أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-03-2015
4857
التاريخ: 26-03-2015
9997
التاريخ: 2-2-2020
46977
التاريخ: 26-03-2015
7712
|
التشبيه أسلوب من الأساليب البيانية ، وهو ميدان واسع تتبارى فيه قرائح الشعراء و البلغاء .ولعله هو و أسلوب الاستعارة يدل فيما يدل على خصب الخيال وسموه وسعته وعمقه ، كما يُظهر مدى القدرة على تمثيل المعاني والتعبير عنها في صورة رائعة خلابة .
من أجل ذلك كله يفتنّ الشعراء و البلغاء في صور التشبيه و ألوانه ، وينافس ذوو المواهب في طرق تناوله والاتيان فيه بكل غريب و بديع طريف .
و لما كان التشبيه على هذا الوضع يعد مقياسايقاس به بلاغة البليغ و أصالته ، فإننا نرى من البلغاء من لا يقف في الدلالة على براعته في التشبيه عند حد إجادته ، و إنما يتجاوز ذلك إلى الإتيان بأكثر من تشبيه في بيت واحد .
فمنهم مثلا من شبه شيئين في بيت واحد ، كقول امرئ القيس :
كأن قلوب الطير رطباً ويابسا لدى وكرها العناب والحشف البالي
ص114
فقد شبه الرطب من قلوب الطير بالعناب ، واليابس منها بالحشف البالي ، فجاء تشبيه في غاية الجودة .
وكقول الطرماح في وصف ثور وحشي :
يبدو وتضمره البلاد كأنه سيف على شرف يسَل و يُغمد
فالثور الوحشي حين يظهر كأنه سيف يسل من غمده على مكان عال ٍ ، وهو حين يخفى كأنه سيف يغمد في غمده .
وكقول البحتري في وصف الندى تحمله شقائق النعمان :
شقائق يحملن الندى فكأنه دموع التصابي في خدود الخرائد (1)
فقطرات الندى مشبهة بدموع التصابي ، وشقائق النعمان بخدود الحسان .
وكقول بشار بن برد :
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا و أسيافنا ليل تهاوى كواكبه
شبه مثار النقع والغبار فوق الرؤوس بظلمة الليل ، وشبه السيوف بالكواكب وقد كثر تشبيههم شيئين حتى لم يصر عجبا .
وكقول آخر :
بيضاء تسحب من قيام فرعها وتغيب فيه وهو جثل أسحم
فكأنها فيه نهار ساطع وكأنه ليل عليها مظلم
شبه امرأة بيضاء في شعرها الاسود المسترسل إلى الأرض بالنهار الساطع وشبه شعرها الكثيف الملتف على رأسها بالليل المظلم .
ص115
ومنهم من شبه ثلاثة أشياء بثلاثة أشياء ، كقول البحتري أيضا :
وتراه في ظلم الوغى فتخاله قمرا يكر على الرجال بكوكب
شبه وغى الحرب وعجاجها وجلبة أصواتها بالظلم ، وشبه الممدوح بالقمر ، والسنان بالكوكب .
وكقول شاعر آخر :
نشرت إليّ غدائرا من شعرها حذر الكواشح والعدو الموبق (2)
فكأنني و كأنها وكأنه صبحان باتا تحت ليل مطبق
شبه الشاعر نفسه وشبه صاحبته بصبحين ، وشبه شعر صاحبته الأسود بليل مطبق الظلام .
وكقول المرقش :
النشر مسك والوجوه دنا نير وأطراف الأكف عنم (3)
شبّه الرائحة بالمسك والوجوه بالدنانير واطراف الأكف بالعنم .
وكقول ابن الرومي :
كأن تلك الدموع قطر ندى يقطر من نرجس على ورد
شبه الدموع بقطر الندى ، والعيون بالنرجس ، والخدود بالورد وكقول ابن المعتز :
ص116
بدر وليل وغصن وجه وشعر وقدّ
خمر ودرّ وورد ريق وثغر وخدّ
في البيت الأول شبّه البدر بالوجه ، والليل بالشعر ، والغصن بالقد ، وفي البيت الثاني شبّه الخمر بالريق ، والدرّ بالثغر ، والورد بالخد .ويلاحظ في جميع هذه التشبيهات أنها من التشبيه المقلوب .
ومنهم من شبه أربعة أشياء بأربعة أشياء كقول امرئ القيس :
له أيطلا ظبي وساقا نعامة وإرخاء سرحان ، وتقريب تتفل
شبّه خاصرتي الفرس بخاصرتي الظبي ، وشبّه ساقيه بساقي النعامة ، وشبّه إرخاءه ، أي مد عنقه في استرسال عند السير بإرخاء السرحان أي الذئب ، وليس دابة بأحسن إرخاء منه وشبه تقريبه ، أي جمع يديه ووثبه عند الجري بتقريب التتفل ، أي ولد الثعلب ، و المعنى يوحي بأنه أراد الثعلب بعينه مشبها به .
وكقول المتنبي :
بدت قمرا ومالت خوط بان وفاحت عنبرا ورنت غزالا(4)
شبّه المتغزَّل فيها بالقمر حسنا ، وشبه تمايلها وتثنيها في مشيتها بغصن البان ، وشبه طيب رائحتها بالعنبر ، وشبّه سواد مقلتيها عندما ترنو وتنظر بمقلتي الغزال .
ومثله قول شاعر آخر :
سفرن بدورا وانتقبن أهلّة ومِسنَ غصونا والتفتن جآذرا
وكقول ابن حاجب وزير القادر بالله :
ص117
ثغر وخد ونهد واختضاب يد كالطلع والورد والرمان والبلح (5)
شبه الثغر بالطلع والخد بالورد ، والنهد بالرمان ، واليد المخضوبة بالبلح .
وكقول ابن رشيق :
بفرع ووجه وقد وردف كليل وبدر وغصن وحقف
شبّه الشعر الأسود بالليل ، والوجه بالبدر ، والقدّ أو القامة بالغصن ، والردف (6) بالحقف وهو كثير الرمل .
ومنهم من شبه خمسة أشياء بخمسة أشياء كقول أبي الفرج الوأواء الدمشقي :
قالت وقد فتكت فينا لواحظنا
كم ذا أما لقتيل اللحظ من قود (7)
وأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت
وردا وعضت على العناب بالبَرَد
إنسانة لو بدت للشمس ما طلعت
من بعد رؤيتها يوما على أحد
كأنما بين غابات الجفون لها
أسدُ الحِمامِ مقيمات على رصد
ففي البيت الثاني شبه دموع هذه الانسانة باللؤلؤ ، وعينيها بالنرجس ، وخديها بالورد ، والأنامل المخضوبة بالعناب ، وثناياها بالبَرَد.
ويقول أبو الهلال العسكري : (( ولا أعرف لهذا البيت ثانيا في
ص118
أشعارهم )) ومعنى هذا أن أقصى ما وصل إليه الشعراء هو تشبيه خمسة أشياء بخمسة أشياء في بيت واحد ، وان هذا النوع نادر في الشعر العربي .
وهكذا نرى أن بعض الشعراء قد أكثروا من التشبيهات في البيت الواحد ولكن الولع بهذا اللون من التشبيه ومحاولة اظهار البراعة والافتنان فيه من شأنه أن يؤدي إلى التكلف الذي يذهب برونق التشبيه ونضارته وتأثيره كما يبدو على بعض هذه التشبيهات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الخرائد : جمع خريدة ، وهي من النساء البكر التي لم تمسّ قط .
(2) الكواشح : جمع كاشح وهو العدو الذي يضمر العداوة ويطوي عليها كشحه أي باطنه ، والكشح بفتح الكاف وسكون الشين : الخصر ، وسمي العدو كاشحا لأنه يخبئ العداوة في كشحه وفي كبده ، والكبد بيت العداوة والبغضاء ، ومنه قيل للعدو : أسود الكبد ، كأن العداوة أحرقت الكبد . والعدو الموبق : المهلك والمظهر العداوة .
(3) العنم : شجر له ثمر أحمر يشبّه به البنان أو الإصابة المخضوبة .
(4) الخوط : الغصن الناعم ، ورنت : نظرت .
(5) الطلع ، ما يطلع من النخلة ثم يصير ثمرا إن كانت انثى ،وإن كانت ذكر لم يصر تمرا بل يؤكل طريا ، ويترك على النخلة أياما معلومة حتى يصير فيه شيء أبيض مثل الدقيق ، وله رائحة ذكية فيلقح به الأنثى .
(6) ردف المرأة : عجزها .
(7) القود بفتح القاف والواو : القصاص . وهو قتل القاتل بالقتل.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|