المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في روسيا الفيدرالية
2024-11-06
تربية ماشية اللبن في البلاد الأفريقية
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06



القول عند ذكر الحسين (عليه السلام)‏‏  
  
3679   02:00 صباحاً   التاريخ: 18-4-2019
المؤلف : السيد نعمة الله الجزائري .
الكتاب أو المصدر : رياض الابرار
الجزء والصفحة : ج‏1، ص190-199.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام) /

و عن ابن فاختة قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): إنّي أذكر الحسين (عليه السّلام) فأيّ شي‏ء أقول إذا ذكرته؟

فقال: قل صلّى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه تكرّرها ثلاثا .

و في ثواب الأعمال عن عيص بن القاسم قال: ذكر عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قاتل الحسين (عليه السّلام).

فقال بعض أصحابه: كنت أشتهي أن ينتقم اللّه منه في الدّنيا.

فقال: كأنّك تستقلّ له عذاب اللّه و ما عند اللّه أشدّ عذابا و أشدّ نكالا منه‏ .

و عن أبي جعفر (عليه السّلام): إنّ في النار منزلة لم يكن يستحقّها أحد من الناس إلّا بقتل الحسين بن علي و يحيى بن زكريا .

ثواب لعن قاتل الحسين (عليه السّلام)‏

و عن داود الرّقي قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) إذ استسقى الماء، فلمّا شربه رأيته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه ثمّ قال لي: يا داود لعن اللّه قاتل الحسين، فما من عبد شرب الماء فذكر الحسين و لعن قاتله إلّا كتب اللّه له مائة ألف حسنة و حطّ عنه مائة ألف سيّئة و رفع له مائة ألف درجة و كأنّما أعتق مائة ألف نسمة و حشره اللّه يوم القيامة ثلج الفؤاد .

و عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) إنّه قال: لعن اللّه قتلة الحسين و محبيهم و ناصريهم و الساكتين عن لعنهم من غير تقيّة الا و صلّى اللّه على الباكين على الحسين رحمة و شفقة و ممتلئين عليهم غيظا و حنقا .

الحمام الرّاغبية يلعن قتلة الحسين عليه السلام‏

و في الكافي عن داود بن فرقد قال: كنت جالسا في بيت أبي عبد اللّه فنظرت إلى حمام راعبي يقرقر [طويلا فنظر إلى أبو عبد اللّه (عليه السّلام) فقال: يا داود أتدري ما يقول هذا الطير؟ قلت:

لا و اللّه جعلت فداك‏]  فقال: يا داود هذا الطير يدعو على قتلة الحسين (عليه السّلام) فاتّخذوه في منازلكم. و في حديث آخر: إنّها تلعن قتلة الحسين‏ .

و في كتاب بحار الأنوار: وجدت في بعض مؤلّفات المعاصرين أنّه لمّا جمع ابن زياد لعنه اللّه قومه لحرب الحسين (عليه السّلام) كانوا سبعين ألف فارس فقال: أيّها الناس من منكم يتولّى قتل الحسين و له ولاية أيّ بلد شاء؟ فلم يجبه أحد، فاستدعى بعمر بن سعد لعنه اللّه و قال له:

اريد أن تتولّى حرب الحسين بنفسك، فقال: اعفني من ذلك، فقال: قد أعفيتك فاردد علينا عهدنا الذي كتبنا إليك بولاية الرّي فقال: امهلني الليلة فانصرف إلى منزله و جعل يستشير من يثق به، فلم يشر عليه أحد و كان عنده رجل من أهل الخير يقال له كامل و كان صديقا لأبيه من قبله فقال له: يا عمر ما الذي أنت عازم عليه؟

قال: إنّي ولّيت أمر هذا الجيش في حرب الحسين و إنّما قتله عندي و أهل بيته كشربة ماء و إذا قتلته خرجت إلى ملك الري.

فقال له كامل: أف لك يابن سعد تريد قتل الحسين ابن بنت رسول اللّه؟! إنّا للّه و إنّا إليه راجعون و ما الذي تقول غدا لرسول اللّه إذا وردت عليه و انّه في زماننا هذا كجدّه في زمانه و طاعته فرض علينا، و اشهد اللّه أنّك إن أعنت على قتله لا تلبث بعده في الدّنيا إلّا قليلا، فقال عمر: بالموت تخوّفني، و إنّي إذا فرغت من قتله أكون أميرا على سبعين ألف فارس و أتولّى ملك الري؟

فقال له كامل: إنّي احدّثك بحديث صحيح أرجو لك فيه النجاة إن وفّقت لقبوله؛ اعلم انّي سافرت مع أبيك إلى الشام فانقطعت بي مطيّتي عن أصحابي و عطشت فلاح لي دير

راهب فأتيت إلى باب الدّير و قلت للراهب إنّي عطشان فقال لي: أنت من امّة هذا النبيّ الذين يقتل بعضهم بعضا على حبّ الدّنيا؟ فقلت له: أنا من امّة محمّد (صلّى اللّه عليه و اله)، فقال: إنّكم شرّ امّة و قد غدوتم إلى عترة نبيّكم تسبون نساءه و تنهبون أمواله، فقلت: يا راهب نحن نفعل ذلك؟

قال: نعم، و إنّكم إذا فعلتم ذلك عجّت السماوات و الأرضون و البحار و الجبال و الوحوش و الأطيار باللعنة على قاتله و لا يلبث قاتله في الدّنيا إلّا قليلا ثمّ يظهر رجل يطلب بثأره، فلا يدع أحدا اشترك في قتله إلّا قتله و عجّل اللّه بروحه إلى النار، ثمّ قال الراهب: إنّي لأرى لك قرابة من قاتل هذا الابن الطيّب و اللّه أنّي لو أدركت أيّامه لوقيته بنفسي من حرّ السيوف، فقلت: إنّي اعيذ نفسي من أن اقاتل ابن بنت رسول اللّه، فقال: إن لم تكن أنت فرجل قريب منك و أنّ عذاب قاتله أشدّ من عذاب فرعون و هامان ثمّ ردم الباب في وجهي و أبى أن يسقيني ماء.

فركبت فرسي و لحقت أصحابي فحدّثت أباك سعد بقصّة الراهب فقال لي: صدقت ثمّ إنّ سعدا أخبرني أنّه نزل بدير هذا الراهب مرّة من قبلي، فأخبره أنّه هو الرجل الذي يقتل ابن بنت رسول اللّه فخاف أبوك من ذلك و خشي أن تكون أنت قاتله فأبعدك عنه و أقصاك، فاحذر يا عمر [أن تخرج عليه يكون عليك نصف عذاب أهل النار، قال:]  فبلغ الخبر ابن زياد فطلب كامل و قطع لسانه فعاش يوما أو بعض يوم‏ .

و فيه أيضا: إنّ اللّه عزّ و جلّ أخبر موسى (عليه السّلام) إنّ الحسين (عليه السّلام) تقتله امّة جدّه الطاغية في أرض كربلاء و تنفر فرسه و تحمحم، و تقول في صهيلها: الظليمة الظليمة من امّة قتلت ابن بنت نبيّها، فيبقى ملقى على الرّمل من غير غسل و لا كفن و ينهب رحله و تسبى نساؤه في البلدان و يقتل ناصروه و تشهر رؤوسهم على أطراف الرماح، يا موسى صغيرهم يميته العطش و كبيرهم جلده منكمش يستغيثون و لا ناصر، فبكى موسى (عليه السّلام) ثمّ قال: يا موسى اعلم أنّه من بكى عليه أو أبكى أو تباكى حرمت جسده على النار .

نسب يزيد و ابن زياد و عمر بن سعد لعنهم اللّه‏

و في كتاب البحار: قال مؤلّف الكتاب: إلزام النواصب و غيره أن ميسون بنت بجدل الكلبي أمكنت عبد أبيها من نفسها فحملت يزيد لعنه اللّه و إلى هذا إشارة النسّابة البكري بقوله شعر:

فإن يكن الزمان أتى علينا                   بقتل الترك و الموت الوحي‏

فقد قتل الدّعي و عبد كلب‏                  بأرض الطّف أولاد النبيّي‏

أراد بالدّعي عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه، فإنّ أباه زياد بن سمية كانت امّه سميّة مشهورة بالزنا و ولد على فراش أبي عبيد بني علاج من ثقيف فادّعى معاوية أنّ أبا سفيان زنى بأمّ زياد فأولدها زيادا و انّه أخوه فصار اسمه الدعيّ، و كانت عائشة تسمّيه زياد بن أبيه لأنّه ليس له أب معروف و مراده بعبد كلب يزيد بن معاوية لأنّه من عبد بجدل الكلبي.

و أمّا عمر بن سعد، فقد نسبوا أباه سعد إلى غير أبيه و انّه رجل من بني عذرة كان خدنا لأمّه يعني صاحبها و يشهد بذلك قول معاوية حين قال سعد لمعاوية: أنا أحقّ بهذا الأمر منك، فقال له معاوية: يأبى عليك ذلك بنو عذرة و ضرط له. روى ذلك النوفلي ابن سليمان من علماء السنّة، و يدلّ على ذلك قول السيّد الحميري شعر:

قدما تداعوا زنيما ثمّ سادهم‏                 لولا خمول بني سعد لما سادوا

و في كتاب الأمالي عن عبد اللّه بن منصور قال: قلت للصادق (عليه السّلام): حدّثني عن مقتل الحسين (عليه السّلام)، قال: لمّا حضرت معاوية الوفاة قال لابنه يزيد لعنه اللّه: قد ذلّلت لك الرّقاب و إنّي أخشى عليك من ثلاث نفر مخالفون عليك و هم عبد اللّه بن عمر و عبد اللّه بن الزبير و الحسين بن عليّ، فأمّا ابن عمر فهو معك فالزمه و لا تدعه، و أمّا ابن الزبير فاقتله إن ظفرت به فإنّه ثعلب، و أمّا الحسين فقد عرفت حظّه من رسول اللّه و هو من لحم رسول اللّه و دمه، و قد علمت أنّ أهل العراق يخرجونه إليهم ثمّ يخذلونه، فإن ظفرت به فلا تؤاخذه بفعله و لا تناله بمكروه.

فلمّا هلك معاوية و تولّى الأمر يزيد بعث عامله على المدينة عمّه عتبة بن أبي سفيان، فقدم المدينة و بعث إلى الحسين (عليه السّلام) و قال: إنّ أمير المؤمنين يزيد آمرك أن تبايع له فقال: يا عتبة قد علمت إنّا معدن الرّسالة و أعلام الحقّ و لقد سمعت جدّي يقول: إنّ الخلافة محرّمة على ولد أبي سفيان، فكيف ابايع أهل بيت قال فيهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) هذا؟

فكتب عتبة إلى يزيد: أنّ الحسين بن علي لا يرى لك خلافة و لا بيعة فرأيك في أمره، فكتب إليه: إذا أتاك كتابي هذا فعجّل إليّ بإرسال رأس الحسين، فبلغ ذلك الحسين (عليه السّلام) فهمّ بالخروج من الحجاز إلى العراق، فلمّا أقبل الليل مضى يودّع قبر جدّه (صلّى اللّه عليه و اله) فسطع له نور من القبر فعاد إلى موضعه، فلمّا كانت الليلة الثانية مضى إلى القبر يودّعه فصلّى ثمّ سجد و نام فجاءه النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) و هو في منامه فضمّه إلى صدره و قبّل ما بين عينيه و قال له: بأبي أنت كأنّي أراك مرمّلا بدمك بين عصابة من هذه الامّة، يا بنيّ إنّك قادم على أبيك و امّك و أخيك و هم مشتاقون إليك و أنّ لك في الجنّة درجات لا تنالها إلّا بالشهادة، فانتبه الحسين (عليه السّلام) باكيا فأتى أهله و أخبرهم بالرؤيا و ودّعهم و حمل أخواته على المحامل و ابن أخيه و صار في أحد و عشرين من أهل بيته و أصحابه. و سمع عبد اللّه بن عمر بخروجه فركب خلفه و أدركه فقال له:

ارجع إلى حرم جدّك و لا تخرج إلى العراق، فأبى، فقال: اكشف لي عن الموضع الذي كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) يقبّله منك، فكشف الحسين (عليه السّلام) عن سرّته فقبّلها ابن عمر ثلاثا و بكى و قال: أستودعك اللّه يا أبا عبد اللّه فإنّك مقتول في وجهك هذا.

