الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
تأكيد الفكرة بما يشبه تقرير ضدّها
المؤلف:
عبد الرحمن الميداني
المصدر:
البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها
الجزء والصفحة:
ص763-765
26-03-2015
2866
هي أن يأتي المتكلّم بكلام يتضمَّنُ مَدْحاً، أو ذمّاً، أو إثباتَ صفةٍ أو حَدَثٍ، أو نَفْيَ صِفَةٍ، أو حدث، ويُتْبعَهُ بكلاَمٍ يَبْدَؤُه بما يُشْعِرُ باستثناءٍ أو استدراكٍ على كلامه السابق فإذا به يأتي بما يتضَمَّنُ تأكيد كلامه السابق.
وهذا فنٌّ بديع في الكلام له حركة في النفس تَشْبِهُ الْجَزْرَ فالمدَّ السّريع الأقوى من الْجَزْرَ.
أمثلة:
المثال الأول: قول الله عزَّ وجلَّ في وسرة (الواقعة/ 56 مصحف/ 46 نزول) بشأن الجنة وما فيها من نعيم لأهلها:
{لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً}.
إنّ الاستثناء بعبارة {إِلاَّ قِيلاً} يُشْعِرُ بأنّ نفي اللَّغو والتأثيم السابق سيأتي إثباتُ بعضِ ما هو ضدّه، فإذا بالمستثنى يوكِّد الفكرة السابقة، وهي أنّهم لا يَسمَعُونَ فيها لَغْواً ولاَ تأثِيماً، لأنَّ عبارة السلام التي يسْمَعُها أهْلُ الجنّة ليست من اللّغو ولا من التأثيم، الّذي هو الشتيمة بارتكاب الإِثم، بل هي تكريم ودعاء وتحيَّة.
المثال الثاني: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (طه/ 20 مصحف/ 45 نزول) خطاباً لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم:
{طه * مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى}.
جملة: {مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} أي: ما أنزلْنَا عَلَيْك القرآن لتُتْعِبَ قلْبَكَ ونفْسَك بتَحَمُّل أعباء تحويل الناس من الكفر إلى الإِيمان، بل لتبلّغهم وتذكّرهم، وتريح قلبك ونَفْسَك بأنَّك أدّيْتَ واجبك.
وجاءت بعدها كلمة [إلاَّ] تشعر بأنّه سَيَليها مستثنىً يُحمِّلُه تكليفاً فيه بعض شقاءٍ له، فإذا بالمستثنى يتضمّن تأكيده الفكرة التي جاءت في الجملة السابقة لأداة الاستثناء.
المثال الثالث: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (القيامة/ 75 مصحف/ 31 نزول) بشأن الكافر المَسُوق إلى عذاب ربّه:
{فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى * وَلَاكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى}.
قد تُشْعر كلمة [لَكِنْ] في الوهلة الأولى بأنّه فعل شيئاً من الخير استدراكاً على كونه كذّب بالرسول ولم يُصَلِّ للَّهِ عزَّ وجلَّ، فإذا بالمستَدْرَكِ به يتضَمَّن تأكيد ما جاء قبلَه، فقد كذّب الرّسول وكذّب بما جاء به، وتولَّى مُدْبراً فلم يُصَلِّ ولم يَعْبُدْ ربَّه بعبادةٍ ما.
المثال الرابع: قول النابعة الذّبياني:
*وَلاَ عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ * بِهِنَّ فُلُولٌ من قرَاعِ الْكَتَائِبِ*
فُلُول: جَمْعُ "فَلّ" وهو ثَلْمٌ يُصِيبُ حدّ السّيف من الضرب الشَّدِيدِ به.
مِنْ قراع الكتائب: القِرَاع: التقاتل ضرباً بالسّيوف والرماح، والكتائب: الجيوش المحاربة.
إنّ تثلُّم سيوفهم من قراع الكتائب يتضمّن مدحاً لهم بالشجاعة والإِقدام، فهو ليس من العيوب، بل هو من المناقب، فَذِكره على أنّه هو العيب الوحيد لهم يؤكّد الثناء عليهم أبلغ تأكيد.
