خرائط التوزيع بالنقط الكمية
المؤلف:
د. فتحي عبد العزيز ابو راضي
المصدر:
خرائط التوزيعات البشرية ورسومها البيانية
الجزء والصفحة:
ص 260 ـ 266
2025-10-26
35
يعد خريطة التوزيع بالنقط من أبسط أنواع الخرائط التي تستخدم رموز الموضع الكمية، كما أنها نوع مفيد من خرائط التوزيعات الكمية التي تمثل فيه الكميات بنقط ذات حجم منتظم ولكل نقطة منها مدلول كمى يختار بطريقة مناسبة، ولذا فإنها غالباً ما تسمى بخرائط الرموز الموحدة، إذ أننا نعتبر النقطة رمزاً لمفردات ظاهرة معينة يتوحد عند تمثيلها هذه النقطة فلا تبدو إحداها صغيرة والأخرى كبيرة. ويناسب هذا النوع من خرائط التوزيعات بصفة خاصة عندما يكون توزيع الظاهرات قيد التمثيل عظيم التباين والاختلاف من حجم مكان لآخر مثل توزيع الثروة الحيوانية والمحاصيل الزراعية.
وعندما نختار طريقة النقط كرمز موضعى لرسم خريطة توزيعات، فإن إنشاء مثل هذه الخريطة يتطلب توافر الاحصاءات الخاصة بالظاهرة المراد توزيعها موزعة حسب الوحدات الإدارية في المنطقة المراد دراستها، ثم خريطة أساسية للمنطقة توضح عليها هذه الوحدات التي ستوقع عليها نقط التوزيع وتجدر الإشارة هنا إلى أنه كلما كانت الاحصاءات موزعة على أساس الوحدات الأصغر مساحة مثل رسم الشياخات والتوابع ، كلما كان الاخراج النهائي للخريطة دقيقاً وأقرب إلى الحقيقة والواقع. وتبدأ عملية خريطة النقط باختيار مدلول كمي يناسب الكميات التي نريد تمثيلها بيانياً على الخريطة، وذلك لأن تمثيل مفردات الظاهرة بعدد من النقط يماثل عددها الفعلى يعد استخدام الرموز التصويرية في الطريقة الكوروسكيمائية، أو بعبارة أخرى يجب أن تستخدم تظليلاً غير متدرجاً وألواناً متباينة، أي أننا لسنا بحاجة إلى استخدام من الأمور المستحيلة تقريباً ومن هنا كان علينا تمثيل عدد معين من مفردات الظاهرة بنقطة واحدة، وبذلك نتغلب على ما سينجم من توزيع كل المفردات من ازدحام الخريطة بالنقطة بشكل تنعدم معه الفائدة . من الخريطة أن وبعد يتم تحديد المدلول الكمى للنقطة نختار حجماً مناسباً للنقطة والذي سوف يتوقف على مقياس رسم الخريطة الأساسية التي ستوقع عليها النقط، وعدد النقط التي ستوقع على الخريطة، والطرق المتاحة لرسم النقط من حيث توفر ريش التنقيط Dotting-Pens. ولاشك أن هناك علاقة بين مدلول النقطة ومساحة النقطة، وأن التوفيق بينهما يؤدى في النهاية إلى اخراج خريطة في أنسب صورة ممكنة ويمكن الاستعانة بالرسم البياني التقنيني -Nomo graph الذي ابتكره ماكاي عام 1949 1969 ,Robinson) في تحديد العلاقة بين قيمة النقطة ومساحة النقطة اللذين ترغب في استخدامهما ويتم توقيع النقط على الخريطة بحيث يتلاءم توزيعها مع الشكل الحقيقي الذي تتضح به في الطبيعة فليس من المعقول أن نوزع النقط الخاصة بمحصول معين يزرع في أرض معينة بالصحراء الشرقية أو الغربية المصرية مثلاً دائماً ملتزم بالشريط الزراعي الذي يحف بنهر النيل، ولكن الأمر يستلزم فحص الخرائط الطبوغرافية وخرائط استخدام الأرض قبل توزيع النقط على الخريطة الأساسية ومن هنا يعد حل مشكلة توقيع النقط داخل حدود الوحدة