أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-6-2018
2000
التاريخ: 2024-01-10
868
التاريخ: 6-1-2019
2345
التاريخ: 25-8-2019
1298
|
ابرز حركات المعارضة
أ- حركة بابك الخرمي (201-223هـ/816-838م)
وردت الانباء الى الخليفة المأمون في سنة (201هـ/816م) بتحرك بابك، فوجه له عيسى بن محمد بن ابي خالد لمحاربته في سنة (205هـ/820م) (1) ، ثم وجه اليه علي بن هشام سنة (207هـ/822م) (2) .
ويعد بابك الخرمي (3) سبب خروج الروم البيزنطيين الى مدينة زبطرة وتدميرها في سنة (222هـ/837م) . فلما ضاق الامر ببابك الخرمي وأشرف على الهلاك كتب الى الامبراطور تيوفيل بقصد اشعال الفتنة:" ان ملك العرب قد وجه اليك جميع عساكره " (4). وكان قصده من ذلك اشعال نار الحرب بين العرب المسلمين والروم البيزنطيين، وتظاهر بابك ايضاً بانه مسيحي ووعد بتنصير اصحابه كذلك (5). واراد من ذلك كسب الامبراطورية البيزنطية الى جانبه لمساعدته ضد العرب المسلمين، واضعاف الجبهة العباسية.
وذكر لنا الطبري (6) العمليات الحربية التي قام بها الخليفة المأمون التي لم تفلح في القضاء نهائياً على هذه الحركة، ربما بسبب تهاون الخليفة المأمون في تعزيز القوات المواجهة للحركة البابكية سواء بالرجال أو الاموال وتفضيله المواجهة مع الروم البيزنطيين خلال السنوات (214-218هـ/829-833م) مما جعل الحركة بمنأى عن معركة فاصلة وحاسمة للقضاء عليها (7). ولانشغال جزء من القوات العباسية لتوطيد الامن في اقليم أرمينية واخضاع المتغلبين على بعض مناطقها (8) ، فضلاً عن انشغال اخي الخليفة ابي اسحاق المعتصم في اخماد حركات القبائل العربية والاقباط في مصر(9).
وقد ارهق بابك قوى الخلافة العباسية في الداخل وشغلها عن حرب الروم البيزنطيين، ففي سنة (220هـ/835م) وجه بابك سرية ، فأغارت على بعض النواحي ، ولكن العرب المسلمين كانوا له بالمرصاد فاسروا جماعة منهم ، واستنقذوا ما كانوا أخذوه من المسلمين ، وسيروا الرؤوس والاسرى الى الخليفة المعتصم (10) وهو الخليفة العباسي الذي تمكن من القضاء على بابك الخرمي نهائيا والقاء القبض عليه ، ولما وصل الافشين وهو احد القادة البارزين للخليفة المعتصم الذي كان له الدور الكبير في القاء القبض على بابك الى سامراء انزله في قصره الذي في المطيرة (11) ، امر الخليفة المعتصم جيشه بالاصطفاف على جانبي الشارع من باب العامة الى المطيرة وحمل بابك على الفيل (12) لإشهاره بين الناس . فامر الخليفة بقتله وصلبه لانه الخارج الذي قتل القواد واخرب البلاد وملأ القلوب هيبة ومخافة (13) . وأدت حركة بابك الى تأخير الخليفة المعتصم للثأر لأهل زبطرة لما حل بها ولعدة اشهر. وبعد القضاء على حركة بابك الخرمي تحولت انظار وجهود الخليفة المعتصم الى مدينة عمورية في سنة (223هـ/838م) (14) . واثرت هذه الحركة في الدولتين وذلك لوقوع اعداد كبيرة من الاسرى من خلال الحرب، وكذلك انشغال الخلافة عن مشاكل الاسرى، فضلاً عن ضعف الثغور واهمال شؤونها وحمايتها.
ب- حركة توماس الصقلبي (205-208هـ/820-823م)
لا تتحدث المصادر العربية عن الثورة الخطيرة التي واجهها البيزنطيون ولا عن موقف المسلمين من هذه الثورة ، ولكن مؤرخي التاريخ البيزنطي وبعض المؤرخين الشرقيين غير العرب مثل ميشيل السوري يتكلمون كثيراً عن ثورة توماس وتأييد العباسيين لها ، فقد ابدى الخليفة المامون نواياه العدائية ضد الروم البيزنطيين وذلك بتأييد ثورة تعرض لها مؤسس الاسرة العمورية ميخائيل الثاني العموري (820 –829م) ، وكان لدى الامبراطور البيزنطي فرصة مماثلة في تأييد حركة بابك الخرمي في الخلافة العباسية (15).
وتكمن اهمية هذه الثورة سياسياً انها شكلت حلفاً حقيقياً كاملاً بين توماس والعرب. أي انها حظيت بتأييد كامل من العرب المسلمين، فلم يكن وجود الفرق العربية في جيش توماس اتفاقاً ، ولم يكن دخولهم فيه رغبة في السلم والغنيمة ، وانما كان الخليفة المأمون في ذلك متبعاً خطة دقيقة التحديد عدائية للروم (16). وقد اضعفت هذه الحركة بيزنطة وبخاصة قوتها البحرية والبرية ، ودفعت ثمنها على جبهة الثغور مع الخلافة العباسية
ويقول Bury (17) : ان الخليفة المأمون فوض اشخاصاً مسؤولين لمقابلة توماس ، وانعقد تحالف بين الجانبين اعترف فيه المأمون بتوماس امبراطوراً على الروم بمساعدته لتنحية خصمه عن العرش ، وفي مقابل هذا قيل ان توماس وافق لا على تسليم اقاليم معينة عند الحدود فحسب ، بل على ان يكون تابعاً للخليفة ولعل المقصود بذلك دفع الجزية له .
وتعد حركة توماس المستفيد من الصراع الديني الداخلي بين الايقونيين واللاايقونيين ثورة اجتماعية ضد الطغيان الرومي وتحكم الحكام والموظفين، فوجد سكان اسيا الصغرى المجهدين والمستضعفين املهم الوحيد في حركة توماس لتحريرهم وتخليصهم وتحسين مستقبلهم " فرفع الخادم يده في وجه سيده والجندي في وجه قائده والقائد في وجه اميره " (18).
وبعد ثلاث سنوات من بداية الحركة باءت امال المجتمع البيزنطي بالفشل، فقد وجدوا ان توماس لم يبد كفوءاً ليمثل الدور الذي وقع فيه. وقد تم القاء القبض على توماس بعد اغراء افراد من انصاره فسلموه الى الامبراطور ، وهكذا انتهت حركة توماس الصقلبي بالفشل (19) ، وعلى اثرها وجه الخليفة المامون كل انتباهه لمشاكل الخلافة الداخلية ، وقام بتأجيل خطته العسكرية بشن حملة ضد الامبراطورية البيزنطية (20) ، بسبب الفتن والمشاكل الداخلية الخطيرة في الامبراطورية البيزنطية ، ورغبة بيزنطة باصلاح ما سببته الحرب الداخلية من خسائر كبيرة لسكانها ، فأوفد الامبراطور البيزنطي وفداً الى الخليفة المامون يطلب منه هدنة، فرفض الخليفة واغار العرب المسلمون على ارض الروم البيزنطيين (21) . شكلت هذه الحركة مشكلة سياسية كبيرة بين الدولتين العباسية والبيزنطية، وعمت اثارها ونتائجها على الدولتين ايضاً من خلال شن المأمون حملته على ارض الروم وانتصر فيها ووقع فيها الكثير من القتلى والاسرى من الطرفين المتحاربين. فضلاً عن انه طيلة الحركة التي دامت ثلاث سنوات لم يتم تبادل الاسرى مما زاد في حدة المشكلة وتعمقها بين الدولتين.
ج - حركة الزنج (255-270هـ/869-883م)
وهي الحركة التي قادها ونظمها علي بن محمد بن عبد الرحيم والتي بدأت من البصرة (22) ، وانها الحركة التي دوخت العباسيين ردحاً طويلاً من الزمن استمرت ما يقرب من خمسة عشر عاماً (23) .
وقامت هذه الحركة لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية، اما بالنسبة للأسباب السياسية فالحركات التي قامت منذ مقتل الخليفة المتوكل سنة (247هـ/861م) حتى خروج علي بن محمد على رأس الزنج سنة (255هـ/869م) كانت كثيرة، ابتدأت في عهد الخليفة المستعين (248-252هـ/862-866م) فكانت، كما يقول ابن الطقطقي (24) : " ايام فتن ، وحروب ، وخروج خوارج " . ومن الذين خرجوا في عهده يحيى بن عمر العلوي الذي خرج من الكوفة، لكنه لقي مصرعه سنة (249هـ/863م) (25) .
وفي عهد الخليفة المعتز (252-255هـ/866-869م) ظهر يعقوب بن الليث الصفار (26) واستولى على فارس ومدن اخرى (27) . وفي سنة (254هـ/865م) ثار مساور بن عبد الحميد الخارجي الذي اقترب من سامراء (28).
وفي عهد الخليفة المهتدي (255-256هـ/869-870م) ، ثارت العامة في بغداد عند تعيينه (29) ، وثار الحسن بن زيد العلوي بطبرستان (30).وعلى اثر الحركات السابقة خرج في سنة (255هـ/869م) علي بن محمد في ظاهر البصرة (31). وأضعفت هذه الحركات جبهة الثغور، وانشغلت الخلافة العباسية واماراتها بمحاربتهم، مما ادى الى استغلال بيزنطة لذلك الوضع لصالحها. فضلاً عن سوء العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي كانت مهيأة لقيام الحركة، فقد اصبحت مالية الخلافة العباسية في تأخر ملحوظ لازدياد صرف الاموال (32). مما ادى الى ازدياد غضب وسخط العامة على الخلافة العباسية. اضافة الى ان هؤلاء الزنج جلبوا كرقيق من افريقيا، فأصبحوا يعملون كعبيد ورقيق في الخلافة العباسية (33) ، مما ادى الى ازدياد نقمتهم ضد العرب المسلمين والخلافة فقاموا بحركتهم هذه .
وقد ارسلت الخلافة العباسية الجيوش والقواد الواحد تلو الاخر الى ان تمكنت من القضاء على حركة الزنج الكبيرة سنة (270هـ/883 م) (34)، ويمكن القول بان حركة الزنج عطلت الحياة الاقتصادية في جزء واسع ونشيط من الخلافة العباسية، فتوالت الهزائم على جيوش الخلافة داخلياً وخارجياً، وخسرت الخلافة أموالاً طائلة وخاصة الاتية من الضرائب والتجارة . فضلاً عن انعكاساتها على جبهة الثغور، التي جعلت الخلافة لا تبدي اهتماماً كبيراً بها وتركتها على عاتق امرائها المحليين، مما شجع بيزنطة على القيام بغارات متعددة وقع فيها عدد كبير من الاسرى والسبايا، ولم تحدث الكثير من عمليات تبادل الاسرى، واوكلت مهمتها الى امراء الثغور حصراً (35).
د- حركة القرامطة (261-295هـ/874-907م)
القرامطة هم فرقة من فرق الاسماعيلية وكان مركزها في اول ظهورها في مدينة واسط بين البصرة والكوفة وما حولها (36).
ويمكننا القول ان الدعوة المنظمة لقرامطة العراق بدات ما يقرب من سنة (261هـ/874م) ، وانتجت اول حركة مسلحة سنة (278هـ/891م) ، ثم تراخت الحركة بعد سنة (286هـ/899م) وذلك حين اختفى رئيس دعاتها حمدان بن قرمط ، واخمدت الحركة فعلاً بعد فشلها العسكري سنة (295هـ/907م) ، وحلت بها الضربة الاخيرة سنة (316هـ/928م) (37) . وامتدت الحركة الى الجزيرة والشام واضعفت جبهة الثغور وانشغلت الامارات المحلية بمحاربتها.
وساعدت الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة للجماعات التي اعتنقت الدعوة القرمطية في مدينة الكوفة خاصة، على نجاح دعوة القرامطة وانتشارها. وسموا بهذا الاسم نسبة الى رئيسهم المدعو حمدان بن قرمط (38). وظهر القرامطة في مناطق الاخرى كالبحرين وبلاد الشام واليمن وغيرها من المناطق الاخرى، وأدوا فيها دوراً كبيراً وافعالاً سوداء (39).
وشغلت حركة القرامطة هذه الخلافة العباسية عدة سنوات، وهزم القرامطة جيوش العباسيين في عدة مواقع بحيث أنهكت القوى العسكرية والاقتصادية للخلافة العباسية التي انشغلت بمقاومتهم. وبذلك اثرت هذه الحركة في اوضاع الثغور ولا سيما تلك التي ظهرت في بلاد الشام، واستغلت بيزنطة هذه الاوضاع لتهاجم جبهة الثغور. وتوقع اعداد جديدة من الاسرى والسبايا (40). مما خلق اجواء غير مناسبة وجعل مشكلة الاسرى بين الدولتين شبه معطلة.
_______________
(1) الطبري ، تاريخ ، 5/9/257 .
(2) المصدر نفسه ، 5/9/266.
(3) ظهر بابك الخرمي في المنطقة المحصورة بين اذربيجان وارمينية ، ودعا بابك الناس الى الديانة الخرمية، وحلل لهم الحرمات ، واخذت حركته تتوسع وتنتشر خصوصاً بعدما لقي المساعدة من الامبراطور البيزنطي التي شكلت خطراً على الخلافة العباسية . للمزيد ينظر : المصدر نفسه ، 5/10/300.
(4) المصدر نفسه ،5/10/303 ؛ مجهول ، المصدر السابق ، 3/ 389.
(5) عثمان ، المرجع السابق ، 2/201.
(6) تاريخ ، 5/10/138.
(7) الازدي ، تاريخ الموصل ، ص198 ؛ مجهول ، المصدر السابق ، 3/373.
(8) اليعقوبي ، تاريخ 3، /198.
(9) الطبري ، تاريخ ، 5/10/290.
(10) ابن الاثير ، المصدر السابق ، 6/447.
(11) المطيرة : قرية من نواحي سامراء . الحموي ، المصدر السابق ، 5/ 151.
(12) الطبري ، تاريخ ، 5/10/345.
(13) ابن الفقيه ، المصدر السابق ، ص52.
(14) الطبري ، تاريخ ، 5/10/337.
(15) نقلاً عن: عثمان ، المرجع السابق ، 2/173.
(16) فازيليف ، المرجع السابق ، ص28.
(17) op.cit.p.55. وينظر : لويس ، المرجع السابق ،ص137 ؛ ابراهيم ، المرجع السابق ، ص67-68.
(18) فازيليف ، المرجع السابق ، ص29.
(19) المرجع نفسه ، ص51.
(20) عثمان ، المرجع السابق ، 2/174.
(21) فازيليف، المرجع السابق، ص 51. والتفاصيل الكاملة لحركة توماس الصقلبي موجودة من ص 28-51.
(22) ابن تغري ، المصدر السابق ، 3/21 ؛ ابن الوردي ، المصدر السابق ، 1/233.
(23) احمد علبي ، ثورة الزنج وقائدها علي بن محمد (255-270هـ/869-883م) ، ط1 ، (بيروت : منشورات دار مكتبة الحياة ، 1961) ، ص 13.
(24) المصدر السابق ، ص 176 .
(25) اليعقوبي ، تاريخ ، 3/221.
(26) للمزيد عن الحركة الصفارية وبدايتها ينظر : ابن الاثير ، المصدر السابق ، 7/184.
(27) المصدر نفسه ، 7/191 ، 290 ؛ ابن تغري ، المصدر السابق ، 3/35.
(28) اليعقوبي ، تاريخ ، 3/225 ؛ الطبري ، تاريخ ، 6/11/155 ؛ ابن الاثير ، المصدر السابق ، 7/188 ، 205.
(29) حسن ابراهيم حسن ، تاريخ الاسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي 132-232هـ/749-847م ، ط8 ، (القاهرة : مكتبة النهضة المصرية ، 1976) ، 3/37.
(30) المسعودي ، مروج ، 2/413.
(31) الطبري ، تاريخ ، 6/11/177 ؛ ابو الفدا ، المصدر السابق ، 2/228.
(32) المسعودي ، مروج ، 4/108.
(33) احمد شفيق ، الرق في الاسلام ، تعريب : احمد زكي ، ط2 ، ( مصر : د.ت ) ، ص83-97.
(34) الطبري ، تاريخ ، 6/11/177-190 ؛ وللمزيد عن ثورة الزنج ينظر : علبي ، المرجع السابق .
(35) المسعودي ، مروج ، 4/125.
(36) الطبري ، تاريخ ، 6/11/337.
(37) عبد العزيز الدوري ، تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري ، ط2 ، ( بيروت : دار المشرق، 1974) ، ص82.
(38) محمد عبد الفتاح عليان ، قرامطة العراق في القرنين الثالث والرابع الهجريين ، (القاهرة : الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر ، 1970 ) ،ص26.
(39) الطبري ، تاريخ ، 6/11/342 ؛ ابن الاثير ، المصدر السابق ، 7/397.
(40) عليان ، المرجع السابق ، ص185.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|