1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية الروحية والدينية :

العبادة مسألة فطريّة

المؤلف:  الأستاذ مظاهري

المصدر:  الأخلاق البيتية

الجزء والصفحة:  ص15ــ23

2024-06-24

695

إن من جملة ما جُبِلَ عليه الإنسان من فطرة هي مسألة العبادة، فصوم شهر رمضان على سبيل المثال ينسجم والفطرة البشرية. لذا ترى قلب الفرد المحب لله يحاول التشبه به سبحانه. وإن أسمى مراتب التشبه بالله هو الصوم، فالذين نراهم يتلذذون بصيام شهر رمضان المبارك ويبكون في أواخر أيامه ـ كما كان يفعل الإمام علي بن الحسين «عليه السلام)» ـ يجدون انسجاماً بين الصيام وفطرتهم، لذا هم يفرحون حينما يأتي شهر الصيام، وينقبضون نفسياً حينما يريد أن يفارقهم إلى العام القادم.

وكذا الأمر بالنسبة للصلاة، فالمصلّي الذي يروم القرب من الحبيب، وقد تمكن مِنْ إزاحة الحجب والأستار بينه وبين الباري تعالى يتلذذ حينما يقوم للصلاة بشكل ليس بعجيب على من أدرك الصلاة، وعلى حدّ قول الإمام الصادق جعفر بن محمد «عليه السلام»: «الركعتان في جوف الليل أحَبُّ إليَّ من خير الدنيا وما فيها(1). فالذي لا يبدل خير الدنيا بركعتي صلاة، لا شك من إدراكه لوجود الله تبارك وتعالى، ولا شك في أن فطرته هي التي أمرته بالتصـاغـر أمـام الله تعالى في جوف الليل والناس نيام.

ولذا فهو يتلذذ في الصلاة والعبادة ويستسهل الإنفاق في سبيل الله، ولا يستصعبه، ومن يفعل ذلك فهو لا يمكن أن يعتبر إلا جامع لجميع صفات الكمال، ولهذا نجده يضحي بماله وزوجه وولده ونفسه في سبيل الله، ومن أجل الله مثله كمثل الفراشة التي تحترق أمام الشمعة المشتعلة، وكم هو جميل تعبير القرآن المجيد حين قال:

{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 16، 17].

من هم هؤلاء الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع؟ إنهم الذين تعرفوا على الله تعالى، إنهم من حكمت صفات الجمال والجلال الإلهية على قلوبهم، وهم من أزيحت الحجب والأستار عن أعينهم، ليجدوا الله أمامهم، وهذه المسألة لا تتعلق بالمرة بالعلم والتعلم.

فهؤلاء الأفراد الذين تركوا مضاجعهم وقاموا إلى الصلاة، صلاة الليل، ينفقون ممّا رزقناهم في سبيل هذا الذي قاموا للصلاة. من أجله، إنهم يتلذذون بهذا القيام، وذاك الإنفاق بشكل لا يدركه إلا من عمل به لتضحى الصلاة والصيام والإنفاق وما إلى ذلك أموراً عادية، كونها تنبع من كوامن الوجدان، من كوامن الفطرة، ولا يقف الأمر عند مسألة الصلاة والصيام والإنفاق والخمس والزكاة، بل يتعداه إلى أبعد من ذلك، إلى الجود بالنفس والمال إذا رأوا أن الأمر يستلزم ذلك، ناهيك عن قيامهم بإعطاء الزكاة أو الخمس أو متابعة أمور الفقراء والمعدمين.

مثلهم في ذلك كمثل الظمآن الذي يسعى وراء الماء أينما كان؛ فالجائع على سبيل المثال يسعى للفوز بلقمة خبز من خلال متابعته لذلك، والمتعلق بالله تعالى بعدما وجده وعرفه يسعى لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والخمس وما إلى ذلك، لأنه يجد في ذلك لذته، ويجد كذلك أعلى مراتب لذاته في الطواف حول بيت الله تبارك وتعالى؛ نظير ذلك العاشق الذي يطوف حول سور وبوابة مدينة معشوقه، فتراه حيناً يقبل السور، وأخرى يُرى مُقبلا للبوابة، وهذا ما نراه في حالة الطواف والسعي بين الصفا والمروة، والسعي وراء كلّ ما يؤمن كل تلك اللذة المقدسة.

فالعاشق وجد معشوقه وجده في قلبه الذي طالما بحث عنه، وعندها تمكن المعشوق من إقامة حكومته على ذلك القلب وصاحبه، فالحاكم هو الله تعالى، والمحكوم هو القلب الذي ينبض بالحياة وما يمكن أن يصدر عن صاحب ذلك القلب من عبادة أضحى فطرياً، ووجدانياً، كون ذلك الفرد رأى الله بعين قلبه، مثل ذلك الذي يرى الجوع والعطش بحسّهِ وشعوره.

أيها الأحبة الجالسين على علمي أنكم ترون الجوع، وترون العطش، ولكن ليس بهذه العين التي قد تخطأ في بعض أحيانها، بل بعين القلب، بعين الغريزة التي لا يمكن أن تعرف الخطأ يوماً ما.

إن بعض البشر يرون بعين الفطرة ذاتاً تجمع كل الكمالات، ولذا هم يعشقون تلك الذات؛ ما نوع ذلك العشق؟ عشق لا يرى فيه العاشق من معشوقه غَيرَ الجميل، ولا يشعر منه بغير العشق أبداً، وهذا ما رأينا من زينب بنت علي (عليها السلام) حينما أجابت ذلك الأحمق المسمّى (عبيد الله بن زياد) بعد أن قال لها: أرأيت صِنعَ الله فيكم؟ - هذا بعد مقتل الإمام الحسين «عليه السلام)» في صحراء كربلاء - فأجابت: (ما رأيت إلا جميلاً .. ثكلتك أمك يابن مرجانة)(2).

ألا تفهم؟ ألا ترى؟ إن الذي قدّمنا في سبيل الله تعالى هو الصواب، وما عداه خطأ فاضح، ولكنك لن تدرك ذلك أبداً لكثرة الرين والحجب الجاثمة على قلبك أما نحن فقد وجدنا ربنا بعد أن تمكنا من إزاحة الأستار والحجب فأصبح كل شيء بالنسبة لنا أمراً طبيعياً، أمراً فطرياً؛ فالجهاد، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، الحبّ في الله، البغض في الله، وكل شيء لا نراه إلا أمراً فطرياً.

فمن وجد ربه ينبغي له أن يصلّي، ومن أراد أن يتعرف على إنسانيته يجب عليه أن يصوم ويتشبه بالحي الذي لا يموت كي يتمكن من السير في طريق الكمال، لأن الذي لا يحاول التشبه بالله تعالى لا يتأتى له رؤية أول طريق الكمال أبداً.

وخلاصة القول؛ إن جميع عبادات الإسلام لا تتعدى أن تكون أمراً فطرياً، أمراً يُبحث عنه في أعماق الضمائر، فإذا ما أردنا أن نجد هذا الأمر الفطري، ينبغي أن تُزال الأستار والحجب كي نتمكن من العثور عليه، ومن لم يستطع أن يجد ربه فليعلم بأنه مريض ومن رأى منكم تثاقله لإقـامـة الصلاة فليستدل على مرضه من تلك الحالة.

قد يكون الإنسان في بعض أحيانه جائعاً، لكنه لا يشعر بذلك، بسبب المرض، فتمرّ عليه الأيام دون تناول للطعام، ويُبقى عليه حيا بواسطة تزريقه بالسوائل في الدم مباشرة، ويبقى لا يجد رغبةً في الأكل بالشكل الطبيعي، كونه مريضاً، والمريض لا تعمل غرائزه.

وكذا الأمر بالنسبة لغريزة الفطرة، فمن شعر بثقل الإنفاق في سبيل الله تعالى، فليعلم بمرضه، مثله كمثل ذلك الذي لا يطعم الطعام لمدة يومين أو ثلاثة، بالإضافة إلى عدم ميله لأن يطعم شيئاً بعد تلك الأيام الثلاثة، كونه لم يجد الجوع بعد، أما صاحبنا هذا الذي يستثقل الإنفاق ثم يعثر بعد على غريزته التي أثقلتها الأستار والحجب من مثل أستار حب الدنيا، أستار الصفات الرذيلة، وأستار المعاصي والذنوب والآثام التي جبلته لا يدرك الصلاة والصيام وباقي الأغذية الروحية.

ذبح بعضهم خروفاً في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقسمه على الفقـــراء والمساكين، وبعد أن سأله الرسول (صلى الله عليه وآله) عما بقيَ منه، أجاب: يا رسول الله بقيت رقبته باستثناء، فناء رقبته، لأن الرقبة لم تعط في سبيله تعالى.

إن الإنفاق في سبيل الله، والطواف حول بيت الله، وبذل النفس على جادة الله، وترويج ما جاء في كتاب الله، وما إلى ذلك لا يحتاج في طبيعته إلى استدلال، ومن أراد الاستدلال على ذلك لا يمكن أن يكون له أساس من حديد، بل من خشب ومن كان أساسه من خشب صعب عليه إدراك تلك المعاني.

فالاستدلال لمن هو مثلي حسن، وهو كذلك لمن كان في دائرة الأعداء والكل يجب أن يكون لديهم استدلال في أصول دينهم، ولكن يبقى ذلك الاستدلال سهل الكسر (خشبي)؛ أي لا تأثيـر لـه على إثارة الفطرة والوجدان.

فقد نشاهد أفراداً يحللون برهان الصدّيقين بشكل جيد، ويتمكنون من إجلاس الحركة الجوهرية والمعاد الجسماني لملا صدرا على كرسي البحوث، ولكن هل يكون كل ذلك دليلاً على أن عبادتهم أصبحت فطرية؟ کلا، لأن الذي يُريد أن يُثبت ذلك وهو مفطور على فطرة الله السليمة لا يحتاج بالمرة إلى ألفباء العلم، وإن الكثير من الذين لا يمتلكون ألفباء العلم أقوى من كثير من الفلاسفة لاستطاعتهم تمزيق الأستار والحجب من خلال ارتباطهم بالله، واكتسابهم نوراً ترك آثاره في قلوبهم، فجعل من الصلاة والصوم، والبذل في سبيل الله، واجتناب المعاصي أمراً طبيعياً بالنسبة لهم، بل أمراً يشعرون من خلاله باللذة العظمى التي لا تماثلها لذة.

إن اجتناب المعاصي فتح الدرب لهم لكي ينهلوا من النور الإلهي، بعد أن أدركوا بأن تلك المعاصي تؤثر على القلب المفطور على حب الله، وتحول دون الالتزام بما أمر الله؛ فالقلب العاصي والمتيم بالآثام يشبه إلى حد ما الحديث الموضوع في النار الحامية، والذي اكتسب لون النار ليضحى ناريا، أو كالخشب الملتهب والمتأثر بالنار والذي يصعب على ناظره التمييز بينه وبين النار.

وأما الشخص الذي ابتعد عن المعاصي والآثام فسوف يبقى على ما فطره الله عليه من طهارة وقلب سليم فهو لا يحتاج إلى علم كثير كيما يُدرك الغاية من وجوده والغاية من ذهابه لعدم وجود أستار وحجب تحول دون هذا الفهم، وذلك الإدراك.

أهمية العبادة والدعاء

قال تعالى في محكم كتابه:

{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14].

إنك عبدي، فهل تريد أن تجدني؟ ستجدني ولكن ليس بهذه العين التي في رأسك، لأن هذه العين، عين الحيوان، ولكنك ستجدني بالعين التي لا يمتلكها الحيوان؛ هل تريد أن تسمع سلامي؟ ستسمعه ولكن ليس بهذه الأذن لأنها إذن حيوانية؛ بل ستسمعه بتلك التي لا تمتلكها الحيوانات.

