أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-11
720
التاريخ: 19-4-2019
1702
التاريخ: 15-4-2021
1613
التاريخ: 2023-12-27
1055
|
الاتجاه واجواء التدوين :
بين المنتمي واللامنتمي، اين وقفت عيون التاريخ الإسلامي؟ هل كان القدر المنتمي منها هو هذه النسبة الى الاسلام وحسب؟ تلك نسبه طبيعية صيغت من الموضوع الذي تناوله الكتاب من غير ان تكون هناك ضرورة لهيمنه هذا الموضوع على ماده الكتاب، فكتاب التاريخ الذى يعنى بأحداث حقبه زمنيه ينسب اليها، والذى يعنى باخبار طائفه من الطوائف او امه من الامم ينسب اليها، والذى يعنى بأحداث بلد من البلدان ينسب اليه، وكلها نسب لا تتعدى التعريف بموضوع الكتاب.
لكن حين ينحصر الامر بتاريخ امه قد ظهرت فيها الاختلافات، وتوزعت ابناءها الفرق والطوائف، وتغلبت الاهواء التى تفرض هيمنتها فى صياغة افكار الناس ورواهم للاحداث.. عندئذ اين سيقف التاريخ؟ هل سيكون بعيدا عن معترك الميول والاهواء، منفصلا عن قيود الزمان والمكان ليسجل الاحداث والاخبار كما هى تماما، وبكامل اسبابها ودواعيها المباشرة وغير المباشرة، ثم بكامل تفاصيلها وما خلفته من آثار كما هى قبل ان تنفعل معها الميول والاهواء؟ لا شك ان هذا هو الامل المنشود، وهو الذي تقتضيه الأمانة للتاريخ وللحقيقة.
ولكن لا شك ايضا ان التاريخ لم يكتب فى الفضاء، ولا كان المؤرخ يستقل بساطا سحريا يقله فوق آفاق زمانه ومكانه..
انه يكتب من على الارض، وفى زمان ما ومكان ما..
وانه يكتب ما يسمع، لا ما يرى..
وانما يحدثه رجال لهم حيال الاحداث مواقف وميول، فهو لم يسمع فى الحقيقة حدثا مجردا، وانما سمع الحدث ممزوجا به او مضافا اليه انفعالات الناقلين..
وايضا فان المؤرخ نفسه هو واحد من اولئك البشر، يعيش فى عصر من الاعصار..
وللبشر ميول، ولكل عصر لونه ونغماته التى ميزته عن غيره من العصور، فهو ينفر من كل لون ونغمه لا تنسجم معها.
وفرق بين رجل يعيش فكرته لنفسه ولأصحابه الذين يتابعونه ويوافقونه، وبين آخر يكتب فكرته لتكون بين أيدي الناس، كل الناس، علمائهم وعامتهم، فاذا كان الاول قد يجد نفسه فى مأمن ومعزل عن الرقباء، فان الثانى يرى عيون الناس وكأنها ترصد افكاره وتحصى عليه حتى ما لم يرد بحسبانه! فهى لا تكتفى بقراءة ما سطره على الورق، بل تتعدى الى ما وراء ذلك لتقرا دوافعه وميوله ايضا، لتصدر احكامها عليه بحق وبغير حق.
وحين يكون عصر من العصور قاسيا فى مواجهه النغمات التى لا توافق نغماته فأنما جاءت قسوته من اناسه، لا من ارضه ولا سمائه..
ففى حال كهذه هل يبعد ان يكون المؤرخ مسوقا من حيث يدري او لا يدري، ومن حيث يريد او لا يريد لمجاراة تلك النغمات، او مداراتها؟ انه عندئذ سوف يقتطع من الحقيقة التاريخية اجزاء مساويه لمقدار ذلك الانسياق.
ولعل هذا هو اقل الاخطار الثلاثة التى قد تتعرض لها الحقيقة التاريخية..
اما الخطر الثانى: فيتمثل فى الانسياق التام لنغمات العصر واهواء اهله، والسير مع تياره الجارف الذي سيجرف معه اهم الحقائق التاريخية التى تعاكس اتجاه سيره.
واما الخطر الثالث: فهو ان يكون المؤرخ نفسه من اصحاب الاهواء الذين لا يقبلون الا ما وافق اهواءهم، ولا ينظرون الى الاحداث والحقائق الا بمنظار الهوى.
ثم ان هذا الكتاب او ذاك من كتب التاريخ سوف يصبح مصدرا لثقافه الاجيال، تستقى منه رويتها للتاريخ التى ستساهم مساهمه فعاله فى صياغة عقائدها.
فحين يجتمع الناس على مصدر من مصادر التاريخ التى نسجت فيها الاحداث تحت احدى المؤثرات الثلاثة المتقدمة، على حساب الحقيقة التاريخية، فمن البديهي ان تحمل اذهانهم بروى مغايره للحقيقة.
ومن هنا تتسرب العقائد الدخيلة الى الاذهان، فيعتقد الناس بأشياء ومفاهيم ليست هى من الاسلام ومفاهيمه الحقه، وهم يظنون انها الحق الذي لا تشوبه شائبه لكثره ما يرونه من تسطير المؤرخين لها وربما دفاعهم عنها.
وسوف لا يكون العوام وحدهم ضحية هذه الخطيئة، بل العلماء ايضا يقعون فى ذلك حين يقفون علومهم على هذا النوع من المصادر، وحين يكونون هم ايضا منفعلين بتلك المؤثرات الثلاثة او بعضها.
فكيف اجتازت عيون التاريخ الإسلامى تلك الاجواء لتحفظ لنا حقائقه؟
لا شك ان الوقوف على المشاهد الحية لاثبات حقيقه ما هو اهم بكثير من البحوث النظرية والبراهين الفلسفية.
مشاهد حيه من عيون التاريخ
اولا - مع مصادر القسم الاول :
1 - قال الزبير بن بكار (1):
قدم سليمان بن عبدالملك الى مكة حاجا سنه 82 هـ ، فامر ابان بن عثمان ان يكتب له سير النبي (صلى الله عليه وآله) ومغازيه. فقال له ابان:
هى عندى، قد اخذتها مصححه ممن اثق به.
فامر سليمان عشره من الكتاب بنسخها، فكتبوها فى رق، فلما صارت اليه نظر فاذا فيها ذكر الانصار فى العقبتين (2) وفى بدر، فقال: ما كنت ارى لهؤلاء القوم هذا الفضل، فاما ان يكون اهل بيتي غمصوا عليهم، واما ان يكونوا ليس هكذا! فقال ابان: ايها الامير، لا يمنعنا ما صنعوا بالشهيد المظلوم من خذلانه ان نقول بالحق، هم على ما وصفنا لك فى كتابنا هذا.
فقال سليمان: ما حاجتي الى ان انسخ ذاك حتى اذكره لامير المؤمنين، لعله يخالفه، ثم امر بالكتاب فخرق، ورجع فأخبر اباه عبد الملك بن مروان بذلك الكتاب، فقال عبد الملك: وما حاجتك ان تقدم بكتاب ليس لنا فيه فضل، تعرف اهل الشام امورا لا نريد ان يعرفوها؟! قال سليمان: فلذلك أمرت بتخريق ما نسخته (3).
ومن هذه الواقعه تظهر عده ملاحظات مهمه:
لم يكن اهمها تخريق الكتاب..
ولا كلمه عبد الملك بن مروان - وهو الخليفة - التى تعد دستورا نافذا فى تحديد المنهج الثقافي ابان الحكم الأموي..
بل اهم من ذلك اختفاء اهم مناقب الانصار، وفى الوقائع الحاسمة فى تاريخ الاسلام: بيعه العقبة الاولى، والعقبة الثانية، ومعركه بدر! غابت عن السواد الاعظم من المسلمين، وحتى عن سليمان بن عبد الملك الذي سيصبح عن قريب خليفه المسلمين، هذا وما زال الناس فى القرن الاول من عمر الاسلام! لا شك ان جناية الانصار الذين كانوا أنصار رسول اللّه والمجاهدين معه وانصار دين اللّه، هى انهم لم يكونوا فى ما بعد انصارا لبنى اميه. وهذه وحدها حجه كافيه فى غلق ابواب الجدال فيهم، وفى تخريق الكتاب.. هذا ان لم نعطف عليه ما سيراه الامويون اذن فى الانصار من نظره عداء قديم ثبت ظاهرا بالفعل على مدى عشر سنين، ابتداء ببيعه العقبة الاولى، ومرورا بمعركه بدر واحد والخندق، وانتهاء بفتح مكة! وثمة ملاحظه اخرى خفيه لم تتطرق اليها نصوص هذه الواقعه، لكن الناظر الفطن يراها ظاهره ظهور النصوص الجلية..
فماذا لو وقف سليمان بن عبد الملك فى تلك الصحف على مواقف على بن ابى طالب وبنى هاشم ومناقبهم، الم يكن سينكرها اشد من انكاره لمواقف الانصار؟ ان هذه الواقعه لتنطق بصوت خفى بان تلك الصحف التى حفظت من حق الانصار ما اثار انتباه الامير ودهشته ثم استنكار الخليفة من بعده، لم تكن تحفظ شيئا من حق على وبنى هاشم الذين هم لبنى اميه خصوم العقيدة والتاريخ.
