونات والقوانين التي أصدرها الملوك في وادي الرافدين طبقاً لتاريخ صدورها لاتبعاً لتاريخ العثور عليها أو الكشف عنها .
أولاً :- قانون أور نمو :-
يعد قانون (أور نمو) أقدم قانون مكتشف حتى ألان ليس في العراق فحسب بل في تاريخ العالم أيضا ، وقد سبق هذا القانون شريعة حمورابي بثلاثة قرون وينسب القانون كما تشير إلى ذلك مقدمته ، إلى الملك (أور نمو) (9) . ويتصف قانون أور نمو بأهميته الخاصة بالنسبة لدراسة تاريخ القانون لا لكونه أقدم القوانين المكتشفة حتى ألان ، بل لأنه يمثل القوانين السومرية القانونية المختلفة أيضاً (10) .
ويتضمن هذا القانون على مقدمة ، وعدة مواد تتكون من (31) مادة قسم منها مفقود لا يعطي أية فكرة قانونية عنها والقسم الأخر استطاع علماء المسماريات قراءتها وترجمتها من نصوص القانون الأصلي . ونورد فيما يأتي أهم ما جاء في القانون (11) .
لقد احتوت المقدمة على نظرية التفويض الإلهي للسلطة حيث يرى (أور نمو) مشرع هذا القانون في مقدمته إن الإلهة هي التي فوضت إليه السلطات. وإما المواد القانونية المتعلقة بالعقوبات فقد استندت إلى مبدأ التعويض دون مبدأ القصاص (12) .
فيذكر أور نمو ((عندما خلق العالم ، وبعد إن تقرر مصير بلاد (سومر) ومصير مدينة (أور) عين الإلهان (آن) و (انليل) اله القمر (ننار) ملكاً على مدينة أور ، ثم اختار هذا الإله بدوره (أور نمو) ليحكم بلاد سومر ومدينة (أور) بصفته نائباً عنه يمثله في الأرض))(13) .
فالغرض من إصدار هذا القانون هو ضمان العدل في البلاد والعمل على إصلاح أحوال رعاياه . ومن مطالعة النصوص القليلة التي أمكن التعرف عليها لهذا القانون يتضح لنا أنها تعالج مسائل قانونية متفرقة، منها ما يتصل بالزواج والطلاق ومنها ما يتعلق بشهادة الشهود وزراعة الأراضي وكذلك بينت بعضها ما يتعلق بالاعتداءات البدنية فجاء في المادة (15) من قانون (أور نمو) بأنه ((إذا قطع رجل أخر ، عليه إن يدفع غرامة عشرة ثقيلات من الفضة)) (14) .
ثانياً:- قانون لبت عشتار :-
لقد سبق قانون (لبت عشتار) (*) شريعة حمورابي بأكثر من مائة وخمسين عاماً . وهذا القانون مدون على أربعة ألواح طينية ومكتوب بأسلوب مختلط تشوبه بعض الأخطاء الإملائية. ولهذا يعتقد إن النسخة التي نقلت ألينا مواد هذا القانون ومقدمته ليست النسخة الأصلية لهذا القانون بل أنها نسخة مدرسية من عمل احد الطلبة حيث كانت مكتوبةٍ باللغة السومرية مع إن واضع هذا القانون من الجزيرة العربية ولا يمت إلى السومريين بصلة. وهذا في الواقع إشارة إلى إن اللغة السومرية كانت لا تزال تمثل اللغة الرسمية في البلاد (15) .
ويتكون هذا القانون من مقدمة ، وخاتمة ، وعدد من النصوص القانونية التي يتجاوز عددها إلى أربعين نصاً .
وتبدأ المقدمة بمقالة عن الملك لبت عشتار من اجل تحقيق الخير للسومريين والأكديين. وعالجت مواد قانون لبت عشتار المسائل الآتية : الملكية العقارية ، والعبيد ، والتخلف عن دفع الضريبة ، والميراث ، والزواج ، وإيجار الثيران (16) .
وفي الخاتمة يكرر لبت عشتار القول بأنه اقر العدل في البلاد وجلب الخير لأهلها ويستنزل البركة على من يحترم القانون ، واللعنة على من يتعرضون له بالا تلاف (17) .
ثالثاً :- قانون أشنونا :-
لقد صدر (قانون أشنونا) (**) في نحو عام 1930ق.م . فهو متقدم على قانون حمورابي بما يقرب من القرنين من الزمن . ولم يكتشف علماء الآثار أكثر من إحدى وستين مادة من مواد هذا القانون . ويظهر من دراسة هذه المواد إن مشرعها كان قد اهتم ببعض المسائل الاجتماعية. من ذلك وضع حد أدنى لأجور العمال ، وتسعير بعض السلع ، وتقسيم المجتمع إلى طبقات . فقد وردت في هذا القانون أول إشارة إلى تقسيم المجتمع العراقي القديم إلى طبقات ثلاثة هي طبقة الأحرار ، وطبقة شكينوم ، وطبقة العبيد (18) .
إلا إن هذا الأستاذ (كوشة) أعاد النظر في ترجمته الأولى واجري بعض التعديلات عليها ونشرت الترجمة الجديدة عام 1956م . وظهر قبل عدة سنوات كتاب جديد يضيف بعض التصحيحات على القانون نفسه ودون هذا القانون باللغة البابلية . وهذا يؤكد إن اللغة البابلية أصبحت تستخدم في المجالات الرسمية أكثر من استخدام اللغة السومرية (19) .
ويلاحظ إن بعض نصوص هذا القانون لها مثيل في القوانين السومرية مثل قانون أورنمو، وقانون لبت عشتار . وان شريعة حمورابي قد اقتبست بعض هذه النصوص وهذا ما دعا بعض الفقهاء إلى القول بان قانون أشنونا يعد همزة الوصل بين القوانين السومرية والقوانين الجزيرية وخاصة البابلية (20) .
ويحتوي هذا القانون على مقدمه قصيرة كتبت بالسومرية وهذه المقدمة ناقصة وتختلف عن مقدمات القوانين الأخرى بأنها لم تقتبس منها شيئاً يذكر ونالت الأحكام الجزائية النصيب الأكبر من هذه المواد شأنها في ذلك شان سائر القوانين في وادي الرافدين . كما عالج القانون مسائل قانونية متفرقة أهمها تحديد أسعار بعض السلع ، والإيجار ، والقرض ، والوديعة ، والزواج ، والطلاق ، والتبني ، والاعتداء على أموال الغير ، والأضرار المتسببة عن الحيوانات والأشياء (21) .
______________
(1) الحافظ ، د . هاشم : تاريخ القانون ، دار الحرية للطباعة ، بغداد ، 1980م ، ص41 .
(2) العبودي ، عباس : تاريخ القانون ، نشر ، وطبع ، وتوزيع مديرية دار الكتب ، الموصل ، 1988م ، ص85 .
(3) سليمان ، د . عامر : القانون في العراق القديم ، ط2 ، 1987، ص12 .
(4) الحافظ ، د . هاشم : تاريخ القانون ، مصدر سابق ، ص91 .
(5) العبودي ، عباس : تاريخ القانون ، مصدر سابق ، ص86 .
(6) مسكوني ، د . صبيح : تاريخ القانون العراقي القديم ، ط1 ، بغداد ، 1971م ، ص93 .
(7) الطحان، د. عبد الرضا: الفكر السياسي في العراق القديم، بيروت ، 1981م ، ص542 .
(8) العبودي ، عباس : تاريخ القانون ، مصدر سابق ، ص94 ، وانظر ايضاً ، الحافظ ، د . هاشم : تاريخ القانون ، مصدر سابق ، ص41 .
(9) المصدر نفسه ، ص96 .
(10) الحافظ ، د . هاشم : تاريخ القانون ، مصدر سابق ، ص41 .
(11) العبودي ، عباس : تاريخ القانون ، مصدر سابق ، ص97 .
(12) الحافظ ، د . هاشم : تاريخ القانون ، مصدر سابق ، ص41 .
(13) العبودي ، عباس : تاريخ القانون ، مصدر سابق ، ص97 .
(14) المصدر نفسه ، ص97 .
(*) يعود هذا القانون الى الملك ((لبت عشتار)) هو خامس ملوك أسرة (ايسن) Isin . وقد تولى الحكم فيما بين 1885-1875ق.م ووضع مجموعة من القوانين السومرية عرفت باسمه . انظر ، باقر ، الأستاذ طه : قانون لبت عشتار ، قانون مملكة اشنونا ، وزارة الثقافة والإعلام ، بغداد ، 1987م ، ص7 .
(15) انظر ، العبودي ، عباس : تاريخ القانون ، مصدر سابق ، ص98 ، وانظر ايضاً ، الحافظ ، د . هاشم : تاريخ القانون ، مصدر سابق ، ص42 .
(16) المصدر نفسه ، ص98 .
(17) باقر ، الأستاذ طه : قانون لبت عشتار ، قانون مملكة اشنونا ، مصدر سابق ، ص17 .
(**) يرجع هذا القانون إلى احد ملوك مملكة اشنونا واسمه ((بلالاما)) وقد قام الباحث المسماري الأستاذ ((البرشت كويشة)) Albrecht Goetze باستنساخ هذا القانون . انظر ، انظر ، باقر ، الأستاذ طه : قانون لبت عشتار ، قانون مملكة اشنونا ، مصدر سابق ، ص31 .
(18) الحافظ ، د . هاشم : تاريخ القانون ، مصدر سابق ، ص41-42 .
(19) رشيد ، د. فوزي : الشرائع العراقية القديمة ، جمهورية العراق ، دار الرشيد للنشر ، 1979م ، ص83 .
(20) انظر ، مسكوني ، د . صبيح : تاريخ القانون العراقي القديم ، ط1 ، مصدر سابق ، ص97 .
(21) العبودي ، عباس : تاريخ القانون ، مصدر سابق ، ص99 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|