أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-5-2018
1497
التاريخ: 9-8-2019
1606
التاريخ: 27-5-2018
7596
التاريخ: 9-9-2018
1695
|
في عهد الساسانين
لا يكاد يخلو عهد ملك ساساني من أخبار لهُ مع العرب سلمًا أو حربًا. ففي عهد أردشير مقيم الدولة الساسانية نرى هجرة قبائل تنوخ من العراق كراهية الخضوع لسلطانه.
وفي عهد سابور الأول (٢٤١-٢٧٢م) نجد قصته مع ملك الحضر وهو الضيزن بن معاوية القضاعي، أو الساطرون كما في بعض الكتب، وذلك أن الضيزن أغار على فارس وأسر أخت سابور أو عمته، فسار سابور إليه وحاصر الحضر حتى استولى عليه، ثم استصلح سابور العرب وأحلَّهم أرضًا بفارس وغيرها.
وفي غارة الضيزن يقول عمرو بن ألَّه من قضاعة: (1)
لقيناهم بجمع من علاف *** وبالخيل الصلامة الذكور
فـلاقت فــارس منا نكالا *** وقتلنا هلابذ شهرزور (2)
دلفنــا للاعاجم من بعيد *** بجمع ذي التهاب كالسعير
والحضر كان مدينة بالجزيرة الفراتية على أربعين ميلًا من دجلة نحو الغرب إزاء تكريت، وعلى مائتي ميل إلى الشمال من بغداد، ولا تزال أطلالها شاهدة بما كان من عظمها ومنعتها.
ويقول الهمذاني في كتاب البلدان:( وكانت مبنية بالحجارة المهندمة بيوتها وسقوفها وأبوابها، وكان فيها ستون برجًا كبارًا، وبين البرج والآخر تسعة صغار).
ويقول ياقوت: (فأما في هذا الزمان فلم يبقَ من الحضر إلا رسم السور وآثار تدل على عظمه وجلاله).
أقول: ولا تزال الآثار ماثلة اليوم دالة على عظمة هذا الحصن الماضية، وروى التاريخ أن الإمبراطورين تراجان وسفريوس حاصراه فلم يقدرا عليه، والشاهنامة تجعل الواقعة في زمن سابور ذي الأكتاف وتخلط بعض الحادثات ببعض، وقد روى ياقوت في قصة الحضر شعرًا لعدي بن زيد والأعشى، وروى الطبري شعرًا لأبي دواد الإيادي.(3)
ومن أبيات الأعشى:
التم تر للحضر اذ اهله *** بنعمى وهل خالد من نعم ؟
اقام به شاهبور الجنو *** د حولين يضرب فيه القدم
ومن ذلك ما وقع بين أذينة ملك تدمر وسابور الأول أيضًا: فقد أغار أذينة على جيش سابور وهو راجع مظفرًا من حرب فلريان إمبراطور الروم، فانهزم الجيش الفارسي وتعقبهُ أذينة إلى أسوار المدائن، وقد اغتبط الروم بما فعل أذينة فأثابوه ولقبوه (أغسطس).
ومنهُ قصة سابور ذي الأكتاف (٣٠٩ –٣٧٩ م):
يُرْوى أن بعض العرب أغار بلاده فحاربهم في خوزستان ثم عبر الخليج إلى البحرين وهجر اليمامة، ثم سار إلى الشمال فحارب بني بكر وغيرهم، وأنزل بعض القبائل غير منازلهم.
أنزل بني تغلب بدارين والخط، وبعض بكر بصحاري كرمان، وبعض عبد القيس وتميم في هجر واليمامة، وبني حنظلة بالصحاري التي بين الأهواز والبصرة.
ويقال إنهُ سمي ذا الأكتاف لأنهُ خرق أكتاف الأسارى من العرب ونظمهم في الجبال.
ولذلك عاون العرب جيش الروم حتى هزموا سابور وأخذوا المدائن إلى حين.
وكذلك كانت أحداث بين العرب ولا سيما إياد وبين سابور بن سابور ذي الأكتاف.