المساحية التي توزع فيها أكثر صعوبة من حل مشكلتى المدلول الكمى للنقطة ومساحة النقطة وفي هذا الصدد نجد أن هناك حلين متعارضين أولهما يختص بتوزيع النقط بشكل متساوى داخل كل مساحة الوحدة الإدارية، أي يكون التوزيع حيادياً Objective حيث يكون معروضاً دون أن يتأثر بحكم أو رى الكارتوجرافي. والحل الآخر يتضمن توزيع النقط بشكل غير متساوى بحيث تصبح النقط ممثلة بقدر الامكان للتباين والاختلاف الحقيقي في التوزيع، أي يصبح التوزيع ذاتياً أو شخصياً Subjective حيث يتأثر بالحكم الشخصى للكارتوجرافي الذي يأخذ في اعتباره العوامل المختلفة عن محاولته تمثيل واظهر التوزيع الجغرافي للظاهرة على الخريطة العرض الكارتوجرافي ينقل بوضوح تفاصيل مواقع وتوزيع الظواهر الجغرافية الاقتصادية، كما أنه يعطى لقارئ الخريطة انطباعاً مرئياً لتباين الكثافة بطريقة واضحة سهلة الفهم - رغم ما قد يصحب ذلك من خداع بصري نتيجة تأثر العين بعدد وترتيب النقط التي تحيط بمساحة توزيع معينة.
وتستخدم طريقة التوزيع بالنقط الكمية بشكل مناسب وفعال لتمثيل التوزيعات الاقتصادية، وبصفة خاصة لبيان توزيع الثروة الحيوانية والمساحات الزراعية لمختلف أنواع المحاصيل وذلك من أرقام مطلقة (رأس ماشية أو أغنام، فدان أو هكتار) ولكن مما يعيب استخدام هذا الأسلوب الكارتوجرافي في الخرائط الاقتصادية هو أن خرائطه يمكن أن تعطينا انطباعاً خاطئاً للكثافات، خصوصاً إذا كانت النقط موزعة توزيعاً متساوياً أو منتظماً داخل حدود المنطقة قيد الدراسة فمثلاً إذا كانت لدينا وحدتان إداريتان أو منطقتان فى كل منهما نفس العدد من الماشية، ولكن مساحة الوحدة الإدارية الأولى ضعف مساحة الوحدة الإدارية الثانية، فإن كثافة النقط في الوحدة الأولى سوف تكون ضعف مثيلتها في الوحدة الثانية، ولذلك يحسن أن نضع في اعتبارنا العوامل الجغرافية عند توقيع النقط، حتى يبدو توزيع النقط قريباً من الحقيقة وينقل إلينا الانطباع الصحيح لكثافة التوزيع وينبغي مراعاة هذا الأمر تماماً في الخرائط الكبيرة المقياس، حيث يمكن الاسترشاد بالخرائط الطبوغرافية في توقيع النقط في مكانها الصحيح وبالمثل، إذا استخدمت طريقة التوزيع بالنقط الكمية في التوزيعات الزراعية فإنها لا توضح بشكل دقيق إنتاجية الوحدة المساحية (فدان) أو (هكتار) خصوصاً إذا كان توزيع النقط داخل حدود المنطقة التى ندرسها توزيعاً متساوياً الذي ينتج عنه غالباً صورة معدلة أو مضللة، إذ تصبح النقط في هذه الحالة نوعاً من التظليل المتباين غير المحدود ، أو بعبارة أخرى أن هذا النمط من التوزيع المتساوى للنقط داخل حدود منطقة التوزيع يتضمن عيباً رئيسياً يتمثل في أن النقط نفسها لا تستطيع في هذه الحالة أن تعطينا دليلاً مباشراً للكثافة داخل المنطقة. وفي هذا الصدد يقول روبنسون أنه رغم أن خريطة التوزيع التي تنتشر فيها النقط بشكل متساوي صحيحة من الناحية العددية، إلا أنه من الأحسن في هذه الحالة أن تستخدم الخريطة رمزاً توزيعياً آخر غير النقط (1969Robinson).



الاكثر قراءة في جغرافية الخرائط
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة