المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
هل يجوز للمكلف ان يستنيب غيره للجهاد
2024-11-30
جواز استيجار المشركين للجهاد
2024-11-30
معاونة المجاهدين
2024-11-30
السلطة التي كان في يدها إصدار الحكم، ونوع العقاب الذي كان يوقع
2024-11-30
طريقة المحاكمة
2024-11-30
كيف كان تأليف المحكمة وطبيعتها؟
2024-11-30

مفردات القران وبيان الفاظه في العربية
14-06-2015
الجوهرة الشمسية في اسبانيا الاستغلال الأمثل للطاقة الشمسية
20-9-2016
أنواع الصور الجوية- وضع محور آلة التصوير
6-4-2022
المكلف بصلاة الجمعة
30-11-2016
الثورات ضد المتوكل
22-9-2017
Consistency
7-1-2016


قواعد الشعر  
  
10707   11:59 صباحاً   التاريخ: 23-3-2018
المؤلف : د. عبد الرسول الغفاري
الكتاب أو المصدر : النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة : ص :117-121
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /

 

من كتب النقد: قواعد الشعر لأحمد بن يحيى، والمعروف بأبي العباس ثعلب ت 291 هـ جعل أبو العباس ثعلب كتابه مشتملاً على القواعد البلاغية والنقدية وما اشتهر في عصره من تقسيم الشعر الى قو اعد واساليب، متأثراً إلى حدٍّ ما بتقسيمات النحويين.

القواعد الشعرية التي تعرّض اليها على حد زعمه اربعٌ لا غير، ولو امعنّا النظر في تلك القواعد الأربع لوجدناها هي الى تقسيم النحو اقرب منه إلى تقسيم الشعر.

نعم، أنه اراد أن الشعر لا يبتدأ إلا بأحد هذه الاساليب الاربعة وهي: الامر، ومثّل له بقول الحُطيئة:

اقلّوا عليهم لا أباً لابيكم        من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا

اولئك قوم ان بنوا احسنوا البنا        وان عاهدوا أوفوا وان عقدوا شدوا

النهي: ومثّل له بقول ليلى الاخيلية:

لا تقربنّ الدهر آل مطّرفٍ    لا ظالماً أسداً ولا مظلوماً

قومٌ رباطُ الخيلِ وسط بيوتهم واسِنة زرق يخلن نجوما

الخبر: ومثّل له بقول القطامي:

يقتلننا بحديث ليس يعلمه      من يتقين ولا مكنونه بادي

فهن ينبذن من قول يصِبنَ به         مواقعَ الماءِ من ذي الغلّة الصادي

الاستخبار: ومثّل له بقول قيس بن الخطيم:

أنى سَرَبتِ وكنتِ غيرَ سَرُوبِ        وتقرِّب الاحلام غيرَ قَرِيبِ

ما تَمْنَعِي يَقظَى فقد تُؤْتِينَهُ    في النَّومِ غيرَ مصَرّدٍ محْسُوبِ (1)

ثم قسّم الشعر الى الاغراض المتعارف عليها بين الشعراء وجعلها لا تخرج عن: المدح، والهجاء، والرثاء، والتشبيب، والاعتذار والوصف إلا أنه ابدله بالتشبيه، واختصاص الخبر الذي اراد به هو الشعر القصصي، ثم تناول الجانب البلاغي في الشعر واصطلح لبعض عناصره تسميات ولمّا كان مبدعاً في بعضها فقد تناول التشبيه واصطلح عليه الخارج عن التعدي والتقصير ومثّل له بقول امرئ القيس:

كأنّ قلوب الطير رطباً ويابساً لَدى وكرها العناب والحشف البالي

ثم قال: وزعم الرواة أن هذا احسن شيء وجد في تشبيه شيئين بشيئين.

وقد تناول المعنى الجميل، ويسميه لطافة المعنى، وهو الدلالة بالتعريض على التصريح ومثّل له بقول مهلهل بن ربيعة:

يبكى علينا ولا نبكي على أحد لنحن اغلظ اكباداً من الإبل

اما حديثه عن الاستعارة فيقول: هو ان يستعار للشيء اسم غيره أو معنى سواه.

