أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-3-2021
6686
التاريخ: 7-3-2021
5450
التاريخ: 16-3-2021
5863
التاريخ: 7-3-2021
3761
|
قال تعالى : {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران : 122] .
{إِذْ هَمَّتْ} أي : قصدت وعزمت {طَائِفَتَانِ} أي : فرقتان {مِنْكُمْ} أي : من المسلمين {أَنْ تَفْشَلَا} أي : تجبنا . الطائفتان هما بنو سلمة ، وبنو حارثة ، حيان من الأنصار ، عن ابن عباس ، وجابر بن عبد الله ، والحسن وقتادة ومجاهد والربيع ، وأبي جعفر (عليه السلام) ، وأبي عبد الله (عليه السلام) . وقال الجبائي : نزلت في طائفة من المهاجرين ، وطائفة من الأنصار ، وكان سبب همهم بالفشل أن عبد الله بن أبي سلول ، دعاهما إلى الرجوع إلى المدينة ، عن لقاء المشركين يوم أحد ، فهما به ، ولم يفعلاه .
{وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} أي : ناصرهما . روي عن جابر بن عبد الله أنه قال : فينا نزلت ، وما أحب انها لم تكن ، لقوله {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} . وقال بعض المحققين : هذا هم خطرة ، لا هم عزيمة ، لان الله تعالى مدحهما ، وأخبر أنه وليهما ، ولو كان هم عزيمة وقصد ، لكان ذمهم أولى من مدحهم .{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} في جميع أحوالهم وأمورهم .
ذكر غزوة أحد : عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال : كان سبب غزوة أحد أن قريشا لما رجعت من بدر إلى مكة ، وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والأسر ، لأنه قتل منهم سبعون ، وأسر سبعون ، قال أبو سفيان : يا معشر قريش ! لا تدعوا نساءكم يبكين على قتلاكم ، فان الدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن والعداوة لمحمد . فلما غزوا رسول الله (صلَّ الله عليه وآله) وسلم يوم أحد ، أذنوا لنسائهم في البكاء والنوح ، وخرجوا من مكة في ثلاثة آلاف فارس ، وألفي راجل ، وأخرجوا معهم النساء .
فلما بلغ رسول الله (صلَّ الله عليه وآله) وسلم ذلك ، جمع أصحابه ، وحثهم على الجهاد ، فقال عبد الله بن أبي سلول : يا رسول الله ! لا نخرج من المدينة حتى نقاتل في أزقتها ، فيقاتل الرجل الضعيف والمرأة والعبد والأمة ، على أفواه السكك ، وعلى السطوح .
فما أرادها قوم قط فظفروا بنا ، ونحن في حصوننا ، ودروبنا ، وما خرجنا إلى عدو لنا قط ، الا كان الظفر لهم علينا .
فقام سعد بن معاذ وغيره من الأوس فقالوا : يا رسول الله ! ما طمع فينا أحد من العرب ، ونحن مشركون نعبد الأصنام ، فكيف يطمعون فينا وأنت فينا ، لا حتى نخرج إليهم فنقاتلهم ، فمن قتل منا كان شهيدا ، ومن نجا منا كان قد جاهد في سبيل الله .
فقبل رسول الله رأيه ، وخرج مع نفر من أصحابه يتبوؤون موضع القتال ، كما قال تعالى : {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} الآية . وقعد عنه عبد الله بن أبي سلول ، وجماعة من الخزرج اتبعوا رأيه ، ووافت قريش إلى أحد ، وكان رسول الله عبأ أصحابه ، وكانوا سبع مائة رجل ، ووضع عبد الله بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب ، وأشفق أن يأتي كمينهم من ذلك المكان ، فقال لعبد الله بن جبير وأصحابه : ان رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة ، فلا تبرحوا من هذا المكان .
وان رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا والزموا مراكزكم .
