التشبيه: لغة التمثيل ُ - قال: هذا شبه هذا: ومثيله
والتشبيه: اصطلاحا - عقد مماثلة بين أمرين، أو: أكثر، قصد اشتراكهما في صفة: أو: أكثر، بأداة: لغرض يقصد المتكلم للعلم.
وأركان التشبيه أربعة.
(1) المُشبه: هو الأمر الذي يُراد الحاقه بغيره
(2) المُشبه به: هو الأمر الذي يلحق به المشبه
(3) وجه الشبه: هو الوصف المشترك بين الطرفين، ويكون في المشبه به، أقوى منه في المشبه - وقد يُذكر وجه الشبه في الكلام، وقد يُحذف كما سيأتي توضيحه.
(4) أداة التشبيه: هي اللفظ الذي يدلُ على التشبيه، ويربط المشبّه بالمشبّه به، وقد تَذكر الأداة في التشبيه، وقد تحذف، نحو: كان عمرُ في رعيَّته كالميزان في العدل، وكان فيهم كالوالد في الرحمة والعطف.
تقسيم طرفي التشبيه إلى حسِّي، وعقلي
طرفا التشبيه «المشبه، والمشبه به»
(1) إمَّا حسيَّان (1)
«أي: مدركان بإحدى الحواس الخمس الظَّاهرة» نحو - أنتَ كالشمس في الضيّاء - وكما في تشبيه «الخد بالورد»
(2) وإمّا عقليان - أي مدركان بالعقل، نحو، العلم كالحياة ونحو: «الضلال عن الحق كالعَمى» ونحو: «الجهل كالموت» .
(3) وإمَّا المشبه حسِّي، والمشبه به عقلي - نحو: طبيب السوء كالموت.
(4) وإما المشبه عقلي، والمشبه به حِسي - نحو - العلم كالنّور، واعلم أن العقلي هو ما عدا الحسي، فيشمل المحقق ذهناً: كالرأي والخلق، والحظ، والأمل والعلم. والعلم، والذكاء والشجاعة، ويشمل أيضاً الوهمي، وهو ما لا وجود له، ولا لأجزائه كلها، أو بعضها في الخارج، ولو وجد لكان مدركا بإحدى الحواس.
ويشمل الوجداني: وهو ما يدرك بالقوى الباطنة، كالغم، والفرح، والشبع والجوع، والعطش، والرِّي.
_________
(1) اعلم أن من الحسي: ما لا تدركه الحواس الخمس التي هي (البصر والسمع والشم والذوق واللمس) ولكن تدرك مادته فقط ويسمى هذا التشبيه (بالخيالي) الذي ركبته المخيلة من أمور موجودة، كل واحد منها يدرك بالحس - كقوله
كأن الحباب المستدير برأسها كواكب در في سما عقيق
فان كواكب در، وسماه عقيق، لا يدركها الحس، لأنها غير موجودة - ولكن يدرك مادتها التي هي الدر والعقيق، على انفراد - والمراد بالحباب ما يعلو الماء من الفقاقيع والضمير للخمر - ومنه أيضا قول الآخر.
وكان محمر الشقيـ ... ... ق إذا تصوب أو تصعد
أعلام ياقوت نشر ... ... ن على رماح من زبرجد
فان الأعلام والياقوت والزبرجد والرماح موجودة - لكن المشبه الذي مادته هذه، ليس موجوداً ولا محسوساً، والمراد بالعقلي ما لا يدرك هو ولا مادته باحدى الحواس الظاهرة - بل إدراكه عقلا، فيدخل فيه الوهمي وهو مالا يدرك هو ولا مادته باحدى الحواس، لكن لو وجد في الخارج لكان مدركا بها -
ويسمى هذا التشبيه (بالوهمي) الذي لا وجود له ولا لأجزائه كلها أو بعضها في الخارج، ولو وجد لكان مدركا باحدى الحواس كقوله تعالى (طلعها كأنه رؤوس الشياطين) - وكقوله
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال
فان أنياب الأغوال لم توجد هي ولا مادتها، وانما اخترعها الوهم، لكن لو وجدت لأدركت بالحواس، والمشرفي السيف، والمسنونة السهام، والأغوال يزعمون أنها وحوش هائلة المنظر، ولا أصل لها، والوجدانيات كالجوع والعطش ونحوهما ملحقة بالعقلي ثم التضاد بين الطرفين قد ينزل منزلة التناسب، ويجعل وجه الشبه على وجه الظرافة أو الاستهزاء كما في تشبيه شخص ألكن (بقس بن ساعدة) - أو رجل بخيل (بحاتم) - والفرق بين الظرافة والاستهزاء يعرف بالقرائن، فان كان الغرض مجرد الظرافة فظرافة - وإلا فاستهزاء