أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-3-2016
3555
التاريخ: 29-3-2016
3012
التاريخ: 8-04-2015
3564
التاريخ: 28-3-2016
3638
|
في كلّ ثورة خالدة يبرز الأشرار ومن هم منشأ القبائح والرذائل في الحروب في مواجهة الأخيار والأبرار وقد كان هذا الاصطفاف جليّاً واضحاً معبّراً في ثورة كربلاء.
وقد برز في هذه الواقعة وجوه وأسماء من عبدة الشيطان والنفوس الخبيثة وأهل البغي والظلم والجور، وقد أصبح بعضهم أشقى أشقياء التاريخ وأكثرهم نفوراً وقبحاً.
وفي هذا الفصل سوف نشير إلى "الظالمين" البارزين الذين شاركوا ووقفوا في مقابل الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه الأوفياء.
الأخنس بن مرثد الحضرميّ
بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) قام الأخنس بسلب الإمام أبي عبد الله (عليه السلام)، عمامته وعندما أمر عمر بن سعد أصحابه برضّ جسد الإمام تهيّأ لذلك عشرة فرسان كان الأخنس بن مرثد أحدهم، فقاموا على خيولهم فداسوا جسد أبي عبد الله (عليه السلام) حتّى رضّوا جسده الشريف.
قال أبو عمر الزاهد: "فنظرنا إلى هؤلاء العشرة فوجدناهم جميعاً أولاد زناء وجاء هؤلاء العشرة حتّى وقفوا على ابن زياد فعرّفوا عن أنفسهم وقالوا له: نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين (عليه السلام) حتّى طحنّا حناجر صدره، فسرّ لذلك ابن زياد وأمر لهم بجائزة يسيرة. ولمّا قام المختار بثورته شدّ يدي الأخنس ورجليه وكذلك من كان معه من الفرسان وأوطأ الخيل ظهورهم حتّى هلكوا.
أسماء بن خارجة الفزاريّ
كان من أشراف الكوفة وكبير قومه، وكان ممّن شهد بطلب من زياد ابن أبيه مع من شهد من أشراف العرب ضدّ حجر بن عديّ ولهذه الشهادة قام معاوية بقتل حجر وأصحابه. وكذلك بسبب سعايته في كميل بن زياد دفع الحجّاج إلى قتله.
وقام أسماء بن خارجة أيضاً وبطلبٍ من عبيد الله بن زياد بمرافقة محمّد بن الأشعث بإحضار هانئ بن عروة فجيء به إلى دار الإمارة، وكذلك سعى ابن خارجة في قتل مسلم بن عقيل.
ويذكر له أنّه قام بإخراج الحسن المثنّى من بين الأسرى من أهل البيت عليهم السلام لأنّ أمّه كانت من قبيلته بني فزارة... ولمّا قام المختار بثورته قام بهدم بيته، إلّا أنّ أسماء لاذ بالفرار ومن ثمّ توفّي في سنة ستّ وستّين أو سنة اثنين وثمانين.
الأسود بن خالد الأزديّ
كان الأسود من جملة الذين سلبوا الإمام الحسين (عليه السلام) بعد شهادته فقام بسلب سيف الإمام (عليه السلام)، وأُحرق جسده بأمرٍ من المختار الثقفيّ.
إسحاق بن حويّة الحضرميّ
قام أوّلاً بسلب قميص الإمام الحسين (عليه السلام)، ثمّ شارك مع العشرة من الفرسان وبأمرٍ من ابن سعد بوطئ الجسد المذبوح الرأس للإمام (عليه السلام).
ولمّا لبس إسحاق بن حويّة قميص الإمام (عليه السلام) صار أبرص وامتعط شعره، ولمّا قام المختار الثقفيّ بثورته قبض على إسحاق وقتله مع التسعة الآخرين.
أسيد بن مالك
بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء قام أسيد بالاستجابة لطلب ابن سعد فشارك مع تسعة فرسان آخرين بوطء جسد الإمام (عليه السلام).
ولمّا جاء إلى ابن زياد أخبره بما قام به مع الآخرين في رضّ جسد الإمام (عليه السلام) فأمر ابن زياد له ولهم بجوائز يسيرة.
ولمّا قام المختار بثورته أمر بشدّ يدي أسيد ورجليه وكذلك فعل بالتسعة الآخرين وأوطأ الخيل على أجسادهم حتّى هلكوا.
بحر بن كعب
قام بحر في عصر يوم عاشوراء منتضياً سيفه بالهجوم على الإمام الحسين (عليه السلام) فوقف عبد الله بن الحسن (عليه السلام) في وجهه دفاعاً عن عمّه وجعل نفسه درعاً للإمام (عليه السلام) وقال له: "يا ابن الخبيثة أتقتل عمّي؟"، فضربه بحر بن كعب بالسيف فاتّقاها الغلام بيده فأطنّها إلى الجلدة فإذا يده معلّقة، ونادى عبد الله: "يا أمّاه"، فأخذه الإمام وفي أثناء الغارة على الإمام أبي عبد الله قام بحر بن كعب بسلب لباسه وأغراضه فأخذ سراويله. وروي أنّه بعد ذلك صار زمناً مقعداً من رجليه وكانت يداه تجفّان وتيبسان في الصيف وتترطّبان في الشتاء ويخرج منهما الدم والقيح إلى أن مات بذلك المرض.
بديل بن صريم
قام بديل في كربلاء بضرب حبيب بالسيف، وقال بعض المؤرّخين: إنّه هو الذي قتله وقطع رأسه وعلّقه على فرسه، ثمّ إنّ ابن حبيب - وكان شابّاً - قام بقتل بديل بن صريم في مدينة مكّة المكرّمة.
بشر بن خوط الهمدانيّ
كان ابن خوط فيما مضى في جملة أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وشارك معه في حرب الجمل.
جاء برفقة عمر بن سعد إلى كربلاء وفي يوم عاشوراء قام بشر بقتل جعفر بن عقيل (رضوان الله عليه).
واشترك مع عثمان بن خالد في قتل عبد الرحمن بن عقيل ولمّا قام المختار الثقفيّ بثورته أصدر أمراً بتعقّب بشر فظفر به عبد الله بن كامل وبرفقته عثمان بن خالد أيضاً فأرادا الفرار منه إلّا أنّه قطع رأسيهما وأحرق جثّتيهما بأمر المختار.
جرير بن مسعود الحضرميّ
جاء جرير برفقة عمر بن سعد إلى كربلاء وفي عصر يوم عاشوراء سلب قوس الإمام (عليه السلام)، اعتقله المختار الثقفيّ في ثورته وأحرقه بالنّار.
حجّار بن أبجر البجليّ
كان أبوه نصرانيّاً توفّي في أواخر خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) وشارك حجّار كغيره من أشراف العرب وبطلبٍ من زياد ابن أبيه بالشهادة ضدّ حجر بن عديّ وبسببها أقدم معاوية على قتل حجر وأصحابه.
وكان حجّار من جملة أشراف الكوفة ورؤسائها الذين كتبوا إلى الإمام الحسين (عليه السلام) يدعونه فيها إلى القيام والثورة.
ولكن، ومع مجيء ابن زياد إلى الكوفة ذهب حجّار إلى دار الإمارة وصار يتردّد إليها جيئة وذهاباً وسعى بأمر عبيد الله بن زياد في تفريق الناس عن مسلم بن عقيل.
ثمّ أمّره ابن زياد على رأس ألف فارس وراجل ووجّهه نحو كربلاء ليلتحق بعمر بن سعد.
ولمّا جاء يوم عاشوراء وخطب الإمام الحسين (عليه السلام) خطبته الأولى في القوم وذكر اسم حجّار بن أبجر وبعض أسماء أشراف الكوفة ممّن دعاه وذكّرهم بقولهم له، فقال لهم: "ألم تكتبوا إليّ أنّه قد أينعت الثمار واخضرّ الجناب فأقدم علينا، فإنّما تقدم على جند مجنّدة...".
فأنكر حجّار بن أبجر عليه ذلك وأنّه لم يفعل.
وفي أثناء ثورة المختار توجّه إليه حجّار بن أبجر على رأس ثلاثة آلاف رجل إلّا أنّه هزم وفرّ.
ومن بعد ذلك عمل مدّة من الزمن في خدمة مصعب بن الزبير ثمّ مال إلى عبد الملك بن مروان.
حرملة بن كاهل الأسديّ
في يوم عاشوراء قام حرملة برمي الطفل الرضيع للإمام (عليه السلام) عبد الله بن الحسين بسهم أدّى إلى استشهاده.
وكذلك رمى عبد الله بن الحسن بسهم فقتله.
وقام حرملة بحمل الرأس المبارك لحضرة أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) معه إلى الكوفة. وبقي فيها إلى زمن قيام المختار الثقفيّ.
وروى المنهال أنّه في سفرٍ له إلى مكّة المكرّمة قام بزيارة الإمام السجّاد (عليه السلام) فاستخبر منه عمّا صنع حرملة بن كاهل الأسديّ، فأخبره بأنّه ما زال حيّاً في الكوفة، قال: فرفع الإمام السجّاد (عليه السلام) يديه جميعاً ثمّ قال (عليه السلام): "أللهم أذقه حرّ الحديد، أللهم أذقه حرّ النّار".
قال المنهال: "فقدمت الكوفة ورأيت المختار وسرت معه حتّى أتى الكنّاس، ثمّ جيء إليه بحرملة بن كاهل فأمر المختار بقطع يديه ورجليه ثمّ أحرقه بالنّار".
الحصين بن نمير السكونيّ
كان الحصين أحد عمّال معاوية وجاء معه من الشام إلى صفّين وشارك في القتال ضدّ أمير المؤمنين (عليه السلام).
وكان من أشدّ أعدائه (عليه السلام)، ومن المدافعين عن تنصيب يزيد وليّاً للعهد، وقد قال لمعاوية في حينها: "والله لئن لقيت الله ولم تبايع ليزيد لتكوننّ مضيّعاً للأمّة".
ثمّ عمل قائداً لشرطة ابن زياد في الكوفة، وقام باعتقال سفير الإمام الحسين (عليه السلام) قيس بن مسهّر الصيداويّ وأرسله إلى ابن زياد. وفي أحداث القتال مع الإمام في كربلاء توجّه الحصين من الكوفة إلى كربلاء على رأس أربعة آلاف رجل فالتحق بعمر بن سعد.
وفي ظهر يوم عاشوراء عندما طلب الإمام الحسين (عليه السلام) من العدوّ المهلة لإقامة الصلاة، قال الحصين: إنّ صلاتك لا تقبل!!
وقد أجابه حبيب على عدم تأدّبه وجرأته فصرخ فيه قائلاً: "زعمت لا تقبل الصلاة من آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتقبل منك يا..."، فحمل الحصين على حبيب وحمل حبيب عليه.
فضرب حبيبٌ وجه فرس الحصين بالسيف فشبّ به الفرس ووقع عنه إلى الأرض، فأسرع أصحاب هذا اللعين الظالم لنجاته وإنقاذه فجعل حبيب يهجم عليهم ليختطفه منهم وقتل منهم كثيرين. فحمل عليه بديل بن صريم فضربه بسيفه وحمل عليه آخر من تميم فطعنه برمحه فوقع، فذهب ليقوم فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف، وقال مفتخراً: بأنّه شريك في قتله، وطلب من أحدهم أن يعطيه الرأس ليعلّقه على فرسه، فيراه الناس ويعلموا أنّي شاركت في قتله.
ورمى الحصين بن نمير في جملة من رمى الإمام (عليه السلام) بالسهام، فوقع سهمه فأصاب الفم المبارك له (عليه السلام).
وبعد أحداث عاشوراء عزّزه يزيد وأكرمه وجعله قائداً ثانياً للجيش الذي توجّه لقمع أهل المدينة في واقعة الحرّة، وبعد موت القائد الأوّل (مسلم بن عقبة) وتولّى الحصين أيضاً قيادة الجيش في القضاء على التوّابين واستشهد في هذه الواقعة سليمان بن صرد الخزاعيّ.
وفيما بعد أرسله عبد الملك بن مروان على رأس أربعين ألف مقاتل لمواجهة إبراهيم بن الأشتر، فالتقيا في نواحي الموصل، وهزم الحصين وانتصر بن الأشتر، وقام إبراهيم بقتل الحصين وعبيد الله بن زياد وأرسل برأسيهما إلى المختار.
حكيم بن الطفيل السنبسيّ
في يوم عاشوراء قام حكيم بن الطفيل بضرب أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) بالسيف فقطع يده اليسرى. ولذا ورد اللعن عليه في زيارة الناحية بعنوان أنّه أحد قاتلي العبّاس (عليه السلام)، وكان أحد الرماة الذين رموا الإمام الحسين (عليه السلام) بالسهام.