ولهذه الملاحظة ما يؤيدها من سيره ابان بن عثمان، اذ كان هواه على الدوام مع خصوم على، ففى مستهل شبابه فى السادسة عشره من عمره خرج مع اصحاب الجمل لقتال على، ثم كان هواه مع الامويين وعمل لهم واليا على المدينه المنورة سبع سنين.
واذا كانت هذه الملاحظة قد جاءت هنا خفيه، فانها قد استولت بالكامل على المشهد الاتي:
2 - قال المدائني:
اخبرني ابن شهاب بن عبداللّه، قال: قال لى خالد القسري (4): اكتب لى السيرة. فقلت له: فانه يمر بى الشى ء من سير على بن ابى طالب، فاذكره؟ قال: لا، الا ان تراه فى قعر الجحيم (5)! فهذا القول الصريح لا يقصر عن ان يكون برهانا على ما نسبناه الى تاريخ ابان بن عثمان آنفا.
3 - من اصحاب التاريخ الذين عرفناهم فى القسم الاول :
عروه بن الزبير والزهري وموسى بن عقبه، فكيف كان موقفهم من سير على بن ابى طالب (عليه السلام)؟ كان عروه بن الزبير واحدا من كبار علماء المدينه، هذا حق، وكان قد اعتزل السياسة ايام النزاع بين اخيه عبداللّه وبين الامويين، هذا ما حفظه له التاريخ، ولكن هل اعتزل ايضا ازاء النزاع الذي حصل حول الخلافه؟ الذي ثبت عنه يفيد القطع بانه لم يكن معتزلا ذلك النزاع..
فألذي ثبت عنه ان أكثر حديثه كان عن ام المؤمنين عائشه، ولا شك انها كانت طرفا من أطراف النزاع فى مراحله الأخيرة، كما كان لها ميل صريح الى أحد طرفي النزاع منذ ايامه الاولى، بل ربما قبل ذلك ايضا.
ولقد ثبت عن عروه انه قد تأثر بهذا الميل تأثرا كبيرا، بل الارجح ان ميله هذا هو الذي دعاه الى الاختصاص بعائشة دون سواها، فهو ابن الزبير بن العوام الذي كان الى جانب عائشه فى طليعة الداعين الى نقض بيعه على بن ابى طالب واعلان الحرب ضده، تلك الحرب التى كان الزبير من اول ضحاياها.
وكان عروه قد حاول الخروج معهما فى تلك الحرب، لكن ردوه لصغره، اذ كان عمره ثلاث عشره سنه (6).
فلم يكن اختصاصه بام المؤمنين عائشه لكونها خالته اخت امه اسماء اذن، فلقد كان بنو هاشم اخواله ايضا، فام ابيه هى صفيه بنت عبد المطلب اخت ابى طالب.
ولقد كان هذا الميل ثابتا فى حديثه حتى عد فى المنحرفين عن علي (عليه السلام)، نسبه الى ذلك من لا يتهم فيه:
قال معمر: كان عند الزهري حديثان عن عروه عن عائشه فى علي(عليه السلام)، فسالته عنهما يوما، فقال: ما تصنع بهما وبحديثهما؟ اللّه اعلم بهما! انى لا تهمهما فى بنى هاشم (7)! اذن فهذا المصدر متهم ايضا، متهم لا فى اخفاء بعض حقائق التاريخ وحسب، بل فى ادخال الاخبار المختلقه التى نسجها خصوم بنى هاشم للنيل منهم والتنقص من منزلتهم! انه متهم بذلك حتى عند الزهري الذى لم يكن له ميل الى على وبنى هاشم، بل على العكس كان قريبا من بنى اميه مقربا لديهم.
4 - مغازى ابن شهاب الزهري :
الفائده الاخرى التى تظهر من الخبر المتقدم هى ان الزهري كان اكثر انصافا لحقائق التاريخ من عروه.
ومره اخرى يبدو الزهري اكثر انصافا من آخرين ممن عاصروه حين يوجه الطعن للتاريخ الذى كان يكتب على عيون بنى اميه.
قال معمر: سالت الزهري، عن كاتب الكتاب يوم الحديبية، فضحك، وقال: هو على بن ابى طالب، ولو سالت هؤلاء - يعنى بنى اميه - لقالوا: عثمان (8)!! اذن لم يقتصر الامر هنا على كتمان مواقف على وسيره، بل تعدى الى سلبها منه واضافتها الى غيره! لا شك ان الخبرين المذكورين قد حفظا للزهري موقفا فريدا، اذ نزه قلمه فيهما عن لونين من ألوان اغتصاب الحقيقة التاريخية، فأبى ان يسوق احاديث علم انها وضعت للنيل من على وبنى هاشم، كما ابى ان يسلبهم حقهم ليمنحه آخرين من غيرهم.
وللزهري موقف ثالث يحفظه له التاريخ، موقف شجاع دون شك، والخليفه الوليد بن عبدالملك يقرا، والزهري عنده: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11] (9) فالتفت الى الزهري وقال:
الذى تولى كبره منهم على! قال الزهري: قلت: لا، لكنه عبداللّه بن ابى (10).
وله مثل هذا ايضا مع هشام بن عبدالملك وقد سعى السعى نفسه، اذ دخل عليه سليمان بن يسار، فقال له هشام: الذى تولى كبره من هو؟ قال: ابن ابى.
قال هشام: كذبت، هو على! قال ابن يسار: امير المؤمنين اعلم بما يقول! فدخل الزهري، فأعاد عليه هشام السؤال، فقال: هو ابن ابى، فزجره هشام ليقول هو على، او ينسل من الجواب انسلال ابن يسار، لكن الزهري لم يرضخ ورفض ان يكذب لهشام (11).
ويبقى السؤال: هل استطاع الزهري ان يكون امينا على السير فيثبتها فى محلها بلا زياده ولا نقصان، وحتى سير علي وبنى هاشم والانصار، فى تلك الاجواء التى لم تتوقف عند كتمان سيرهم، بل تعدت ذلك فأثارت حولها سحبا كثيفه لتعكس لهم صوره اخرى تماما؟ هل وفى الزهري للحقيقة وادى الأمانة على اتم وجه؟ الحق ان من تتبع رواية الزهري للسير والمغازي يجد انه لم يكن كذلك، فعلى امتداد سيره النبي(صلى الله عليه وآله) ومغازيه لا تجد لعلى بن ابى طالب ذكرا، الا حين لا ينطوي ذكره على فضيله تميزه على غيره (12)، وحين سئل عن فضيله له جحدها! ففى ذكر اول من اسلم نقل عبدالرزاق ما نقله معمر عن غير الزهري: ان اول من اسلم على بن ابى طالب. لكن الزهري قال:
ما علمنا احدا أسلم قبل زيد ابن حارثه (13). فى حين لا يكاد يعرف هذا عن احد غير الزهري (14).
ثم يواصل الزهري ذكر من اسلم فلا يذكر اسلام على ولا احد من بنى هاشم.
ثم يمضى فى ذكر السيرة والمغازي فلا تجد عليا فيها الا رجلا غريبا ليس له فيها خبر ولا اثر، مع انه لا يمر على اثر لأبى بكر وعمر الافصل فيه وزينه، اما على فلا ذكر له لا فى العهد المكي، ولا فى الهجرة، ولا فى المؤاخاة، ولا فى بدر، ولا فى احد، ولا فى الخندق، ولا فى خيبر، ولا فى فتح مكة، ولا فى حنين، ولا فى تبوك، ولا فى غير ذلك!! انه ليبدو لقارئ مغازي الزهري ان عليا رجل غريب على السيرة! ولقد استشعر عبد الرزاق ذلك وهو يروى مغازي الزهري فتداركه فى مواضع معدودة فقط:
فروى خبر اسلام على من حديث معمر عن قتاده وعن عثمان الجزري (15). وروى مبيت علي(عليه السلام) على فراش النبي(صلى الله عليه وآله) يوم الهجرة من حديث معمر عن عثمان الجزري وعن قتاده (16). اما حديث الزهري فكان يرويه عن عروه عن عائشه، وليس فيه ذكر لعلى (17). وروى قول النبي (صلى الله عليه وآله) لعلى(عليه السلام) حين خلفه اميرا على المدينه يوم تبوك (اما ترضى ان تكون منى بمنزله هارون من موسى، الا انه لا نبى بعدى) رواه من حديث معمر عن قتاده وعلى بن زيد بن جدعان (18).
هذا مع ان الزهري يثبت فى مغازيه حديث ابن عباس الذي يدين فيه ام المؤمنين عائشه للسبب نفسه، كتمان مواقف على! قال الزهري: أخبرني عبيد الله بن عبداللّه بن عتبه ان عائشه اخبرته، قالت: اول ما اشتكى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فى بيت ميمونه، فاستأذن ازواجه ان يمرض فى بيتي، فأذن له - قالت - فخرج ويد له على الفضل بن عباس، ويد اخرى على يد رجل آخر، وهو يخط برجليه فى الارض.
فقال عبيد الله: فحدثت به ابن عباس، قال: اتدرى من الرجل الذي لم تسم عائشه؟ هو على بن ابى طالب، ولكن عائشه لا تطيب نفسا بخير (19).
استظهار :
من هذه القراءة فى مغازي الزهري يظهر بما لا يدع مجالا للشك ان ذلك المؤرخ الذى سماه المدائني (ابن شهاب ابن عبداللّه) والذى طلب اليه خالد القسري ان يكتب له السيرة، انه هو ابن شهاب الزهري هذا، فابن شهاب هو الغالب على تسميه الزهري، و هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبداللّه بن شهاب، فوقع اللبس لما فيه من نسبه الى الجد الاعلى مع تقديم و تأخير.
ويؤيد ما قلناه انه لم يكن احد من اهل العلم بالسير ممن عاصر خالد القسري يعرف بابن شهاب الا ابن شهاب الزهري.
اذن هذه هى مغازي ابن شهاب الزهري التى عرف بها بنفسه، فقال: قال لى خالد القسري: اكتب لى السيرة.
فقلت له: فانه يمر بى الشيء من سير على بن ابى طالب، فاذكره؟ فقال: لا، الا ان تراه فى قعر الجحيم (20)! فلما لم يجد الزهري عليا في قعر الجحيم، لم يورد له ذكرا فى مغازيه!
دهاء الزهري :
تجنب الزهري شيئا من اخبار شيخه عروه حين اتهمه فى بنى هاشم، وهذه فضيله يحفظها له التاريخ. وفى مقابل ذلك اعرض عن ذكر سير على ومناقبه ارضاء لبنى اميه او تقيه، وهذه حفظها له بنو اميه.
وربما ظن انه قد سلك مسلكا وسطا، فلا هو ارضاهم فى النيل من علي وبنى هاشم، ولا هو اسخطهم بذكر سير علي وبنى هاشم!
وبهذا نجح الزهري فكان حظيا عند الامويين لا يقدمون عليه احدا حتى توفى.
ولكن لم يات هذا النجاح الا بما هدره من حقائق الدين والتاريخ التى لو اظهرها لكان الزهري عندهم غير الزهري! ثم الم يكن فى اخفاء صفحات هامه من السيرة تغييرا لوجه السيرة، وعرضها بوجه جديد مخالف لوجهها الحقيقي؟ فكيف يعد هذا مسلكا وسطا؟! ويزيد فى تغيير وجه السيره ما يقع اثناء الحديث من ذكر لموقف اشترك فيه مع على بن ابى طالب رجل آخر، فحين يحذف اسم على سيبرز الاخر فى صوره جديده لم تكن هى الصورة التى تحققت فى الواقع.
فحين يذكر الزهري ان النبي (صلى الله عليه وآله) امر ابا بكر على الحج (21).ثم يخفى ماوراءها من انه(ص) قد بعث عليا(ع) على اثره وامره ان ياخذ منه (براءة) فيبلغها فى الموسم، فعاد ابو بكر الى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) فقال: انزل فى شى ء يا رسول اللّه؟ فقال الرسول(صلى الله عليه وآله): (لا، ولكنى امرت الا يبلغ عنى الا انا او رجل منى) (22). انه عندما يقطع هذا الجزء فسوف تظهر الواقعه بوجه آخر.
ان الذى سخر منه الزهري آنفا من قول بنى اميه فى كاتب الكتاب يوم الحديبية (23)، قد وقع فى مثله فى مواضع كثيره من مغازيه.. وأكثر هذه المواقع وضوحا ما نقله فى سد ابواب المسجد، فقال:
قال النبي (صلى الله عليه وآله): (سدوا هذه الابواب الشوارع فى المسجد الا باب ابى بكر فانى لا اعلم رجلا احسن يدا عندى من الصحابة من ابى بكر) (24).
وحديث سد الابواب انما هو لعلي لا لأبى بكر، حتى اشتهر انه لا يدخل المسجد جنبا الا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وعلى.
وقوله (صلى الله عليه وآله): (سدوا هذه الابواب الا باب على) رواه احمد والترمذي والنسائي وابن كثير والعسقلان وغيرهم (25).
قال ابن ابى الحديد المعتزلى: حديث سد الابواب كان لعلى(عليه السلام) فقلبه البكريه لأبى بكر (26).
ومن اوضح الدلائل على ان حديث سد الابواب كان لعلى، وليس لأبى بكر:
ا - ما ثبت عن عمر فى قوله المشهور: (لقد اوتى ابن ابى طالب ثلاث خصال، لئن يكون لى خصله منها احب الى من ان اعط ى حمر النعم: تزويجه فاطمه، وسكناه المسجد مع رسول اللّه يحل له ما يحل له، والراية يوم خيبر) (27)!
ب - حديث ابن عباس الذى يذكر فيه هذه الخصلة لعلى فى خصال لم يشركه فيها احد(28). كان هذا وصفا مجملا لمغازي الزهري.
5 - مغازي تلامذة عروه والزهري :
كان من اصحاب المغازي: يزيد بن رومان تلميذا لعروه والزهري، وابو الاسود تلميذا لعروه وهو ربيبه، وموسى بن عقبه تلميذا للزهري، وقد جعل هؤلاء اعتمادهم بالمرتبة الاولى على رواية عروه والزهري (29). فلا شك اذن ان تأتى مغازيهم بتلك الخصائص نفسها.
مثال ذلك: ما رواه يزيد بن رومان عن عروه بن الزبير فى قصه مهاجري الحبشة وحديث النجاشي معهم، فقال: انما كان يكلم النجاشي عثمان بن عفان! قال ابن اسحاق: وليس كذلك، انما كان يكلمه جعفر بن ابى طالب (30). والذي ذكره ابن اسحاق هو الذي عليه سائر اصحاب السير (31). اما رواية يزيد بن رومان عن عروه فهى من جنس ما ذكره الزهري عن بنى اميه فى حديث كاتب الكتاب يوم الحديبية!
6 - مغازي عاصم بن عمر بن قتاده :
هذا المصدر نجا نسبيا من اسر التطرف او الانحياز الذي وقعت فيه المصادر السابقة، فذكر كثيرا من سير الانصار واخبارهم واطرافا من سير علي(عليه السلام) (32).
ولعل السر فى ذلك يعود الى امرين:
الاول: انه كان من الانصار، فجده قتاده بن النعمان الأنصاري الذى سقطت عينه اثر ضربه فى معركه احد، فردها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بيده الشريفة فعادت احسن من قبل.
والثانى: انه كان يحدث فى عهد عمر بن عبد العزيز، وهو عهد اكثر اعتدالا، استطاع فيه بعض اهل العلم ان يظهروا من العلم ما لم يكن يظهر فى عهود سائر خلفاء بنى اميه قبل عمر بن عبدالعزيز وبعده.
لكنه كان يحدث فى مسجد دمشق، فهو بلا شك لم يستطع ان يقول كل ما يعلم فيصدم اهل الشام بما ينكرونه، وهم كما وصفهم معاوية بن ابى سفيان: (لا يعرفون عليا ولا قرابته، ولا عمارا ولا سابقته، ولا الزبير ولا صحبته، ولا طلحه ولا هجرته، ولا يهابون ابن عوف ولا ماله، ولا يتقون سعدا ولا دعوته) (33).
7 - آخرون :
اما الاخرون من اصحاب المغازي والسير الذين لم يقفوا عند تلك الحدود ولا خضعوا لتلك الضوابط، فاثبتوا من السير ما صح لديهم او ما بلغهم حتى من سير على وبنى هاشم والانصار، فكان من اليسير جدا ان ينبزوا بالتشيع، وعندما يقال لمؤرخ او محدث انه يتشيع فليس المراد التعريف بمذهبه وحسب، بل المراد الطعن بروايته وردها.
وهكذا كان نصيب الكثير من مورخى تلك المرحلة، والمرحلة اللاحقة ايضا، فقيل فيهم: (كان اصحاب المغازي يتشيعون، كابن اسحاق، وابو معشر، ويحيى بن سعيد الأموي وغيرهم) (33). قد تقدم التعريف بابن اسحاق.
-ابو معشر : نجيح بن عبدالرحمن السندي (170 هـ ) - مولى ام موسى بن المهدى العباسى (34)، اشخصه المهدى معه من المدينه الى بغداد سنه 160 ه وامر له بألف دينار، وقال له: تكون بحضرتنا فتفقه من حولنا (35). فهذا من اين يأتيه التشيع، الا ان يكون قد روى من سير على وبنى هاشم ما كان لا ياذن به الامويون من قبل؟ لقد لاحظ بعض المحققين ان مغازي ابى معشر كانت تضم كل احداث حياه الرسول (صلى الله عليه وآله) (36).
فهو اذن لم يقتطع تلك الاجزاء التى اقتطعها عروه والزهري وتلاميذهم، وهذا هو التشيع! هذا رغم ان الظاهر من رواية ابى معشر انه كان متحفظا فى نقل هذا النوع من الحديث، كما هو ظاهر فى الرواية الوحيدة التى نقلها عنه الطبري فى ما يخص عصر الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهى روايته لاماره ابى بكر على الحج وبعث علي (عليه السلام) على اثره وتبليغ سوره براءه، فقد اخفى ابو معشر ما فى هذه الواقعه من مزيه لعلى(ع) فى قول النبي (صلى الله عليه وآله): (امرت الا يبلغ عنى الا انا او رجل منى) فلم يات هذا الحديث فى روايته (37).
واما فى عهود الخلفاء فقد روى الطبرى عنه كثيرا (38)، ولكن لم يرو عنه فى الغالب الا تاريخ غزوه، او تاريخ وفاه، او اسم من ولى الحج فى كل سنه من السنين! - يحيى بن سعيد : ابن ابان بن سعيد بن العاص الأموي (194هـ ) تلميذ ابن اسحاق، اخذ عنه المغازي (39)، وروى عنه كتاب الخلفاء (40). من هنا لحق به ما لحق بابن اسحاق، ورغم انه روى عن هشام بن عروه بن الزبير وآخرين من خصوم الشيعة الا ان هذا لم يمح عنه سمه التشيع التى لم يمحها نسبه الأموي ايضا! وقد اخرج له الطبري ست روايات ليس فيها ما يمت الى التشيع او سير على وبنى هاشم بصله، بل منها ما هو من روايه عروه والزهري (41).
8 - سيره ابن اسحاق :
الكتاب الجامع للسيره النبويه والمغازى ، وهو كتاب كبير اختصره ابن هشام فى كتابه الشهير (السيرة النبوية لابن هشام). رواه عنه ثلاثه من تلامذته، واحدى الروايات هى التى اختصرها ابن هشام، وهى رواية البكائي(42).
وقد عدد ابن اسحاق مصادر كتابه فروى عن الزهري ويزيد بن رومان وفاطمة بنت المنذر بن الزبير زوجه هشام بن عروه بن الزبير، كما روى عن عاصم بن عمر بن قتاده، وروى عن الاعمش وعبداللّه بن الحسن بن الحسن بن على بن ابى طالب(عليه السلام).
اما تشيعه ففسره بعضهم بقوله: كان له انقطاع الى عبداللّه بن الحسن بن الحسن، وكان يأتيه بالشيء فيقول له: اثبت هذا فى علمك. فيثبته ويرويه عنه(43).
ترى لماذا لا يقال فى من وقف كتابه على رواية عروه والزهري انه كان بكريا او عثمانيا، فيجعل ذلك عيبا قادحا فيه؟ على اى حال فقد اثبت ابن اسحاق كثيرا من سير على والانصار التى اعرض عنها غيره ممن تقدم ذكرهم، وربما تكون من ابرز رواياته فى ذلك: حديث سلمان الفارسي وهو يسال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله): يا رسول اللّه، انه ليس من نبى الا وله وصى وسبطان، فمن وصيك وسبطاك؟ فيجيبه النبى(صلى الله عليه وآله) بقوله: (والذى نفسى بيده لانا خير النبيين، وان وصيي لخير الوصيين - يعنى عليا(عليه السلام) - وسبطاي خير الاسباط -) يعنى الحسن والحسين(عليه السلام )(44).
اختصار ابن هشام :
عمد ابن هشام الى اشياء فى سيره ابن اسحاق فحذفها، وقال:
تركت ذكرها للاختصار، ولأجل الأمانة فقد اوضح عن تلك الاشياء التى حذفها فى مقدمته، وقد تضمنت: بعض اخبار ما قبل النبوة، وبعض الانساب التى لا تتصل بالرسول(صلى الله عليه وآله)، واشعارا تفرد بذكرها ابن اسحاق، ثم ذكر اشياء اخرى حذفها فقال:
(واشياء: - بعضها يشنع الحديث به.
وبعض يسوء بعض الناس ذكره.
وبعض لم يقر لنا البكائى بروايته).
ولعل هذه الاشياء هى اخطر ما حذف من سيره ابن اسحاق، وبالخصوص الثانى منها الذى قال عنه (يسوء بعض الناس ذكره) وسوف تظهر معالم هذه الاشياء المحذوفة عند الحديث عن تاريخ الطبري، وعن منهاج التدوين فى تلك المرحلة، علما ان ابن هشام قد توفى فى سنه 213 هـ .
______________
(1) الزبير بن بكار: هو ابو عبد الله الزبير بن ابى بكر – ويسمى بكار - بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، صاحب الن سب، تولى القضاء بمكه للمعتصم العباسى، وبقى على القضاء حتى توفى سنه 256ه - وفيات الاعيان 2: 311.
(2) يعنى بيعه العقبه الاولى وبيعه العقبه الثانيه حيث كان الانصار يبايعون رسول الله(ص) على الاسلام وعلى النصره.
(3) الموفقيات للزبير بن بكار: 332 و 333 /184.
(4) الدمشقى، والى مكه للوليد بن عبدالملك ثم لسليمان بن عبدالملك، ووالى العراق لهشام ابن عبدالملك. سير اعلام النبلاء 5: 425.
(5) الاغانى 22: 21،اخبار خالد بن عبدالل ه القسرى.
(6) سير اعلام النبلاء 4: 423، الطبقات الكبرى 5: 179.
(7) شرح نهج البلاغه لابن ابى الحديد 4: 64.
(8) اخرجه عبدالرزاق فى المصنف 5: 343/9722.
(9) سوره نور : 11.
(10) الشوكانى/ فتح القدير (تفسير) 4: 15 وقال: اخرجه البخارى وابن المنذر والطبرانى وابن مردويه والبيهقى في الدلائل. واخرجه السيوط ى/الدر المنثور 6: 157.
(11) سيراعام لالنبلاء 5: 339،الدر المنثور 6: 157،فتح القدي 4: 15.
(12) روايه زهري لمغازي الرسول جمعها عبد الرزاق في المصنف - كتاب المغازي 5: 313 - 439.
(13) المصنف 5: 325.
(14) انظر: كتاب الاوائل: 91 و 93،سيره ابن اسحاق: 137،الطبقات الكبرى 3: 21،البدء والتاريخ 4: 145،السيره النبويه من تاريخ الاسلام للذهبى: 70،تاريخ الخلفاء للسيوط ى: 132، وترجمه الامام على فى (الاستيعاب) و(اسد الغابه) و(الاصابه).
(15) المصنف 5: 325.
(16) المصنف 5: 389.
(17) المصنف 5: 385 و 389، 390 و 392.
(18) المصنف 5: 405 و 406 ح/9745.
(19) المصنف 5: 429 و 430.
(20) تقدم فى الفقرة 2، عن كتاب الاغانى 22: 21 من روايه المدائنى.
(21) المصنف 5: 382.
(22) هذا الحديث فى: مسند احمد 1: 3، 331 و3: 212، 283 و4: 164، 165، سنن الترمذى 5 ح/ 3719،سنن النسائي – كتاب الخصائص: 5/ح 8461،جامع الاصول: 9 ح/ 6496،مجمع الزوائد 9: 119،تاريخ اليعقوبى 2: 76،البدايه والنهايه 7: 394.
(23) تقدم قول الزهري: ان كاتب الكتاب يوم الحديبيه هو على، ولو سالت بنى اميه لقالوا: هو عثمان!
(24) المصنف 5: 431.
(25) مسند احمد 1: 331،سنن الترمذى 5 ح/ 3732،سنن النسائى - كتاب الخصائص: 5 ح/ 8423،البدايه والنهايه 7: 379، فتح البارى بشرح صحيح البخارى 7: 13،الاصابه 4: 270،جامع الاصول 9 ح/ 6494،مجمع الزوائد 9: 114 - 115.
(26) شرح نهج البلاغه / ابن ابى الحديد 11: 49.
(27) المستدرك3: 125، الصواعق المحرقة: باب-9 فصل1:120-مسند احمد 1: 331، الخصائص/ بتخريج الأثري ح/23، المستدرك 3: 132 - 134، البداية والنهاية 7: 374، الإصابة 4: 270.
(28) تقدم ذكره عن مصادره فى بدأيه هذا الفصل.
(29) سيره ابن اسحاق: 217 - 218.
(30) تاريخ اليعقوبى 2: 29، السيرة النبوية لابن حبان: 79، المنتظم لابن الجوزي 2: 383، الكامل فى التاريخ 2: 80، السيرة النبوية للذهبي: 189 - 190، عيون الاثر 1: 155، البداية والنهاية 3: 89، ولا يعرف خلاف فى ذلك.
(31) نقل بعض مروياته ابن اسحاق فى سيرته، والطبري فىتاريخه.
(32) الإمامه والسياسة: 46.
(33) معجم الادباء 18: 7.
(34) من هنا قالوا له: مولى بنى هاشم.
(35) سير اعلام النبلاء 7: 435 - 440، تهذيب التهذيب 10: 374
(36) تاريخ ا لتراث العربى 2: 94.
(37) تاريخ الطبري 3: 123.
(38) لا عن مغازيه التى تختص بعهد النبي (ص) وانما كتابه الاخر (تاريخ الخلفاء) الذى يبدو انه استوعب فيه التاريخ الى سنه وفاته.
(39) سير اعلام النبلاء 9: 139.
(40) معجم الادباء 18: 9 ترجمه ابن اسحاق.
(41) انظر تاريخ الطبرى 1: 246، 2: 364، 3: 27، 68، 162، 194.
(42) طبعت اجزاء من روايه ثانيه - روايه يونس بن بكير – في مجلد واحد بتحقيق د. سهيل زكار. غير ان ايا من تلك الروايات لم تصل كامله.
(43) معجم الادباء 18: 7.
(44) سيره ابن اسحاق: 124 و 125، وانظر مقدمه د. سهيل زكار على السيره: 13 14.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|