فسار الحسين و أصحابه حتّى نزل العذيب، فقال فيها قايلة الظهر ثمّ انتبه من نومه باكيا فقال له ابنه: ما يبكيك يا أبه؟

قال: يا بني إنّها ساعة لا تكذب الرؤيا فيها إنّه عرض لي في منامي عارض فقال:

تسرعون السير و المطايا تسير بكم إلى الجنّة ثمّ سار حتّى نزل الرهيميّة فورد عليه رجل من أهل الكوفة يكنّى أبا هرم فقال: يابن النبيّ ما الذي أخرجك من المدينة؟

فقال: و يحك يا أبا هرم شتموا عرضي فصبرت و طلبوا مالي فصبرت و طلبوا دمي‏ فهربت و ايم اللّه ليقتلني ثمّ ليلبسنّهم اللّه ذلّا شاملا و سيفا قاطعا، و بلغ عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه الخبر، و أنّ الحسين نزل الرهيمية فأرسل إليه الحرّ بن يزيد في ألف فارس.

قال الحرّ: فلمّا خرجت من منزلي متوجّها نحو الحسين نوديت ثلاثا: يا حرّ أبشر بالجنّة، فالتفت فلم أر أحدا فقلت: ثكلت الحرّامه يخرج إلى قتال ابن رسول اللّه و يبشّر بالجنّة فبلغه عند صلاة الظهر، فأمر الحسين (عليه السّلام) ابنه فأذّن و أقام و صلّى الحسين (عليه السّلام) بالفريقين جميعا، فلمّا سلّم و ثب الحرّ بن يزيد و سلّم على الحسين فقال له الحسين (عليه السّلام): من أنت؟

فقال: أنا الحرّ ابن يزيد، فقال: يا حرّ علينا أم لنا؟

فقال: يابن رسول اللّه لقد بعثت لقتالك و أعوذ باللّه أن أحشر من قبري و ناصيتي مشدودة إلى رجلي، يابن رسول اللّه أين تذهب ارجع إلى حرم جدّك فإنّك مقتول، فقال الحسين (عليه السّلام) شعر:

سأمضي فما بالموت عار على الفتى‏                إذا ما نوى حقّا و جاهد مسلما

ثمّ سار حتّى نزل القطقطانية، فنظر إلى فسطاط مضروب لعبد اللّه بن الحرّ فأرسل إليه الحسين (عليه السّلام) فقال له: إنّك مذنب خاطئ و إنّ اللّه عزّ و جلّ آخذك بما أنت صانع إن لم تتب إلى اللّه فتنصرني، فقال: يابن رسول اللّه لو نصرتك لكنت أوّل مقتول بين يديك ولكن هذا فرسي خذه إليك فأعرض عنه الحسين (عليه السّلام) بوجهه و قال: لا حاجة لنا فيك و لا في فرسك و ما كنت متّخذ المضلّين عضدا، ولكن فرّ فلا لنا و لا علينا، فإنّه من سمع واعيتنا أهل البيت ثمّ لم يجبنا كبّه اللّه على وجهه في نار جهنّم. ثمّ سار حتّى نزل كربلاء فقال: أيّ موضع هذا؟ فقيل: هذا كربلاء يابن رسول اللّه فقال: هذا و اللّه يوم كرب و بلاء و هذا الموضع الذي يهراق فيه دماؤنا و يباح فيه حريمنا، فأقبل عبيد اللّه بن زياد بعسكره حتّى نزل النخيلة و بعث إلى الحسين عمر بن سعد في أربعة آلاف فارس و عبد اللّه بن الحصين و شبث بن ربعي و محمّد بن الأشعث كلّ واحد في ألف فارس و كتب إلى عمر بن سعد: إذا أتاك كتابي هذا فلا تمهلن الحسين بن علي و حل بينه و بين الماء كما حيل بين عثمان و بين الماء يوم الدار، فلمّا وصله الكتاب نادى: إنّا قد أجّلنا حسينا و أصحابه يومهم و ليلتهم فشقّ ذلك على الحسين و أصحابه، فقام الحسين في أصحابه خطيبا فقال: اللّهم إنّي لا أعرف أهل بيت أبرّ و لا أزكى من أهل بيتي، و لا أصحاباهم‏ خير من أصحابي و قد نزل بي ما ترون و أنتم في حلّ من بيعتي و هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملا و تفرّقوا في سواده، فإنّ القوم إنّما يطلبوني و لو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري فقام إليه عبد اللّه بن مسلم بن عقيل فقال: يابن رسول اللّه ماذا يقول لنا الناس إن نحن خذلنا سيّدنا و ابن سيّد الأعمام و ابن نبيّنا لم نضرب معه بسيف و لم نقاتل معه برمح لا و اللّه أو نرد موردك و نجعل دماءنا دون دمك، فإذا فعلنا ذلك قضينا ما علينا، و قام إليه زهير بن القين فقال: وددت أنّي قتلت ثمّ نشرت ثمّ قتلت ثمّ نشرت ثمّ قتلت ثمّ نشرت فيك و في الذين معك مائة قتلة و أنّ اللّه دفع بي عنكم أهل البيت، فقال له و لأصحابه: جزيتم خيرا.