وبعد استشهاد الإمام (عليه السلام) كان أحد العشرة الذين داسوا جسد الحسين (عليه السلام) بخيولهم بأمر من ابن سعد.
وعندما قبض المختار الثقفيّ على حكيم أمر برميه بالسهام ومن ثمّ قتله.
خولّي بن يزيد الأصبحيّ
قام خولّي في يوم عاشوراء برمي عثمان بن عليّ (عليه السلام) وجعفر بن أمير المؤمنين (عليه السلام) فقتلهماوبعد وقوع الإمام الحسين (عليه السلام) على الأرض توجّه خولّي نحو الإمام (عليه السلام) ليقطع رأسه فلم يقوَ على ذلك وأصابته الرعدة والرجفة في أطرافه فتنحّى عنه، ولمّا أقدم سنان بن أنس (أو الشمر) على قطع رأس الإمام (عليه السلام) أودعه عند خولّي الذي أوكِل إليه أخذ الرأس المقدّس إلى عبيد الله بن زياد.
ولمّا وصل إلى الكوفة ليلاً كان قصر ابن زياد مقفلاً، فأخذ رأس الإمام (عليه السلام) معه إلى بيته وجعله في التنّور وقال لزوجته نوار: "جئتك بغناء الدهر، برأس الحسين (عليه السلام) "، فقالت له وهي غاضبة: "ويحك جاء الناس بالذهب والفضّة وجئت برأس الحسين بن رسول الله، والله لا جمع رأسي ورأسك وسادة أبداً".
وحمل خولّي الرأس المبارك صباحاً وتوجّه به نحو ابن زياد. ومع قيام المختار الثقفيّ وجّه إليه بعض أتباعه للقبض عليه فاختبأ في الحمّام وأشارت لهم زوجته بيدها عن مكانه فقبضوا عليه ومن ثمّ قتله المختار وأحرق جثّته.
ذويد مولى عمر بن سعد
كان ذويد غلاماً لعمر بن سعد وقد أُوكل إليه في يوم عاشوراء حمل الراية.
رجاء بن منقذ العبديّ
أحد العشرة من الفرسان الذين وطئوا بالخيل جسد الإمام الحسين (عليه السلام). قتل على يد المختار الثقفيّ.
رستم
غلام شمر بن ذي الجوشن، وذكر أنّه عندما جلست أمّ وهب فوق رأس زوجها عبد الله بن عمير المضمّخ بدمائه، أمر الشمر غلامه رستم بضرب رأس أمّ وهب بعمود الخيمة فضربها به فشقّه واستشهدت رضوان الله عليها.
رضيّ بن منقذ العبديّ
حمل رضيّ في يوم عاشوراء على برير فاعتنقه وتعاركا ساعة ثمّ إنّ بريراً قعد على صدره فاستنجد رضيّ بأصحابه فذهب إليه كعب بن جابر الأزديّ ليستنقذه منه فحمل على برير بالرمح وطعنه في ظهره، ولمّا أحسّ برير بطعنة رمح كعب في بدنه برك على صدر رضيّ بن منقذ فعضّ وجهه وطعنه كعب بالرمح مرّة أخرى حتّى أزاحه عن ابن منقذ العبديّ ووصلت الطعنة إلى عمق ظهره فاستقرّت فيه، ثمّ أقبل عليه يضربه بسيفه حتّى استشهد رضوان الله عليه، ثمّ قام رضيّ بن منقذ العبديّ عن الأرض ينفض التراب عن قبائه شاكراً لكعب صنيعه بحقّه.
زحر بن قيس
زحر أو زجر كان حاضراً في صفّين ثمّ ذهب من بعدها إلى المدائن وكان فيها زمن استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام). وبعد أحداث عاشوراء أمره عبيد الله بن زياد بحمل رأس الإمام (عليه السلام) وسائر رؤوس الشهداء في كربلاء إلى يزيد بن معاوية في الشام.
وقام زحر ضدّ المختار الثقفيّ ومن ثمّ خرج من الكوفة، والتحق بمصعب بن الزبير وشاركه في قتال المختار، وبعد ذلك أعلن ولاءه الكامل لعبد الملك بن مروان تحت راية الحجّاج.
زرعة بن أبان بن دارم
لمّا اشتدّ العطش بالإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء، توجّه سلام الله عليه نحو الفرات. فصاح زرعة صيحة ليُحال بين الحسين (عليه السلام) وبين الماء فقال الإمام (عليه السلام): "أللهم اقتله عطشاً ولا تغفر له أبداً".
وغضب زرعة لذلك فرمى الحسين (عليه السلام) بسهمٍ وقع في حنكه ولمّا نزعه الامام (عليه السلام) جرت منه الدماء . وابتلي زرعة بعد عاشوراء بالعطش الدائم فكان يصرخ اسقوني اسقوني، وكلّما شرب من الماء يمتلئ بطنه ولا يُروى منه حتّى هلك بذلك.
زرعة بن شريك التميميّ
لمّا أمر الشمر بمحاصرة الإمام الحسين (عليه السلام) قام زرعة بالهجوم عليه وضربه بالسيف على يده اليسرى وضرب الحسين (عليه السلام) زرعة فصرعه.
زيد بن رُقاد الجنبيّ
حمل في يوم عاشوراء على العبّاس بن عليّ (عليه السلام) وسدّد إليه ضربة وشارك في قتله، وكذلك شارك في قتل سويد الخثعميّ.
وقتل أيضاً عبد الله بن مسلم بن عقيل. وقال زيد فيما بعد عن مقتل عبد الله: "لقد رميت فتى منهم بسهم وكفّه على جبهته يتّقي النبل فأثبتُ كفّه في جبهته فما استطاع أن يزيل كفّه عن جبهته".
سالم بن خيثمة الجعفيّ
كان أحد الفرسان العشرة الذين وطئوا جسد الحسين (عليه السلام) بخيولهم بعد استشهاده، ومن ثمّ قتل بأمرٍ من المختار الثقفيّ.
سالم
هو مولى عبيد الله بن زياد، وفي يوم عاشوراء برز إلى الميدان إلى جانب يسار مولى زياد بن أبيه وطلبا مبارزة الأقران، فعزم حبيب وبرير على النزول إليهما فمنعهما الحسين (عليه السلام)، ولمّا استجاز عبد الله بن عمير الكلبيّ من الإمام (عليه السلام) للنزول إليهما أجازه فبرز إليهما، فقتل يسار أوّلاً ثمّ مال نحو سالم فابتدره سالم بضربة سيفه فوقعت على يده اليسرى فقطعت أصابع عبد الله ومن ثمّ ضربه عبد الله فهلك.
سرجون الروميّ
من نصارى أهل الشام، عرف بأنّه كاتب معاوية وصاحب أمره على ديوان الخراج. وبعد موت معاوية أصبح مستشاراً ليزيد. وعندما استشاره في أمر بيعة أهل الكوفة لمسلم بن عقيل وتحرّك الإمام الحسين (عليه السلام) نحو تلك البلاد أشار عليه سرجون قائلاً: "أشير عليك أن تكتب إلى عبيد الله بن زياد فإنّه أمير البصرة فتجعل له الكوفة زيادة في عمله حتّى يكون هو الذي يقدم الكوفة فيكفيك أمرهم".
سنان بن أنس النخعيّ
جاء برفقة ابن سعد إلى كربلاء، وفي يوم عاشوراء شارك الشمر في فصل الإمام الحسين (عليه السلام) عن الخيام، وحمل على الإمام (عليه السلام) ورماه بسهم وكذلك طعنه برمحه فأوقعه على الأرض.
وعلى حدّ قول ابن طاووس فإنّ سنان طعن الإمام (عليه السلام) برمحه في ترقوته، ثمّ انتزع الرمح فطعنه في بواني صدره، ثمّ رماه بسهم فوقع في نحره، فسقط الإمام الحسين (عليه السلام) من على فرسه إلى الأرض.
ثمّ قدم مع رجلٍ آخر نحو الحسين (عليه السلام) يضربه بالسيف، وذكر بعضهم أنّ سنان أراد أن يأخذ رأس الحسين (عليه السلام) فحمل عليه ووقف عند رأسه (عليه السلام) فذبحه وقطع الرأس عن بدنه الطاهر. وبتوصية من الكوفيّين ذهب نحو ابن سعد ليؤكّد له بأنّه قتل خير الخلق طالباً منه الجائزة فقال:
أَوْقِرْ رِكَابِي فِضَّةً وَذَهَباً أَنَا قَتَلْتُ المَلِكَ المُحَجَّبا
قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ أُمَّاً وَأَباً وَخَيْرَهُمْ إِذْ يَنْسِبُونَ نَسَبا
وَخَيْرَهُمْ فِي قَوْمِهِمْ مَرْكَبَا
وعند قيام المختار بثورته أمر بإحضار سنان ففرّ إلى البصرة فهدم المختار داره، وعندما توجّه سنان نحو القادسيّة قبض عليه في منتصف الطريق فقطع يديه ورجليه ثمّ رماه في قدر يغلي بالزيت حتّى هلك.
شبث بن ربعيّ المذحجيّ
كان مؤذّناً لشخصٍ اسمه سجاح الذي ادّعى النبوّة في السنة الحادية عشرة للهجرة. وأسلم شبث بعد ذلك، وكان شبث أحد الساعين في قتل عثمان.
وفي أيّام خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) شارك إلى جانب أبي موسى الأشعريّ في تحذير أهل الكوفة من نصرة الإمام عليّ (عليه السلام).
وفي صفّين شارك شبث إلى جانب أصحاب الإمام (عليه السلام) وعند انتهاء المعركة مال إلى الخوارج وأصبح أحد زعمائهم.
وكان له مسجدٌ في الكوفة إلّا أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) منع الناس من الذهاب إليه.
وشهد شبث بن ربعيّ بطلبٍ من زياد ابن أبيه في جملة من شهد ضدّ حجر بن عديّ ولهذه الشهادة قام معاوية بقتل حجر وأصحابه.
وكان شبث أيضاً أحد الذين كتبوا للإمام (عليه السلام) يدعونه إليهم، وقد قالوا فيما قالوه في رسالتهم له: "قد اخضرّ الجناب وأينعت الثمار وأعشبت الأرض وأورقت الأشجار فأقدم علينا إذا شئت فإنّما تقدم على جندٍ مجنّدة لك...".
ومع ورود ابن زياد إلى الكوفة قام شبث بأمرٍ من ابن زياد بالعمل على فصل الناس عن مسلم بن عقيل.
وبعد استشهاد مسلم وعلى مشارف بدء القتال مع الإمام الحسين (عليه السلام)، طلب عبيد
الله بن زياد من شبث بن ربعيّ التوجّه إلى كربلاء. فادّعى المرض ولمّا علم أن ابن زياد عرف بحيلته خاف منه فلبّى دعوته وبأمرٍ منه توجّه على رأس ألف فارس نحو كربلاء فالتحق بعمر بن سعد.
وفي يوم عاشوراء جعله ابن سعد في قيادة الرجالة (المشاة) وعندما خطب الإمام الحسين (عليه السلام) خطبته الأولى وذكر اسم شبث بن ربعيّ وعدداً من أشراف الكوفة الذين كتبوا إليه ودعوه أنكر شبث في جوابه عليه دعوته له وأنّه لم يفعل.
وبعد واقعة كربلاء سعى شبث عند عبد الله بن مطيع والي الكوفة من قبل عبد الله بن الزبير لمواجهة المختار إلّا أنّهم هزموا، واضطرّ شبث إلى الفرار من الكوفة. وفي سنة سبعين للهجرة وافته المنيّة فهلك.
شريح القاضي
هو شريح بن حارث الكنديّ، أسلم في عهد النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) وكان مقيماً في اليمن، نصّبه عمر قاضياً في الكوفة وبقي في منصبه ستّين سنة.
وقد همّ أمير المؤمنين (عليه السلام) بعزله إلّا أنّه قوبل باعتراض أهل الكوفة الذين أرادوا بقاءه في منصبه، وقد وقف شريح مراراً في مقابل أمير المؤمنين (عليه السلام) مسيئاً له ومجترئاً عليه.
وشهد شريح بطلب من ابن زياد بن أبيه في جملة من شهد من أشراف الكوفة ضدّ حجر بن عديّ ولهذه الشهادة قام معاوية بقتل حجر وأصحابه.
وبعد سيطرة ابن زياد على الكوفة واعتقال هانئ بن عروة وكان أحد رؤساء قبيلة مذحج، حاصر المذحجيّون دار الإمارة مطالبين بإطلاق سراح هانئ إلّا أنّ ابن زياد
طلب من شريح الذي كان معتمداً عند أهل الكوفة ومورد اطمئنانهم أن يتكلّم مع القوم ليخبرهم كذباً بسلامة هانئ حتّى يتفرّقوا، وبأسلوب ماكر خدّاع قام شريح بطمأنة الناس بأنّ هانئ حيّ لم يقتل فتفرّق الناس ورجعوا.
