أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2017
529
التاريخ: 13-3-2018
670
التاريخ: 2-8-2017
457
التاريخ: 13-3-2018
1154
|
خلافة الأمين محمد بن زبيدة
أمه أم جعفر، زبيدة بنت جعفر المنصور. وليس في خلفاء بني العباس من أمه وأبوه هاشميان سواه. كان الأمين كثير اللهو واللعب، منقطعاً إلى ذلك مشتغلاً به عن تدبير مملكته. قال ابن الأثير المؤرخ الجزري: لم نجد للأمين شيئاً من سيرته نستحسنه فنذكره. وقال غيره: كان الأمين فصيحاً بليغاً كريماً، وفيه يقول بعض الشعراء يمدحه ويعرض بهجو المأمون أخيه:
لم تلــده أمــة تع *** رف في السوق التجارا
لا ولا حد ولا خا *** ن ولا في الخزي جارا
يعرض بالمأمون لأن الرشيد كان قد حده في جارية وجد معها اللهم أو في خمر كان الرشيد قد بايع للأمين بولاية العهد وللمأمون بعده، وكتب الكتب بذلك وأشهد فيها الشهود وأرسل نسخها إلى الأمصار، فعلقت نسخة من تلك النسخ على الكعبة وأكد ذلك بكل ما إليه السبيل. فلما مات بطوس كان المأمون في خراسان ومعه جماعة من أكابر القواد ووزيره الفضل بن سهل، وكان الأمين ببغداد، وكان الفضل بن الربيع وزير الرشيد مع الرشيد بطوس. فلما مات الرشيد جمع الفضل جميع ما في العسكر، وكان الرشيد قد أوصى به للمأمون، وتوجه الفصل إلى بغداد، فاستوزره الأمين، ثم اشتغل باللهو واللعب ومعاشرة المجان. فأشار الفضل بن سهل وزير المأمون على المأمون بإظهار الورع والدين وحسن السيرة، فأظهر المأمون حسن السيرة، واستمال القواد وأهل خراسان، وكان كلما اعتمد الأمين حركة ناقصة اعتمد المأمون حركة شديدة. ثم نشأت العداوة بينهما وحسن الفضل بن الربيع وغيره له أن يخلع أخاه المأمون من ولاية العهد ويبايع لابنه موسى، فخلعه وبايع لابنه موسى وسماه الناطق بالحق، وبسبب ذلك كانت الفتنة ببغداد بين الأمين والمأمون وكان في آخرها قتل الأمين.
شرح الفتنة بين الأمين والمأمون:
كان الفضل بن الربيع وزير الأمين قد خاف المأمون لما فعله عند موت الرشيد بطوس من إحضار جميع ما كان في عسكره إلى الأمين، بعد أن كان الرشيد قد أشهد به للمأمون. فخاف الفضل بن الربيع من المأمون أنه إن ولي الخلافة كافأه على فعله، فحسن للأمين خلع المأمون والبيعة لابنه موسى، واتفق مع الفضل جماعة على ذلك. فمال الأمين إلى أقوالهم، ثم إنه استشار عقلاء أصحابه فنهوه عن ذلك وحذروه عاقبة البغي ونكث العهود والمواثيق، وقالوا له: لا تجريء القواد على النكث للأيمان وعلى الخلع فيخلعوك. فلم يلتفت إليهم ومال إلى رأي الفضل بن الربيع، وشرع في خدع المأمون باستدعائه إلى بغداد؛ فلم ينخدع وكتب يعتذر. وترددت المراسلات والمكاتبات بينهما حتى رق المأمون وعزم على الإجابة إلى خلع نفسه ومبايعة موسى بن الأمين، فخلا به وزيره الفضل بن سهل وشجعه على الامتناع وضمن له الخلافة، وقال: هي في عهدتي. فامتنع المأمون، ونهض الفضل بن سهل بأمر المأمون، واستمال له الناس وضبط له الثغور والأمور. واشتدت العداوة بين الأخوين الأمين والمأمون، وقطعت الدروب بينهما من بغداد إلى خراسان وفتشت الكتب وصعب الأمر، وقطع الأمين خطبة المأمون في بغداد وقبض على وكلائه. وكذلك فعل المأمون بخراسان ونما الشر بينهما، وكان بقدر ما عند المأمون من التيقظ والضبط عند الأمين من الإهمال والتفريط والغفول.
فمما يحكى من تفريط الأمين وجهله أنه كان قد أرسل إلى حرب أخيه رجلاً من أصحاب أبيه يقال له علي بن عيسى بن ماهان، وأرسل معه خمسين ألفاً، فيقال: إنه ما - رئي قبل ذلك ببغداد عسكر أكثف منه، وحمل معه السلاح الكثير والأموال الوافرة وخرج معه مشيعاً مودعاً، وكان أول بعث بعثه إلى أخيه. فمضى علي بن عيسى بن ماهان في ذلك العسكر الكثيف، وكان شيخاً من شيوخ الدولة جليلاً مهيباً، فالتقى بطاهر بن الحسين ظاهر الري، وعسكر طاهر حدود أربعة آلاف فارس، فاقتتلوا قتالاً شديداً كانت الغلبة فيه لطاهر، وقتل علي بن عيسى وجيء برأسه إلى طاهر، فكتب طاهر إلى المأمون كتاباً نسخته:
أما بعد فهذا كتابي إلى أمير المؤمنين، أطال الله بقاءه، ورأس علي بن عيسى بين يدي وخاتمه في يدي وجنده تحت أمري والسلام.
وأرسل الكتاب على البريد فوصل إلى المأمون في ثلاثة أيام وبينهما مسيرة مائتين وخمسين فرسخاً. ثم إنه نعي علي بن عيسى ورد إلى الأمين وهو يصطاد السمك فقال الذي أخبره بذلك دعني فإن كوثراً قد اصطاد سمكتين وأنا إلى الآن ما اصطدت شيئاً! وكان كوثر خادماً خصيصاً له وكان يحبه.
ولقد كانت أمه زبيدة أسد رأياً منه، فإن علي بن عيسى لما أرسله الأمين إلى خراسان بالجيش حضر إلى باب زبيدة ليودعها، فقالت له: يا علي إن أمير المؤمنين وإن كان ولدي وإليه انتهت شفقتي فإني على عبد الله، تعني المأمون، منعطفة مشفقة لما يحدث عليه من مكروه وأذى، وإنما ولدي ملك نافس أخاه في سلطانه، فاعرف لعبد الله حق ولادته وأخوته، ولا تجبهه بالكلام فإنك لست نظيراً له، ولا تقتسره اقتسار العبيد، ولا توهنه بقيدٍ أو غل، ولا تمنع عنه جاريةً أو خادماً، ولا تعنف عليه في السير، ولا تساوه في المسير، ولا تركب قبله، وخذ بركابه إذا ركب، وإن شتمك فاحتمل منه، ثم دفعت إليه قيداً من فضة وقالت: إذا صار إليك فقيدة بهذا القيد. فقال لها: سأفعل ما أمرت به.
وكان الناس يجزمون بنصرة علي بن عيسى استعظاماً له ولعسكره واستصغاراً لمن يلتقيه من جند المأمون. فقدر الله خلاف ما جزموا به، وكان من الأمر ما كان.
وكانت تلك الأيام أيام فتنٍ وحروبٍ. فمما جرى من ذلك أن الحسين ابن علي بن عيسى بن ماهان كان أحد الأمراء شغب على الأمين وخلعه وحبسه وبايع للمأمون، وتبعه ناس من العسكر، فاجتمع ناس آخرون من العسكر وقالوا: إن كان الحسين بن علي بن عيسى يريد أن يأخذ وجهاً عند المأمون بما فعل فلنأخذن نحن وجهاً عند خليفتنا الأمين بفكه وتخليصه وإجلاسه على السرير.
فاقتتل الفريقان فغلب أصحاب الأمين فدخلوا عليه محبسه وأخرجوه وأجلسوه على سرير الخلافة ، وقاتلوا حسينا ً وغلبوا عليه وأحضروه أسيراً إلى الأمين، فعاتبه، فاعتذر إليه وعفا عنه. ثم خلع عليه وولاه العسكر وأمره بمحاربة المأمون. فخرج وهرب. فأرسل الأمين الجند خلفه، فلحقوه وقتلوه وحملوا رأسه إلى الأمين. فما زال الشر ينمى والاختلاف يزيد حتى أرسل المأمون هرثمة وطاهر بن الحسين، وهما من أعيان أمرائه، بعسكر كثيف لمحاصرة بغداد ومحاربة الأمين. فحاصرا بغداد مدة وقاتلا بعساكرهما قتالاً شديداً، وجرت بين القبيلتين وقائع كثيرة كان في آخرها الغلبة لعسكر المأمون وقتل الأمين، وحمل رأسه إلى أخيه المأمون بخراسان، وذلك في سنة ثمان وتسعين ومائة.
وأما حال الوزارة في أيامه فإنه لم يستوزر غير الفضل بن الربيع وزير أبيه.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|