ووضع أبو سفيان خالد بن الوليد في مائتي فارس كمينا وقال : إذا رأيتمونا قد اختلطنا ، فأخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا وراءهم . وعبأ رسول الله أصحابه ، ودفع الراية إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وحمل الأنصار على مشركي قريش ، فانهزموا هزيمة قبيحة ، ووقع أصحاب رسول الله (صلَّ الله عليه وآله وسلم) في سوادهم ، وانحط خالد بن الوليد في مائتي فارس ، على عبد الله بن جبير ، فاستقبلوهم بالسهام ، فرجع .
ونظر أصحاب عبد الله بن جبير إلى أصحاب رسول الله (صلَّ الله عليه وآله وسلم) ينتهبون سواد القوم ، فقالوا لعبد الله بن جبير : قد غنم أصحابنا ونبقى نحن بلا غنيمة ؟ فقال لهم عبد الله : اتقوا الله فان رسول الله (صلَّ الله عليه وآله وسلم) قد تقدم الينا أن لا نبرح . فلم يقبلوا منه ، وأقبلوا ينسل رجل فرجل حتى أخلوا مراكزهم ، وبقي عبد الله بن جبير في اثني عشر رجلا .
وكانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العبدي ، من بني عبد الدار ، فقتله علي (عليه السلام) ، وأخذ الراية أبو سعد بن أبي طلحة ، فقتله علي . وسقطت الراية فأخذها مسافع بن أبي طلحة فقتله علي ، حتى قتل تسعة نفر من بني عبد الدار . حتى صار لواؤهم إلى عبد لهم أسود يقال له ثواب ، فانتهى إليه علي (عليه السلام) فقطع يده اليمنى ، فأخذ اللواء اليسرى ، فضرب يسراه فقطعها ، فاعتنقها بالجذماوين (2) إلى صدره . ثم التفت إلى أبي سفيان فقال : هل أعذرت في بني عبد الدار ؟ فضربه علي على رأسه فقتله ، وسقط اللواء فأخذتها عمرة بنت علقمة الكنانية فرفعتها ، وانحط خالد بن الوليد على عبد الله بن جبير ، وقد فر أصحابه ، وبقي في نفر قليل ، فقتلهم على باب الشعب ، ثم أتى المسلمين من أدبارهم .
ونظرت قريش في هزيمتها إلى الراية قد رفعت ، فلاذوا بها ، وانهزم أصحاب رسول الله هزيمة عظيمة ، وأقبلوا يصعدون في الجبال ، وفي كل وجه . فلما رأى رسول الله الهزيمة كشف البيضة عن رأسه وقال : إلي أنا رسول الله ، إلي أين تفرون عن الله تعالى ، وعن رسوله ! وكانت هند بنت عتبة في وسط العسكر ، فكلما انهزم رجل من قريش ، دفعت إليه ميلا ومكحلة ، وقالت : إنما أنت امرأة فاكتحل بهذا .
وكان حمزة بن عبد المطلب يحمل على القوم فإذا رأوه انهزموا ، ولم يثبت له أحد .
وكانت هند قد أعطت وحشيا عهدا لئن قتلت محمدا ، أو عليا ، أو حمزة ، لأعطينك كذا وكذا . وكان وحشي عبدا لجبير بن مطعم حبشيا ، فقال وحشي : أما محمد فلم أقدر عليه وأما علي فرأيته حذرا كثير الالتفات ، فلا مطمع فيه . فكمنت لحمزة فرأيته يهد الناس هدا ، فمر بي فوطئ على جرف نهر ، فسقط . وأخذت حربتي فهززتها ورميته بها ، فوقعت في خاصرته ، وخرجت من ثنته (3) فسقط . فأتيته فشققت بطنه ، وأخذت كبده ، وجئت به إلى هند ، فقلت : هذه كبد حمزة . فأخذتها في فمها ، فلاكتها ، فجعله الله في فمها مثل الداعضة : وهي عظم رأى الركبة . فلفظتها ورمت بها . فقال رسول الله (صلَّ الله عليه وآله وسلم) : فبعث الله ملكا فحمله ، ورده إلى موضعه .
قال : فجاءت إليه فقطعت مذاكيره ، وقطعت أذنيه ، وقطعت يده ورجله ، ولم يبق مع رسول الله الا أبو دجانة سماك بن خرشة ، وعلي . فكلما حملت طائفة على رسول الله (صلَّ الله عليه وآله وسلم) استقبلهم علي ، فدفعهم عنه ، حتى تقطع سيفه . فدفع إليه رسول الله (صلَّ الله عليه وآله وسلم) سيفه ذا الفقار ، وانحاز رسول الله (صلَّ الله عليه وآله وسلم) إلى ناحية أحد ، فوقف . وكان القتال من وجد واحد .
فلم يزل علي (عليه السلام) يقاتلهم حتى أصابه في رأسه ووجهه ويديه وبطنه ورجليه ، سبعون جراحة . كذا أورده علي بن إبراهيم في تفسيره ، فقال جبرائيل : ان هذه لهي المواساة يا محمد ، فقال محمد : انه مني وأنا منه . فقال جبرائيل : وأنا منكما .
قال أبو عبد الله : نظر رسول الله (صلَّ الله عليه وآله وسلم) إلى جبرائيل بين السماء والأرض ، على كرسي من ذهب ، وهو يقول : لا سيف الا ذو الفقار ، ولا فتى الا علي .
وروى ابن أبي إسحاق والسدي والواقدي وابن جرير وغيرهم قالوا : كان المشركون نزلوا بأحد يوم الأربعاء ، في شوال ، سنة ثلاث من الهجرة . وخرج رسول الله إليهم يوم الجمعة . وكان القتال يوم السبت ، للنصف من الشهر . وكسرت رباعية رسول الله (صلَّ الله عليه وآله وسلم) ، وشج في وجهه . ثم رجع المهاجرون والأنصار بعد الهزيمة ، وقد قتل من المسلمين سبعون ، وشد رسول الله بمن معه حتى كشفهم ، وكان الكفار مثلوا بجماعة . وكان حمزة أعظم مثلة ، وضربت يد طلحة فشلت ، وسعد بن أبي وقاص كان يرمي بين يديه ، وهو (عليه السلام) يقول : ارم فداك أبي وأمي .
__________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج2 ، ص375 .
2- تثنية جذماء : أي باليدين المقطوعتين .
3- الثنة بالضم : العانة .
إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ :
الطائفتان هما بنو سلمة من الخزرج ، وبنو حارثة من الأوس . كادت تؤثر فيهما حركة المنافق عبد اللَّه بن أبيّ ، لولا ان أدركتهما ولاية اللَّه وتثبيته . وقوله تعالى : {واللَّهُ وَلِيُّهُما} دليل قاطع على انه سبحانه يمنح التوفيق والعناية لناس من عباده ، دون ناس ، لأن معناه انه لا يدع الطائفتين تفران وتفشلان . واللَّه سبحانه أعلم ، حيث يجعل عطاءه وعنايته ، كما انه أعلم ، حيث يجعل رسالته .
___________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج2 ، ص149-150 .
قوله تعالى : {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} الهم ما هممت به في نفسك وهو القصد ، والفشل ضعف مع الجبن .
وقوله{وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} ، حال والعامل فيه قوله : {هَمَّتْ} ، والكلام مسوق للعتاب واللوم ، وكذا قوله : {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} ، والمعنى : أنهما همتا بالفشل مع أن الله وليهما ولا ينبغي لمؤمن أن يفشل وهو يرى أن الله وليه ، ومع أن المؤمنين ينبغي أن يكلوا أمرهم إلى الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه .
ومن ذلك يظهر ضعف ما قيل : إن هذا الهم هم خطرة لا هم عزيمة لأن الله تعالى مدحهما ، وأخبر أنه وليهما ، ولو كان هم عزيمة وقصد لكان ذمهم أولى إلى مدحهم .
وما أدري ما ذا يريد بقوله : إنه هم خطرة ، أ مجرد الخطور بالبال وتصور مفهوم الفشل ؟ فجميع من هناك كان يخطر ببالهم ذلك ، ولا معنى لذكر مثل ذلك في القصة قطعا ، ولا يسمى ذلك هما في اللغة ، أم تصورا معه شيء من التصديق ، وخطورا فيه شوب قصد ؟ كما يدل عليه ظهور حالهما عند غيرهما ، ولو كان مجرد خطور من غير أي أثر لم يظهر أنهما همتا بالفشل ، على أن ذكر ولاية الله لهم ووجوب التوكل على المؤمن إنما يلائم هذا الهم دون مجرد الخطور ، على أن قوله : {والله وليهما} ، ليس مدحا بل لوم وعظة على ما يعطيه السياق كما مر .
و لعل منشأ هذا الكلام ما روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال : فينا نزلت ، وما أحب أنها لم تكن ، لقوله : {والله وليهما} ففهم من الرواية أن جابرا فهم من الآية المدح .
و لو صحت الرواية فإنما يريد جابر أن الله تعالى قبل إيمانهم وصدق كونهم مؤمنين حيث عد نفسه وليا لهم ، والله ولي الذين آمنوا والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت ، لا أن الجملة واقعة موقع المدح في هذا السياق الظاهر في العتاب .
____________________
1 . تفسير الميزان ، ج4 ، ص 7 .
الطائفتان كما يذكر المؤرخون هما «بنو سلمة» من الأوس و «بنو حارثة» من الخزرج .
فقد صممت هاتان الطائفتان على التساهل في أمر هذه المعركة والرجوع إلى المدينة ، وهمتا بذلك .
وقد كان سبب هذا الموقف المتخاذل هو أنهما كانتا ممّن يؤيد فكرة البقاء في المدينة ومقاتلة الأعداء داخلها بدل الخروج منها والقتال خارجها ، وقد خالف النبي هذا الرأي ، مضافاً إلى أن «عبدالله بن أبي سلول» الذي التحق بالمسلمين على رأس ثلاثمائة من اليهود عاد هو وجماعته إلى المدينة ، لأن النبي عارض بقاءهم في عسكر المسلمين ، وقد تسبب هذا في أن تتراجع الطائفتان المذكورتان عن الخروج مع النبي وتعزما على العودة إلى المدينة من منتصف الطريق .
ولكن يستفاد من ذيل الآية أن هاتين الطائفتين عدلتا عن هذا القرار ، واستمرتا في التعاون مع بقية المسلمين ، ولهذا قال سبحانه {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} يعني أن الله ناصرهما فليس لهما أن تفشلا إذا كانتا تتوكلان على الله بالإضافة إلى تأييده سبحانه للمؤمنين .
ثمّ لابدّ من التنبيه إلى نقطة هامة وهي أن ذكر هذه المقاطع من غزوة «أحد» بعد الآيات السابقة التي تحدثت عن لزوم عدم الوثوق بالكفّار ، إشارة إلى نموذج واحد من هذه الحقيقة ، لأن النبي ـ كما أسلفنا وكما سيأتي تفصيله ـ لم يسمح ببقاء اليهود ـ الذين تظاهروا بمساعدة المسلمين ـ في المعسكر الإسلامي ، لأنهم كانوا أجانب على كلّ حال ، ولا يمكن السماح لهم بأن يبقوا بين صفوف المسلمين فيطلعوا على أسرارهم في تلك اللحظات الخطيرة ، وأن يكونوا موضع إعتماد المسلمين في تلك المرحلة الحساسة .
____________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج2 ، ص 415 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|