أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-19
945
التاريخ: 30-11-2021
2736
التاريخ: 25-1-2017
2481
التاريخ: 23-1-2023
1068
|
أختص الله الإنسان بين سائر الفصائل الحيوانية الأخرى بالقدرة على التعبير اللغوي، لأنه يتميز عن هذه الفصائل الأخرى بطائفة من المراكز المخية، كمركز إصدار الألفاظ ، ومركز حفظ الكلمات المسموعة. وهنا تتصدر اللغة أدوات التعبير والتفاهم ، لأنها تشتمل على الكلمات والتعبيرات التي تسمّي الأشياء وتصف الأفكار والعلاقات والقيم.
وتتبوأ اللغة العربية مكانة بارزة بين عوامل الحفاظ على الهوية الإسلامية؛ لأنها نتاج لثقافة الأمة، وهي السبيل لفهم الأشياء وبالتالي فهي الطريق لربط أطفال المسلمين بعقديتهم وتراثهم. والعربية لا يحفل بها العرب وحدهم، ولكنها تهم المسلمين جميعا لأنها اللغة المقدسة التي تؤدي بها العبادات، وتقام بها الشعائر وتلتقي عندها كافة الأجناس.
وقد أدى الابتدال واستخدام بعض الألفاظ والكلمات الهابطة التي تتردد على ألسنة الممثلين والضيوف ومقدمي البرامج في وسائل الإعلام، وعدم الحفاظ عل الحد الأدنى من الأصول والقواعد اللغوية الى الاستخفاف بقواع اللغة العربية وإهمالها، كما أدى الى الترويج للسوقية بين الأطفال، وشيوع الكلمات والمصطلحات غير اللائقة.
وانتشرت الدعاوي التي تطالب باستعمال العامية بدلا من الفصحى، بحجة ان الفصحى لا تلبي احتياجات الأطفال ولا تتفق مع قدراتهم. وقد نجم عن هذا الوضع إهدار اللغة الأم، وعدم الاهتمام بأصولها وقواعدها، كما أدى الى وقوع الخطأ في مفرداتها. وقد أسهم ذلك في تفشي أخطاء اللغة بين الأطفال والصبية والكبار بصورة واضحة، مما أصبح ينذر بخطر محدق.
ونظرا لأن اللغة العربية ملازمة لدين الله، خصها الحق جل وعلا بحمل كتابه الكريم، كما ان الثقافة الإسلامية في صميمها ثقافة عربية بلسان رسولها المصطفى، وعربية بلسان من استقبلوا دعوتها، وحكموا بشريعتها، فإن الحملات والمؤامرات التي تشنها الأجهزة والمؤسسات المعادية للإسلام والمسلمين تعمل بكل طاقتها على إفراغها من محتواها، وهي حملات لا يهدأ لها بال تستهدف فك التلازم القائم بين اللغة العربية والدين الإسلامي لاختراق الثقافة الإسلامية، تلك الثقافة التي هي في صميمها ثقافة عربية بلسان رسولها الكريم (صلى الله عليه وآله)، وعربية بلسان من استقبلوا دعوتها، وحكموا بشريعتها، وعربية بالوطن العربي الذي طلعت فيه شمسها، وتجلت فيه آياتها.
ومن الغريب ان بعض المثقفين العرب الذين يعملون في حقل الإعلام والتعليم والذين يجنحون الى تقليد الشخصية الغربية في الملبس والمأكل والكلام، مفتونين بما يرونه في الغرب من بريق حضاري وتقدم علمي، وقد أسهم هؤلاء في النيل من اللغة وتحريف الكثير من الكلمات العربية.
ثم رأينا من يطالب بتعليم أطفالنا لغة العالم المتقدم لتكون اللغة الأم بالنسبة لهم؛ بدعوى أنها لغة العلم التي تحمل معارف وثقافات لا تستطيع لغة العرب ان تحملها او تصغ معانيها، ومنهم من يتهم العربية بالعجز، وعدم القدرة على الاستجابة للمستجدات العصرية في مختلف العلوم والفنون. ويدعي هؤلاء ان التخلف الذي أصاب المجتمعات الإسلامية يرجع الى قصور في اللغة العربية نظرا لعدم قدرتها على نقل ما كادت به قرائح العلماء وعقول المفكرين في الأمم المتحضرة، وبناء على ذلك فهم يطالبون بترك هذه اللغة، والبحث عن لغة أخرى تمكن المسلمين من اللحاق بركب الحضارة والتقدم، وتمكنهم كذلك من استيعاب المتغيرات الجديدة التي فرضت نفسها على إنسان اليوم، حتى يستطيعوا مواكبة التطور السريعة الذي يسود العالم المتقدم.
وكأنهم يرددون مقولة الاستعمار القديم، الذي ظل يسعى بكامل طاقته الى إضعاف هذه اللغة ليسهم في صرف المسلمين عنها؛ حتى تنقطع الصلة بينهم وبين جذورهم وتراثهم، مستهدفين من وراء ذلك النيل من القرآن الكريم ذاته، فأخذوا يوجهون سهامهم الى اللغة العربية التي نزل بها هذا الكتاب العظيم.
فهل أصبحت لغة العرب – التي علمت العالم – عاجزة عن مسايرة التقدم الذي يسود العالم كما يدعي هؤلاء؟ وهي اللغة التي يشهد لها الخبراء والمفكرون بأنها تمتاز عن سائر اللغات بالقدرة على إيصال المعاني بأقصى الطرق، كما تتميز بالسعة والمرونة والوضوح والدقة في قواعد النحو والصرف، وفي ذلك يقول الحق جل وعلا:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2]. ويقول سبحانه وتعالى:{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}[فصلت:3].
وتشير الدراسات الإحصائية إلى أن وسائل الإعلام أسهمت إسهاما كبيرا في إيذاء العربية، فإذا استعرضنا برامج وفقرات الإذاعة والتلفزيون في معظم البلاد العربية لوجدنا ان نسبة ما تبثه بالعامية – وبلهجة رجل الشارع ـ تزيد كثيرا على ما يقابله بالفصحى، ولا سيما في مجال الأعمال الدرامية والمنوعات، التي يندر فيها استعمال الفصيح من اللغة. ومن ثم فإن هذه الوسائل تتحمل مسؤولية محورية في الحفاظ على اللغة العربية وتقويم لسان الطفل العربي والمسلم، وحمايته من الانحراف بها، لأنه إذا ظلت أجهزة الإعلام تهمل الأداء الصحيح للغة العربية فسيبلغ الانهيار مداه، ولتلافي هذا الزلل، وتطلعا لتحقيق الأمل؛ والارتقاء بالمستوى اللغوي لأبناء المسلمين فإن برامج الأطفال في وسائل الإعلام يجب ان تأخذ على عاتقها ما يلي:
1ـ حسن اختيار اللفظ والعبارة، ومراعاة الكلمات الصحيحة التي يستطيع الأطفال استيعابها وفهم مقاصدها ، والابتعاد عن الألفاظ المبتذلة والغريبة، وعن الإسفاف في اختيار الكلمات الهابطة لعرض المعاني، وعدم التكلف في صياغة النصوص الإعلامية ومراعاة مستوى أفهام الأطفال، حتى يقبلوا على العربية الصحيحة، ولا ينفروا منها.
2ـ الالتزام بقواعد وحدود اللغة حتى تأتي النصوص الإعلامية الموجهة للأطفال معدة على وجه معقول، ومنظومة بصورة تخلو من التنافر والشذوذ، وهذا يفرض على الإعلاميين الذين يخاطبون هذه الشريحة العمرية التمكن من قواعد اللغة، والسيطرة على معانيها، والقدرة على نظم الكلام، ومراعاة الغرض المقصود منه، وهو ما يشار إليه بوجوب مطابقة الكلام لمقتضى الحال.
3ـ الاهتمام بفن الإلقاء، والقدرة على النطق السليم للغة العربية، والتعامل الصحيح مع ألفاظها ومفرداتها بطريقة سليمة، بهدف ترسيخ هذه العادة لدى الأطفال الذين يكتسبون عادات النطق والحديث وفن القول لأول مرة، لأنه سيصبح من الصعب عليهم اقتلاع ما تعلموه في الصغر وما اعتادوا عليه في مراحل التكوين الاولى.
4ـ الوضوح والبساطة، ذلك أن تناول مختلف القضايا بأسلوب عربي مبين يمكن الأطفال على اختلاف مستوياتهم من الفهم والاستيعاب ومتابعة ما ينشر وما يبث دون صعوبة.
5ـ تضييق المسافة بين لغة الخطاب ولغة الكتاب، وإتاحة مختلف السبل امام الفصحى لتتسرب في كل مكان يوجد فيه الأطفال ليكون للفصحى السلطان في التعبير الإعلامي.
من هنا يصبح من الأهمية بمكان تلافي السلبيات التي تؤدي الى انتشار الأخطاء اللغوية في وسائل الإعلام العربية، تلك الوسائل التي أصبحت بمثابة المدرسة التي يتعلم منها أبناء المسلمين فنون القول والتعبير، ولن يتم ذلك إلا بوضع خطة جادة تستهدف وضع الأمور في نطاقها الصحيح.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|