الجملة التي لا موقع لها هي الجملة التي لا تحل محل كلمة مفردة، ومن ثَمَّ لا يقال فيها: إنها في موضع رفع أو نصب أو جر أو جزم، وهي أنواع يمكن ترتيبها على النحو التالي:
1- الجملة الابتدائية:
ويقصد بها الجملة التي يفتتح بها الكلام سواء كانت اسمية أو فعلية.
جملة: زيد قائم، جملة لا محل لها من الإعراب؛ لأنها جملة ابتدائية تؤدي معنى مستقلا، لا يصح أن يحل محلها لفظ مفرد وإلا ضاع المعنى؛ ولذلك نقول: إنها لا محل لها من الإعراب.
2- الجملة المستأنفة:
وهي الجملة المنقطعة عما قبلها؛ أي أنها تعد جملة ابتدائية أيضا، وذلك مثل:
مات زيد رحمه الله.
فجملة "رحمه" وقعت بعد معرفة "زيد" وهي ليست حالا منه، بل هي منقطعة عن الجملة السابقة؛ لأنها دعاء له بالرحمة، ونعربها على النحو التالي:
رحمه: فعل ماض، والهاء مفعول به في محل نصب.
الله: لفظ الجلالة فاعل.
والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب جملة مستأنفة.
- ومن الجمل المستأنفة الجملة المؤخر عنها العامل في باب "ظن" مثل:
زيد كريم أظن.
زيد كريم: مبتدأ وخبر.
ص346
أظن: فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.
والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب جملة مستأنفة.
- سبق أن عرفت أن لجملة المدح والذم إعرابين: أحدهما أن تعرب المخصوص بالمدح أو الذم مبتدأ مؤخرا والجملة الفعلية السابقة عليه خبرا مقدما، وثانيهما أن تعربه خبرا لمبتدأ محذوف، وعلى هذا الإعراب الثاني تقول:
نعم القائد خالد.
نعم: فعل ماض جامد.
القائد: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
خالد: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو.
والجملة من المبتدأ وخبره لا محل لها من الإعراب جملة مستأنفة.
- من المهم أن تتنبه للجملة المستأنفة؛ لأن تقديرها غير مستأنفة قد يؤدي إلى فساد المعنى؛ ولذلك شواهد من القرآن الكريم، نحو:
{فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}.
فجملة: {إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُون} جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب؛ لأنها لو لم تكن كذلك لكانت في محل نصب مقولا للقول، وذلك فاسد؛ لأن المعنى أن الله سبحانه وتعالى يخاطب رسوله -صلى الله عليه وسلم- ألا يحزن لقول المشركين، ثم يقول له: إنه يعلم ما يسر هؤلاء المشركون وما يعلنون. فالجملة إذن منقطعة عن القول السابق مباشرة.
{وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}.
وكذلك جملة: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} جملة مستأنفة؛ لأنها منقطعة عما قبلها؛ إذ لو لم تكن منقطعة لكانت في محل نصب مقولا للقول، وذلك محال؛ إذ كيف يقول المشركون: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}؟! وإذا قالوه فكيف يُحزن الرسول هذا القول.
ص347
{أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.
فجملة: {كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ} في محل نصب مفعول به لفعل "يرى"، وجملة: {ثُمَّ يُعِيدُهُ} جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب؛ لأنها منقطعة عما قبلها، وذلك أن الناس وإن كانوا يرون كيفية خلق الله للأشياء فإنهم لم يروا كيفية إعادة الخلق؛ لأنها لم تقع بعد، وعلى ذلك نعرب "ثم" حرف استئناف لا حرف عطف حتى لا تأخذ الجملة حكم الجملة التي قبلها.
3- الجملة المعترضة:
وهي الجملة التي تعترض بين شيئين يحتاج كل منهما للآخر، والنحويون يقولون: إن هذا الاعتراض يفيد توكيد الجملة وتقويتها، ويقع الاعتراض في مواضع، هي:
- بين الفعل ومرفوعه:
سافر -أُخبرت- زيد.
أخبرت: فعل ماض، والتاء نائب فاعل. والجملة من الفعل ونائب الفاعل لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
كوفئ -أظن- زيد.
أظن: فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا. والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
"الجملة الأولى اعترضت بين الفعل وفاعله، والثانية اعترضت بين الفعل ونائب الفاعل".
- بين المبتدأ والخبر:
زيد -أنا موقن- كريم.
أنا: مبتدأ في محل رفع.
موقن: خبر مرفوع.
والجملة من المبتدأ وخبره لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
ص348
كان زيد -والله- كريما.
والله: الواو واو القسم، حرف جر. ولفظ الجلالة مجرور بحرف القسم، وشبه الجملة متعلق بفعل محذوف تقديره "أقسم"، والجملة الفعلية لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
إن زيد -أعلم- كريم.
