في لزوم إتّباع الإمام الحيّ من آل محمد عليهم السّلام
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج4/ص193-195
2025-12-14
64
الروايات التي تدلّ على أنّ الهادي ليس أمير المؤمنين عليه السلام فحسب، بل أنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام بالترتيب هم مصاديق لهذا العنوان. ونقسم هذه الروايات إلى قسمين:
القسم الأوّل: الروايات التي تُشعر أنّ القرآن المجيد لم ينزل في شخص على وجه التعيين، لأنّه لو كان كذلك لمات القرآن أو إحدى آياته بموت ذلك الشخص. ولمّا كان القرآن حيّاً أبداً، لذلك لا بدّ من وجود مصداق حيّ ومعبِّر لآياته دائماً. روى السيّد البحرانيّ، والمجلسيّ عن «تفسير العيّاشيّ» عن عبد الرحيم القصير أنّه قال: كُنْتُ يَوْماً بَيْنَ الأيّامِ عِنْدَ أبي جَعْفَرٍ عَلَيهِ السَّلام فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحِيمِ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ. قَالَ: قَوْلُهُ: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: "أنَا الْمُنْذِرُ وعَلِيّ الْهَادِي، مَنِ الْهَادِي إلى الْيَوْمِ؟[1] فَسَكَتُّ طَويلَا ثُمَّ رَفَعْتُ رَأسِي فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هِيَ فِيكُمْ تَوَارَثُونَهَا رَجُلٌ فَرَجُلٌ حتى انْتَهَتْ إلَيْكَ فَأنْتَ جُعِلْتُ فِدَاكَ الْهَادِي. قَالَ: صَدَقْتَ يَا عَبْدَ الرَّحِيمِ أنّ الْقُرْآنَ لَا يَمُوتُ والآيَةُ حَيَّةٌ لَا تَمُوتُ، فَلَوْ كَانَتِ الآيَةُ في الأقْوَامِ مَاتُوا فَمَاتَ الْقُرْآنُ ولَكِنْ هِيَ جَارِيَةٌ في الْبَاقِينَ كَمَا جَرَتْ في الْمَاضِينَ. وقَالَ عَبْدُ الرَّحِيمِ: قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ عَلَيهِ السَّلَامُ: أنّ الْقُرآنَ حَيّ لَمْ يَمُتْ وأنّهُ يَجْرِي كَمَا يَجْرِي اللَّيلُ والنَّهَارُ وكَمَا يَجْرِي الشَّمْسُ والْقَمَرُ ويَجْرِي على آخِرِنَا كَمَا يَجْرِي على أوَّلِنَا"[2].
وروى محمّد بن يعقوب الكلينيّ في «الكافي» بسنده عن أبي بصير أنّه قال: قُلْتُ لأبي عبْدِ اللهِ عَلَيهِ السَّلَامُ {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ الْمُنْذِرُ وعَلِيّ الْهَادِي. يَا أبَا مُحَمَّدٍ هَلْ مِنْ هَادٍ الْيَوْمَ؟ قُلْتُ: بلى جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا زَالَ مِنْكُمْ هَادٍ بَعْدَ هَادٍ حتى دُفِعَتْ إلَيْكَ. فَقَالَ: رَحِمَكَ اللهُ يَا أبَا مُحَمَّدٍ لَوْ كَانَتِ إذَا نَزَلَتْ آيَةٌ على رَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مَاتَتِ الآيةُ مَاتَ الْكِتَابُ، ولَكِنَّهُ حَيّ يَجْرِي فِيمَنْ بَقَى كَمَا جَرَى فِيمَن مَضَى[3].
القسم الثاني: الروايات التي تجعل الأئمّة عليهم السلام مصاديق لعنوان الهادي بصورة مباشرة دون الاستشهاد بتطبيق الآية {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} عليهم من باب الجري والتطبيق، والاستدلال بحياة القرآن.
فقد روى أبو الحسن محمّد بن أحمد بن عليّ بن شاذان الفقيه عن طريق العامّة بإسناده عن عبد الله بن عمر أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: "بِي انْذِرْتُمْ وبِعَلِيّ بْنِ أبي طَالِبٍ اهْتَدَيْتُمْ. وقَرَأ: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ}. وبِالْحَسَنِ اعْطيتُمُ الإحْسَانَ وبِالْحُسَينِ تَسْعَدُونَ وبِهِ تَشْقُونَ. ألَا وأنّ الْحُسَينَ بَابٌ مِنْ أبْوَابِ الْجَنَّةِ مَنْ عَانَدَهُ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ رِيحَ الْجَنَّةِ"[4].
وروى العيّاشيّ عن مسعدة بن صدقة، عن الإمام جعفر الصادق، عن أبيه، عن جدّه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: فِينَا نَزلَتْ هَذِهِ الآيةُ: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ}. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: أنَا الْمُنْذِرُ وأنْتَ الْهَادي يَا عَلِيّ، فَمِنَّا الْهَادِي والنَّجَاةُ والسَّعَادَةُ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"[5].
[1] جاءت كلمة «إلَي» في «تفسير البرهان»، وفي «غاية المرام» أيضاً، لكنّها لم ترد في «بحار الأنوار».
[2] «غاية المرام» ص 237، الحديث السادس عشر، و«تفسير البرهان» ج 1، ص 519 و«بحار الأنوار» ج 9، ص 76.
[3] «اصول الكافي» ج 1، ص 192. وجاءت متكرّرة في «تفسير البرهان» ج 1، ص 518، و«غاية المرام» ص 235، الحديث الثالث.
[4] «غاية المرام» ص 235 الحديث السادس، و«تفسير البرهان» ج 1، ص 519.
[5] «تفسير البرهان» ج 1، ص 519.
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة