الأئمة عليهم السّلام هم ورثة كتاب الله
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج4/ص59-61
2025-12-07
61
روى الحاكم الحسكانيّ عن أبي حمزة الثماليّ، عن الإمام السجّاد عليه السّلام قال أبو حمزة: أنّي جَالِسٌ عِنْدَهُ إذْ جَاءَهُ رَجُلانِ مِنْ أهْلِ الْعِراقِ فَقَالا: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ جِئْنَاكَ (كَيْ) تُخْبِرْنَا عَنْ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: ومَا هِيَ؟ قَالا: قَوْلُ الله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا} فقَالَ: يَا أهْلَ الْعِراقِ! وأيِّشْ يَقُولُونَ؟ قَالا: يَقُولُونَ أنّهَا نَزَلَتْ في امَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، فَقَالَ عَلِيّ بْنُ الْحُسَيْنِ: امَّةُ مُحَمَّدٍ كُلُّهُمْ إذاً في الْجَنَّةِ؟! قَالَ: فَقُلْتُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ، فِيمَنْ نَزَلَت؟ فَقَالَ: نَزَلَتْ واللهِ فِينَا أهْلَ الْبَيْتِ- ثَلَاثَ مَرّاتٍ- قُلْتُ: أخْبِرنَا مَنْ فِيكُمْ الظّالِمُ لِنَفْسِهِ؟ قَالَ: الذي اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُ وسَيِّئاتُهُ- وهُوَ في الْجَنَّةِ- فَقُلْتُ: والْمُقْتَصِدُ؟ قَالَ: الْعَابِدُ لِلهِ في بَيْتِهِ حتى يَأتِيَهُ الْيَقِينُ. فَقُلْتُ: السّابِقُ بِالْخَيْرَاتِ؟ قَالَ: مَنْ شَهَرَ سَيْفَهُ ودَعَا إلى سَبيلِ رَبهِ"[1].
وقد استدلّ الإمام الرضا عليه السلام للمأمون بمثل هذا الكلام عند ما ذكر له أنّ المراد من وارثي الكتاب هنا هم عترة النبيّ لا غير. وجاء هذا ضمن رواية مفصّلة أثبت فيها الإمام الرضا في مجلس المأمون اثنتي عشرة ميزة للعترة الطاهرة مستلهماً ذلك من القرآن الكريم. وقد أخرج الشيخ الصدوق هذه الرواية بالتفصيل في «عيون أخبار الرضا»[2]، وكذلك أخرج السيّد البحرانيّ في «غاية المرام» قسماً موجزاً منها كشاهد لإثبات الميراث[3]، وأخرج المجلسيّ ملخّصاً لها عن «تفسير عليّ بن إبراهيم» عن أبان بن الصلت[4].
يقول المجلسيّ: يقول السيّد عليّ بن طاووس في كتاب «سَعد السُّعود»: وجدت كثيراً من الأخبار قد ذكرت بعضها في كتاب «البهجة بثمرة المُهجة» متضمّنة أنّ قوله جلّ جلاله {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا} (الآية) أنّ المراد بهذه الآية جميع ذرّيّة النبيّ، وأنّ الظالم لنفسه هو الجاهل بإمام زمانه، والمقتصد هو العارف به، والسابق بالخيرات هو إمام الوقت عليه السلام.
فممن روينا ذلك عنه الشيخ أبو جعفر محمّد بن بابويه من كتاب «الفرق» بإسناده إلى الصادق عليه السلام، ورويناه من كتاب «الواحدة» لابن (أبي) جمهور فيما رواه عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهما السلام، وروينا من كتاب «الدلائل» لعبد الله بن جعفر الحِميريّ عن مولانا الحسن العسكريّ ورويناه من كتاب محمّد بن عليّ بن رياح بإسناده عن الصّادق عليه السلام، ورواه من كتاب محمّد بن مسعود بن عيّاش في تفسير القرآن، ورويناه من «الجامع الصغير» ليونس بن عبد الرحمن، ورويناه من كتاب عبد الله بن حمّاد الأنصاريّ، ورويناه كتاب إبراهيم الخزّاز وغيرهم رضوان الله عليهم لم يحضرني ذكر أسمائهم والإشارة إليهم[5].
هذه مجموعة من الروايات التي ذكرناها آنفاً في تفسير الآية الكريمة الشريفة، وقد ذكرنا توّاً عدداً منها. وقد اتّضح من هذا كلّه أنّ أمير المؤمنين كان وحيد عصره في الصفات الإنسانيّة العليا، وكان فريد دهره والجوهرة المتألّقة في عالم الخلقة، وكان معلّم البشريّة وقدوة التعاليم الصالحة، ونهل الخيرات، ومعدن البركات، وفخر بني آدم، والملائكة والأنبياء. وما أروع كلام النبيّ الخضر عليه السلام عند ما أثنى عليه ومجدّه بالصفات السامقة، وبكى على مصيبته.
[1] «شواهد التنزيل» ج 2، ص 104.
[2] «عيون أخبار الرضا» ص 149.
[3] «غاية المرام» ص 352، الحديث العاشر.
[4] «بحار الأنوار» ج 7، ص 45.
[5] «بحار الأنوار» ج 7، ص 45؛ وفي الطبعة الحروفيّة ج 23، ص 219 و220.
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة