أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-4-2021
2692
التاريخ: 25-2-2019
2490
التاريخ: 23-9-2019
2367
التاريخ: 13-5-2021
2334
|
النية روح الاعمال و حقيقتها ، و الجزاء يكون حقيقة عليها ، فان كانت خالصة لوجه اللّه تعالى كانت ممدوحة ، و كان جزاؤها خيرا و ثوابا ، و ان كانت مشوبة بالاغراض الدنيوية كانت مذمومة ، و كان جزاؤها شرا و عقابا ، قال اللّه سبحانه : {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } [الأنعام : 52] .
والمراد بالارادة : النية ، لترادفهما - كما تقدم- و أوحى اللّه إلى داود : «يا داود : لا تطاول على المريدين ، و لو علم أهل محبتي منزلة المريدين عندي لكانوا لهم ارضا يمشون عليها ، يا داود! لئن تخرج مريدا من كربة هو فيها تستعده ، كتبتك عندي حميدا ، و من كتبته حميدا لا يكون عليه وحشة و لا فاقة إلى المخلوقين».
وقال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): «انما الاعمال بالنيات ، و لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى اللّه و رسوله فهجرته إلى اللّه و رسوله ، و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها او امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه» ، و انما قال ذلك حين قيل له : ان بعض المهاجرين إلى الجهاد ليست نيته من تلك الهجرة الا أخذ الغنائم من الأموال و السبايا او نيل الصيت عند الاستيلاء ، فبين (صلى الله عليه واله): أن كل أحد ينال في عمله ما يبغيه ، و يصل إلى ما ينويه ، كائنا ما كان.
دنيويا كان أو أخرويا , و هذا الخبر مما يعده المحدثون من المتواترات و هو اول ما يعلمونه أولادهم ، و كانوا يقولون : انه نصف العلم , و قال (صلّى اللّه عليه و آله) : «ان اللّه لا ينظر إلى صوركم و اموالكم ، و انما ينظر الى قلوبكم و أعمالكم ، و انما ينظر إلى القلوب لأنها مظنة النية».
و قال (صلى الله عليه واله): «ان العبد ليعمل اعمالا حسنة فتصعد بها الملائكة في صحف مختتمة ، فتلقى بين يدي اللّه - تعالى-، فيقول : القوا هذه الصحيفة ، فانه لم يرد بما فيها وجهي ثم ينادي الملائكة : اكتبوا له كذا و كذا ، فيقولون : يا ربنا! انه لم يعمل شيئا من ذلك ، فيقول اللّه- تعالى- انه نواه».
وقال (صلى الله عليه واله) : «الناس أربعة : رجل آتاه اللّه - عز و جل- علما و مالا فهو يعمل بعلمه في ماله ، فيقول رجل : لو آتاني اللّه - تعالى- مثل ما آتاه لعملت كما يعمل ، فهما في الأجر سواء ، و رجل آتاه اللّه مالا و لم يؤته علما ، فهو يتخبط بجهله في ماله ، فيقول رجل : لو آتاني اللّه مثل ما آتاه لعملت كما يعمل ، فهما في الوزر سواء ، ألا ترى كيف شاركه بالنية في محاسن عمله و مساويه؟!».
ولما خرج (صلى الله عليه واله) الى غزوة تبوك ، قال : «ان بالمدينة اقواما ، ما قطعنا واديا ولا وطأنا موطئا يغيظ الكفار، و لا انفقنا نفقة ، و لا أصابتنا مخمصة ، إلا شاركونا في ذلك و هم في المدينة» ، قالوا : و كيف ذلك يا رسول اللّه ، و ليسوا معنا؟! فقال : «حسبهم العذر فشاركونا بحسن النية».
وفي الخبر: ان رجلا من المسلمين قتل في سبيل اللّه بأيدي بعض الكفار، و كان يدعى بين المسلمين قتيل الحمار، لأنه قاتل رجلا من الكافرين نية أن يأخذ حماره و سلبه ، فقتل على ذلك فاضيف إلى نيته.
وهاجر رجل إلى الجهاد مع أصحاب النبي (صلى الله عليه واله)، كانت نيته من المهاجرة ان يأخذ امرأة كانت في عساكر الكفار و يتزوجها - و تسمى أم قيس - فاشتهر هذا الرجل عند أصحاب النبي بمهاجر أم قيس».
وفي اخبار كثيرة : «من هم بحسنة و لم يعملها كتبت له حسنة» كما تقدم ، و قد ورد : أنه إذا التقى المسلمان بسيفهما , فالقاتل في النار، و كذا المقتول ، لأنه أراد قتل صاحبه , وقال (صلى الله عليه واله): «اذا التقى الصفان نزلت الملائكة تكتب الخلق على مراتبهم : فلان يقاتل للدنيا فلان يقاتل حمية ، فلان يقاتل عصبية ، ألا فلا تقولوا قتل فلان في سبيل اللّه إلا لمن قاتل لتكون كلمة اللّه هي العليا».
وقال (صلى الله عليه واله): «من تزوج امرأة على صداق هو لا ينوى أداءه فهو زان ، و من استدان دنيا و هو لا ينوي قضاءه فهو سارق ، و من تطيب للّه - تعالى- جاء يوم القيامة و ريحه أطيب من المسك ، و من تطيب لغير اللّه جاء يوم القيامة و ريحه انتن من الجيفة» ، و كل ذلك مجازاة على حسب النية.
وقال الصادق (عليه السلام): «ان العبد المؤمن الفقير ليقول : يا رب! ارزقني حتى أفعل كذا و كذا من البر و وجوه الخير، فإذا علم اللّه - عز و جل- ذلك منه بصدق النية كتب له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله ، إن اللّه واسع كريم».
و سئل (عليه السلام) عن حد العبادة التي إذا فعلها فاعلها كان مؤديا ، فقال: «حسن النية بالطاعة», و قال (عليه السلام): «و إنما خلد أهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا اللّه - تعالى- ابدا ، و إنما خلد أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا اللّه أبدا ، فبالنيات خلد هؤلاء و هؤلاء ، ثم تلا قوله تعالى : {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء : 84] , قال : على نيته», و أمثال هذه الأخبار أكثر من أن تحصى.
و أي شبهة في أن عماد الأعمال النيات ، و العمل مفتقر إلى النية ليصير خيرا ، و النية في نفسها خير و ان تعذر العمل ، و عون اللّه - تعالى- للعبد على قدر النية ، فمن تمت نيته تم عون اللّه له ، و إن نقصت نقص بقدره ، فرب عمل صغير تعظمه النية ، و رب عمل كبير تصغره النية ، و لذلك كان السلف يتعلمون النية للعمل كما يتعلمون العمل ، و نقل : «ان بعض المريدين كان يطوف على العلماء و يقول.
من يدلني على عمل لا ازال فيه عاملا للّه - تعالى-، فاني لا أحب أن تأتي علي ساعة من ليل او نهار الا و أنا عامل من عمال اللّه- تعالى-.
فقال له بعض العلماء : أنت قد وجدت حاجتك ، فاعمل الخير ما استطعت ، فإذا فترت أو تركته فهم بعمله ، اذ من هم بعمل الخير كمن يعمل به».
ثم السر في مجازاة الأعمال على حسب النية ، و كون النية حقيقة العمل و عمادا و روحا له : ان العمل من حيث هو عمل لا فائدة فيه ، و انما فائدته للأثر الذي يصل منه إلى النفس من النورانية و الصفاء ، و لا يزال يتكرر وصول هذا الأثر من الاعمال إليها حتى تحصل لها غاية الضياء و الصفاء ، فيحصل لها التجرد التام و ينخرط في سلك الملائكة ، و لا ريب في أن وصول هذا الأثر من الاعمال انما هو مع صحة النية و خلوصها ، و كونها للّه سبحانه من دون شوب الأغراض ، بل التأمل يعطي ان هذا الأثر انما هو حقيقة من محض النية ، و ان كانت حادثة لأجل العمل.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|