أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2016
3002
التاريخ: 4-3-2019
2802
التاريخ: 22-11-2015
3232
التاريخ:
3336
|
سمعنا آنفاً قوله (عليه السلام) وهو يشير الى معلمه الاول رسول الله (صلى الله عليه واله): «... ولقد كنت اتبعه اتّباع الفصيل اثر امه، يرفع لي في كل يوم علماً من اخلاقه...». فماذا نستقرأ من ذلك؟
من الطبيعي ان ذهن الصبي صفحة بيضاء مستعدة لالتقاط العلم والمعرفة. والتعلم في الصغر يغير سلوك الانسان تغييراً نهائياً، لان العلم ذاته يؤدي الى ترجمة عملية للمعلومات المخزونة عند الفرد منذ الطفولة. فاذا كان العلم الذي يستلمه الانسان في الصغر علماً الهياً، فان ذلك سوف يرفعه الى مستويات من الكمال والجمال عندما يبلغ مبلغ الرجال. وكان في شخصية الصبي العظيم (عليه السلام) بذور الاستعداد الاستثنائي للاخذ من رسول الله (صلى الله عليه واله) معاني التوحيد وطبيعة الخلق والوجود وخصوصية العبودية لله سبحانه.
1- الاستعداد الذاتي:
وكان ذلك الاستعداد الهائل عند علي (عليه السلام) لتقبل العلم الالهي واستيعابه نابعاً عن شخصيته الفريدة (عليه السلام) ولم يكن مستنداً على الاسلوب التعليمي التقليدي في مجازاة الطفل ثواباً أو عقاباً.
ولا شك ان انتقال علي (عليه السلام) الى بيت رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو في ربيع صباه، يعني انه (عليه السلام) سوف يكون قادراً _ عبر التعليم النبوي _ على صقل دوافعه الدينية نحو الخالق عزّ وجل، وعلى تنمية مواقفه الفكرية مع الشريعة القادمة، وعلى ترسيخ الجمالية الدينية والاخلاقية السماوية التي كان يتمتع بها نبي الرحمة (صلى الله عليه واله) في شخصيته (عليه السلام). وكان لتلك التربية النبوية أثرٌ واضحٌ في قدراته اللغوية في الفصاحة والبلاغة، وأثرٌ أوضح في مهاراته الذهنية والعقلية فيما يتعلق باستيعاب قضايا الخلق والايجاد والوجود والحياة استيعاباً لم يسبق له مثيل. فلا عجب ان نسمع رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول عنه (عليه السلام) يوماً: «انا مدينة العلم وعلي بابها».
2- طرق التعلم الديني:
لو طالعنا وصايا رسول الله (صلى الله عليه واله) لعلي (عليه السلام) في كتاب «تحف العقول عن آل الرسول (صلى الله عليه واله)» لابن شعبة الحراني (من اعلام القرن الرابع الهجري) وهو من علماء الامامية الافذاذ ومن مشايخ الشيخ المفيد (ت 413 هـ)، لاكتشفنا بعضاً من اساليب التعليم النبوي لعلي (عليه السلام). فهو يقول (صلى الله عليه واله):
«يا علي: ان من اليقين ان لا تُرضي احداً بسخط الله...
يا علي: انه لا فقر اشد من الجهل...
يا علي: آفة الحديث الكذب...
يا علي: عليك بالصدق ولا تخرج من فيك كذبة ابداً...
يا علي: في التوراة اربع الى جنبهن اربع: من اصبح على الدنيا حريصاً اصبح وهو على الله ساخط...
يا علي: قلة طلب الحوائج من الناس هو الغنى...».
وهذا الاسلوب في التعليم النبوي لعلي (عليه السلام) يختلف عن التعليم التقليدي لعامة الافراد، بالامور التالية:
أ- ان التعلم النبوي لا يخضع لتعليمات الحوافز العادية التي يمارسها عامة الناس، ذلك ان شخصاً كعلي (عليه السلام) يستلهم العلم الضروري في حياته الرسالية من رسول الله (صلى الله عليه واله). وهو مقدار يزيد ولا ينقص. بينما يستند التعلم التقليدي على عملية الحافز- الاسجابة عند الصبي فمن خلال الخبرة المتمادية خلال مراحل الطفولة والصبا، يتعلم الانسان الكثير من المعارف والعادات الاجتماعية. وكلما يختبر الانسان حافزاً في عملية التعليم، يستجيب له عبر المحاكاة والتقليد. فاذا رأى الفرد مجتمعه مؤمناً بالوثنية، وهذا هو الحافز، فانه يستجيب له بالايمان بالوثنية عبر محاكاة القوم وتقليدهم وهذه هي الاستجابة. بينما يخضع العلم الالهي المكتسب من معصوم كرسول الله (صلى الله عليه واله) لعملية استيعاب استثنائية وقدرة عظيمة. وتلك القدرة توفّرت عند علي (عليه السلام) فكان العلم بالرسالة السماوية والايمان بها من هذا القبيل. فلم يؤمن علي (عليه السلام) بالاصنام ولا بالاوثان، لان علمه لم يكن مقتبساً من المجتمع. بل كان علمه (عليه السلام)مستلهَماً من سلوك رسول الله (صلى الله عليه واله) لفظاً وعملاً
ب- ان عملية التعلم التقليدي عملية تدريجية بطيئة. بينما تكون عملية التعلم السماوي عملية استيعاب سريعة بحيث يسقط الحساب الزمني فيها. فما يأخذه الانسان العادي خلال عمر طويل، قد يأخذه المعصوم (عليه السلام) خلال فترة زمنية قصيرة. وهذا يفسر لنا نطق عيسى (عليه السلام) وهو المهد، وإيتاء يحيى (عليه السلام) الحكم صبيّاً، وامامة الامامين الجواد والمهدي (عليهما السلام)، وهما في مرحلة الصبا.
وما أخذه علي (عليه السلام) خلال سبع سنوات قبل الاسلام، أي منذ كان عمره ست سنوات وحتى بلوغه الثالثة عشرة، كان كافياً لاستيعاب مفردات الرسالة الجديدة عندما اسلم. فكان اسلامه (عليه السلام) اسلام وعي وفهم لا اسلام تقليد ومحاكاة. والى ذلك أشار (عليه السلام) في مخاطبته معاوية:
سبقتكم الى الاسلام طراً غلاماً ما بلغتُ أوان حلمي
ج- ان عملية التعلم التقليدية عند الاطفال تخضع لعملية جزائية ثواباً أو عقاباً. أي انها تخضع اما الى الثناء على الطفل واطراءه من قبل أبويه عند تعلمه امراً ما، أو الى توبيخه وضربه عند اتضاح جهله وعدم نباهته. بينما تخضع عملية التعلم السماوي الى الاستعداد الخاص للمعصوم (عليه السلام) لاستيعاب كمّية واقعية هائلة من المعلومات عن الحياة والوجود والخلق والخالق والشريعة والقانون ؛ بل كل ما يتعلق بالحياة الدنيوية ومقدار عظيم من خفايا الحياة الأخروية.
وفي كل تلك الحالات تكون النتيجة ان المعصوم (عليه السلام) ينشأ مسلّحاً بفهم شامل وكامل للأحكام الواقعية والقضايا الحقيقية، بينما ينشأ الفرد الذي لم يوهب تلك النعمة ناقصاً في اداركه للواقع ومحدوداً في كمية المعلومات التي يتقبلها.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|