غزوة غطفان
المؤلف:
هاشم معروف الحسني
المصدر:
سيرة المصطفى
الجزء والصفحة:
ص379-380
2025-11-09
27
لقد استفاضت أنباء محمد وأصحابه بين العرب ، وأدخلت تلك الأنباء الرعب في قلوب القبائل العربية لا سيما من كان قريبا منها إلى المدينة .
لقد دخل محمد وأصحابه بالأمس القريب وهم قلة يتلمسون في المدينة ملجأ يحميهم من غارات قريش وجيرانهم العرب واليهود ، واليوم أصبحوا يقفون في وجه قريش ويجلون يهود المدينة بني قينقاع ويرسلون السرايا تتهدد الطرق والمسالك إلى الشام فيقتلون ويأسرون ، ويعرضون رحلات قريش والعرب وتجارتهما للمخاطر ، فما ذا تراهم يصنعون في مقابل هذا الزحف المتصاعد يوما بعد يوم ، ومن حقهم ان يفكروا في مصيرهم ، وفيما عسى ان يصيبهم من محمد وأصحابه ان ظفروا بهم ، ولكن الغرور كان يستولي أحيانا على بعض القبائل ، فتسول لهم نفوسهم ان يعادوا الرسول ، ولو بغزو المدينة إذا اقتضى الأمر ذلك .
فمن ذلك ان جماعة من غطفان من بني ثعلبة بن محارب تجمعوا يريدون حرب الرسول ( ص ) فبلغه خبرهم فخرج إليهم في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من السنة الثالثة للهجرة ، ومعه أربعمائة وخمسون رجلا من المسلمين ، وما ان تسامع الاعراب بخبره حتى فروا إلى رؤوس الجبال ومضى مع أصحابه حتى بلغ ماء يقال له ذو آمر .
وجاء في البداية والنهاية ان هذه الغزوة يقال لها غزوة ( ذي آمر ) فعسكروا على ذلك الماء وأصابهم مطر كثير فابتلت ثياب النبي ( ص ) ، فنزل تحت شجرة هناك ونشر ثيابه لتجف رطوبتها ، والمشركون من على رؤوس الجبال ينظرون إليه ، فأرسل المشركون رجلا منهم فتاكا يقال له دعثور بن الحارث ، وقالوا له قد أمكنك اللّه من قتل محمد ، فذهب إليه دعثور ومعه سيف صقيل حتى قام على رأسه والسيف مشهور بيده فقال له : يا محمد من يمنعني منك اليوم ؟ فقال النبي : اللّه يمنعك .
ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده ، فأخذه رسول اللّه ( ص ) وقال لدعثور : من يمنعك مني ؟ فقال لا أحد ، وانا أشهد أن لا إله إلا اللّه وان محمدا عبده ورسوله ، واللّه لا أكثر عليك جمعا ابدا ، فأعطاه رسول اللّه سيفه ، فلما رجع إلى أصحابه ، قالوا له ويلك ما ذا صنعت قال : نظرت إلى رجل طويل فدفع في صدري فوقعت لظهري فعرفت انه ملك ، وشهدت ان محمدا رسول اللّه ، وأعطيته عهدا ان لا أكثر عليه جمعا أبدا .
ثم جعل يدعو قومه إلى الاسلام وجاء في البداية والنهاية ان الآية التالية نزلت بهذه المناسبة :
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ( المائدة 11 ) .
وموضع التساؤل في هذه القصة ان النبي ( ص ) هل كان ينفرد عن أصحابه في غزواته ، وهل يتركه أصحابه وحيدا في تلك الفلاة والمشركون على مقربة منهم ، وهب أنه ذهب إلى الشجرة ليجفف ثيابه من المطر ، ولكن كيف تركه ذلك الجيش المؤلف من أربعمائة وخمسين مقاتلا ، وخفي عليهم ذلك الرجل الذي تحدر من الجبل لاغتياله وهو بعيد عن أصحابه كما جاء في رواية البداية والنهاية ، كل ذلك يدعو إلى الشك في رواية ابن كثير واللّه العالم بحقيقة الحال .
الاكثر قراءة في حاله بعد الهجرة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة