أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2015
1600
التاريخ: 8-11-2014
1952
التاريخ: 23-11-2014
1626
التاريخ: 28-09-2015
1357
|
يطلق لفظ الإمام في اللغة على معان : منها الطريق : لأنه يقود السائر إلى مقصده ، ومنها ما يقتدي الناس به في هداية ، أو ضلالة ، قال تعالى : {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء: 73] . . وقال في آية أخرى : { وجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ } .
وقد يكون الإنسان إماما إذا كان متبوعا في شيء ، ومأموما تابعا في شيء آخر . . هذا بحسب اللغة ، أما بحسب الدين والشرع فان الإمام يطلق على من يؤم الناس في الصلاة إلا أنه لا يستعمل في ذلك إلا مقيدا ، فيقال إمام الجمعة والجماعة . . وإذا كان مطلقا غير مقيد فإنه يستعمل في معنيين : الأول في النبي ، ومرتبته أعلى مراتب الإمامة . الثاني يستعمل في وصي النبي . . والإمام بمعنى إمامة النبوة والرسالة ، وإمام الوصاية والخلافة متبوع في كل شيء غير تابع لغيره في شيء في زمن إمامته .
والإمام بمعنى النبي يفتقر إلى النص من اللَّه بواسطة الروح الأمين ، وبمعنى الوصي لا بد فيه من النص من اللَّه سبحانه على لسان نبيه الكريم ، وشرط هذا النص أن يكون بالاسم والشخص ، لا بالصفات وصيغة العموم فقط ، كما هي الحال في المجتهد والحاكم الشرعي ، بل بالنص الخاص الذي لا يقبل التأويل ، ولا التخصيص ، ولا مجال فيه إطلاقا للبس ، أو احتمال العكس ، ومن هنا يتبين ان اطلاق لفظ الإمام من غير قيد على غير النبي ، أو غير الوصي محل توقف وتأمل ، وغير بعيد أن يكون محرما ، تماما كإطلاق لفظ وصي النبي على غير الإمام المعصوم .
ومهما يكن ، فان قول هذا الإمام نبيا كان ، أو وصيا هو قول اللَّه ، وهداه هدى اللَّه ، وحكمه حكم اللَّه الذي لا يحتمل العكس . . ومن ادعى شيئا من ذلك لنفسه دون أن يثبت النص القطعي عليه بالخصوص فهو مفتر كذاب . .
وخير ما قرأته في صفة الإمام قول الإمام الأعظم زين العابدين ( عليه السلام ) في الصحيفة السجادية : « اللهم انك أيدت دينك في كل أوان بإمام أقمته علما لعبادك ، ومنارا في بلادك بعد أن وصلت حبله بحبلك ، وجعلته الذريعة إلى رضوانك ، وافترضت طاعته ، وحذرت معصيته ، وأمرت بامتثال أوامره ، والانتهاء عند نهيه ، وان لا يتقدمه متقدم ، ولا يتأخر عنه متأخر - أي يبقى متابعا له - فهو عصمة اللائذين ، وكهف المسلمين ، وعروة المؤمنين ، وبهاء رب العالمين » .
هذه هي أوصاف من يختاره اللَّه إماما لعباده . . وبديهة ان الإمامة بمعنى النبوة والوصاية تستدعي العصمة ، ولا تنفك . عنها بحال ، بل هي هي ، لأن الأعمى لا يقود أعمى مثله ، والأقذار لا تطهر أقذارا مثلها ، ومن كان عليه الحد لا يقيم على غيره الحد .
واستدل الشيعة الإمامية بقوله تعالى : {جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } [البقرة: 124] على ان الإمامة
لا تكون الا بجعل من اللَّه سبحانه ، ويؤيده طلب إبراهيم منه جل وعز ان يجعل أئمة من ذريته ، وإذا كانت الإمامة بالجعل منه تعالى احتاجت بحكم الطبيعة إلى النص منه .
وأيضا استدل الشيعة الإمامية بقوله تعالى : { لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } على وجوب العصمة للنبي والوصي ، ووجه الدلالة ان اللَّه قد بيّن صراحة انه لا يعهد بالإمامة إلى ظالم ، والظالم من ارتكب معصية في حياته مهما كان نوعها ، حتى ولو تاب بعدها ، حيث يصدق عليه هذا الاسم ، ولو آنا ما ، ومن صدق عليه كذلك فلن يكون إماما .
وتشاء الصدف والظروف أن ينشأ غير علي في حجر الشرك والرجس ، وعبادة الأصنام ، وان ينغمس في أرجاس الجاهلية إلى الآذان ، وان لا ينطق بالشهادة الا بعد أن عصي عوده ، وبعد أن شبعت الأصنام منه ، ومن سجوده لها ، وشاء اللَّه لعلي بن أبي طالب أن ينشأ في حجر النبوة والطهر ، وان يكيّفه محمد ( صلى الله عليه واله ) وفقا لإرادة اللَّه ، وهو طري ندي ، وان ينزل الأصنام من على عروشها ، ويلقي بها تحت أقدام محمد . وهنا سؤال نلقيه على كل عاقل منصف ، ليجيب عنه بوحي من عقله ووجدانه ، وهو :
مال لقاصر ورثه عن أبيه ، ولا بد له من ولي يحرص ويحافظ عليه ، ودار الأمر بين ان نولي عليه رجلا لم يعص اللَّه طرفة عين مدى حياته ، لا صغيرا ، ولا كبيرا ، وبين أن نولي عليه رجلا عصاه أمدا طويلا ، وهو بالغ عاقل ، ثم تاب وأناب ، فأيهما نختار : الأول أو الثاني ؟ .
ويكفي دليلا على عصمة أهل البيت ( عليه السلام ) شهادة اللَّه لهم بالعصمة في الآية 33 من الأحزاب : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } . . وتكلمنا عن العصمة مفصلا عند تفسير الآية 39 فقرة « عصمة الأنبياء » .
وفقرة « أهل البيت » فراجع ، وهذه الفقرة تتمة للفقرتين السابقتين . وفكرة العصمة لا تختص بالشيعة وحدهم ، فان السنة قالوا بها ، ولكنهم جعلوها للأمة ، مستندين إلى حديث لم يثبت عند الشيعة ، وهو : « لا تجتمع أمتي على ضلالة » . . والمسيحيون قالوا بعصمة البابا ، والشيوعيون بعصمة ماركس ولينين ، وقال القوميون السوريون بعصمة انطون سعادة ، والاخوان المسلمون بعصمة حسن البنا ، وكل من استدل بقول انسان ، واتخذ منه حجة ودليلا فقد قال بعصمته من حيث يريد أو لا يريد .
وفي الصين مئات الملايين اليوم تؤمن بعصمة ماو تسي تونغ - نحن الآن في سنة 1967 - ويشيدون بتعاليمه ، وإذا اختلف الشيوعيون فيما بينهم وكذلك غيرهم ممن ذكرنا فإنهم يختلفون في تفسير أقوال الرؤساء والمراد منها ، لا في وجوب العمل بها ، والولاء لها ، تماما كما يختلف المسلمون في تفسير نصوص القرآن ، والمسيحيون في تفسير الإنجيل . . ومن خص العصمة بالشيعة فهو واحد من اثنين : اما جاهل مغفل ، واما مفتر متآمر .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|