غزوة بني السويق
المؤلف:
هاشم معروف الحسني
المصدر:
سيرة المصطفى "ص"
الجزء والصفحة:
ص377-378
2025-11-09
22
وكان من الطبيعي ان ينكمش من بقي في المدينة على أنفسهم بعد ما جرى لأحلافهم بني قينقاع ، وان يبدو على المدينة الهدوء ولو في المظهر الذي يعقب كل عاصفة وكل اعصار ، وظل الناس شهرا كاملا والهدوء يخيم على المدينة ، فالمنافقون قد انكمشوا على أنفسهم بعد جلاء احلافهم وحادثة بدر بالأمس القريب التي أطاحت بجبابرة قريش وساداتها لقنت القبائل العربية درسا لم يكن ليدخل في حساب أحد من الناس .
شهر كامل ظل فيه الهدوء مخيما على المدينة وجوارها وكان من المنتظر ان تتلوه شهور لولا ان أبا سفيان لم يطق البقاء في مكة قابعا تحت خزي الهزيمة ودون ان يعيد إلى أذهان العرب في شبه الجزيرة ان قريشا لا تنام على الضيم ولا تزال تحتفظ بقوتها ومقدرتها على الغزو .
وكان كما ذكرنا قد حلف بعد نتائج بدر ان لا يمس رأسه الماء حتى يغزو محمدا فجمع مائتي راكب من قريش وخرج بهم متخفيا حتى بلغ مكانا قريبا من المدينة ، وخرج في الليل سحرا حتى بلغ بني النضير فأتى حيي بن أخطب وضرب عليه بابه فأبى ان يفتح له فانصرف عنه إلى رجل يدعى سلام بن مشكم وكان من سادة بني النضير يوم ذاك ، فاستأذن عليه فأذن له وقدم له الشراب واستعلم منه اخبار المسلمين ، ورجع أبو سفيان إلى أصحابه وساروا حتى بلغوا العريض في القرب من المدينة فوجدوا رجلا من الأنصار وحليفا له في حرث لهما فقتلوهما وحرقوا بيتين في العريض ، وتخيل انه قد بر بذلك يمينه فانكفأ هاربا خائفا أن يخرج النبي في أصحابه إليهم وهم لا يزالون على مقربة من المدينة .
ولما بلغ خبره النبي ( ص ) خرج مع جماعة من المسلمين في طلبه حتى بلغوا قرقرة الكدر ، وأبو سفيان ومن معه جادون في الفرار خوفا من أن يلحق بهم النبي وأصحابه ، والمسلمون يلتقطون ما يجدونه في طريقهم من السويق وغيره .
ولما رأى النبي ( ص ) ان القوم قد امعنوا في الفرار رجع مع أصحابه إلى المدينة ، وانقلب فرار أبي سفيان عليه خزيا وعارا ، بعد ان كان يظن أن غزوته هذه ترفع من شأنه وتعيد إلى قريش شيئا من مكانتها .
وبسبب السويق الذي ألقته قريش لتخفف عنها أعباء الفرار سميت تلك الغزوة بهذا الاسم كما ينص على ذلك المؤلفون في سيرة الرسول ( ص ) .
الاكثر قراءة في حاله بعد الهجرة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة