1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

اساسيات الاعلام

الاعلام

اللغة الاعلامية

اخلاقيات الاعلام

اقتصاديات الاعلام

التربية الاعلامية

الادارة والتخطيط الاعلامي

الاعلام المتخصص

الاعلام الدولي

رأي عام

الدعاية والحرب النفسية

التصوير

المعلوماتية

الإخراج

الإخراج الاذاعي والتلفزيوني

الإخراج الصحفي

مناهج البحث الاعلامي

وسائل الاتصال الجماهيري

علم النفس الاعلامي

مصطلحات أعلامية

الإعلان

السمعية والمرئية

التلفزيون

الاذاعة

اعداد وتقديم البرامج

الاستديو

الدراما

صوت والقاء

تحرير اذاعي

تقنيات اذاعية وتلفزيونية

صحافة اذاعية

فن المقابلة

فن المراسلة

سيناريو

اعلام جديد

الخبر الاذاعي

الصحافة

الصحف

المجلات

وكالات الاخبار

التحرير الصحفي

فن الخبر

التقرير الصحفي

التحرير

تاريخ الصحافة

الصحافة الالكترونية

المقال الصحفي

التحقيقات الصحفية

صحافة عربية

العلاقات العامة

العلاقات العامة

استراتيجيات العلاقات العامة وبرامجها

التطبيقات الميدانية للعلاقات العامة

العلاقات العامة التسويقية

العلاقات العامة الدولية

العلاقات العامة النوعية

العلاقات العامة الرقمية

الكتابة للعلاقات العامة

حملات العلاقات العامة

ادارة العلاقات العامة

الاعلام : الصحافة : الصحف :

هل تشكل الصحافة المدنية خطرا على الصحافة التقليدية؟

المؤلف:  جودت هوشيار

المصدر:  السلطة الخامسة

الجزء والصفحة:  ص 73-76

2025-05-13

31

هل تشكل الصحافة المدنية خطرا على الصحافة التقليدية؟

الصحافة التقليدية

الصحافة التقليدية الرصينة في صورتها الليبرالية الغربية الناضجة، تلتزم الموضوعية والحياد في نشر المعلومات وتتخذ دور المراقب الخارجي، الذي يقف فوق التل ولا يهتم كثيرا بما يحدث في الحياة العامة ولا يقحم نفسه في معالجة المشاكل والنزاعات القائمة في المجتمع، التي يتحدث عنها أي ان تدفق المعلومات من الصحفي الى المتلقي هو باتجاه واحد. ولا يوجد أي اتصال مباشر أو تفاعل حقيقي بين الطرفين، إلا في حالات نادرة.

والدور الحقيقي لهذا النوع من الصحافة هو دور الناقل للخبر او المخبر والمتفرج مجسدا المثل العربي المعروف وما على الرسول الا البلاغ المبين، ثم الانسحاب بعد ذلك.

هذه الصحافة - ممثلة بنموذجها الأميركي الأكثر تطورا وانتشارا في العالم - تراجع دورها وأنحسر تأثيرها في أواخر العقد الثامن من القرن الماضي وتجلى هذا التراجع في إعراض القراء عنها وهبوط أرقام توزيعها.

وشرعت المؤسسات الصحفية ومعاهد البحوث الإعلامية المتخصصة في الولايات المتحدة الأميركية بإنجاز مشاريع بحثية واستقصائية بهدف الوقوف على الأسباب الحقيقية لهذا التراجع وتبين ان السبب الرئيس يعود الى عدم التواصل بين الصحافة وبين الرأي العام وابتعاد الصحفيين عن هموم المواطنين ومشاكلهم الحياتية الملحة وإهمال دورهم وآرائهم.

الصحفي التقليدي يقتصر دوره على تقديم المعلومة وبما ان مصادر المعلومات أصبحت كثيرة ومتنوعة للغاية، حيث ان الإنسان المعاصر يواجه يوميا فيضاً من المعلومات، التي لا علاقة لها على نحو مباشر بما يشغل فكره وبالمشكلات التي يعانيها، لذا فإن قيمة هذه المعلومات ليست كبيرة لديه مما يضعف دور الصحفي وتأثيره في المجتمع ويؤدي في غالب الأحيان الى إعراض القراء عن اقتناء الصحف، لهذا السبب تحديدا وليس لأي سبب آخر، خاصة أن أسعار الصحف في الغرب، أسعار رمزية، فهي لا تعتمد على المبيعات من أجل تغطية تكاليف إصدارها، بل على الإعلانات في المقام الأول، وثمة العديد من الصحف واسعة الانتشار توزع مجانا.

الصحافة التقليدية في الغرب، ترتبط بمصالح النخب السياسية والاقتصادية، وتنقل آراء وأخبار هذه النخب أولا بأول. يقول أحد الصحفيين الأميركيين: "إن المؤسسات الرسمية - والتي يطلق عليها أسم الصدر الكونكريتي الأعظم" - هي التي تغذى يوميا، الصحفيين الذين لا يهتمون كثيرا بما يقوله المواطن العادي". حقا ان المواطن البسيط، قد لا يقول شيئا مهما ولكن على الصحفي ان يصغي اليه جيدا، ليس من اجل الحصول على المعلومة فقط، بل الأهم من ذلك، في سبيل فهم جوهر المشكلة التي يعاني منها.