هذا والشايع بأنّ شريح هو الذي أفتى بقتل الإمام الحسين (عليه السلام) إلّا أنّه لا يوجد أيّ أثر لهذه الدعوى في المصادر المعتبرة.
ومع ورود المختار إلى مدينة الكوفة وإقامته فيها سعى بعض الناس إليه في إبقاء شريح في منصب القضاء إلّا أنّ الموالين لأهل البيت عليهم السلام تعجّبوا من ذلك وذكروا شهادته ضدّ حجر بن عديّ وخيانته في قضيّة هانئ بن عروة، فامتنع المختار عن إعادة تنصيبه قاضياً.
شمر بن ذي الجوشن
واسمه الحقيقيّ شرحبيل بن عمرو بن معاوية. شارك في معركة صفّين إلى جانب أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وجرح في تلك المعركة.
كان الشمر مقيماً في الكوفة وكان أحد الذين شهدوا ضدّ حجر بن عديّ بطلبٍ من زياد ابن أبيه ولهذه الشهادة قام معاوية بقتل حجر وأصحابه.
وعُدَّ الشمر من أشراف أهل الكوفة ومن رؤساء قبيلة هوازن، ومع ورود ابن زياد إلى الكوفة أصبح من المقرّبين منه وبطلب من ابن زياد قام الشمر مع جماعة من أشراف الكوفة بإبعاد الناس عن مسلم بن عقيل، ويروى أنّه حمل راية الأمان داعياً الناس للابتعاد عنه.
وعندما قام ابن سعد بإرسال كتابٍ إلى ابن زياد يذكر له إصلاح الأمور وقبول الحسين (عليه السلام) بالرجوع إلى المدينة أو أحد ثغور المسلمين اعترض الشمر على ذلك وقام بترغيب ابن زياد برفض شروط الإمام الحسين (عليه السلام) وقتله وقال له: "أتقبل هذا منه وقد نزل بأرضك إلى جنبك، والله لئن رحل من بلدك ولم يضع يده في يدك ليكوننّ أولى بالقوّة والعزّ ولتكوننّ أولى بالضعف والعجز...".
فارتضى ابن زياد مقالة الشمر وكتب رسالة إلى ابن سعد يحذّره فيها من محاولته إزالة العقد والتوسّط لحلّ النزاع وأمره فيها بقتل الإمام الحسين (عليه السلام).
ومضافاً إلى ذلك فإنّ ابن زياد أكّد له في رسالته بأنّك: "إن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا وخلِّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فإنّا قد أمرناه بأمرنا والسلام".
وأعطى ابن زياد الرسالة إلى الشمر ليكون ناظراً على إنفاذ ما فيها، ويقول ابن أعثم: إنّ الشمر جاء إلى كربلاء على رأس أربعة آلاف رجل لمحاربة الإمام الحسين (عليه السلام) فالتحق بعمر بن سعد، ولمّا قرأ ابن سعد رسالة ابن زياد أكّد للشمر بأنّه سيتولّى بنفسه تنفيذ مطالب ابن زياد.
وفي خطوة أخرى جاء الشمر حتّى وقف على أصحاب الحسين (عليه السلام) ونادى أبناء أمّ البنين على أنّهم "بنو أختنا"، وأخبرهم برسالة الأمان التي جاءهم بها فقام أبناء أمّ البنين بلعنه.
وفي يوم العاشر من المحرّم أوكل ابن سعد ميسرة الجيش إلى شمر بن ذي الجوشن. وقد تعرّض مراراً للإمام (عليه السلام) وأصحابه وحمل عليهم عدّة مرّات أيضاً. وفي إحدى المرّات قام بالهجوم عليهم قبل صلاة الظهر وضرب برمحه خيمة الإمام الحسين (عليه السلام) وأمر بإحضار النّار لإحراقها ن النسفصحوة وخرجن من الخيمة وعندما رأى الإمام (عليه السلام) هذا المنظر صرخ قائلاً: "يا ابن ذي الجوشن أنت الداعي بالنّار لتحرق عليّ أهلي أحرقك الله بالنّار".
وفي تلك الحال قام زهير ومعه جمع من الأصحاب بإجلاء الشمر عن موضعه.
وفي موقفٍ آخر قام الشمر بعد أن أسر نافع بن هلال وقد جرح جراحات بليغة بإحضاره إلى ابن سعد فضربت عنقه واستشهد رضوان الله عليه.
وتوالت حملات الشمر وأصحابه فرساناً ومشاة بالهجوم على الإمام (عليه السلام) ومخيّمه ليفصل بينه وبين النساء فتوجّه الشمر نحو خيمة أهل البيت عليهم السلام فصاح فيه الحسين سلام الله عليه:
"يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم...".
وحينئذٍ ناداه شمر: ما تقول يا ابن فاطمة؟
فقال له الحسين (عليه السلام): "أقول أنا الذي أقاتلكم وتقاتلوني والنساء ليس عليهنّ جناح فامنعوا عتاتكم عن التعرّض لحرمي".
ثمّ صاح الشمر بجيشه أن ارجعوا عن حرم الرجل واقصدوا الحسين (عليه السلام) بنفسه، فهجموا عليه وحاصروه.
وراح الشمر يرغّب أصحابه في قتل الإمام (عليه السلام) فكان يقول لهم: "ما وقوفكم وماذا تنتظرون بالرجل وقد أثخنته الجراح وما هو إلّا رجل واحد؟ احملوا عليه جميعاً".
فحملوا عليه من كلّ جانب وضربه كلّ واحد منهم ضربة بسيفه، وذكر بعض المؤرّخين أنّ الشمر هو من قطع رأس الحسين (عليه السلام) ثمّ أعطاه لخولّي بن يزيد.
وأمر الشمر أصحابه بالهجوم على الخيام قائلاً لهم: "اسلبوا كلّ ما تجدونه"، وهجم الشمر على خيمة الإمام السجّاد (عليه السلام) والتي كان يداوى فيها فسلّ سيفه وأراد قتل الإمام زين العابدين (عليه السلام) إلّا أنّ البعض منعه من ذلك. ثمّ أمر شمر اللعين بإحراق خيم أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاحترقت جميعاً.
ثمّ حمل الشمر عدداً من قادة الجيش رؤوس الشهداء وبأمرٍ من ابن سعد توجّه بها نحو الكوفة فدخلوا على مجلس ابن زياد.
ومن ثمّ أمره ابن زياد بقيادة أهل البيت ورؤوس الشهداء في كربلاء إلى الشام. ولمّا ورد مجلس يزيد قدّم له تقريراً عن وقائع قتل الحسين (عليه السلام) وأصحابه وممّا قاله له: "يا أمير المؤمنين، ما كان إلّا جزر جزور أو نومة قائل حتّى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجرّدة ووجوههم معفّرة وثيابهم بالدماء مرمّلة، تصهرهم الشمس وتسفي عليهم الريح زوّارهم العقبان والرخم...".
ولمّا سمع يزيد بذلك فرح فرحاً شديداً.
ومع قيام المختار الثقفيّ بثورته أرسل جماعة من جيشه يقودهم أبو عمرة لقتال الشمر فتقاتلوا وقُتل الشمر وجيء برأسه إلى المختار.
صالح بن وهب الجعفيّ
قام صالح في اللحظات الأخيرة من يوم عاشوراء بطعن الإمام الحسين (عليه السلام) برمحه فأوقعه من فرسه على الأرض.
وكان أحد الفرسان العشرة الذين وطئوا بالخيل جسد الحسين (عليه السلام) بأمرٍ من ابن سعد، وقتل على يد المختار الثقفيّ.
عامر بن نهشل التيميّ
قام في يوم عاشوراء بقتل محمّد بن عبد الله بن جعفر، وورد اللعن عليه في زيارة الناحية لهذا السبب.
عبد الرحمن بن الحصين الأزديّ
كان أحد أفراد الجيش الذين منعوا الماء عن الإمام (عليه السلام)، وبعد وصولهم إلى شريعة الفرات صاح قائلاً: يا ابن فاطمة ويا ابن رسول الله لن تذوق من هذا الماء قطرة واحدة حتّى تموت عطشاً أو تنزل على حكم الأمير عبد الله بن زياد، ولمّا سمع الحسين (عليه السلام) هذا النداء، قال (عليه السلام): "من أنت حتّى تقول مثل هذا القول؟"
فعرّف عن نفسه، وحينئذٍ قال له الإمام (عليه السلام): "أللهم اقتله عطشاناً ولا تغفر له أبداً".
ويذكر الرواة أنّ عبد الرحمن مرض وغلب عليه العطش فكان مهما سُقي من الماء وشرب منه لا يُروى وكان يصيح من العطش إلى أن سلّم روحه لمالك النّار.
عبد الله بن حوزة التميميّ
في يوم عاشوراء وبعد الحملة الأولى نزل ابن حوزة إلى الميدان وجاء حتّى وقف بحيال الإمام الحسين (عليه السلام) فنادى بكلّ وقاحة مخاطباً الإمام (عليه السلام) فقال له (عليه السلام): "ماذا تريد"؟
فقال ابن حوزة: "أبشر يا حسين بالنّار".
فقال الإمام (عليه السلام): "كلّا إنّي أقدم على ربٍّ رحيمٍ وشفيع مطاع".
ثمّ التفت الإمام (عليه السلام) إلى أصحابه فسألهم "من هذا"؟
فقالوا: ابن حوزة.
فقال (عليه السلام): "حازه الله إلى النّار".
فاضطربت به فرسه في جدول فعلقت رجله بالركاب ووقع رأسه على الأرض ونفر في الفرس فجعل يمرّ برأسه على كلّ حجر وأصل شجرة حتّى مات.
وقال أبو مخنف: إنّ مسروق بن وائل لمّا رأى ما حلّ بعبد الله بن حوزة وكيفيّة هلاكه رجع وترك الخيل وراءه فسئل عن علّة رجوعه فقال مسروق: لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئاً لا أقاتلهم أبداً.
عبد الله بن خشكارة البجليّ
كان أحد المشاركين في يوم عاشوراء بقتل مسلم بن عوسجة، وورد اللعن عليه في زيارة الناحية لقبح ما قام به.
عبد الله بن عقبة الغنويّ
يعتبر ابن عقبة قاتل أبي بكر بن الحسن في عصر يوم عاشوراء ورد اللعن عليه في زيارة الناحية.
عبد الله بن قطبة الطائيّ
هو قاتل عون بن عبد الله بن جعفر، ورد اللعن عليه في جملة من قاموا بذلك في زيارة الناحية.
عبيد الله بن زياد
ولد من أمٍّ يقال لها مرجانة، ولسوء أفعالها وما كانت تقوم به نسب عبيد الله إلى أمّه وأبوه زياد بن أبيه أيضاً مشهورٌ بكونه ابن زنا وينسب كذلك إلى أمّه سميّة.
وبعد موت زياد ابن أبيه في سنة ثلاثة وخمسين للهجرة وجّه معاويةُ عبيد الله إلى خراسان وأوكل إليه ولاية تلك البلاد.
واستمرّ ابن زياد في ولاية خراسان حتّى سنة ستّة وخمسين للهجرة ومن ثمّ عهد إليه حكومة البصرة.
وبعد موت معاوية في سنة ستّين للهجرة وابتداء خلافة يزيد بن معاوية بقي ابن زياد في ولاية البصرة، ولمّا سمع يزيد بتحرّك الإمام الحسين (عليه السلام) ومجيء مسلم بن عقيل إلى الكوفة أشار سرجون عليه - وكان رجلاً نصرانيّاً يعمل مستشاراً عنده - قائلاً: "أشير عليك أن تكتب إلى عبيد الله بن زياد فإنّه أمير البصرة فتجعل له الكوفة زيادة في عمله حتّى يكون هو الذي يقدم الكوفة فيكفيك أمرهم".
فقبل يزيد بذلك وضمّ إليه ولاية الكوفة مضافاً إلى ولاية البصرة وأوعز إليه بقتل مسلم بن عقيل.
وقبل أن يترك ابن زياد البصرة متوجّهاً إلى الكوفة قام بقتل سليمان بن رزين سفير الإمام الحسين (عليه السلام)، وبعد أن خطب في الناس فهدّدهم وتوعّدهم طالباً منهم الابتعاد عن الإمام الحسين (عليه السلام) مضى إلى الكوفة.
