
ليلةُ القدرِ هي ليلةُ نزولِ القرآنِ العظيمِ، وهي في شهرِ رمضانَ في العشر الأواخر كما جاءَ عن الإمامِ الباقر (عليه السّلام) عندما سُئِلَ عن قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} حيثُ قالَ (عليه السّلام): "نَعَمْ لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ، وَهِيَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي اَلْعَشْرِ اَلْأَوَاخِرِ..." إلى آخرِ الروايةِ الشريفةِ.
ولكن في أيِّ ليلةٍ من العشرِ الأواخرِ تكونُ؟
سُئِلَ الإمامُ الصادقُ (صلواتُ اللهِ عليهِ) عَنْ لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ، فقَالَ (عليه السّلام): "اُطْلُبْهَا فِي تِسْعَ عَشْرَةَ، وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ".
ولكن معَ كُلِّ ذلكَ قد يسألُ سائلٌ: ما الحكمةُ مِن عدمِ التحديدِ لليلةِ القَدْرِ؟
لعلَّ مِن أهمِّ أسبابِ ذلكَ هو إرادةُ حَثِّ النَّاسِ على اغتنامِ الفرصةِ الذهبيَّةِ المتوفِّرَةِ في شهرِ الرَّحمةِ والغفرانِ وإحياءِ ليالي هذا الشَّهرِ بالعبادةِ والذِّكرِ والصَّلاةِ والدُّعاءِ والتَّوجُّهِ إلى اللهِ الغفورِ الرَّحيمِ.
غيرَ أنَّهُ بعدَ التتبُّعِ يقوى في النَّفسِ أنَّ ليلةَ القَدْرِ هي ليلةُ ثلاثٍ وعشرينَ وأَنَّ الليالي السَّابقةَ هي بمثابةِ المُقدِّمةِ، ولها دورٌ تحضيريٌّ للنُّفوسِ لتتهيَّأ وتستعدَّ للرُّقِيِّ في سُلَّمِ الكمالِ الرُّوحِيِّ مرحلةً تِلْوَ أُخرَى فتصلُ إلى ذروةِ كمالِهَا في ليلةِ القَدْرِ؛ فقد رُوِيَ عن الإمام الصادقِ (صلواتُ الله وسلامُهُ عليه) أنَّهُ قالَ: " التَّقْدِيرُ فِي لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَالْإِبْرَامُ فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَالْإِمْضَاءُ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منقول "بتصرّف" من مقالة للشيخ صالح الكرباسيّ.