أعلم: فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا. والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
- بين الفعل ومفعوله:
أكرمت -أقسم- زيدا.
أقسم: فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا. والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
كوفئت -والله- خيرا بخير.
جملة القسم "والله" لا محل لها من الإعراب جملة معترضة؛ لأنها اعترضت بين الفعل "كوفئ" والمفعول الثاني "خيرا".
- بين الشرط وجوابه:
إن يجتهد طالب -أنا موقن- ينجح.
أنا موقن: مبتدأ وخبر.
والجملة لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
- بين القسم وجوابه:
والله - وإنه لقسم عظيم- ليفلحن الصابرون.
إنه: حرف توكيد ونصب، والهاء اسم إن في محل نصب.
لقسم: اللام هي اللام المزحلقة، قسم خبر إن مرفوع.
والجملة لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
- بين الموصوف وصفته:
كافأت طالبا -والله- مجدا.
ص349
جملة القسم لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
- بين الموصول وصلته:
قابلت الذي -أظن- فاز بالجائزة.
أظن: فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر وجوبا.
والجملة لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
- بين أجزاء الصلة:
رأيت الذي ماله -والكرم جميل- مبذول للناس.
الكرم جميل: مبتدأ وخبر.
والجملة لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة. وقد اعترضت هنا بين أجزاء جملة الصلة "ماله مبذول".
- بين المضاف والمضاف إليه:
هذا كتاب -والله- زيد.
جملة القسم لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
- بين الجار والمجرور:
سلمت على -والله- زيد.
جملة القسم لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
- بين حرف التنفيس والفعل:
سوف -أوقن- ينجح المجد.
أوقن: فعل مضارع والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.
والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
- بين قد والفعل:
قد -والله- حضر زيد.
ص350
جملة القسم لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
- بين حرف النفي ومنفيه:
ما -والله- أفلح مهمل.
جملة القسم لا محل لها من الإعراب؛ جملة معترضة.
قد يكون في الكلام أكثر من جملة معترضة، مثل:
زيد -والله والإخلاص محمود- مخلص لأصدقائه.
جملة القسم، والجملة التي بعدها من المبتدأ والخبر، جملتان معترضتان لا محل لهما من الإعراب.
4- الجملة التفسيرية:
وهي الجملة التي تفسر ما يسبقها وتكشف عن حقيقته، وقد تكون مقرونة بحرف تفسير أو غير مقرونة.
نظر الحيوان في استعطاف أي أعطني طعاما.
أي: حرف تفسير مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
أعطني: فعل، وفاعل، ومفعول أول.
طعاما: مفعول ثانٍ.
والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب؛ جملة تفسيرية.
كتبت إليه أن أرسل إليَّ الكتاب.
أن: حرف تفسير مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
أرسل: فعل وفاعل.
والجملة لا محل لها من الإعراب؛ جملة تفسيرية.
وغير مقرونة بحرف التفسير، مثل:
هل أدلك على طريق النجاح، تُخْلِص في عملك.
تخلص: فعل مضارع والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. والجملة
ص351
من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب؛ جملة تفسيرية "لأنها فسرت طريق النجاح".
5- جملة جواب القسم:
والله ليُفْلِحَنَّ المجد.
يفلحن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد المباشرة.
المجد: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب؛ جملة القسم.
6- الجملة الواقعة جوابا لشرط غير جازم:
وكلمات الشرط غير الجازمة هي: لو - لولا - إذا.
لو حضر زيد أكرمته.
جملة أكرمته لا محل لها من الإعراب؛ جواب الشرط.
وكذلك في: لولا زيد لأكرمتك.
إذا اجتهدت نجحت.
جملة جواب الشرط هنا لا محل لها من الإعراب.
- فإن كانت كلمة الشرط جازمة، فقد سبق أن الجواب إن كان مقرونا بالفاء أو إذا الفجائية كان لجملة الجواب محل من الإعراب. فإن كان الجواب غير مقرون بهما لم يكن للجملة محل.
إن تذاكر تنجح.
تنجح: فعل مضارع مجزوم، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب؛ جواب الشرط.
إن ذاكر طالب نجح.
نجح: فعل ماض مبني على الفتح. والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو.
ص352
والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب؛ جواب الشرط.
7- جملة الصلة:
جاء الذي نجح.
جاء الذي خلقه كريم.
الجملة الفعلية "نجح" والاسمية "خلقه كريم" لا محل لهما من الإعراب؛ صلة الموصول.
8- الجملة التابعة لجملة لا محل لها من الإعراب:
حضر زيد ولم يحضر علي.
الواو: حرف عطف.
لم: حرف نفي وجزم وقلب.
يحضر: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون.
علي: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب (لأنها معطوفة على جملة: حضر زيد، وهي جملة ابتدائية).
ص353