المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



تربيته (عليه السلام)  
  
3386   02:47 مساءً   التاريخ: 2-02-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : الأئمة الاثنا عشر.
الجزء والصفحة : ....
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

التربية الروحية والفكرية والأخلاقية فقد تلقّاها علي (عليه السلام) في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهي الضلع من أضلاع شخصيته المباركة.

ولو أنّنا قسّمنا مجموعة سنوات عمر الإمام (عليه السلام) إلى خمسة أقسام لوجدنا القسم الأوّل من هذه الأقسام الخمسة من حياته الشريفة، يشكلّ السنوات التي قضاها (عليه السلام) قبل بعثة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله).

وانّ هذا القسم من حياته الشريفة لا يتجاوز عشر سنوات، لأنّ اللّحظة التي ولد فيها علي (عليه السلام )لم يكن النبي (صلى الله عليه وآله) قد تجاوز الثلاثين من عمره المبارك، هذا مع العلم بأنّه (صلى الله عليه وآله) قد بعث بالرسالة في سنّ الأربعين.

وعلى هذا الأساس لم يكن الإمام علي (عليه السلام ) قد تجاوز السنة العاشرة من عمره يوم بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالرسالة، وتوّج بالنبوّة.

إنّ أبرز الحوادث في حياة الإمام علي (عليه السلام) هو تكوين الشخصية العلوية، وتحقّق [ضلع من اضلاع شخصيته] بواسطة النبيّ الأكرم وفي ظلّ ما أعطاه (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام)من أخلاق وأفكار، لأنّ هذا القسم في حياة كل انسان وهذه الفترة من عمره هي من اللحظات الخطيرة، والقيمّة جدّاً، فشخصية الطفل في هذه الفترة تشبه صفحة بيضاء نقيّة تقبل كل لون وهي مستعدّة لان ينطبع عليها كل صورة مهما كانت، وهذه الفترة من العمر تعتبر بالتالي خير فرصة لأن ينمّي المربّون والمعلّمون فيها كلّما أودعت يد الخالق في كيان الطفل من سجايا طيّبة وصفات كريمة، وفضائل أخلاقية نبيلة، ويوقفوا الطفل عن طريق التربية على القيم الأخلاقية والقواعد الإنسانية وطريقة الحياة السعيدة، وتحقيقاً لهذا الهدف السامي تولّى النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) بنفسه تربية علي (عليه السلام) بعد ولادته، وذلك عندما أتت فاطمة بنت أسد بوليدها علي (عليه السلام ) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلقيت من رسول الله حبّاً شديداً لعلي حتى أنّه قال لها:

اجعلي مهده بقرب فراشي وكان (صلى الله عليه وآله) يطهّر علياً في وقت غسله، ويوجر اللبن عند شربه، ويحرّك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويلاحظه ويقول: هذا أخي، ووليّي وناصري وصفيّي وذخري وكهفي، وصهري، ووصيّي، وزوج كريمتي، وأميني على وصيّتي وخليفتي.

ولقد كانت الغاية من هذه العناية هي ان يتم توفير الضلع الثاني في مثلّث الشخصية وهو التربية بواسطته (صلى الله عليه وآله) وان لا يكون لاحد غير النبي (صلى الله عليه وآله) دخل في تكوين الشخصية العلوية الكريمة.

وقد ذكر الامام علي (عليه السلام) ما أسداه الرسول الكريم اليه وما قام به تجاهه في تلكم الفترة اذ قال: وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وليد يضمّني الى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمّني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.