وكان الكوفيّون قد بايعوا الإمام الحسين (عليه السلام) ودعوه إليهم، ولكنّهم عندما رأوا عبيد الله بن زياد قد دخل المدينة مقنّعاً وجهه ظنّوا أنّه الإمام (عليه السلام) فجاءوا إليه أفواجاً أفواجاً يسلّمون عليه، وعندما اتضح لهم أنّه ابن زياد تفرّقوا عنه وفرّوا من بين يديه، وفي خطبته أمام أهل الكوفة قام عبيد الله بن زياد بتهديد المخالفين له بشدّة.
ومن ثمّ بدأ بالبحث عن مسلم بن عقيل واستطاع بالحيلة والدهاء أن يعرف مكان اختفائه فاعتقله بعد أن ألقى القبض على هانئ بن عروة وقام بقتلهما جميعاً. وأرسل برأسيهما إلى يزيد وكتب له يخبره بأحداث الكوفة وما جرى فيها انتهاءً بقتل مسلم.
وفي خطوة أخرى وجّه عبيد الله بن زياد الحرّ بن يزيد لملاقاة الإمام الحسين (عليه السلام) في الطريق ثمّ أرسل إليه أن يجعجع به ويمنعه عن المسير حتّى يصل إليه أمره فيه ومن ثمّ ألحق به عمر بن سعد على رأس جيش كبير.
وفي كربلاء قام عمر بن سعد بمحاورة الإمام (عليه السلام) وأرسل بكتابٍ إلى ابن زياد يخبره فيه عن نيّة الحسين (عليه السلام) الرجوع إلى المدينة ولذا فلا موجب للحرب معه، وفي بادئ الامر قبل ابن زياد بذلك إلّا أن الشمر بن ذي الجوشن مانعه في قبول الصلح فعدل عن ذلك وأرسل من فوره إلى عمر بن سعد برسالة جاء فيها: "إنّي لم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه ولا لتطاوله ولا لتمنّيه السلامة والبقاء... انظر فإن نزل الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فابعث إليهم سلماً وإن أبوا فازحف عليهم حتّى تقتلهم وتمثّل بهم... وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا وخلِّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فإنّا قد أمرناه بأمرنا والسلام".
وعندما اطلع عبيد الله بن زياد على تصميم ابن سعد بمقاتلة الإمام الحسين (عليه السلام) أرسل له كتاباً ثانياً أكّد فيه أن يحوّل بين الحسين (عليه السلام) وأصحابه وبين الماء وأن لا يدعهم يشربون منه ولو قطرة واحدة.
ونفّذ ابن سعد ما طلب منه ومن ثمّ وقعت أحداث يوم عاشوراء الدمويّة واستشهد الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه الأوفياء وأسر البقيّة من أهل بيته.
ولقد أثار هذا العمل القبيح الذي قام به ابن زياد غضب الكثيرين أمثال عبد الله بن عفيف الأزديّ الذي قاطع خطبة ابن زياد بعد استشهاد الإمام (عليه السلام) ولعن يزيد بن معاوية.
بل قيل: إنّ مرجانة أمّه قد لعنت ابنها أيضاً على ذلك، إلّا أنّ يزيد بن معاوية سرّ بذلك سروراً كبيراً وقام بدعوة عبيد الله بن زياد إليه وأغدق عليه الأموال الكثيرة ووصفه بأنّه باب سرّه وأمينه.
ولمّا وضع رأس الإمام الحسين (عليه السلام) بين يدي ابن زياد أخذ يضرب ثنايا الإمام (عليه السلام) بعصاه فاعترض عليه زيد بن أرقم، وفي نفس المجلس صمّم على قتل الإمام السجّاد (عليه السلام) إلّا أنّ الموقف الفدائيّ الشجاع لزينب الكبرى منعه من ذلك.
وبعد ذلك أمر ابن زياد بتهيئة النساء وسائر الأسرى للذهاب إلى الشام وأمر بشدّ عنق الإمام السجّاد بالأغلال والسلاسل ثمّ أمر بحمل الجميع مع رؤوس الشهداء إلى يزيد بن معاوية.
وبعد هلاك يزيد في سنة أربعة وستّين للهجرة، دعا عبيد الله بن زياد أهل البصرة لبيعته ولبّى أشراف البصرة دعوته للبيعة بعد أن أعطاهم الهدايا الكثيرة.
ومن ثمّ أرسل إلى أهل الكوفة يطلب منهم البيعة له إلّا أنّ الكوفيّين امتنعوا عن بيعته وأعقب ذلك رفض أهل البصرة لإمرته وبايعوا عبد الله بن الزبير- الذي بايعه بعض مناطق الشام أيضاً نظراً لقوّته وسطوته - أميراً عليهم، ومن ثمّ فرّ عبيد الله بن زياد من البصرة والتحق بالشام.
وفي الطريق رأى عبد الله مروان بن الحكم الذي كان يقصد الحجاز بعد موت معاوية بن يزيد ليبايع عبيد الله بن الزبير إلّا أنّ عبيد الله بن زياد صدّه عن ذلك واقترح عليه أمر الخلافة وقال له: بأنّه إن ادعى الخلافة فإنّه سيقوم بإعانته على ذلك، وبناءً عليه رجع مروان إلى دمشق وقام ابن زياد بإخراج من بايع لابن الزبير ومن ثمّ أعلن بيعته لمروان بن الحكم.
وجهّز عبيد الله بن زياد جيشاً كبيراً قاصداً به العراق لإخراجه من سلطة ابن الزبير إلّا أنّه وصله في الطريق خبر هلاك مروان بن الحكم وجلوس عبد الملك ابنه مكانه فأرسل عبد الملك إلى ابن زياد يشجّعه على متابعة طريقه إلى العراق، وقام عبيد الله ابتداءً في سنة خمسة وستّين للهجرة بمواجهة ثورة التوّابين فهزمهم، ومن ثمّ تسلّط على الموصل ومن بعد ذلك قام أنصار المختار الثقفيّ بقيادة إبراهيم بن الأشتر بمواجهة ابن زياد وفي معركة قاسية سنة سبعة وستّين للهجرة في أطراف الموصل تمكّنوا من هزيمته ووفق إبراهيم بقتل عبيد الله بن زياد وأرسل برأسه إلى المختار، وقام المختار بدوره بإرسال رأس ابن زياد إلى المدينة ليخبر الإمام السجّاد (عليه السلام) بمقتله.
عثمان بن خالد الجهنيّ
قام عثمان بمعاونة بشر بن سوط الهمدانيّ في يوم عاشوراء بقتل عبد الرحمن بن عقيل، وعندما قام المختار بثورته أمر بتعقّبه فظفر به عبد الله بن كامل مضافاً إلى بشر بن سوط فأرادا الفرار إلّا أنّ ابن كامل ألقى القبض عليهما وضرب عنقيهما.
عُزرة بن قيس الأحمسيّ
كان عزرة (أو عروة) أحد عُمّال حكومة أبي بكر وعمر بن الخطاب, وكان ممّن كتب الرسائل إلى الإمام الحسين (عليه السلام) يدعوه فيها للحضور إلى الكوفة.
ومن ثمّ رافق ابن سعد في القتال ضدّ الإمام (عليه السلام)، وعندما طلب منه ابن سعد الذهاب إلى الإمام الحسين ليسأله عمّا جاء به إلى هذا المكان أي كربلاء؟ وحيث إنّه قد كان كتب للإمام (عليه السلام) استحيا أن يذهب نحوه، وقال لابن سعد: "أيّها الأمير إنّي كنت اليوم أكاتب الحسين ويكاتبني وأنا أستحيي أن أسير إليه فإن رأيت أن تبعث غيري فابعث...".
ولمّا جاء اليوم العاشر من المحرّم جعله ابن سعد على الخيّالة.
وبعد استشهاد الإمام (عليه السلام) كلّف بالإضافة إلى الشمر وقيس وعمرو بن الحجّاج بحمل رؤوس الشهداء من كربلاء إلى ابن زياد.
عليّ بن قرظة الأنصاريّ
جاء مع عمر بن سعد إلى كربلاء بينما جاء أخوه عمرو بن قرظة إلى الإمام الحسين (عليه السلام) واستشهد بين يديه، ولمّا استشهد عمرو وقف عليّ بن قرظة بكلّ جرأة ووقاحة متهجّماً على الإمام الحسين وأبيه عليهما السلام وممّا قاله له: يا حسين يا كذّاب ابن الكذّاب! أضللت أخي وغررته حتّى قتلته. فقال له الإمام (عليه السلام): "إنّ الله لم يضلّ أخاك ولكنّه هدى أخاك وأضلّك" فقال له عليّ بن قرظة: قتلني الله إن لم أقتلك أو أموت دونك، فحمل عليه فاعترضه نافع بن هلال المراديّ فطعنه برمحه فرماه على الأرض فحمله أصحابه وأخرجوه من الميدان.
عمر بن سعد
هو ابن سعد بن أبي وقّاص ولد في سنة ثلاثة وعشرين للهجرة , وعندما رأى ابن سعد في دومة الجندل اختلاف قادة جيش أمير المؤمنين (عليه السلام) مع معاوية حول التحكيم قام بترغيب أبيه في ادعاء الخلافة إلّا أنّ سعد بن أبي وقّاص لم يقبل بذلك.
وعندما كان في ريعان شبابه قال له أمير المؤمنين (عليه السلام): "كيف أنت إذا قمت مقاماً تخيّر فيه بين الجنّة والنّار فتختار النّار؟".
وشهد عمر بن سعد فيمن شهد ضدّ حجر بن عديّ بأنّه نهض من أجل الفتنة وكانت هذه الشهادة حجّة لمعاوية في قتله حجر بن عديّ وأصحابه في مرج عذراء.
ومع مجيء مسلم بن عقيل إلى الكوفة وأخذه البيعة للإمام الحسين (عليه السلام)، كتب عمر بن سعد كغيره من أشراف أهل الكوفة الرسائل إلى يزيد بن معاوية يوصونه فيها بأنّه إن أردت أن لا تخرج الكوفة من يدك فقم بعزل النعمان بن بشير حاكم الكوفة.
ومع مجيء ابن زياد إلى الكوفة أُعتقل مسلم بن عقيل، ولمّا جيء به إلى مجلس ابن زياد أوصى مسلم إلى ابن سعد سرّاً، لكن ابن سعد خان مسلماً وأذاع وصيّته.
ونصّب ابن زياد عمر بن سعد حاكماً على ولاية الريّ، وكان قد تهيّأ للخروج إليها إلّا أنّ ذلك تزامن مع وصول الإمام الحسين (عليه السلام) إلى العراق فمنعه ابن زياد من الذهاب وأمره أن ينصرف لقتال الإمام الحسين (عليه السلام) فامتنع ابن سعد عن الاستجابة لطلبه إلّا أنّ عبيد الله بن زياد اشترط عليه إمارة الريّ بالذهاب لحرب الحسين (عليه السلام)، فاستشار ابن سعد أصحابه فحذّره الجميع من قتال الإمام (عليه السلام), إلّا أنّه عاد فقبل أمر ابن زياد وتوجّه نحو كربلاء على رأس أربعة آلاف رجل.
أَنَا عَالِقٌ وَحَائِرٌ لِيَوْمٍ تَمْلِكُ فِيهِ مُلْكَ الرَّيِّ وَلِيَوْمِ المَوْتِ يَوْمَ تُطْوَى فِيهِ صَفْحَةُ عُمْرِكَ
أَنَا عَالِقٌ وَحَائِرٌ فِي دُنْيَا سُلَيْمَانَ لَمْ تَفِ لَهُ مَعَ كُلِّ مَا أُوتِيَ مِنْ مُلْكٍ وَمَالٍ فَمَتَى سَتَغْدُرُ هَذِهِ الدُّنْيا بِكَ؟
ووصل ابن سعد إلى كربلاء في اليوم الثالث من المحرّم، فأرسل رسولاً إلى الإمام (عليه السلام) لسيتخبر منه عمّا جاء به إلى العراق فأجابه الإمام (عليه السلام) بأنّه إنّما جاء بناءً على دعوة أهل الكوفة وإن لم يريدوا ذلك فإنّه يرجع. فكتب ابن سعد جواب الإمام (عليه السلام) وأرسله إلى عبيد الله بن زياد مخبراً له عن انتهاء الأمور.
إلّا أنّ ابن زياد ومع تدخّل الشمر وفتنته وتوصيته له كتب رسالة إلى ابن سعد يوصيه فيها بقتال الحسين (عليه السلام) وأكّد له أنّه إن تمرّد عليه فسيوكل إمرة الجيش إلى شمر بن ذي الجوشن وعندئذٍ صمّم عمر بن سعد على الحرب والقتال، وبناءً على طلبٍ من ابن زياد أرسل ابن سعد بخمسة آلاف فارس إلى شريعة الفرات ليحول بين الإمام (عليه السلام) وبين الماء.
وسعى الإمام الحسين (عليه السلام) مراراً عبر رسوله بنصيحة ابن سعد وفي إحدى المرّات , أرسل الحسين (عليه السلام) إلى ابن سعد طالباً منه أن يلتقيه ليلاً، فخرج إليه عمر بن سعد في عشرين فارساً وأقبل الحسين (عليه السلام) في مثل ذلك ولمّا التقيا أمر الحسين (عليه السلام) أصحابه فتنحّوا عنه وبقي معه أخوه العبّاس وابنه عليّ الأكبر عليهما السلام، وأمر ابن سعد أصحابه فتنحّوا عنه وبقي معه حفص ابنه وغلامٌ له يقال له: لاحق، فقال له الإمام (عليه السلام):
"ويحك يا ابن سعد، أمّا تتّقي الله الذي إليه معادك أن تقاتلني وأنا ابن من علمت يا هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فاترك هؤلاء وكن معي فإنّي أقرّبك إلى الله عزَّ وجلَّ...".
فقال له عمر بن سعد: أبا عبد الله أخاف أن تهدم داري.
فقال له الحسين (عليه السلام): "أنا أبنيها لك".
فقال: أخاف أن تؤخذ ضيعتي.
فقال الحسين (عليه السلام): "أنا أخلف عليك خيراً منها من مالي بالحجاز".
فقال: لي عيالٌ أخاف عليهم.
فقال (عليه السلام): "أنا أضمن سلامتهم".
ولم يجب عمر بن سعد إلى شيء من ذلك فانصرف عنه الحسين (عليه السلام) وهو يقول: "ما لك ذبحك الله على فراشك سريعاً، ولا غفر الله لك يوم حشرك ونشرك، فوالله إنّي لأرجو أن لا تأكل من برّ العراق إلّا يسيراً".
فقال له عمر بن سعد: "يا أبا عبد الله في الشعير عوض عن البرّ" ثمّ رجع عمر إلى معسكره.
ثمّ إنّ عمر بن سعد وبعد صلاة العصر من يوم التاسع من المحرّم هيّأ جيشه للقتال ونادى فيهم: يا خيل الله اركبي وابشري بالجنّة، فركب أهل الكوفة وزحفوا نحو الحسين (عليه السلام) للقتال، وبعد هذه الحادثة طلب الإمام (عليه السلام) منهم أن يمهلوه ليلة العاشر من أجل العبادة، فاستشار ابن سعد قادة جيشه فأجازه في ذلك. وفي يوم عاشوراء جهّز جيشه من أجل الهجوم، وقال المؤرّخون: إنّ الإمام الحسين وبعد خطبته الثانية صبح عاشوراء نادى ابن سعد وقال له: "يا عمر أنت تقتلني؟ تزعم أن يوليك الدعيّ ابن الدعيّ بلاد الريّ وجرجان، والله لا تتهنّأ بذلك أبداً عهداً معهوداً فاصنع ما أنت صانع فإنّك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، ولكأنّي برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة يتراماه الصبيان ويتخذونه غرضاً بينهم".
فاغتاظ عمر من كلامه ثمّ صرف بوجهه عنه وأقبل نحو جيش الإمام (عليه السلام) ورمى أوّل سهمٍ نحو الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه وقال لأصحابه: اشهدوا لي عند الأمير بأنّني أوّل من رمى. ثمّ رمى أصحاب عمر بن سعد بسهامهم فأصابت الكثير من أصحاب الإمام (عليه السلام).
وعندما برز عليّ الأكبر إلى الميدان تقاطر الدمع من عيني الإمام الحسين (عليه السلام) ورفع يديه نحو السماء يدعو على جيش العدوّ ويلعنهم، وقال لابن سعد: "يا ابن سعد قطع الله رحمك ولا بارك لك في أمرك وسلّط عليك من يذبحك بعدي على فراشك كما قطعت رحمي...".
ولمّا برز الإمام الحسين (عليه السلام) إلى الميدان يقاتل القوم هجم عليه الأعداء من كلّ جانب، وعندئذٍ خرجت زينب الكبرى من خيمتها وصاحت: "يا عمر بن سعد أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟!"، فصرف عمر بوجهه عنها، ويروي أبو مخنف قائلاً: فكأنّي أنظر إلى دموع عمر وهي تسيل على خدّيه ولحيته.
وعندما جرح الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) جراحات بليغة ووقع على الأرض مشى إليه ابن سعد بفرسه ووقف فوق رأسه وصاح في أهل الكوفة: انزلوا إليه فخذوا رأسه.
وبعد استشهاد سيّد الشهداء (عليه السلام) أمر عمر بن سعد أصحابه أن يطأوا جسد الحسين (عليه السلام) بخيولهم، فتجهّز لطلبه عشرة فرسان ركبوا خيولهم ووطئوا بدنه الشريف حتّى رضّت أضلاعه.
ثمّ إنّ عمر بن سعد بعد أن دفن أجساد قتلى جيشه تحرّك نحو الكوفة برفقة موكب أسارى أهل بيت الحسين (عليه السلام). وعندما التقى بعبيد الله بن زياد طلب منه الأخير أن يعيد له الرسالة التي أرسلها إليه فقال له ابن سعد: بأنّها قد تلفت، إلّا أنّ عبيد الله أكّد له بأنّه سيأخذها منه.
وعندما رأى ابن سعد قصر يده وقلّة حيلته في كلّ شيء وصف ما آل به بقوله: لم يرجع أحدٌ إلى أهله أسوأ حالاً منّي لإطاعتي أميراً فاجراً ظالماً ولإماتتي العدل وقطيعتي لقرابتي.
وعندما قام سليمان بن صرد الخزاعيّ طلباً للثأر من قاتلي الإمام الحسين (عليه السلام) في سنة خمسة وستّين للهجرة، كان ابن سعد يبيت ليلاً في دار الإمارة خوفاً من القتل.
ومع قيام المختار الثقفيّ أيضاً فرّ ابن سعد برفقة محمّد بن الأشعث أحد المشاركين البارزين في واقعة كربلاء. إلّا أنّه ما لبث أن عاد إلى الكوفة بعد قيام أهلها على المختار إلّا أنّ هذه الانتفاضة منيت بالهزيمة والفشل.
ثمّ أرسل المختار أبا عمرة في تعقّب ابن سعد فقتله في منزله وأرسل برأسه إلى المختار بن يزيد وقُتل ابنه حفص في محضر المختار أيضاً.
عمرو بن الحجّاج الزبيديّ
وهو أحد أشراف الكوفة ممّن كتب مع جماعة من أشرافها الرسائل إلى الإمام الحسين (عليه السلام) يدعونه فيها للمجيء إلى الكوفة. إلّا أنّه ومع مجيء ابن زياد إليها التحق عمرو به. ومن ثمّ ذهب برفقة عمر بن سعد إلى كربلاء لقتال الإمام (عليه السلام).
فولّاه ابن سعد على خمسة آلاف فارسٍ وراجلٍ وأمره أن يستولي على الشريعة ولا يدع أحداً من أصحاب الحسين (عليه السلام) أن يقترب من الماء.
وفي يوم عاشوراء جعله ابن سعد على ميمنة الجيش.
فحمل أثناء الحملة الأولى على ميسرة أصحاب الإمام (عليه السلام). وقبل ظهر عاشوراء كان يصرخ بأصحابه الطالبين لمبارزة الأقران: "يا حمقى أتدرون من تقاتلون؟ تقاتلون فرسان المصر وتقاتلون قوماً مستميتين لا يبرز إليهم منكم أحد إلّا قتلوه، والله لو لم ترموهم إلّا بالحجارة لقتلتموهم".
وقبل عمر بن سعد برأيه وأمر أن لا يبارزهم أيّ رجلٍ منهم بمفرده، وقال لو خرجتم إليهم وحدانا لأتوا عليكم مبارزة.
ودنا عمرو بن الحجّاج من أصحاب الحسين (عليه السلام) فقال: يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الإمام - يزيد - فقال الحسين (عليه السلام) له: "يا ابن الحجّاج أعليَّ تحرّض الناس؟ أنحن مرقنا من الدين وأنتم ثبتّم عليه؟ والله لتعلمنّ لو قبضت أرواحكم ومتم على أعمالكم أيّنا المارق من الدين ومن هو أولى بصلي النّار".
ثمّ حمل عمرو بن الحجّاج لعنه الله في ميمنته من نحو الفرات على جهة الإمام (عليه السلام) واقتتلوا ساعة فاستشهد جمعٌ من أصحاب الإمام (عليه السلام) في هذه الحملة (الثانية).
وبعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) أوكل إليه مضافاً إلى الشمر وقيس وعزرة، أن يحملوا رؤوس شهداء كربلاء إلى ابن زياد.
وفيما بعد توجّه عمرو بن الحجّاج لمواجهة المختار الثقفيّ بأمر من عبد الله بن مطيع عامل الكوفة في حينها من قِبل عبد الله بن الزبير، ولمّا قدم المختار إلى الكوفة .
عمرو بن سعد بن نفيل الأزديّ
ذكر المؤرّخون أنّ عمرو هو قاتل القاسم بن الحسن (عليه السلام)، ففي يوم عاشوراء لمّا برز القاسم إلى الميدان، حمل عليه عمرو بن سعد، ويروي حميد بن مسلم، الشاهد لما حصل قائلاً: "فإنّا لكذلك إذ خرج علينا غلامٌ كأنّ وجهه شقّة قمر في يده سيف وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شِسع إحداهما، فقال لي عمرو بن سعيد بن نفيل الأزديّ: والله لأشدنّ عليه، فقلت: سبحان الله، وما تريد بذلك؟! دعه يكفيكه هؤلاء القوم الذين ما يبقون على أحدٍ منهم.
فقال: والله لأشدنّ عليه، فشدّ عليه، فما ولّى حتّى ضرب رأسه بالسيف ففلقه، ووقع الغلام لوجهه، فقال: يا عمّاه! فجلّى الحسين (عليه السلام) كما يُجلّى الصقر، ثمّ شدّ شدّة ليث أغضب فضرب عمرو بن سعد بن نفيل بالسيف فاتّقاها بالساعد فأطنّها من لدن المرفق، فصاح صيحة سمعها أهل العسكر، ثمّ تنحّى عنه الحسين (عليه السلام)، وحملت خيل الكوفة لتستنقذه فتوطّأته الخيل بأرجلها حتّى مات" ورد عليه اللعن في زيارة الناحية المقدّسة.
عمرو بن سعيد الأشدق
هو عمرو بن سعيد بن العاص من آل أميّة ويلقّب بالأشدق، اشتهر بهذا اللقب لشدقٍ كان في فمه، وكان كأبيه سعيد بن العاص متعصّباً لبني أميّة شديد العداوة لأهل البيت عليهم السلام. وفي عهد معاوية قام بالدفاع عن تنصيب يزيد وليّاً للعهد، وعند أخذ البيعة ليزيد من قبل معاوية كان من السابقين إلى ذلك وألقى خطبة يصف فيها يزيد ويمدحه.
ويعتقد بعض المؤرّخين بأنّ عمرو بن سعيد بن العاص كان والياً على مكّة حين موت معاوية.
وعندما علم يزيد بن معاوية في شهر رمضان من سنة ستّين للهجرة بهجرة الإمام الحسين (عليه السلام) من المدينة قام بعزل الوليد بن عتبة من ولايتها وأوكل أمرها أيضاً إلى عمرو بن سعيد الأشدق.
ولمّا ترك الحسين (عليه السلام) المدينة قاصداً مكّة المكرّمة سأله عمرو بن سعيد عن سبب قدومه فأجابه الإمام (عليه السلام): "عائذاً بالله وبهذا البيت".
وفي خطوة قبيحة ملعونة من قبل يزيد أمر عمرو بن سعيد أن يذهب في جماعة إلى مكّة متخفيّاً لإلقاء القبض على الإمام (عليه السلام) وإن لم يقدر على ذلك فليقتله. ولكي يحافظ الإمام الحسين (عليه السلام) على حرمة حرم الله ترك مكّة متوجّهاً نحو الكوفة.
ولمّا علم عمرو بن سعيد بتصميم الإمام (عليه السلام) أراد ممانعته في الخروج من مكّة ووجّه إليه جماعة من عسكره يقودهم أخوه يحيى بن سعيد لإرجاعه إليها إلّا أنّ الإمام (عليه السلام) رفض ذلك وعزم على المسير والخروج من مكّة.
ثمّ سعى عمرو بن سعيد وبطلبٍ من عبد الله بن جعفر لمنع الحسين (عليه السلام) من الانصراف فكتب رسالة إلى الإمام (عليه السلام) يعطيه فيها الأمان محذّراً له من الاختلاف والتفرقة. فكتب: "أمّا بعد، فإنّي أسأل الله أن يصرفك عمّا يوبقك وأن يهديك لما يرشدك، بلغني أنّك توجّهت إلى العراق وإنّي أعيذك بالله من الشقاق، فإنّي أخاف عليك فيه الهلاك، وقد بعثت إليك عبد الله بن جعفر ويحيى بن سعيد فأقبل إليّ معهما فإنّ لك عندي الأمان والصلة والبرّ وحسن الجوار".
وبعد أن تسلّم الإمام الحسين (عليه السلام) الرسالة من يحيى بن سعيد، كتب سلام الله عليه في جواب عمرو بن سعيد:
"أمّا بعد، فإنّه لم يشاقق الله ورسوله من دعا إلى الله عزَّ وجلَّ وقال: إنّني من المسلمين، وقد دعوتَ إلى الأمان والبرّ والصلة فخير الأمان أمان الله، ولن يؤمن الله يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا فنسأل الله مخافةً في الدنيا توجب لنا أمانه يوم القيامة، فإن كنت نويت بالكتاب صلتي وبرّي فجزيت خيراً...".
وذكر أبو الفرج الأصفهانيّ أنّ عمرو بن سعيد وكردِّ فعلٍ على خروج الإمام الحسين (عليه السلام) من المدينة أمر بتخريب بيوت بني هاشم في المدينة.
وبعد موت معاوية بن يزيد ولمّا أقدم مروان بن الحكم على ادعاء الخلافة والمطالبة بها قام عمرو بن سعيد الأشدق بإعانته وتأييده في ذلك فعيّنه مروان وليّاً لعهده من بعد ابنه عبد الملك، إلّا أنّ عبد الملك لمّا استلم زمام الأمور خلع عمرو الأشدق من ولاية العهد فتمرّد الأشدق عليه. وعندما خرج عبد الملك إلى الحرب في الرحبة اغتنم عمرو بن سعيد الفرصة واستولى على دمشق، وارتضى أهلها خلافته وقاموا ببيعته وعندما رجع عبد الملك قام بمحاصرة دمشق وجرت حربٌ بينهما فانتصر عليه ودخل المدينة ومن ثمّ أصدر أمراً بقتل الأشدق، وفي سنة تسعة وستّين للهجرة قتل عمرو بن سعيد الأشدق.
ولمّا علم عبد الله بن الزبير بخبر مقتل الأشدق تلا قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: ] .
عمرو بن صبيح الصيداويّ
قام عمرو هذا في أرض كربلاء بقتل عبد الله بن مسلم بن عقيل وعبد الله بن عقيل، وبعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) كان عمرو أحد الفرسان العشرة الذين وطئوا بخيولهم جسد الإمام (عليه السلام)، وقتل فيما بعد بأمرٍ من المختار الثقفيّ.
قيس بن الأشعث الكنديّ
كان قيس من أشراف الكوفة وأحد الذين كتبوا للحسين (عليه السلام) الرسائل من رؤساء القبائل يدعونه فيها للقدوم إلى الكوفة.
إلّا أنّه جاء مع ابن سعد إلى كربلاء لقتال الإمام أبي عبد الله (عليه السلام)، وكان قيس أحد قادة جيش ابن سعد.
وتولّى في يوم عاشوراء قيادة ربيعة وكندة.
وعندما خطب الإمام الحسين (عليه السلام) خطبته الأولى في صبح يوم عاشوراء وذكر اسم قيس وبعض أشراف الكوفة وسألهم عن دعوته له. أنكر قيس مقالته وقال: "لا ندري ما تقول، ولكن انزل على حكم بني عمّك فإنّهم لن يروك إلّا ما تحبّ".
وفي جواب الإمام (عليه السلام) له ذكّره بدور محمّد بن الأشعث في قتل مسلم بن عقيل وقال له: "أنت أخو أخيك (محمّد بن الأشعث) أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟! لا والله لا أعطيه بيدي إعطاء الذليل ولا أقرّ إقرار العبيد". وبعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) سلبه قيس قطيفته. وشارك مع جماعة من قادة الجيش بحمل رؤوس الشهداء إلى عبيد الله بن زياد.
ومع ابتداء ثورة المختار الثقفيّ، تخفّى قيس بن الأشعث وطلب من عبد الله بن كامل - أحد المقرّبين من المختار- الأمان إلّا أنّ المختار لم يعتن بهذا الأمان، وبعد معرفة محلّ اختفائه ألقى القبض عليه ومن ثمّ أمر بقتله وقطع رأسه عن بدنه.
وعندما اطلع ابن كامل على مقتل قيس اعترض على المختار صنيعه فأجابه المختار معاتباً له على إيواء قاتل ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبدى انزعاجه منه.
كثير بن عبد الله الشعبيّ
كان كثير بن عبد الله الشعبيّ (أو الصبيعيّ) فارساً شجاعاً مقداماً لا يردّه شيء ومن المعادين لأهل البيت عليهم السلام، جاء مع ابن سعد إلى كربلاء، وقبل بدء القتال اقترح قتل الإمام الحسين (عليه السلام)، فرفض ابن سعد ذلك وقال له: اذهب إليه فسله عمّا جاء به؟ فأقبل كثير نحو الإمام (عليه السلام)، فلمّا رآه أبو ثمامة الصائديّ قال: أصلحك الله يا أبا عبد الله قد جاءك شرّ خلق الله وأجرأه على دمٍ وأفتكه، وقام نحو كثير وطلب منه أن يضع سيفه على الأرض إلّا أنّ كثير لم يقبل بذلك وبعد مشاجرة وحوارٍ بينهما رجع إلى معسكره، وشارك كثير مع مهاجر بن أوس في قتل زهير بن القين، وقد لعن الإمام الحسين (عليه السلام) قاتليه.
كعب بن جابر الأزديّ
أسرع في يوم عاشوراء لإنقاذ رضيّ بن منقذ العبديّ الذي كان يبارز برير فصرعه وجلس على صدره فأخذ يستغيث بأصحابه لينقذوه، فهجم كعب الأزديّ على برير طاعناً له برمح في ظهره، وعندما أحس برير بوقع الطعنة في بدنه برك على صدر رضيّ بن منقذ فعضّ وجهه وطعنه كعب بالرمح مرّة أخرى حتّى أزاحه عن ابن منقذ العبديّ ووصلت الطعنة إلى عمق ظهره فاستقرّت فيه، ثمّ أقبل على برير يضربه بسيفه حتّى استشهد رضوان الله عليه.
ولمّا رجع كعب بن جابر إلى بيته قالت له امرأته أو أخته النوار بنت جابر معاتبة له: "أعنت على ابن فاطمة وقتلت سيّد القرّاء لقد أتيت عظيماً من الأمر، والله لا أكلّمك من رأسي كلمة أبداً".
لقيط بن ياسر الجهنيّ
هو قاتل محمّد بن أبي سعيد بن عقيل في يوم عاشوراء. ورد اللعن عليه في زيارة الناحية لقتله محمّد.
مالك بن نسر الكنديّ
كان ابن نسر، رسول عبيد الله بن زياد إلى الحرّ حيث قدم إلى نينوى وسلّم الحرّ بن يزيد رسالة ابن زياد التي يطلب منه فيها أن يوقف الإمام الحسين (عليه السلام) في مكانه ويمنعه عن المسير. وفي ذلك المنزل عرفه يزيد بن زياد الكندي (أبو الشعثاء) فعاتبه على ما يقوم به إلّا أنّ مالك أجابه بكلّ وقاحة: "أطعت إمامي ووفيت ببيعتي"، فقال له أبو الشعثاء: "عصيت ربّك وأطعت إمامك في هلاك نفسك كسبت العار والنّار، ألم تسمع قول الله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ} [القصص: ] , وفي يوم عاشوراء وعندما برز الإمام الحسين (عليه السلام) إلى الميدان وبعد قتالٍ مرير، ضعف عن القتال فوقف مكانه وكلّما أتاه رجل من جيش العدوّ وانتهى إليه انصرف عنه وكره أن يلقى الله بدمه حتّى جاءه رجل من كندة يقال له: مالك بن نسر فضربه بالسيف على رأسه وكان عليه برنس فقطع البرنس وامتلأ دماً. فقال له الحسين (عليه السلام): "لا أكلت بيمينك ولا شربت وحشرك الله مع الظالمين".
وعندما رجع مالك إلى الكوفة أخذ معه برنس الإمام (عليه السلام) المضمّخ بدمائه ولمّا أراد غسله من الدم رأته زوجته وعرفت الخبر فعاتبت مالك على فعله وقالت له: "أتسلب ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) برنسه وتدخل بيتي؟ أخرج عنّي حشى الله قبرك ناراً".
وأرسل المختار الثقفيّ أحدهم للقبض على مالك بن نسر فظفر به في القادسيّة فاعتقله وجاء به إلى المختار الذي أمر بقطع يديه ورجليه وتركه ينزف دماً حتّى هلك.
محمّد بن الأشعث
محمّد وهو الابن الآخر للأشعث بن قيس، أمّه تدعى أمّ فروة وكان من أصحاب عمر وعثمان كما ذكر.
وكان لابن الأشعث وبطلبٍ من ابن زياد دور هامّ في الإيقاع بهانئ بن عروة والتغرير به للمجيء إلى دار الإمارة.
وكذلك قام على رأس ثلاثمائة مقاتل بمحاصرة دار طوعة لإلقاء القبض على مسلم بن عقيل، وعندما رأوا استعداد مسلم للقتال أقدموا في خطوة قبيحة على إحراق الدار لإجبار مسلم على الخروج منها، وعندما خرج مسلم إليهم قاتل قتال الأبطال حتّى عجز محمّد بن الأشعث عن إلقاء القبض عليه واعتقاله فأرسل إلى ابن زياد يطلب منه المدد والعون، وعندما تعجّب عبيد الله بن زياد من عجزه عن ذلك قال له ابن الأشعث: إنّ مسلم بن عقيل يعدل بألف رجل ولا يمكن الإيقاع به بسهولة، وقام محمّد بن الأشعث وبطلبٍ من عبيد الله بإعطاء مسلم الأمان فردّ عليه مسلم مخاطباً إيّاهم بالفسقة الفجرة لاعناً له ولأصحابه، ومن ثمّ ولكثرة الجراحات الواردة على مسلم من ضرب السيوف والحجارة أمر ابن الأشعث جميع أصحابه أن يحملوا عليه حملة رجل واحد فاعتقله وجاء به إلى ابن زياد فكان له دور في استشهاد مسلم بن عقيل.
وقد ذكّر الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء قيس بن الأشعث - أخو محمّد بن الأشعث - بدور أخيه في قتل مسلم بن عقيل وقال له: "أنت أخو أخيك أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟".
وكان محمّد بن الأشعث أحد الذين جاءوا إلى كربلاء لقتال الإمام الحسين (عليه السلام) ويقول ابن أعثم الكوفيّ: إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) لمّا ذكر قرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) صاح محمّد بن الأشعث بكلّ وقاحة من معسكر ابن سعد وقال: "يا حسين بن فاطمة، أيّة حرمة لك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليست لغيرك؟!"
فرفع الإمام الحسين (عليه السلام) يديه بالدعاء قائلاً: "أللهم أرِ محمّد بن الأشعث ذلّاً في هذا اليوم لا تعزّه بعد هذا اليوم أبداً"، فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرّز فسلّط الله عليه عقرباً فلدغته فمات بادي العورة واقعاً في نجاسته متمرّغاً فيها.
مروان بن الحكم
أبوه الحكم بن العاص طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي عهد عثمان قام بإحضاره من منفاه وجعله في ضمن الجهاز الحاكم.
وكان سلوك مروان فاسداً إلى الحدّ الذي أثار الناس قاطبة على عثمان وقد حذّره أمير المؤمنين مراراً وتكراراً عمّا يقوم به مروان من دور مخرّب وفاسد وممّا قاله أمير المؤمنين يوماً ما للخليفة الثالث: "فلا تكوننّ لمروان سيِّقةً يسوقك حيث شاء بعد جلال السنّ وتَقَضِّي العمر".
وبعد موت عثمان امتنع مروان بن الحكم عن بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان في المدينة يتعرّض (في شعر) للإمام عليّ (عليه السلام) بالإساءة مكنّياً عنه، فهمّ بعض أصحاب أمير المؤمنين بقتله إلّا أنّ الإمام (عليه السلام) منعهم من ذلك وقال لهم: "دعوه فإنّه لم يُرد بهذا الشعر غيري"، وشارك مروان في معركة الجمل ضدّ الإمام عليّ (عليه السلام) وتولّى قيادة الخيّالة في ميمنة الجيش. وبعد انتهاء الحرب ومع أنّه كان مع طلحة إلّا أنّه قتله انتقاماً لعثمان، ومن ثمّ التحق بمعاوية وشارك إلى جانبه في معركة صفّين ضدّ أمير المؤمنين (عليه السلام).
وفي أثناء تواجد الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام في المدينة كان مروان هو الحاكم عليها وكان شديد التجبّر كثير اللؤم ولكلّ سبب كان يطعن في عليّ (عليه السلام) وفي إحدى المرّات تعرّض لأهل البيت عليهم السلام وبحضور أولاده المعصومين وجهاً لوجه.
وعندما علم مروان بموت معاوية أسرع إلى الوليد حاكم المدينة مؤكّداً عليه أخذ البيعة من الإمام الحسين (عليه السلام) ليزيد قبل أن ينتشر خبر موت معاوية، وإن لم يبايع فاقطع عنقه، إلّا أنّ الوليد لم ير ما طلبه مروان منه معقولاً فقال له: "مهلاً، ويحك يا مروان عن كلامك هذا وأحسن القول في ابن فاطمة فإنّه بقيّة ولد النبيّين".
وعندما سمع مروان جواب الوليد قال له: "أوه أيّها الأمير لا تجزع ممّا قلت لك فإنّ آل أبي تراب هم الأعداء في قديم الدهرلم يزالوا، وهم الذين قتلوا الخليفة عثمان بن عفّان، ثمّ ساروا إلى أمير المؤمنين فحاربوه وبعد فإنّي لست آمن أيّها الأمير إنّك إن لم تعاجل الحسين بن عليّ خاصّةً، أن تسقط منزلتك عند أمير المؤمنين يزيد".
فأمر الوليد بإحضار الإمام الحسين (عليه السلام) من أجل البيعة، ولمّا رأى الإمام إصرار مروان على أخذ البيعة منه ليزيد قال (عليه السلام): "إِنَّا لِلهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الأمّة براعٍ مثل يزيد".
وممّا قاله الحسين (عليه السلام) لمروان في ذلك المجلس الذي اقترح فيه ابن الحكم على الوليد بحبس الإمام (عليه السلام) أو أن يضرب عنقه، قال له: "ويلي عليك يا ابن الزرقاء، أتأمر بضرب عنقي، كذبت والله ولؤمت، والله لو رام ذلك أحدٌ من الناس لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك، وإن شئت ذلك فرم ضرب عنقي إن كنت صادقاً".
وفي يوم لاحقٍ عاد مروان بعنوان الناصح للإمام الحسين (عليه السلام) يدعوه مجدّداً لبيعة يزيد فأجابه الإمام (عليه السلام) قائلاً له: "أنا لا أذمّك على هذه النصيحة وإن كانت أكثر من ألف ملامة عندي أن تصدر منك وقد لعنك رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل أن تلدك أمّك فماذا ينتظر منك غير ذلك يا عدوّ الله".
فغضب مروان بن الحكم من كلام الحسين (عليه السلام) وقال له: "والله لا تفارقني أو تبايع ليزيد بن معاوية صاغراً...".
وعندئذٍ وصفه الإمام (عليه السلام) بالعدوّ والرجس والطريد ابن الطريد، وأمره أن يبتعد عنه وذكر له أمّه السيّئة الذكر والفعل مخاطباً له بابن الزرقاء، فقال له الحسين (عليه السلام):
"أبشر يا ابن الزرقاء بكلّ ما تكره من الرسول (عليه السلام) يوم تقدم على ربّك فيسألك جدّي عن حقّي وحقّ يزيد...".
وفي كلام آخر له (عليه السلام) قال لمروان: "ويحك أتأمرني ببيعة يزيد وهو رجل فاسق لقد قلت شططاً من القول يا عظيم الزلل، لا ألومك على قولك لأنّك اللعين الذي لعنك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنت في صلب أبيك الحكم بن أبي العاص فإنّ من لعنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يمكن له ولا منه إلّا أن يدعو إلى بيعة يزيد".
وبعد استشهاد الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) بقي مروان في المدينة، ولمّا مات يزيد بن معاوية خضعت أكثر مدن العراق والحجاز لسلطة عبد الله بن الزبير، فتوجّه مروان بن الحكم بعد موت معاوية بن يزيد إلى الحجاز ليعلن بيعته لابن الزبير فالتقاه عبيد الله بن زياد في منتصف الطريق وصرفه عمّا عزم عليه وعرض عليه ادعاء الخلافة، وأنّه إن قام بذلك فسوف يعلن تأييده له ويسانده في ذلك، وبناءً عليه رجع مروان إلى دمشق وقام عبيد الله بن زياد بإخراج من أخذ البيعة لابن الزبير وقام بأخذ البيعة لمروان، ولم تدم حكومة مروان سوى أشهر معدودة حتّى مات.
مرّة بن منقذ العبديّ
شارك في حرب الجمل مع أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومن ثمّ جاء مع ابن سعد إلى كربلاء ليشارك في قتال الإمام الحسين (عليه السلام)، وفي عاشوراء صمّم مرّة بن منقذ العبديّ على قتل عليّ الأكبر (عليه السلام) فهجم عليه وطعنه برمح، وقيل رماه بالسهم، فاستشهد رضوان الله عليه.
وعمل المختار الثقفيّ على القبض عليه وأرسل في طلبه عبد الله بن كامل وبعد قتال بينهما أصيب مرّة في يده اليسرى ولاذ بالفرار، ثمّ التحق في البصرة بمصعب بن الزبير وشلّت يده بعد ذلك. وقال بعضهم: إنّ مرّة قتل في ذلك النزاع على يد عبد الله بن كامل. ورد اللعن عليه في زيارة الناحية بعنوان أنّه قاتل عليّاً الأكبر (عليه السلام).
مسروق بن وائل
جاء مع ابن سعد إلى كربلاء ليكون من السابقين بزعمه في قتل الإمام الحسين (عليه السلام) حيث يقول:
"كنت في أوائل الخيل ممّن سار إلى الحسين فقلت، أكون في أوائلها لعلّي أصيب رأس الحسين فأصيب به منزلة عند عبيد الله بن زياد...".
وفي كربلاء عندما تقدّم ابن حوزة وأساء الأدب مع الإمام الحسين (عليه السلام) وتبعاً لذلك قام الإمام (عليه السلام) بالدعاء عليه "اللهم حزه إلى النّار" فهلك بعد ذلك، ولمّا رأى مسروق هذه الحادثة ترك الميدان وقفل راجعاً وعندما سئل عن سبب رجوعه قال: "لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئاً لا أقاتلهم أبداً".
مسلم بن عبد الله الضبابيّ
جاء إلى كربلاء وفي يوم العاشر من المحرّم شارك في قتل مسلم بن عوسجة، وفي زيارة الناحية وبعد السلام على ابن عوسجة لعن قاتله مسلم بن عبد الله. ومع قيام المختار توارى عن الأنظار برفقة شمر بن ذي الجوشن.
المهاجر بن أوس
أحد الشخصيّات السيّئة التي كانت حاضرة في كربلاء.
وفي يوم عاشوراء لمّا رأى تغيّر حال الحرّ ارتاب فقال للحرّ: أتريد أن تحمل؟ فلم يجبه، فقال له المهاجر: إنّ أمرك لمريب، والله ما رأيت منك في موقفٍ قطّ مثل هذا، ولو قيل لي: من أشجع أهل الكوفة ما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟!
فقال له الحرّ: إنّي والله أخيّر نفسي بين الجنّة والنّار فوالله لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قطّعت وحرقت، ثمّ ضرب الحرّ فرسه ولحق بالإمام الحسين (عليه السلام).
وشارك المهاجر مع كثير بن عبد الله الشعبيّ في قتل زهير بن القين، وقد لعن الإمام الحسين (عليه السلام) قاتليه.
نصر بن خرشة
وكان نصر رجلاً أبرصَ، وعندما وقع الإمام الحسين (عليه السلام) في الميدان وبطلبٍ من ابن سعد تقدّم نحو الإمام (عليه السلام) ونزل عن فرسه فأخذ بلحيته وأراد أن يحزّ رأسه الشريف فقال له الإمام الحسين (عليه السلام): "أنت الكلب الأبقع الذي رأيته في منامي".
فغضب نصر لذلك غضباً شديداً، وقال: أنت الذي تشبّهني بالكلاب يا ابن فاطمة، ثمّ جعل يضرب بسيفه على مذبح الحسين... وغضب عمر بن سعد ثمّ قال لرجل: انزل أنت إلى الحسين فأرحه.
هانئ بن ثبيت الحضرميّ
جاء برفقة عمر بن سعد إلى كربلاء، وفي يوم عاشوراء قتل أوّلاً عبد الله بن عمير الكلبيّ ومن ثمّ قتل عبد الله وجعفر ابنا أمير المؤمنين (عليه السلام).
وكان هانئ أحد الفرسان العشرة الذين وطئوا بخيولهم جسد الإمام الحسين (عليه السلام).
اسودّ وجهه في آخر عمره، ومن ثمّ قُتل بأمرٍ من المختار الثقفيّ. ورد في زيارة الناحية اللعن على هانئ بن ثبيت قاتل عبد الله بن عليّ (عليه السلام).
واخط بن ناعم
كان أحد الفرسان العشرة الذين قاموا بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) بوطء جسد الحسين (عليه السلام) بخيولهم. وقُتل بأمرٍ من المختار الثقفيّ.
يزيد بن الحارث
كنيته أبو حوشب، أسلم على يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان في عهد خلافة الإمام عليّ (عليه السلام) أحد أفراد شرطته، وكان حاضراً في حرب اليمامة.
ويعتبر يزيد بن الحارث أحد أشراف الكوفة وزعمائها، وكان من ضمن الجماعة التي كتبت للإمام الحسين (عليه السلام) تدعوه للمجيء إلى الكوفة.
إلّا أنّه جاء مع جيش ابن سعد إلى كربلاء لقتال الإمام الحسين (عليه السلام)، وفي يوم عاشوراء خطب الإمام (عليه السلام) خطبته الأولى وذكر اسم يزيد بن الحارث وجماعة من أشراف الكوفة الذين كتبوا إليه مذكّراً إيّاهم: "ألم تكتبوا إليّ أن قد أينعت الثمار واخضرّ الجناب وطمّت الجمام، وإنّما تقدم على جند لك مجنّدة، فأقبل" فأنكر ابن الحارث دعوته وقال: لم نفعل.
واعتبر ابن الحارث عثمانيّ الهوى ومن الموالين والمحبّين لبني أميّة.
وبعدما عيّن ابن الزبير عبد الله بن يزيد الخطميّ والياً على الكوفة جعل يزيد بن الحارث أحد معاونيه فقام بترغيب الخطميّ بقتل سليمان بن صرد الخزاعيّ وأصحابه. ثمّ قام بتشجيعه على حبس المختار، وكان أحد الذاهبين لقتل المختار الثقفيّ.
وفي تحرّك آخر شارك مع بني ربيعة في القيام ضدّ المختار أيضاً فهزموا.
وعين يزيد بن الحارث من قبل عبد الملك بن مروان أميراً على الريّ، ومات فيها سنة ثمانية وستّين للهجرة.
يزيد بن معاوية
ولد يزيد في سنة أو للهجرة، وابتدأ حياته بأنواع الرذائل والقبائح، فكان صاحب طرب وجوارح وكلاب وقرود وفهود ومنادمة على الشراب، وكان له قرد يناديه أبا قيس وكان يصحبه معه في مجلسه ويعطيه ما تبقّى من شرابه ولمّا مات قرده حزن عليه حزناً شديداً وأمر بدفنه وطلب من أهل الشام إقامة المأتم عليه.
وكان يزيد بن معاوية أوّل من أظهر شرب الشراب والاستهتار بالغناء والصيد واتخاذ القيان والغلمان والتفكّه بما يضحك منه المترفون من القرود والمعافرة بالكلاب والديكة.
وكان يشرب الخمر إلى حدٍّ يترك بسببه الصلاة، وذكر الذهبيّ أنّه كان ناصبيّاً (معادياً لأهل البيت عليهم السلام) فظّاً غليظاً جلفاً يتناول المسكر ويفعل المنكر.
وعندما كان في المدينة دخل الحسين (عليه السلام) إلى مجلسه وكان قد شرب الخمر فقال الحسين (عليه السلام) مستعجباً: "ما هذا يا ابن معاوية؟!" ونهض الإمام (عليه السلام) وترك المجلس، واستمرّ يزيد في معاقرته الخمرة وأنشد يقول في وصفها:
أَلَا يَا صَاحِ لِلْعَجَبِ دَعَوْتُكَ ثُمَّ لَمْ تَجِبِ
إِلِى القَيِّنَاتِ وَالَّلذَّا تِ وَالصَّهْبَاءِ وَالطَّرَبِ
وَبَا طِيَةٍ مُكَلَّلَةٍ عَلَيْهَا سَادَة العَرَبِ
وَفِيهِنَّ التِي تَبَلَتْ فُؤَادَكَ ثُمَّ لَمْ تَتُبِ
ولم يكن يزيد متورّعاً عن هجر القرآن ومحو آثار الإسلام وأحكام الدين، وكان يجلس مع أقرانه من منكري الدين وشاربي الخمر والخائضين في الباطل وها هو جليسه ونديمه الأخطل يقول:
مَعْشَرَ النُّدْمَانِ قُومُوا واسْمَعُوا صَوْتَ الأَغَانِي
واشْرَبُوا كَأَسَ مُدامٍ واتْرُكُوا ذُمَرَ المَعانِي
أَشْغَلَتْنِي نَغْمَةُ العِيـ دَانِ عَنْ صَوْتِ الأَذَانِ
وَتَعَوَّضَتُ عَنِ الحُو رِ خُمُوراً فِي الدِّنان
وفي أواخر أيّام معاوية بن سفيان بدأ سعيه لأخذ البيعة بولاية العهد لابنه يزيد وكان هذا الأمر ممّا لا سابقة له في الإسلام، وابتدأ معاوية في سعيه من الشام ومن ثمّ طلب من أشراف المدينة الرضوخ لهذه الولاية فجوبه باعتراض الإمام الحسين (عليه السلام) وسائر الصحابة المعروفين، وقد حمل الإمام بكلّ عنفوانٍ شخصيّة يزيد الكريهة والرذيلة لأنّ يزيد في نظر الإمام (عليه السلام): "رجلٌ فاسق شارب للخمر قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق".
وقام معاوية بالقدوم إلى المدينة ومن بعدها إلى مكّة لتثبيت مكانة يزيد وفي أحد المجالس ذكر للحسين (عليه السلام) أفضليّة يزيد وأرجحيّته عليه، فأجابه الإمام الحسين (عليه السلام): "من خير لأمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) يزيد الخمور الفجور؟!".
ولم يرتضِ معاوية كلام الحسين (عليه السلام) معه وقال لابن عبّاس (بعدما منع عطاء بني هاشم): "لأنّ صاحبكم الحسين بن عليّ أبى عليّ أن يبايع يزيد".
وفي أواخر لحظات معاوية قال لابنه يزيد: "إنّي من أجلك آثرت الدنيا على الآخرة ودفعت حق عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) "، ثمّ أوصى ابنه يزيد بكيفيّة تعاطيه مع الإمام الحسين (عليه السلام) فيقول له: "ولا تؤذه ولكن أرعد له وأبرق، وإيّاك والمكاشفة له في محاربة سل سيف أو محاربة طعن رمح..." وكان هذا البيت من الشعر آخر ما كان يردّده معاوية على لسانه:
فَيَا لَيْتَنِي لَمْ أُعْن فِي المُلْكِ سَاعَةً وَلَمْ أَكُ أَسْعَ فِي لَذَّاتِ عَيْشٍ نَوَاضِرِ
ولمّا جلس يزيد على مسند الخلافة أشاع الفساد وسار عمّاله على نهجه في الفسق والفجور، وكما يقول المسعوديّ: فإنّه في أيّامه ظهر الغناء بمكّة والمدينة واستعملت الملاهي وأظهر الناس شرب الشراب.
ويكتب أمير عليّ المؤرّخ الهنديّ المشهور في وصف السلوك القبيح لهذا الخليفة، فيقول: وكان يزيد بلا رحمة، قاسي القلب وكان غدّاراً خائناً... وكانت ملذّاته وشهواته مع ندمائه وأصحابه الفاسدين الحقراء الأرذال باعثة على الحقارة... وكان معتاداً على شرب الخمر حتّى في أيّام خلافته، يشرب الشراب ويعلن الفجور إلى الحدّ الذي قلّده في ذلك أهل عاصمة الخلافة في شوارعهم وطرقاتهم.
وابتدأ ابن معاوية خلافته بقتل الإمام الحسين (عليه السلام)، ومقدّمة لفعله هذا وبعد استلامه الخلافة أرسل ابتداءً بكتابٍ إلى والي المدينة وطلب منه أخذ البيعة له من الإمام الحسين (عليه السلام) وكبار الصحابة وأصدر أوامره إن امتنع الحسين (عليه السلام) عن البيعة بأن يرسل رأس الحسين إليه وكان جواب الحسين (عليه السلام) واضحاً إذ إنّه كان يعتقد:
بأنّ: "يزيد رجل فاسق شارب خمرٍ ومثلي لا يبايع مثله"، ويصرّح الإمام (عليه السلام) بأنّ يزيد رجل فاسق معلن الفسق يشرب الخمر ويلعب بالكلاب والفهود.
ورداً على دعوة مروان لبيعة يزيد قال الامام (عليه السلام): "فكيف تولّي على أمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) من يشرب المسكر؟!، وشارب المسكر من الفاسقين، وشارب المسكر من الأشرار، وليس شارب المسكر بأمينٍ على درهم فكيف على الأمّة...".
وعندما قدم الإمام الحسين (عليه السلام) إلى مكّة تاركاً المدينة، أمر يزيد عمرو بن سعيد بن العاص بأن يقوم متخفيّاً فيعتقل الإمام (عليه السلام) وإن أخفق في ذلك فليقتله، إلّا أنّ هذه المؤامرة فشلت. وفي إقدامٍ آخر قام يزيد وبمشورة سرجون بإيكال ولاية الكوفة إلى ابن زياد مضافاً لولاية البصرة والذي أقدم حين مجيئه إليها بإلقاء القبض على مسلم بن عقيل سفير الإمام الحسين (عليه السلام) وقتله.
وعندما تحرّك الإمام الحسين (عليه السلام) إلى العراق قام يزيد بارسال كتابٍ إلى ابن زياد يطلب منه قتال الإمام الحسين (عليه السلام) وقتله، ونفذّت أوامر يزيد بقتل الإمام (عليه السلام) وأصحابه وأهل بيته الأوفياء في عاشوراء سنة للهجرة في أرض كربلاء، ودخل اسم يزيد في المتون التاريخيّة بعنوان قاتل الإمام الحسين بن عليّ (عليه السلام)، وبعد واقعة عاشوراء وعندما التقى يزيد بعبيد الله بن زياد قام بتكريمه وأقبل على ساقيه وقال له:
إِسْقِنِي شَرْبَةً تُرَوِّي مَشَاشِي ثُمَّ مِلْ فَاسِقاً مِثْلَها ابْنَ زِيَادِ
صَاحِبَ السِّرِّ والأَمَانَةِ عِنْدِي وَلِتَسْدِيدِ مَغْنَمِي وَجِهَادِي
ثمّ أمر يزيد المغنّين فغنّوا به.
وعندما أحضر أسارى ملحمة كربلاء والرؤوس المقدّسة للشهداء إلى الشام، أدخل الجميع إلى مجلس يزيد. وعندما وضع رأس الحسين (عليه السلام) ورؤوس أهل البيت والأصحاب بين يديه راح يردّد قائلاً:
يُفَلِّقْنَ هَاماً مِنْ رِجَالٍ أَعِزَّةٍ عَلَيْنا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَما
ومن ثمّ أذن للناس بالدخول عليه ورأس الإمام الحسين (عليه السلام) ما زال بين يديه وهو يضرب بقضيب خيزران ثنايا الإمام (عليه السلام) المباركة فغضب أبو برزة الأسلميّ من فعل يزيد وصاح قائلاً: "ويحك يا يزيد أتنكت بقضيبك ثغر الحسين بن فاطمة؟ لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذاً لطالما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرشفه". فغضب يزيد وأمر بإخراجه فأخرج سحباً.
وجعل يزيد يتمثّل بأبيات ابن الزبعرى:
لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا جَزَعَ الخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الأَسَلْ
لَأَهَلُّوا وَاسْتَهَلُّوا فَرَحَاً ثُمَّ قَالُوا يَا يَزيِدَ لا تُشَلْ
قَدْ قَتَلْنَا القَرْمَ مِنَ سَادَاتِهِمْ وَعَدَلْنَاهُ بِبَدْرٍ فَاعْتَدَلْ
لَعِبَتْ هَاشِمُ بِالمُلْكِ فَلا خَبَرٌ جَاءَ وَلا وَحْيٌ نَزَلْ
لَسْتُ مِنْ خِنْدِفَ إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ مِنْ بَنِي أَحْمَدَ مَا كَانَ فَعَلْ
ومع الكلام والبيان الرائع للإمام السجّاد (عليه السلام) والسيّدة زينب عليها السلام والذي أوجد تحوّلاً وتغيّيراً عند أهل الشام بدأ يزيد يسمع اللعن على قاتلي الإمام الحسين (عليه السلام) من قبل الناس، فالتفت إلى الشمر وأصحابه وتظاهر بالغضب قائلاً: "لقد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين بن عليّ... لعن الله ابن مرجانة إذ قدم على مثل الحسين بن فاطمة...".
ومع تعاظم فساد يزيد وانتشار الشراب، ثار أهل المدينة عليه بقيادة عبد الله بن حنظلة الذي بيّن للناس أهداف ثورته بقوله: "فوالله ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء، إنّ رجلاً ينكح الأمّهات والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة...".
فوجّه إليه يزيد لقمعه مسلم بن عقبة على رأس جيش عظيم فسار نحو المدينة ووقع قتالٌ عظيم وقد اشتهرت هذه الواقعة فيما بعد باسم وقعة الحرّة، ودخل جنود الشام إلى المدينة فقتلوا الكثيرين من الصحابة والتابعين وقد أباحها مسلم بن عقبة لجنوده ثلاثة أيّام فنهبوا الأموال وسبوا الذريّة واستباحوا الفروج وولدت ألف امرأة من غير زوج، وأجبر البقيّة من أهل المدينة ممّن نجا أن يبايعوا ليزيد على أنّهم أرقّاء له وعبيده.
ثمّ أمر يزيد جيش مسلم بن عقبة الذي فتك بأهل المدينة في وقعة الحرّة أن يتوجّه إلى مكّة لمقابلة عبد الله بن الزبير فقدموا إليها وحاصروها وجرت معركة عظيمة بين الطرفين وضربت الكعبة بالمنجنيق فتهدّمت ومن ثمّ أحرقت بالنّار وفي نفس الوقت وصلهم خبر موت يزيد.
وذكر المؤرّخون أنّ يزيد بن معاوية وقع على الأرض من كثرة الشراب والسكر فمات وكان له من العمر عند موته ثماني وثلاثون سنة، وبقي في الخلافة ثلاث سنين وبضعة أشهر، ويروى عن عمر بن عبد العزيز أنّه قال: رأيت في نومي أنّ القيامة قد قامت
يزيد بن معقل
خرج يزيد بن معقل في يوم عاشوراء نحو برير بن حضير فقام بشتمه أوّلاً وذكره قائلاً له: "هل تذكر وأنا أماشيك في بني لوذان وأنت تقول: إنّ عثمان بن عفّان كان على نفسه مسرفاً، وأن معاوية بن أبي سفيان ضالّ مضلّ، وأنّ إمام الهدى والحقّ عليّ بن أبي طالب"، فقال له برير, أشهد أنّ هذا رأيي وقولي.
فقال له يزيد: فإنّي أشهد أنّك من الضالّين.
فاقترح عليه برير قائلاً له: فلأباهلك بأهلك ولندع الله أن يلعن الكاذب وأن يقتل المبطل، ثمّ أخرج فلأبارزك، وقبل يزيد بن معقل بذلك وخرج الاثنان إلى الميدان ورفعا أيديهما إلى الله يدعوانه أن يلعن الكاذب وأن يقتل المحقُ المبطلَ، ثمّ برز كلّ واحد منهما لصاحبه فاختلفا ضربتين فضرب يزيدُ بن معقل بريرَ بن حضير ضربة خفيفة لم تضرّه شيئاً وضربه برير بن حضير ضربة قدّت المغفر وبلغت الدماغ فخرّ كأنمّا هوى من حالق، وإنّ سيف ابن حضير لثابت في رأسه فأخذ برير يحرّك سيفه ليخرجه من رأس يزيد.
يسار
وهو مولى زياد بن أبيه (أو أبي سفيان)، وفي يوم عاشوراء برز بصحبة سالم مولى عبيد الله بن زياد نحو الميدان وطلبا مبارزة الأقران، ولمّا أراد حبيب وبرير النزول إليهما منعهما الإمام الحسين (عليه السلام) من ذلك ولم يأذن لهما، ولمّا طلب عبد الله بن عمير الكلبيّ الإذن في القتال أجازه الإمام (عليه السلام)، فبرز إليهما فلمّا رآه يسار طلب قريناً آخر لمبارزته فهجم عليه عبد الله بن عمير ناعتاً إيّاه بابن الزنا وقتله.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|