المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23

المحبة لدى الطفل
2023-03-30
Honaker,s Problem
26-6-2020
البولميرات المنتظمة فراغياً
2024-04-03
أخطاء شائعة في مقابلة العمل
2024-04-28
الظروف البيئية المناسبة للكرز الحامض
4-1-2016
المبيدات الفيروسية
2-10-2016


أحمد مفتاح  
  
1962   01:28 مساءً   التاريخ: 4-8-2018
المؤلف : عمر الدسوقي
الكتاب أو المصدر : نشأة النثر الحديث و تطوره
الجزء والصفحة : ص108-109
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-06-2015 3063
التاريخ: 4-8-2018 2125
التاريخ: 26-1-2016 2761
التاريخ: 29-06-2015 2084

 

ومن ذوي الشهرة في كتابة الرسائل الشيخ أحمد مفتاح، وقد تخرج في دار العلوم سنة 1885، واشتغل بالصحافة والكتابة فيها زمنا، ثم اتصلت أسبابه بالسيد توفيق البكري، فصار معلمًا له، ثم صار مدرسًا للإنشاء بدار العلوم، وأقام بها سنتين وقد ترك عدة مؤلفات كلها تدل على تمكنه في اللغة، وعنايته بالكتابة وله وسائل عدة في مختلف الأغراض تنم كلها عن ذوق أدبي طيب، وعن قوة في الأداء، واهتمام بالصياغة والموسيقى: وكثيرًا ما تتضمن جملًا متتابعة خالية من السجع، كما كان يكثر من الإشارات التاريخية على طريقة ابن زيدون.
وهاكم رسالة في التعارف قبل اللقاء ، يقول الشيخ مفتاح:
"
لم أكن فيما أكتبه إليك إلا ساريًا في ليل التعارف على ضياء خلالك، والتي أملاها على لسان المدح، الذي شرق وغرب وطبق الأرض صبيته، وإني وإن لم
أكن أسعدت من قبل باجتلاء طلعتك الزاهرة، واجتناء مفاكهتك الغضة، فقد دلني على الليث زئيره، وعلى البحر خريره، وعلى العقل أثره، ولئن لم تجمعنا
لحمة النسب، فقد جمتنا حرفة الأدب، أو لم يضمنا قبل مصيف ومرتبع، فالطيور على أشكالها تقع، وشبه الشيء منجذب إليه، وأخو الفضائل هو المعول عليه.
وهذه الرقعة، إذا وصفت لك بعض ما أنا مطوي عليه من التهافت على رؤيتك، والميل إلى صداقتك، فقلما تنوب عن المشافهة، أو تقضي حاجات في النفس طالما تردد صداها، وفي ظني أن -سيدي- يود ما أوده وعما قليل يسفر الصبح عن اللقاء، ونتجاذب أهداب المعرفة، وأرى من سيدي فوق ما توسمنه، ويرى مني ما يرضيه والسلام".
وهنا كما ترى فرق في التعبير، ففي حين نرى الشيخ عبد الكريم يعبر عن عدم اللقاء الشخصي حتى آونة الكتابة بقوله: "وهذه أول رسالة أكتبها إلى من تكن لي به جامعة جسمية، ولم تضمني وإياه حفلة تعارف شخصية"، يقول الشيخ مفتاح: "وإني وإن لم أكن أسعدت من قبل باجتلاء طلعتك الزاهرة، واجتناء مفاكهتك الغضة"، وبينما يفصل الأول في مزايا من يكتب إليه بأنه له "آثارًا شهدناها، فاستفدناها، ومآثر سمعناها فرويناها، أو تناقلناها" يعمد الثاني إلى التعميم عن طريق الخيال والمجاز فيقول: "قد دلني على الليث زئيره وعلى البحر خريره، وعلى العقل أثره ... إلخ" ولا شك أن الثاني أقوى، وهكذا لو رحت توازن بين القطعتين لوجدت أن الشيخ مفتاح كان يكتب بقلم أديب متمكن في صنعته، وذواقة مرهف الحس لموضع الكلام، وأما الشيخ سلمان فتلمح في رسالته سمة العلماء على الرغم من قوة أدائه، وحسن تأدبه.

ومن رسائل الشيخ مفتاح في غرض آخر قوله، وقد أهدى أحد كتبه إلى بعض الأدباء: "الهداية "غمرك الله بالمعروف" تبسط يد المودة، وتدربها أخلاف القرب، وتغرس بين المتحابين من الائتلاف بقدر ما تقطع بينهما من شجر الخلاف، وما أنا فيما أهديه إليك إلا: كمستبضع تمرًا إلى أرض خيبر، أو كالواهب الماء للبحر، والضوء للبدر، والملك لسليمان، والمال لقارون، والحلم لأحنف، والذكاء لإياس، والتفسير لابن عباس، وما ذاك إلا كتاب كما تراه ضرب في الإحكام بسهم، ووعي من الأحكام ما خلت منه مفعمات الأسفار، وموجزات الرسائل، فهو كما قيل: "كل الصيد في جوف الفرا".
تزين معانيه ألفاظه ... وألفاظه زائنات المعاني
على أني وإن تطفلت عليك، وسقت لك هذا الكتاب مزدلفًا إلى جنابك الرحب، ومقامك الأسنى -فقد أصبت كبد الصواب، ووضعته حيث يعرفه أهله، ويتقبله من باذله عالموه، علمًا بأن عماد العلوم وأساس الفضائل، لا تغادر شاردة إلا وعيتها، ولا نادرة إلا رويتها، وإلا.
لو كان يهدي على قدري وقدركم ... لكنت أهدي لك الدنيا وما فيها
ولعلك لاحظت ما تضمنه من الإشارات التاريخية، وحسن التأني في عرض الهدية، وقلة ما ورد فيه من الفقر المسجوعة، وأنه كان يعتمد على الازدواج، والترادف الصوتي أكثر مما يعتمد على السجع.
ولا يسعنا أن نسترسل في إيراد الرسائل لمن اشتهروا بها في هذه الحقبة، فعددهم كثير، وكل له طابعه وأسلوبه، وطريقته في التأنق والصياغة وسأكتفي بذكر اثنين منهم أولهما زعيم من زعماء الوطنية، ومن ذوي الأقلام القوية، واشتغل بالسياسة والصحافة، ولكن كانت تغلب عليه ثقافته اللغوية، والأدبية ويسعفه محفوظه من جيد الكلام نثره وشعره، وبخاصة حين يدبج رسالة إلى صديق يضاهيه في أدبه وفضله، أو إلى حبيب يعتب عليه جفاءه، ويستجدي رضاءه.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.