لِمَ لَمْ يشارك ابن عبّاس وابن الحنفيّة وعبد الله بن جعفر في واقعة الطف؟

بسم الله الرحمن الرحيم.
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمّد وآله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد..
1 ـ بالنسبة للسؤال عن السبب في عدم مشاركة عبد الله بن عباس في الجهاد مع الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء، نقول: قد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية ج 8 ص 335: أنّ ابن عباس كان قد ابتلي بالعمى، وليس على الأعمى حرج، فلا يعد تخلّفه والحالة هذه تخاذلاً، إذا صحّت الرواية بذلك. ومن جهة أخرى فإنّنا نعتقد: أنّ ابن عباس كان يكنّ الإخلاص للإمام الحسين (عليه السلام) وقد روي أنّه حين حاول أن يصرف الإمام (عليه السلام) عن التوجّه للعراق، قال له الإمام (عليه السلام): "يا بن العم، والله إنّي لأعلم أنّك ناصح مشفق، وقد أزمعت على المسير(1).
2 ـ وحول سبب عدم خروج محمد بن الحنفية مع الإمام الحسين (عليه السلام)، نقول: قد تضاربت الأقوال فيه، وذلك على النحو التالي:
أ: إنّهم يقولون: إنّه قد أصابته عين في حرب الجمل، وقد روى أبو العباس المبرد: أنّه قد جيء بدرع لأمير المؤمنين، فطلب منه أن يقصرها، فأخذها وجمعها بكلتا يديه، وجذبها فقطع الزائد من الموضع الذي حدّه له أبوه (2).
قالوا: فأصابته عين بسبب ذلك، فخرج بيده خرّاج، وعطل يده (3).
وفي أخذ الثأر لابن نما الحلي ص81 قال: أصابته قروح من عين نظرت إليه، فلم يتمكّن من الخروج مع الحسين (عليه السلام).
وفي أجوبة المسائل النهائية ص38 قال: قد نقل أنّه كان مريضاً.
ب: إنّ الإمام الحسين (عليه السلام)، قد أمره بأن يبقى في المدينة ليكون له عيناً، ويخبره بكلّ ما يكون منهم، حيث قال له: وأمّا أنت فلا عليك أن تقيم بالمدينة، فتكون لي عيناً عليهم، لا تخفي عني شيئاً من أمورهم.
3 ـ أمّا بالنسبة لعبد الله بن جعفر، ودوره في قضية كربلاء، فنقول: إنّه كتب إلى الإمام الحسين (عليه السلام)، مع ولديه عون ومحمد، يطلب منه عدم المسير إلى العراق، ثم أخذ له أماناً من عمرو بن سعيد الأشدق والي المدينة، وجاء به إليه، وجهد أن يصرفه عن التوجّه إلى العراق فأبى(4).
ولمّا بلغه مقتل ابنيه مع الحسين (عليه السلام)، قال له بعض مواليه: هذا ما لقينا من الحسين. فحذفه عبد الله بنعله، وقال: يا بن اللخناء، للحسين تقول هذا؟! والله لو شهدته لأحببت ألّا أفارقه حتّى أقتل معه. والله، إنّه لممّا يسخّي بنفسي عنهما، ويهوّن عليّ المصائب بهما: أنّهما أصيبا مع أخي، وابن عمي مواسين له، صابرين معه.
ثم أقبل على جلسائه فقال: الحمد لله، إلّا يكن آست حسيناً يدي، فقد آساه ولدي (5).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين (6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. مقتل الحسين للمقرم، ص196 عن الكامل لابن الأثير، ج،4 ص16.
2. الكامل في الأدب لأبي العباس المبرد، ج،3 ص266.
3. زهر الربيع، ص 489 ط: دار العماد.
4. راجع تاريخ الأمم والملوك، ج 4، ص 291 وقاموس الرجال، ج5، ص413، والكامل في التاريخ لابن الأثير.
5. تاريخ الأمم والملوك ج 4 ص 357.
6. مختصر مفيد (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الثالثة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 ـ 2002، السؤال (167).
1