هل تريد أن تفهم ماذا في الأمر؟ وهل تريد أن تجدني؟ وتراني؟ وتسمع كلامي؟ إذن عليك أن تعبدني، وتُحكِم علاقتك معي، هذا إذا كنت تروم أن تضحى عالماً، أو فيلسوفاً، أو متحدثاً فحلاً فما عليك إلا أن تعبدني وتقم الصلاة بالشكل الذي أريد حتى تصل إلى المقام الذي تريد.

إذن إقامة الصلاة بتدبر، وإقامتها في أوقاتها تعجل في بلوغ المقام الرفيع، ولذا أرجو أن تهتموا بالصلاة في هذا الشهر المبارك، وبالخصوص صلاة الليل التي تعتبر بمثابة التحدّث إلى الله تبارك وتعالى.

هنيئاً لأولئك الذين يوفقون في هذا الشهر الفضيل للتحدث إلى الجبار العظيم، هنيئاً لأولئك الذين يتكلمون مع الحي الذي لا يموت، ويتحدث هو أيضاً إليهم.

كيف يتحدث المولى تعالى إلى عباده، أو مع مخلوقاته؟.

يتحدث الباري إلى عباده حينما يناديهم من خلال القرآن المجيد: {يا أيها الذين آمنوا}. وعلى حد قول الإمام جعفر بن محمد الصادق «عليه السلام»: (أيها الإنسان حينما تقرأ القرآن وترى عبارة {يا أيها الذين آمنوا}، أجب وقل: لبيك لبيك).

والحق يقال إن بعض الأفراد يسمعون كلام الله تعالى حينما يمرون بأعينهم على عبارة (يا أيها الذين آمنوا) ولكن ليس بهذه الأذن، بل تلك الأذن الإنسانية، وعندها يجيبون بلسان إنساني بليغ ويقولون: «لبيك لبيك».

ماذا يعني الدعاء؟ الدعاء هو الهمس مع الله تعالى، أو الهمهمة معه تباركت أسماؤه أو يقال إنه التحدث إليه جلّت صفاته، ولا بأس أن يكون الدعاء خال من التفكير بخلو أو مليء البطون أو سيستجاب الدعاء أو لا يستجاب؛ لأن التفكير في مثل هذه الأمور يعدّ مسألة فرعية لا ينبغي الالتفات إليها؛ وليعلم الداعي بأن الذي يقول يا الله أو اللهم يراه الله ويسمع كلامه مثلما يراه أي شخص يتحدث إليه ويسمعه لذا فليكن الذي يدعو ربه على يقين بأنه يراه ويسمعه ويرد عليه ويقول له نعم، نعم.

جاء في القرآن المجيد وبمضامين متعدّدة ما يُشير إلى أن الباري تعالى طلب من البشر أن يدعوه ليستجيب لهم:

{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].

أي لا تبخل بالطلب وحاول جاهداً أن تدعو الله تعالى وتتذرع إليه كيما يستجيب لك، وطبيعي أن الإنسان إذا دعا ربه استجاب له، فإن كان الأمر في صالحه تم له ما أراد، وإن لم يكن في صالحه كان من الأفضل أن لا يُعطى ما يريد.

وهناك معنى أدق وأعمق يعـرفـه أهل القلوب الخاشعة وهو: أن يـا عبدي: قل يا رب، وسأجيبك بنعم، ولكن ينبغي لك امتلاك إذن تسمع هذه «النعَم» (ادعوني استجب لكم) فيا أيها العبد عليك بالتحدث إلي دائماً، والصلاة هي التحدث الله تعالى، وحديث الله مع العبد.

فسورة الحمد، وما يليها من سورة في الصلاة تعني حديث الله تعالى إلى عبده، وما بقي من الصلاة يعني تحدث العبد مع ربه أو إليه تعالى.

إن أعلى مراتب اللذة هي تلك التي يتحدث فيها العاشق إلى معشوقه، حديث من وجد حبيبه والتحدث إلى هذا الحبيب الذي ملك قلب ذلك المحب، وهذه الحالة هي أسمى درجات اللذة، إنها الصلاة.

عبادة الزهراء فاطمة (سلام الله عليها)

لقد جرنا الحديث إلى حديث آخر لم أكن أفكر في التعرض إليه، أتمنى من الله تعالى أن يكون من الأفضل أن أتطرق إلى مـا لـم أريـد التطرق إليه.

كانت فاطمة ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) شابةً، والشباب بشكل عام يحتاجون إلى النوم الذي يُؤمن لهم القيام بأعمالهم على أفضل وجه، وبشكل عام ما يحتاجون إلى النوم أكثر من احتياج الشيوخ والشيبة إليه.

كانت الزهراء سلام الله عليها متعبةً، ويبدو عليها النصب فهي في النهار تعمل جُل أعمال المنزل، بالإضافة إلى الاهتمام بالأطفال وما يلزمهم في مجمل حياتهم اليومية.

وفي أحد الأيام، دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى منزلها ليراها تغط في نوم عميق بينما كانت إحدى يديها على المطحنة الرحى» والتي استعملتها طوال اليوم، ناهيك عن وجود أحد أولادها إلى جانبها، فجاء إليها ليوقظها ويقول لها: أيها العزيزة تذوقي مرّ الدنيا من أجل حلاوة الآخرة.

كانت الزهراء البتول «عليها السلام» مُتعبة فالمنزل يريد منها عمل، وتربية الأولاد يلزمها المتابعة والاهتمام بالإضافة إلى ما يحتاجه الزوج.

لم يكن معها في البداية من يعينها على كلّ ذلك، وبعد أن تم لها ذلك، وجاءت خادمتها «فضة» إلى الدار جاء إليها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ليقول لها بأن هذه الخادمة هي إنسانة مثلها لذا ينبغي عليها أن تتعامل معها بلطف وأن تقتسم معها العمل يوم لها، ويوم لفضة.

وبالرغم من ذلك التقسيم كانت سلام الله عليها تئن من التعب، فالأعمال المنزلية ليست بالمسألة الهيئة، والتزام تربية الأطفال والاعتناء بهم مسألة صعبة، بالإضافة إلى الاهتمام بحقوق الرجل.

وبالرغم من كل تلك المشاغل والمسائل التي تنجزها الزهراء «عليها السلام» بشكل مرتب، فهي تقوم في قلب الليل في الوقت الذي تهجع فيه الأجساد إلى الراحة، للمناجاة لذكر الله الذي ما بعده ذكر، فلا تعرف معنى للنوم، ولا للتعب، بل تقوم وتقوم، وتقوم حتى تتورم رجليها من كثرة القيام والوقوف عند باب الله الذي لا يرد سائله.

ولقد نقلت بعض الروايات بأنّ الزهراء سلام الله عليها كانت تقف كثيراً عند عبارة إياك نعبد وإياك نستعين مما تسبب في ورم رجليها؛ وهذا ما نقل عن الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) أيضاً.

إنهم كانوا يدعون الله تباركت أسماؤه في هدأة الليل، ويقولون له اللهم تقبل منا وارض عنا وارحمنا ولا تخرجنا من الدنيا حتى ترضى عنا، هذا بعد أن كانوا يدعون للآخرين طويلاً، ثم يدعون لأنفسهم قليلا. وفي هذا الصدد نُقِلَ عن الإمام الحسين (عليه السلام) أحد سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه كان يرى والدته فاطمة سلام الله عليها تدعو للجار بشكل خاص وللمسلمين بشكل عام، فقال لها بأن تدعو له أيضاً، فتجيبه أن الجار مقدم علينا الجار ثم الدار(3).

_________________________

(1) وسائل الشيعة ج 5 ص 276.

(2) اللهوف ص90.

(3) بحار الأنوار ج 10، ص 25. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي