المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



التعلم في الصغر  
  
3471   03:47 مساءً   التاريخ: 14-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 180-184.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / الولادة والنشأة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2016 3002
التاريخ: 4-3-2019 2802
التاريخ: 22-11-2015 3232
التاريخ: 3336

سمعنا آنفاً قوله (عليه السلام) وهو يشير الى معلمه الاول رسول الله (صلى الله عليه واله): «... ولقد كنت اتبعه اتّباع الفصيل اثر امه، يرفع لي في كل يوم علماً من اخلاقه...». فماذا نستقرأ من ذلك؟

من الطبيعي ان ذهن الصبي صفحة بيضاء مستعدة لالتقاط العلم والمعرفة. والتعلم في الصغر يغير سلوك الانسان تغييراً نهائياً، لان العلم ذاته يؤدي الى ترجمة عملية للمعلومات المخزونة عند الفرد منذ الطفولة. فاذا كان العلم الذي يستلمه الانسان في الصغر علماً الهياً، فان ذلك سوف يرفعه الى مستويات من الكمال والجمال عندما يبلغ مبلغ الرجال. وكان في شخصية الصبي العظيم (عليه السلام) بذور الاستعداد الاستثنائي للاخذ من رسول الله (صلى الله عليه واله) معاني التوحيد وطبيعة الخلق والوجود وخصوصية العبودية لله سبحانه.

 1- الاستعداد الذاتي:

وكان ذلك الاستعداد الهائل عند علي (عليه السلام) لتقبل العلم الالهي واستيعابه نابعاً عن شخصيته الفريدة (عليه السلام) ولم يكن مستنداً على الاسلوب التعليمي التقليدي في مجازاة الطفل ثواباً أو عقاباً.

ولا شك ان انتقال علي (عليه السلام) الى بيت رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو في ربيع صباه، يعني انه (عليه السلام) سوف يكون قادراً _ عبر التعليم النبوي _ على صقل دوافعه الدينية نحو الخالق عزّ وجل، وعلى تنمية مواقفه الفكرية مع الشريعة القادمة، وعلى ترسيخ الجمالية الدينية والاخلاقية السماوية التي كان يتمتع بها نبي الرحمة (صلى الله عليه واله) في شخصيته (عليه السلام). وكان لتلك التربية النبوية أثرٌ واضحٌ في قدراته اللغوية في الفصاحة والبلاغة، وأثرٌ أوضح في مهاراته الذهنية والعقلية فيما يتعلق باستيعاب قضايا الخلق والايجاد والوجود والحياة استيعاباً لم يسبق له مثيل. فلا عجب ان نسمع رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول عنه (عليه السلام) يوماً: «انا مدينة العلم وعلي بابها».

 2- طرق التعلم الديني:

لو طالعنا وصايا رسول الله (صلى الله عليه واله) لعلي (عليه السلام) في كتاب «تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه واله)» لابن شعبة الحراني (من اعلام القرن الرابع الهجري) وهو من علماء الامامية الافذاذ ومن مشايخ الشيخ المفيد (ت 413 هـ)، لاكتشفنا بعضاً من اساليب التعليم النبوي لعلي (عليه السلام). فهو يقول (صلى الله عليه واله):

«يا علي: ان من اليقين ان لا تُرضي احداً بسخط الله...

يا علي: انه لا فقر اشد من الجهل...

يا علي: آفة الحديث الكذب...

يا علي: عليك بالصدق ولا تخرج من فيك كذبة ابداً...

يا علي: في التوراة اربع الى جنبهن اربع: من اصبح على الدنيا حريصاً اصبح وهو على الله ساخط...

يا علي: قلة طلب الحوائج من الناس هو الغنى...».

وهذا الاسلوب في التعليم النبوي لعلي (عليه السلام) يختلف عن التعليم التقليدي لعامة الافراد، بالامور التالية:

أ- ان التعلم النبوي لا يخضع لتعليمات الحوافز العادية التي يمارسها عامة الناس، ذلك ان شخصاً كعلي (عليه السلام) يستلهم العلم الضروري في حياته الرسالية من رسول الله (صلى الله عليه واله). وهو مقدار يزيد ولا ينقص. بينما يستند التعلم التقليدي على عملية الحافز- الاسجابة عند الصبي فمن خلال الخبرة المتمادية خلال مراحل الطفولة والصبا، يتعلم الانسان الكثير من المعارف والعادات الاجتماعية. وكلما يختبر الانسان حافزاً في عملية التعليم، يستجيب له عبر المحاكاة والتقليد. فاذا رأى الفرد مجتمعه مؤمناً بالوثنية، وهذا هو الحافز، فانه يستجيب له بالايمان بالوثنية عبر محاكاة القوم وتقليدهم وهذه هي الاستجابة. بينما يخضع العلم الالهي المكتسب من معصوم كرسول الله (صلى الله عليه واله) لعملية استيعاب استثنائية وقدرة عظيمة. وتلك القدرة توفّرت عند علي (عليه السلام) فكان العلم بالرسالة السماوية والايمان بها من هذا القبيل. فلم يؤمن علي (عليه السلام) بالاصنام ولا بالاوثان، لان علمه لم يكن مقتبساً من المجتمع. بل كان علمه (عليه السلام)مستلهَماً من سلوك رسول الله (صلى الله عليه واله) لفظاً وعملاً

ب- ان عملية التعلم التقليدي عملية تدريجية بطيئة. بينما تكون عملية التعلم السماوي عملية استيعاب سريعة بحيث يسقط الحساب الزمني فيها. فما يأخذه الانسان العادي خلال عمر طويل، قد يأخذه المعصوم (عليه السلام) خلال فترة زمنية قصيرة. وهذا يفسر لنا نطق عيسى (عليه السلام) وهو المهد، وإيتاء يحيى (عليه السلام) الحكم صبيّاً، وامامة الامامين الجواد والمهدي (عليهما السلام)، وهما في مرحلة الصبا.

وما أخذه علي (عليه السلام) خلال سبع سنوات قبل الاسلام، أي منذ كان عمره ست سنوات وحتى بلوغه الثالثة عشرة، كان كافياً لاستيعاب مفردات الرسالة الجديدة عندما اسلم. فكان اسلامه (عليه السلام) اسلام وعي وفهم لا اسلام تقليد ومحاكاة. والى ذلك أشار (عليه السلام) في مخاطبته معاوية:

سبقتكم الى الاسلام طراً                      غلاماً ما بلغتُ أوان حلمي

ج- ان عملية التعلم التقليدية عند الاطفال تخضع لعملية جزائية ثواباً أو عقاباً. أي انها تخضع اما الى الثناء على الطفل واطراءه من قبل أبويه عند تعلمه امراً ما، أو الى توبيخه وضربه عند اتضاح جهله وعدم نباهته. بينما تخضع عملية التعلم السماوي الى الاستعداد الخاص للمعصوم (عليه السلام) لاستيعاب كمّية واقعية هائلة من المعلومات عن الحياة والوجود والخلق والخالق والشريعة والقانون ؛ بل كل ما يتعلق بالحياة الدنيوية ومقدار عظيم من خفايا الحياة الأخروية.

وفي كل تلك الحالات تكون النتيجة ان المعصوم (عليه السلام) ينشأ مسلّحاً بفهم شامل وكامل للأحكام الواقعية والقضايا الحقيقية، بينما ينشأ الفرد الذي لم يوهب تلك النعمة ناقصاً في اداركه للواقع ومحدوداً في كمية المعلومات التي يتقبلها.

 

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.