وقد مثّل له بقول امرئ القيس لما استعار وصف الجبل للّيل:

فقلت له لما تمطّى بصلبه     وأردف اعجازاً وناء بكلكل

ومما ادخله في صنف البلاغة حسن التخلّص من غرض الى آخر ويسميه حسن الخروج. لكن اراد بهذا التخلّص على ان لا يلتجئ الشاعر الى الفاظ أدْمَنَ الشعراء عليها فأصبحت اساليب مبتذلة، فقد تعارف في النظم ان الشاعر اذا اراد الانتقال من غرض الغزل أو التشبيب أو النسيب الى غرض آخر كالمدح أو الو صف أو الرثاء عليه أن يورد كلمة: (دع ذ 1) أمّا أبو العباس ثعلب فيطلب من الشاعر أن يتخلّص الى غرضه المقصود بحسن التأليف بين الاسلوب والمعنى، وذلك لا يتاح إلّا لذوي النباهة، ومن ملك حسّاً مُرهفاً وذوقاً جميلاً، وقد أورد في ذلك امثلة منها قول حسان، وقد خرج من الغزل الى الهجاء:

إنْ كنتِ كاذبةَ الذي حدّثتِني   فنجَوْتِ مَنْجَى الحارِثِ بن هِشامِ

تَرَكَ الأحِبّةَ أنْ يقاتلَ دونَهمْ   وَنجا برَأس طِمِرَّةٍ وَبجامِ

أمّا في المطابقة، وهو أن تكرر اللفظة لمعنيين مختلفين، وقد مثّل لها بقوله تعالى: (وترى الناس سكارى وما هم بسكارى).

وبقول الاحوص:

سلام اللّه يا مطر عليها        وليس عليك يا مطر السلام

كلمة (مطر) الأولى (الغيث) والثانية اسم رجل.

لم يتعرّض بعد ذلك الى عيوب الشعر وما يرتبط بالوزن والقافية، ويختار بعض التسميات لذلك- فمثلاً- يعبّر عن النظم الجيد بـ (اتساق النظم) ويقول منه: ما طاب قريضه وسلم من السناد، و الأقواء والإكفاء والإجازة، والإيطاء وغير ذلك من عيوب الشعر وما قد سهّل العلماء اجازته، من قصر الممدود ومدّ المقصور، وضروب أخر كثيرة وان كان ذلك قد فعله القدماء وجيء به عن فحول الشعراء.

هكذا يعرض لنا ثعلب اختياره لبعض العناوين ليعطي للقارئ صياغة جديدة تبدو من ابتكارات المؤلف، وإلا ما الفرق بين عنوان (اتساق النظم) وعنوان (النظم الجيد)؟ الم تكن كلمة (اتساق) تعني النظام الجميل الجيد لبناء القصيدة شكلاً ومضموناً؟! وهذا هو المقصود عند من سبقه من كتّاب الادب وهو المعني ب (النظم الجيد).

ومع هذا نستطيع القول ان (اتساق المعنى) غير (اتساق النظم)، والثاني هو ما خلا من عيوب الشعر كالسناد والإقواء والإكفاء والإجازة، والإيطاء وغير ذلك من العيوب.

حاول أبو العباس ان يضع موازين نقدية خاصة لم يسبق اليها أحد وقد سمّاها في تسميات تدلّ على براعة المصنّف وتذوّقه في الشعر، ومن تلك التسميات:

ا- المعدل من ابيات الشعر ويقصد به ما اعتدل شطراه وتكافأت حاشيتاه وتم- بأيهما وقف عليه- معناه.

2- الابيات الغر ويقول واحدها اغر وهو ما نجم من صدر البيت بتمام معناه دون عجزه وكان لو طرح آخره لأغنى اوله بوضوح دلالته.

3- الابيات المحجلة ويقول فيها ما نتج فيها قافية البيت عن عروضه وابان عجزه بغية قائله وكان كتحجيل الخيل والنور يعقب الليل.

4- الابيات الموضحة ويقول فيها: هي ما استقلت اجزاؤها وتعاضدت فصولها وكثرت فقراتها واعتدلت فصولها فهي كالخيل الموضحة والفصوص والبرودة المحبرة.

5- الابيات المرجلة يقول فيها: التي يكمل معنى كل بيت منها بتمامه، وينفصل الكلام ببعض يحسن الوقوف عليه غير قافيته فهو ابعدها من عمود البلاغة، واذمّها عند أهل الرواية اذ كان منه عند أهل الابتداء مقروناً باَخره، وصدره منوطاً بعجزه، فلو طرحت قافية البيت وجبت استحالته ونسب إلى الخليط قائله (2).

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ديوان قيس بن الخطيم ص 15، تحقيق ناصر الدين الاسد 2 ط 1، 1962، م المدني، القاهرة.

 (2) انظر قواعد الشعر لابي العباس ثعلب: ص 70- 88.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.