المثال الخامس: قول "بديع الزمان الهمذاني" يمدح "خلف بن أحمد السجستاني":
*هُوَ الْبَدْرُ إلاَ أنَّهُ البَحْرُ زاخِراً * سِوَى أنَّه الضِّرْغامُ لكنَّهُ الوَبْلُ*
زاخراً: ممتلئاً طامياً. الضرغام: الأسد. الوَبْل: المطر الشديد.
فقد أكدّ المدح بأسلوب يُوهِمُ عند البدء به أنّه يريد أن يذكر له عيباً بعد أن شبّهه بالبدر.
المثال السادس: قول النابغة الجعدي في المديح:
*فَتَى كَمُلَتْ أَخْلاقُهُ غيْرَ أَنَّهُ * جَوَادٌ فَمَا يُبْقي مِنَ المَالِ بَاقِيَا*
المثال السابع: قول ابن الرومي في المديح:
*لَيسَ بِهِ عَيْبٌ سِوَى أنّه * لا تَقَعُ الْعَيْنُ عَلَى مِثْلِهِ*
المثال الثامن: رُوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه قال:
"أَنَا أفْصَحُ الّعَرَب، بَيْدَ أنِّي من قُرَيشٍ".
فكونُه من قريش يؤكّد أنّه صلوات الله عليه أفصح العرب.
المثال التاسع: قول المعرّي:
*تُعَدُّ ذُنُوبي عِنْدَ قَوْمٍ كَثِيرةً * وَلاَ ذَنْبَ لِي إلاَّ العُلاَ والفَضَائِلُ*
المثال العاشر: قول صفي الدّين الحلّي:
*لاَ عَيْبَ فِيهِمْ سِوَى أنَّ النَّزِيلَ بِهِمْ * يَسْلُو عَنْ الأَهْلِ والأَوْطَانِ والْحَشَمِ*
حَشَمُ الرَّجُل: خاصَّتُه الّذين يغضبون لغضبه ويرضون لرضاه ويدخل فيهم الأهل والعبيد والْجِيرَة.
المثال الحادي عشر: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (التوبة/ 9 مصحف/ 13 نزول) بشأن المنافقين:
{...وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ...} [الآية:74].
من شأن الإِغناء أن يكون سبب حُبّهم والباعث على طاعتهم، لا أن يكون سبب نقمتهم، فجاء ما بعد الاستثناء مؤكِّداً عدَمَ وجود سبب لنقمتهم.
المثال الثاني عشر: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (الحج/ 22 مصحف/ 103 نزول):
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّهُ...}.
جاءَ ما بَعْدَ الاستثناء مؤكّداً أَنَّهم أُخْرِجوا من ديارِهِم بغَيْرِ حَقٍّ، لأنّ قولَهُم: {رَبُّنَا اللَّهُ} لا يُعطي الكافرين أيَّ حَقٍّ في إِخراجِهم من دِيارِهم.
المثال الثالث عشر: جاء في مادة (نمل) من لسان العرب، قول الشاعر:
*وَلاَ عَيْبَ فينَا غَيْرُ نَسْلٍ لِمَعْشَرٍ * كِرَامٍ وأَنَّا لاَ نَخُطُّ عَلَى النَّمْلِ*
أي: لسنا بمجوس ننكح الأخوات، قال أبو العبّاس: وأنشدنا ابْنُ الأعرابي هذا البيت، وفسَّره: أنَّا كِرامٌ ولاَ نَأْتِي بُيُوتَ النَّمْلِ في الجدْب لِنَحْفِرَ على مَا جَمَعَ لنأكُلَه.
المثال الرابع عشر: قول الشاعر في مدح بني أُمَيَّة:
*مَا نَقَمُوا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلاَّ * أنَّهُمْ يَحْلُمُونَ إِنْ غَصِبُوا*
*وَأَنَّهُمْ سَادَةُ الْمُلُوكِ وَلاَ * يَصْلُحُ إلاَّ عَلَيْهِمُ الْعَرَبُ*
الاكثر قراءة في البديع
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