ثمّ إنّ الحسين (عليه السّلام) أمر بحفيرة حول عسكره شبه الخندق فحشيت حطبا و أرسل عليّا ابنه في ثلاثين فارسا و عشرين راجلا ليستقوا الماء و هم على و جل شديد و أتشأ الحسين (عليه السّلام) يقول شعر:

يا دهر اف لك من خليل‏           كم لك في الإشراق و الأصيل‏

من طالب و صاحب قتيل‏                   و الدهر لا يقنع بالبديل‏

و إنّما الأمر إلى الجليل‏            و كلّ حيّ سالك سبيلي‏

ثمّ قال لأصحابه: قوموا فاشربوا من الماء يكن آخر زادكم و توضّئوا و اغتسلوا و اغسلوا ثيابم لتكون أكفانكم، ثمّ صلّى بهم الفجر و عبأهم تعبئة الحرب و أمر بالحفيرة فأضرمت بالنار ليقاتل القوم من وجه واحد و أقبل رجل من عسكر ابن سعد يقال له ابن أبي جويرية فقال: يا حسين ابشروا بالنار التي تعجلتموها في الدّنيا، فقال الحسين (عليه السّلام): اللّهم أذقه عذاب النار في الدّنيا، فنفر به فرسه و ألقاه في تلك النار فاحترق.

ثمّ برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر يقال له تميم بن حصين، فنادى: يا حسين و يا أصحاب حسين ألا ترون إلى ماء الفرات يموج كأنّه بطون الحيّات و اللّه لا ذقتم منه قطرة حتّى تذوقوا الموت جرعا. فقال الحسين (عليه السّلام): اللّهم اقتل هذا عطشا في هذا اليوم، فخنقه العطش حتّى سقط عن فرسه فوطأته الخيل بسنابكها فمات.

ثمّ أقبل محمّد بن أشعث بن قيس الكندي [فقال: يا حسين بن فاطمة]  أيّة حرمة لك‏ من رسول اللّه ليست لغيرك؟

فقال: إنّ اللّه اصطفى آدم و نوحا و آل إبراهيم و آل عمران على العالمين، و اللّه إنّ محمّدا لمن آل إبراهيم، و إنّ العترة الهادية لمن آل محمّد فقال: اللّهم أر محمّد بن الأشعث ذلّا في هذا اليوم فخرج من العسكر يتبرز، فسلّط اللّه عليه عقربا فلدغه فمات بادي العورة.

فبلغ العطش من الحسين و أصحابه فدخل عليه رجل من أصحابه يقال له يزيد الهمداني فقال: ائذن لي فأخرج إليهم فأكلّمهم، فأذن له فخرج إليهم و قال: يا معشر الناس إنّ اللّه بعث محمّدا بالحقّ بشيرا و نذيرا و هذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد و كلابها و قد حيل بينه و بين ابنه فقالوا: يا يزيد قد أكثرت الكلام فاكفف فو اللّه ليعطشنّ الحسين كما عطش من كان قبله، فقال الحسين (عليه السّلام): اقعد يا يزيد ثمّ و ثب الحسين (عليه السّلام) متوكيا على سيفه فنادى بأعلى صوته: أنشدكم اللّه هل تعرفوني؟

قالوا: نعم أنت ابن رسول اللّه و سبطه، فقال: أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ جدّي رسول اللّه؟

قالوا: اللّهم نعم.

قال: هل تعلمون إنّ امّي فاطمة بنت محمّد؟

قالوا: اللّهم نعم.

قال: أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ أبي عليّ بن أبي طالب؟

قالوا: اللّهم نعم.

قال: أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ جدّتي خديجة أوّل نساء هذه الامّة إسلاما؟

قالوا: اللّهم نعم.

قال: أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ سيّد الشهداء حمزة عمّ أبي؟

قالوا: اللّهم نعم.

قال: فأنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ جعفر الطيّار في الجنّة عمّي؟

قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: فأنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ هذا سيف رسول اللّه و أنا متقلّده؟

قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: فأنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ هذه عمامة رسول اللّه أنا لابسها؟

قالوا: اللّهم نعم.

قال: فأنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ عليّا كان أوّلهم إسلاما و أعلمهم علما و أعظمهم حلما و أنّه أوّل كلّ مؤمن و مؤمنة؟

قالوا: اللّهم نعم.

قال: فبم تستحلّون دمي و أبي الذائد عن الحوض غدا يذود عنه رجالا كما يذاد البعير الصادر عن الماء و لواء الحمد في يد جدّي يوم القيامة؟

قالوا: قد علمنا ذلك كلّه و نحن غير تاركيك حتّى تذوق الموت عطشا، فأخذ الحسين (عليه السّلام) بطرف لحيته و هو يومئذ ابن سبع و خمسين سنة، ثمّ قال: اشتدّ غضب اللّه على اليهود حين قالوا: عزير ابن اللّه و اشتدّ غضب اللّه على النصارى حين قالوا: المسيح ابن اللّه و اشتدّ غضب اللّه على المجوس حين عبدوا النار من دون اللّه و اشتدّ غضب اللّه على قوم قتلوا نبيّهم و اشتدّ غضب اللّه على هذه العصابة الذين يريدون قتل ابن نبيّهم.

قال: فضرب الحرّ بن يزيد فرسه إلى عسكر الحسين (عليه السّلام) واضعا يده على رأسه و هو يقول: اللّهم إليك أنيب فتب عليّ فقد أرعبت قلوب أوليائك و أولاد نبيّك، يابن رسول اللّه هل من توبة؟

قال: نعم تاب اللّه عليك.

قال: يابن رسول اللّه ائذن لي فأقاتل عنك، فأذن له فبرز و هو يقول شعر:

أضرب في أعناقكم بالسيف‏                عن خير من حلّ بلاد الخيف‏

فقتل منهم ثمانية عشر رجلا ثمّ قتل فأتاه الحسين (عليه السّلام) و دمه يشخب فقال: بخ بخ يا حرّ أنت حرّ كما سمّيت في الدّنيا و الآخرة ثمّ أنشأ الحسين (عليه السّلام) يقول شعر:

لنعم الحرّ حرّ بني رياح‏           صبور عند مختلف الرّماح‏

و نعم الحرّ إذا ساوى حسينا                فجاد بنفسه عند الصياح‏

ثمّ برز من بعده زهير بن القين و هو يقول مخاطبا للحسين (عليه السّلام) شعر:

اليوم نلقى جدّك النبيّا              و حسنا و المرتضى عليا

فقتل منهم تسعة عشر رجلا ثمّ صرع، و خرج من بعده حبيب بن مظاهر و هو يقول شعر:

أنا حبيب و أبي مظاهر           لنحن أزكى منكم و أطهر

فقتل منهم أحد و ثلاثين رجلا ثمّ قتل، و برز وهب بن وهب و كان نصرانيا أسلم على يدي الحسين (عليه السّلام) هو و امّه و ركب فرسا و تناول عمود الفسطاط فقاتل و قتل من القوم سبعة أو ثمانية ثمّ استؤسر، فأمر ابن سعد بقتله فقتل و رمي برأسه إلى عسكر الحسين (عليه السّلام) فأخذت امّه سيفه و برزت فقال لها الحسين (عليه السّلام): يا امّ وهب اجلسي فقد وضع اللّه الجهاد عن النساء إنّك و ابنك مع جدّي محمّد (صلّى اللّه عليه و اله) في الجنّة، و برز إليهم عبد اللّه بن مسلم بن عقيل و أنشد شعر:

أقسمت لا أقتل إلّا حرّا            و إن وجدت الموت شيئا مرّا

أكره أن ادّعى جبانا فرّا           إنّ الجبان من عصى و فرّا

فقتل ثلاثة و قتل، و برز من بعده عليّ بن الحسين (عليهما السّلام)، فلمّا برز إليهم دمعت عيني الحسين (عليه السّلام) فقال: اللّهم كن أنت الشهيد عليهم، فقد برز إليهم ابن رسولك و أشبه الناس وجها و سمتا به فجعل يقول شعر:

أنا عليّ بن الحسين بن عليّ‏                نحن و بيت اللّه أولى بالنبيّ‏

فقتل عشرة ثمّ رجع إلى أبيه فقال؛ يا أبه العطش، فقال له الحسين (عليه السّلام): صبرا يا بني يسقيك جدّك بالكأس الأوفى، فرجع و قتل منهم أربعة و أربعين ثمّ قتل (عليه السّلام)، ثمّ برز من بعده القاسم بن الحسن و هو يقول شعر:

لا تجزعي نفسي فكلّ فاني‏                 اليوم تلقين ذرى الجنان‏

فقتل منهم ثلاثة ثمّ رمى عن فرسه فنظر الحسين (عليه السّلام) يمينا و شمالا، فلم ير أحد فقال:

اللّهم إنّك ترى ما يصنع بولد نبيّك و حالوا بينه و بين الماء و رمى بسهم فوقع في نحره و خرّ عن فرسه فأخذ السهم فرمى به و جعل يتلقّى الدم بكفّه، فلمّا امتلأت لطخ بها رأسه و لحيته و هو يقول: ألقى اللّه عزّ و جلّ و أنا مظلوم متلطّخ بدمي، ثمّ خرّ على خدّه الأيسر صريعا و أقبل عدوّ اللّه سنان و شمر بن ذي الجوشن لعنهما اللّه تعالى في رجال من أهل الشام حتّى وقفوا على‏

رأسه، فقال بعضهم لبعض: ما تنتظرون أريحوا الرجل فنزل سنان و أخذ بلحية الحسين (عليه السّلام) و جعل يضرب بالسيف في حلقه و هو يقول: و اللّه إنّي لأحتزّ رأسك و أنا أعلم أنّك ابن رسول اللّه و خير الناس أمّا و أبا، و أقبل فرس الحسين حتّى لطخ عرفه و ناصيته بدمه و جعل يركض و يصهل و سمعت بنات النبيّ صهيله فخرجن، فإذا الفرس بلا راكب فعرفن أنّ حسينا قد قتل و خرجت امّ كلثوم بنت الحسين واضعة يدها على رأسها تندب: وا محمّداه هذا الحسين بالعرا قد سلب العمامة و الرّداء، و أقبل سنان لعنه اللّه حتّى أدخل رأس الحسين (عليه السّلام) على ابن زياد و هو يقول شعر:

املأ ركابي فضّة و ذهبا           إنّي قتلت الملك المحجّبا

قتلت خير الناس امّا و أبا                   و خيرهم إذ ينسبون نسبا

فقال له ابن زياد: ويحك إذا علمت إنّه خير الناس أبا و امّا لم قتلته؟ فأمر به فضربت عنقه و عجّل اللّه بروحه إلى النار، و أرسل ابن زياد قاصدا إلى امّ كلثوم بنت الحسين يقول لها:

الحمد للّه الذي قتل رجالكم فكيف ترون ما فعل بكم؟

فقالت: يابن زياد لئن قرّت عينك بقتل الحسين فطالما قرّت عين جدّه به و كان يقبّله و يلثم شفتيه يابن زياد أعد لجدّه جوابا فإنّه خصمك غدا .

و قال السيّد علي بن طاووس: إنّ مروان بن الحكم قال للحسين (عليه السّلام): بايع ليزيد يكن خيرا لك في دينك و دنياك، فقال الحسين (عليه السّلام): إنّا للّه و إنّا إليه راجعون و على الإسلام السلام إذ قد بليت الامّة براع مثل يزيد .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.