أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
1615
التاريخ: 2023-07-24
1094
التاريخ: 13-02-2015
1517
التاريخ: 5-10-2014
1467
|
إنّ الظاهر من بعض من كتب حول الحكومة الإسلاميّة أنّ أساس الحكم في الإسلام هو الشورى ، وقد ذهبوا إلى ذلك لأجل أمرين :
الأوّل : أنّهم جعلوه مكان الاستفتاء الشعبيّ ، لأنّه لم يكن من الممكن ـ في صدر الإسلام ـ بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) مراجعة كلّ الأفكار واستعلام جميع الآراء في الوطن الإسلاميّ لقلّة وسائل المواصلات ، وفقدان سبل الاتصال المتعارفة اليوم.
الثاني : أنّهم أرادوا بذلك تصحيح الخلافة بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) لأنّ بعض الخلفاء توصّل إلى ذلك بالشورى ، ثمّ عدّ هذا الاُسلوب إحدى الطرق لتعيين الحاكم.
وربّما يؤيّد الأوّل قول الإمام عليّ (عليه السلام) : « ولعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتّى تحضرها عامّة الناس فما إلى ذلك من سبيل ، ولكنّ أهلها يحكمون على من غاب عنها ، ثمّ ليس للشاهد أن يرجع ولا للغائب أن يختار » (1) .
وهو إشارة إلى أنّ عدم إمكان أخذ البيعة بالصورة الواسعة يجوّز أخذها بصورة محدودة.
ولعلّ إلى ذلك نظر الشيخ عبد الكريم الخطيب إذ قال : ( إنّ الذين بايعوا أوّل خليفة للمسلمين لم يتجاوز أهل المدينة ، وربّما كان بعض أهل مكّة ، وأمّا المسلمون ـ جميعاً ـ في الجزيرة العربية فلم يشاركوا في هذه البيعة ، ولم يشهدوها ولم يروا رأيهم ، وإنّما ورد عليهم الخبر بموت النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) مع الخبر باستخلاف أبي بكر ) (2).
ويؤيّد الثاني ( أي اعتبار الشورى أساساً للحكم تصحيحاً للحكومات التي قامت بعد وفاة النبي ) أنّهم ذكروا ـ فيما تنعقد به الإمامة والخلافة نفس الأعداد التي تنطبق عليها خلافة أحد الخلفاء ، فلم يكن اعتبار هذه الأعداد والوجوه إلاّ للاعتقاد المسبّق بصحّة خلافة اُولئك الخلفاء.
ولأجل ذلك يقول الماورديّ : الإمامة تنعقد من وجهين :
أحدهما : باختيار أهل العقد والحلّ.
والثاني : بعهد الإمام من قبل.
فأمّا انعقاها باختيار أهل العقد والحلّ ، فقد اختلف الفقهاء في عدد من تنعقد به الإمامة منهم ، على مذاهب شتّى ، فقالت طائفة لا تنعقد الإمامة إلاّ بجمهور أهل العقد والحلّ من كلّ بلد ليكون الرضا به عامّاً ، والتسليم لإمامته إجماعاً ، وهذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر على الخلافة ، باختيار من حضرها ولم ينتظر لبيعته قدوم غائب عنها.
وقالت طائفة أخرى : أقلُّ ما تنعقد به منهم الإمامة ( خمسة ) يجتمعون على عقدها ، أو يعقدها أحدهم برضا الأربعة استدلالاً بأمرين :
أحدهما : أنّ بيعة أبي بكر انعقدت بخمسة اجتمعوا عليها ، ثمّ تابعهم الناس فيها وهم : ( عمر بن الخطاب ) و ( أبو عبيدة الجراح ) و ( أسيد بن حضير ) و ( بشر بن سعد ) و ( سالم مولى أبي حذيفة).
الثاني : أنّ عمر جعل الشورى في ستّة ليعقد لأحدهم برضا الخمسة ، وهذا قول أكثر الفقهاء والمتكلّمين من أهل البصرة.
وقال آخرون : من علماء الكوفة : تنعقد بثلاثة يتولاّها أحدهم برضا الاثنين ليكونوا حاكماً ، وشاهدين ، كما يصح عقد النكاح بوليّ وشاهدين.
وقالت طائفة اُخرى : تنعقد بواحد لأنّ العبّاس قال لعليّ (رض) : أمدد يدك اُبايعك فيقول الناس عمّ رسول الله بايع ابن عمّه ، فلا يختلف عليك اثنان ، ولأنّه حكم وحكم الواحد نافذ ) (3) .
وقال القاضي العضديّ ـ في المقصد الثالث فيما تثبت به الإمامة ـ من كتابه : ( إنّها تثبت بالنص من الرسول ومن الإمام السابق بالإجماع ، وتثبت ببيعة أهل العقد والحلّ ) (4) .
ومن المعلوم ، أنّ الاختلاف الواقع في عدد من تنعقد به الشورى يفيد ـ بوضوح ـ أنّه لم يكن هناك أي نصّ من الشارع المقدّس على أنّ الإمامة تنعقد بالشورى ، ولذلك اختلفوا فيها على مذاهب وغاب عنهم وجه الصواب.
ثمّ إنّ من مظاهر الاختلاف الواقع في مسألة الشورى أنّ القائلين بها انقسموا ـ في أثرها ـ على قسمين :
الأوّل : وهم الأكثريّة ، ذهبوا إلى أنّ انتخاب أهل الشورى كان ملزماً للاُمّة ، فوجب عليها أن تسلِّم لمن اختاروه بهذا الطريق.
الثاني : أنّ انتخاب أهل الشورى لأحد ليس أزيد من ( ترشيح ) له ، وكان للاُمّة هي أن تختاره ، أو لا تختاره فكان الملاك هو رأي الاُمّة (5) .
غير أنّ هذا الرأي لا يتفق مع خلافة الخلفاء الذين تسنّموا عرش الخلافة بالشورى ، فقد كان انتخابهم ملزماً يومذاك على رأيهم ، ولم يكن من باقي الاُمّة إلاّ الاتباع والتسليم.
_______________________
(1) نهج البلاغة : الخطبة (168) عبده.
(2) الإمامة والخلافة : 241.
(3) الأحكام السلطانيّة للماورديّ : 4.
(4) شرح المواقف 3 : 265.
(5) راجع الشخصيّة الدوليّة لمحمّد كامل ياقوت : 463.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|