قدّم الباحث الدكتور جبار كاظم الملا من جامعة بابل بحثًا بعنوان (دراسة تحليلية: توظيف السيرة النبوية للكشف عن معنى النص القرآني عند المفسرين). جاء ذلك خلال الجلسة الصباحية من اليوم الثاني للمؤتمر الثالث لدار الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)، التابعة لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، الذي يُعقد تحت شعار (رَسُولٌ مِّنَ اللهِ يَتْلُواْ صُحُفًا مُّطَهَّرَةً) وبعنوان (السيرة النبوية في كتب التفسير). ويهدف الباحث في بحثه إلى التأصيل للعقل التفسيري الذي وظف السيرة النبوية في الكشف عن معنى النص القرآني، وبعبارة أخرى فإنّ المفسرين تعاملوا مع نصوص السيرة النبوية، بوصفها قاعدة من قواعد التفسير، وتعاملوا معها بوصفها قرينة كاشفة عن معنى النص القرآني، محاولين بيان معطيات هذا التوظيف، وتسليط الضوء على مستوياته، كاشفين عن مصدر من مصادر السيرة النبوية من جهة، ومصدر من مصادر الكشف عن معنى النَّص القرآني من جهة أخرى. وذكر الباحث في ملخّص بحثه أنّ المفسرين قد بيّنوا مدى العلاقة بين السيرة النبوية والتفسير، ومؤشّرين الحاكم من المحكوم عليه منها، وهذا التوظيف يمثل نقطة التقاء بين التفسير والتاريخ على مبنى أنّ السيرة النبوية وردت بطريق تاريخي، وبين التفسير والسنّة النبوية على مبنى أنّ السيرة النبوية وردت بطريق روائي. وأشار إلى أنّ التفسير أفاد من السيرة النبوية في الكشف عن المعنى، والسيرة النبوية أفادت من التفسير كونه عنصرًا فعالًا في تصحيح السيرة النبوية، فيما قبله المفسرون وارتضوه في مصنفاتهم التفسيرية، ومن الممكن أن نطمئن إليه أنّه الأقرب إلى السيرة الواقعية، وما أُثِيرت عليه من إشكالات، فهو محل نظر وإن كان من السيرة المدونة، إلا أنه بمنأى عن السيرة الواقعية.
وأوضح البحث أنّ معيار القبول والرفض، أو قل معيار تنقيح للسيرة النبوية هـو عرضها على (الكتاب، والسنة، والعقل)، فما وافق هذه المعايير أُخِذ به، وما خالفها رُدّ، وتمّ الإعراض عنه وهذه هي الخطوة الصحيحة التي تندرج ضمن خطوات التصحيح لمضامين التصنيف السيريّ.