ذكر بعضها المسعودي في الجزء الأول من المروج وفيها يقول بعض الشعراء:
على رغم سابور بن سابور أصبحت *** قباب اياد حولها الخيل والنعم
ويقول الحارث بن جنده (الهرمزان) يفتخر بالفُرس:
هــم ملكوا جميع الناس طرا *** وهم ربقــوا هرقــلا بالسواد
وهم قتلوا أبا قابوس عصبا *** وهم اخذوا البسيطة من اياد
وتكثر الأحداث بين الفرس وقبائل الشمال عامة ولا سيما ربيعة التي كانت تسمى ربيعة الأسد لجرأتها على الأكاسرة.
والصلات بين أمراء الحيرة والفرس منذ نشأت الدولة الساسانية في القرن الثالث الميلادي ليست في حاجة إلى البيان، فحسبي أن أذكر من الحوادث ما يبين عن مكانة المناذرة في دولة الفرس وقوتهم:
عَهِد يزدجرد (٣٩٩– ٤٠٢) إلى المنذر الأول بتربية ابنه بهرام، فنشأ في الحيرة حتى بلغ الثامنة عشرة وتعلم الفروسية والرماية حتى صار مضرب المثل في الرمي بالنشاب، ولا يزال التصوير الفارسي يمثل وقائع بهرام في الصيد ومهارته في الرمي، ثم رجع إلى أبيه فغلبهُ الشوق إلى الحيرة، حتى توسل برسول ملك الروم إلى أبيه ليأذن له في العودة إليها فبقي بها حتى توفي يزدجرد. وأزمع أعيان الفرس ألا يولوا من بني يزدجرد أحدًا، فأيد المنذر وابنهُ النعمان بهرامَ وأمدَّاه بالجند حتى أرغما الكارهين على تمليكه.
وقد حارب المنذر الرومان انتصارًا للفرس وهزم جيوشهم سنة ٤٢١ م، وكذلك حاربهم المنذر الثالث بن ماء السماء وتعقبهم إلى أنطاكية حتى استنجد جستنيان الحاري الأعرابي الغساني، فكانت وقائع بين الأميرين العربيين أسر فيها المنذر ابنًا للحارث فقربهُ للعزِّى (الصنم) وانتهت بقتل المنذر في موقعة عين أباغ أو يوم حليمة.
وفي عهد قباذ حينما اضطرب أمر الفرس بفتنة مزدك أغار الحارث بن عمرو الكندي على الحرة وأخرج منها المنذرين ماء السماء وصادف ذلك هوى في نفس قباذ فأيَّد الحارث.
ويروى أنهُ أرسله لحرب أحد تبابعة اليمن فلما ولي كسرى أنوشروان وفتك بمزدك وأنصاره رد إمرة الحيرة إلى المنذر.
وفي عهد كسرى برويز حوالي ٦١٠ م كانت موقعة ذي قار، وذلك أن كسرى برويز قتل النعمان أبا قابوس وطلب ودائعه عند هانئ بن مسعود الشيباني فأبى إسلامها، وكان كسرى قد ولى إياس بن قبيصة الطائي على الحيرة، فسار إياس في جموع من بكر، ووقعت الحرب وتمادت ثلاثة أيام آخرها يوم ذي قار، ودارت الدائرة على الفرس وأنصارهم من العرب.
وفي يوم ذي قار يقول أبو تمام يمدح أبا دلف الشيباني:
اذا افتخرت يوما تميم بقوسها *** وزادت علـــى ما ومدت مــــن مناقب
فأنتــم بذي قار امالت سيوفكم *** عروش الذين استرهنوا قوس حاجب (4)
ويقول مادحًا يزيد بن مزيد الشيباني:
اولاك بنــو الافضال لـــولا فعالهم *** درجن فلم يوجد لمكرمة عقب
لهم يزم ذي قار مضى وهو مفرد *** وحيد من الاشباه ليس له صحب
بـــه علمت صهب الاعـــاجم انـه *** به أعربت عن ذات انفسها العرب
هو المشهد الفرد الذي ما نجا به *** لكسرى بن كسرى لا سنام ولا صلب
هذه صلات الفرس وعرب الشمال، كان للفرس مع هذا سلطان على ساحل الجزيرة
الشرقي واليمن:
حاول الجيش الاستيلاء على اليمن في القرن الثاني الميلادي وأتيح لهم أن يستولوا على بعض مدنه في القرن الثالث، ثم أخرجهم الحميريون، فلما تنصر الجيش في القرن الرابع أيدهم الرومان على الحميريين ففتحوا اليمن ٣٧٤ م، ويظهر أن الفرس طمحوا إلى اليمن منذ ذلك الحين، فقد كان النزاع الذي شجر بينهم وبين الروم منذ قامت الدولة الساسانية حريٍّا أن يلفَّهم إلى اليمن بعد أن تألب عليهِ الروم أعداؤهم الألدَّاء والحبش. ولسنا ندري من أخبار الفرس في اليمن شيئًا قبل القرن السادس الميلادي إذ تهوَّد تُبَّعٌ ذو نواس وأكره النصارى على التهوُّد وعذَّبهم فغضب لهم الروم والحبش، وأمد الإمبراطور جستنيان الحبش وسلَّطهم على اليمن حتى استغاث سيف بن ذي يزن كسرى أنوشروان فأمده بجيش حملتهُ السفن في الخليج الفارسي إلى عمان، ثم سار في البر وانحاز إليهِ أهل اليمن فهزموا الحبش وتولى على البلاد سيف بن ذي يزن حتى قتله حرسه الحبشي، فاستقل بأمر البلاد ولاة من الفرس توالوا عليها حتى جاءَ الإسلام والوالي يومئذ باذان، وفي هذه القصة يقول أبو الصلت الثقفي:
ليطلب الوتر أمثاــل ابن ذي يزن *** اذ صر في البحر للأعداء احوالا
اتى هرقـــل وقـــد شالت نعامتهم *** فلم يجد عنــده بعض الــذي قالا
ثم انتحى نحو كسرى بعد ساعة *** من السنين لقـــد أبعــــدت ايغالا
حتى اتى ببني الاحـــرار يحملهم *** تخالهم فوق متن الأرض اجبالا
… إلخ.
وإلى هذه القصة أشار البحتري في قصيدته التي وصف فيها إيوان كسرى، قال
بعد أن وصف الإيوان وما أصابهُ من الحدثان:
فلهـــا ان اعينهـــــا بـــدمــوع *** موقفـــــــات على الصابة حبس
ذاك عندي وليست الدار داري *** باقتراب منها ولا الجنس جنسي
غيـــر نعمي لاهلها عند اهلي *** غرســــوا من ذكائها خير غرس
ايدوا ملكـــنا وشــــــدوا قواه *** بكماة تحـــت السنور حمــــــس
والبحتري طائي قحطاني فهو يعترف بما أسدى الفرس على قومه ويقول: أيدوا
ملكنا … إلخ.
وبقي كثير من الفرس في اليمن واستعربوا وكانوا يسمون الأبناء، ولما جاء الإسلام أسلموا وأخلصوا لله إسلامهم، وكانوا من بعدُ عونًا على الثائرين في حروب الردة، وهم قتله الرجل الصالح فيروز » : قتلوا الأسود العنسي، وقد روي أن الرسول قال حين ذلك ويروى أن فيروز وفد على النبي، ورويت عنهُ أحاديث وعرف من رؤسائهم ،« الديلميُّ غير فيروز الديلمي. ويقال له فيروز الحميري أيضًا النعمان بن بُزُرك ومركبود، وهو أول من حفظ القرآن في صنعاء فيما يقال.
ولما ارتدت بعض قبائل اليمن بعد وفاة الرسول صلوات لله عليه وعل آلهِ كتب أبو بكر إلى بعض رؤساء اليمن: أما بعد فأعينوا الأبناء وحوطوهم واسمعوا من فيروز وجدوا معهُ فإني قد وليَّتهُ.
وقد رأى قيس بن عبد يغوث زعيم الثائرين أن فيروز والأبناء عقبة في طريقه فدبَّر لإخراجهم من اليمن ولكن فيروز لجأ إلى أخواله من قبيلة خولان وكتب إلى غيرهم من القبائل فأفسدوا على قيس تدبيره.
وكذلك كان للفرس سلطان على البحرين وجاءَ الإسلام وفي البحرين فرس مستوطنون ومرزبان اسمهُ سيبخت، ويروى أن الرسول صلوات لله عليه وسلامه كتب إليهِ فأسلم، وكان لفيروز المعروف بالمكعبر زعامة في حروب الردة هناك.
______________
(1) الطبري ج ٢ سابور وياقوت: الحضر، والرواية مختلفة.
(2) اسم كورة في إقليم الجبال بين أربل وهمذان.
(3) انظر ياقوت الحضر، والطبري: سابور.
(4) يعني الأكاسرة، وقصة حاجب بن زرارة معهم معروفة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|