الصحافة المدنية:

ظهرت خلال العقدين الأخيرين ممارسات صحفية جديدة، تختلف الى حد كبير عن الصحافة التقليدية منها الصحافة المدنية (Civic Journalism) أو صحافة المجتمع المدني (Community Journalism) أو الصحافة العامة (Public Journalism) وهي مسميات لنمط جديد من الصحافة ظهر لأول مرة في الولايات المتحدة الأميركية قبل حوالي عشرين عاما وأنتقل في ما بعد الى العديد من البلدان المتقدمة. وتتشابه مفاهيم هذه الأسماء في نظر خبراء الصحافة في الوطن التاريخي لظهورها - الولايات المتحدة الأميركية - في حين أنها تتباين الى هذا الحد أو ذاك في البلدان الأخرى، ولم تتحول بعد الى مصطلحات مستقرة تماما، نظرا لتباين تطبيقاتها في البلدان المختلفة بسبب طبيعة النظام السياسي القائم وسقف الحرية الصحفية المتاحة والتطور الثقافي في هذا البلد أو ذاك.

ويخلط بعض الكتاب العرب والعراقيين بين الصحافة المدنية وهي صحافة انتشرت قبل ظهور الأنترنيت - وبين صحافة المواطن (Citizen Journalism)، التي تعد أحد أشكال الصحافة الالكترونية والتي ظهرت الى الوجود بفضل الشبكة العنكبوتية الصحافة التقليدية تكتفي بالحصول على الحقائق الجاهزة ان صح التعبير وتحديد المواقف منها. أما في الصحافة المدنية، فأن القراء والصحفيين معا، هم الذين يحددون محتوى الصحيفة.

هذا النمط الصحفي الجديد لا يكتفي بتغطية الأحداث والمشاكل القائمة في المجتمع كما تفعل الصحافة التقليدية، بل يضطلع بدور أهم من ذلك بكثير وهو التفاعل المتعدد الجوانب للصحفيين مع الجمهور القارئ، عن طريق الاستطلاعات والمسوح ومجموعات النقاش وتنظيم الندوات والاجتماعات وتحليل البيانات من اجل تحديد الأبعاد الحقيقية للقضايا السياسية والاقتصادية والثقافية، التي تهم المجتمع واستخلاص النتائج الصحيحة بشأنها وطرح الحلول المناسبة لها. وهذا لا يعنى أن الصحفيين يفقدون حقهم في التعبير عن آرائهم، لأنهم طرف أساس في هذه العمليات.

يروق للصحفيين العاملين في الصحافة التقليدية - كثيرا، الحديث عن الحرفية والمهنية في العمل الصحفي، ولكن المهنة الصحفية في تغير مستمر، وأهم هذه التغييرات هو الانتقال من الصحافة اللامسؤولة الى الصحافة المسؤولة من دور الصحفي التقليدي المتفرج على الأحداث والناقل لمشاكل المجتمع الى الصحفي الملتزم بقضايا المجتمع، الذي يتحمل مسؤولية اجتماعية ومهنية وأخلاقية ويسهم في الجهود الرامية الى تعزير المجتمع المدني. وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال الانحياز أو التخلي عن الموضوعية والحياد، لأن الهدف المشترك الذي يسعى اليه الطرفان - الصحيفة والجمهور هو تنشيط المجتمع المدني وتعزيز الروح الجماعية وترسيخ الديمقراطية، دون موقف مسبق من هذه القضية أو تلك أو الانحياز الى أية جهة كانت.

حسب علمي - وأرجو أن أكون مخطئاً - ليس لدينا لا في العراق ولا في دول الشرق الأوسط لحد الآن صحافة من هذا النوع ولكني على ثقة أنها ستظهر إن عاجلا أم آجلا، إن كنا نعيش حقا في عصرنا الراهن ولسنا على هامشه كما كنا طوال دهور طويلة.

الصحافة المدنية صحافة جادة ومسؤولة تضع كل طرف أمام مسؤولياته(الجمهور - الصحافة – السلطة) مما يسهم في إيجاد الحلول السريعة لقضايا المجتمع الملحة والمشاركة في صنع القرارات.

القارئ العراقي، العادي يعرف اليوم عن الساسة والتطورات السياسية اكثر مما يعرف عن جاره او منطقته او مكان عمله. نحن منغمسون في مطبخ السياسة اكثر من الاندماج والتفاعل مع مجتمعنا. لقد توقف كثير من الناس عن الاهتمام بالأشياء التي تمس حياة كل منا توقفوا عن لعب دورهم الاجتماعي الفاعل، وربما كان أحد أسباب ذلك، عدم وجود صحافة مدنية عراقية بالمعنى المتعارف عليه عالميا لهذا المصطلح.

اذا كنت - أيها القارئ العزيز - من القراء المواظبين على قراءة الصحف الجادة وأردت التمييز بين الصحافة المدنية والصحافة التقليدية فما عليك الا أن تختبر إحساسك في يوم لم يتسن لك فيه قراءة صحيفتك المفضلة، سيخالجك شعور بأنك تفتقدها، وانك أصبحت خارج أحداث المجتمع الذي تعيش فيه وتتفاعل معه، رغم وجود وسائل اعلامية أخرى كثيرة في متناول اليد مثل هذه الصحيفة ضرورية للناس ولتعزيز وتعميق الديمقراطية. أما اذا لم يساورك مثل هذا الشعور، فإن صحيفتك، لا تختلف عن أية صحيفة تقليدية أخرى فهي لا تؤثر في المجتمع ولا تتأثر به، ووجودها أو اختفائها غير مهم ! لك وللآخرين.

EN