أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2015
9502
التاريخ: 5-11-2015
4420
التاريخ: 17-5-2017
2903
التاريخ: 5-7-2017
3070
|
كانت غزوة خيبر في ذي الحجّة من سنة ستّ ـ وذكر الواقديّ: أنّها كانت أوّل سنة سبع من الهجرة(1)ـ وحاصرهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بضعاً وعشرين ليلة، وبخيبر أربعة عشر ألف يهوديّ في حصونهم، فجعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يفتتحها حصناً حصناً، وكان من أشدّ حصونهم وأكثرها رجالاً القموص، فأخذ أبو بكر راية المهاجرين فقاتل بها ثمّ رجع منهزماً، ثمّ أخذها عمر بن الخطّاب من الغد فرجع منهزماً يجبّن الناس ويجبّنونه حتّى ساء رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذلك فقال: «لاعطيّن الراية غداً رجلاً كرّاراً غير فرّار، يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، ولا رجع حتّى يفتح الله على يده». فغدت قريش يقول بعضهم لبعض: أمّا عليّ فقد كفيتموه فإنّه أرمد لا يبصر موضع قدمه. وقال عليّ (عليه السلام) لمّا سمع مقالة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «اللّهم لا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت».
فأصبح رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) واجتمع إليه الناس. قال سعد: جلست نصب عينيه ثمّ جثوت على ركبتي ثمّ قمت على رجلي قائماً رجاء أن يدعوني، فقال: «ادعو لي عليّاً» فصاح الناس من كلّ جانب: إنّه أرمد رمداً لا يبصر موضع قدمه فقال: «أرسلوا إليه وادعوه». فاُتي به يقاد، فوضع رأسه على فخذه ثمّ تفل في عينيه، فقام وكأنَّ عينيه جزعتان(2)، ثمّ أعطاه الراية ودعا له فخرج يهرول هرولة، فوالله ما بلغت قال جابر: فأعجلنا أن نلبس أسلحتنا، وصاح سعد: يا أبا الحسن أربع يلحق بك الناس، فأقبل حتّى ركزها قريباً من الحصن فخرج إليه مرحب في عادية اليهود(3) فبارزه فضرب رجله فقطعها وسقط، وحمل علي والمسلمون عليهم فانهزموا(4).
قال أبان: حدّثنى زرارة قال: قال الباقر (عليه السلام): «انتهى إلى باب الحصن وقد اُغلق في وجهه فاجتذبه اجتذاباً وتترّس به، ثمّ حمله على ظهره واقتحم الحصن اقتحاماً، واقتحم المسلمون والباب على ظهره. قال: فوالله ما لقي عليّ (عليه السلام) من الناس تحت الباب أشدّ ممّا لقي من الباب، ثمّ رمى بالباب رمياً.
وخرج البشير إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أنّ عليّاً دخل الحصن، فأقبل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فخرج عليّ يتلقّاه، فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): قد بلغني نبأك المشكور وصنيعك المذكور، قد رضي الله عنك ورضيت أنا عنك. فبكى عليّ (عليه السلام)، فقال له: ما يبكيك يا علي؟ فقال: فرحاً بأنّ الله ورسوله عنّي راضيان.
قال: وأخذ عليّ فيمن أخذ صفيّة بنت حييّ، فدعا بلالاً فدفعها إليه وقال له: لا تضعها إلاّ في يدي رسول الله حتّى يرى فيها رأيه، فأخرجها بلال ومرّ بها إلى رسول الله على القتلى، وقد كادت تذهب روحها فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لبلال: أنزعت منك الرحمة يا بلال؟! ثمّ اصطفاها (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لنفسه، ثمّ اعتقها وتزوّجها». قال: فلمّا فرغ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من خيبر عقد لواء ثمّ قال: «من يقوم إليه فيأخذه بحقّه؟» وهو يريد أن يبعث به إلى حوائط فدك، فقام الزبير إليه فقال: أنا، فقال له: «امط عنه» ثمّ قام إليه سعد، فقال: «امط عنه»، ثمّ قال: «يا عليّ قم إليه فخذه» فأخذه فبعث به إلى فدك فصالحهم على أن يحقن دماءهم، فكانت حوائط فدك لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خاصّاً خالصاً. فنزل جبرئيل (عليه السلام) فقال: «إنّ الله عزّ وجلّ يأمرك تؤتي ذا القربى حقّه».
فقال: «يا جبرئيل ومن قرباي وما حقّها؟». قال: «فاطمة فأعطها حوائط فدك، وما لله ولرسوله فيها». فدعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فاطمة عليها السلام وكتب لها كتاباً جاءت به بعد موت أبيها إلى أبي بكر وقالت: «هذا كتاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لي ولا بني»(5).
قال ولمّا افتتح رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خيبر أتاه البشير بقدوم جعفر بن أبي طالب وأصحابه من الحبشة إلى المدينة، فقال: «ما أدري بأيّهما أنا أسرّ، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر»(6).
وعن سفيان الثوريّ، عن أبي الزّبير، عن جابر قال: لمّا قدم جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) من أرض الحبشة تلقّاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فلمّا نظر جعفر إلى رسول الله حجل ـ يعني مشى على رجل واحدة ـ إعظاماً لرسول الله، فقبّل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما بين عينيه(7).
وروى زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمّا استقبل جعفراً التزمه ثمّ قبّل بين عينيه، قال: «وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعث قبل أن يسير إلى خيبر عمرو بن اُميّة الضمري إلى النجاشي عظيم الحبشة ، ودعاه إلى الإسلام فأسلم ، وكان أمر عمراً أن يتقدم بجعفر وأصحابه، فجهّز النجاشي جعفراً وأصحابه بجهاز حسن، وأمر لهم بكسوة، وحملهم في سفينتين»(8).
ثمّ بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ـ فيما رواه الزهري ـ عبدالله بن رواحة في ثلاثين راكباً فيهم عبدالله بن أنيس إلى اليسير بن رزام اليهودي، لمّا بلغه أنّه يجمع غطفان ليغزو بهم. فأتوه فقالوا: أرسلنا إليك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليستعملك على خيبر، فلم يزالوا به حتّى تبعهم في ثلاثين رجلاً مع كلّ رجل منهم رديف من المسلمين. فلمّا ساروا ستّة أميال ندم اليسير فأهوى بيده إلى سيف عبدالله بن أنيس، ففطن له عبدالله فزجر بعيره ثمّ اقتحم يسوق بالقوم حتّى إذا استمكن من اليسير ضرب رجله فقطعها، فاقتحم اليسير وفي يده مخرش(9)من شوحط(10) فضرب به وجه عبدالله فشجّه مأمومة(11) ، وانفكأ كلّ المسلمين على رديفه فقتله، غير رجل واحد من اليهود أعجزهم شدّا ، ولم يصب من المسلمين أحد، وقدموا على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فبصق في شجّة عبدالله بن أنيس فلم تؤذه حتّى مات(12). وبعث غالب بن عبدالله الكلبي إلى أرض بني مرّة فقتل وأسر(13).
وبعث عيينة بن حصن البدري إلى أرض بني العنبر فقتل وأسر(14).
ثمّ كانت عمرة القضاء سنة سبع اعتمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والذين شهدوا معه الحديبية، ولمّا بلغ قريشاً ذلك خرجوا متبدّدين، فدخل مكّة وطاف بالبيت على بعيره بيده محجن(15)يستلم به الحجر، وعبدالله بن رواحة أخذ بخطامه وهو يقول:
خلّوا بني الكفّار عن سبيلهِ * خلّوا فكلّ الخيرِ في رسولهِ
قد أنزل الرحمنُ في تنزيلهِ * نضربكم ضرباً على تأويلهِ
كـما ضربناكم على تنزيلهِ * ضربناً يزيلُ الهامَ عن مقيله
يا رب إني مؤمن بقيله
وأقام بمكّة ثلاثة أيّام، وتزوّج بها ميمونة بنت الحارث الهلاليّة، ثمّ خرج فابتنى بها بسرف، ورجع إلى المدينة فأقام بها حتّى دخلت سنة ثمان(16).
(2) الجزع: ضرب من الخرز، وقيل: هو الخرز اليماني، وهو الذي فيه بياض وسواد تشبّه به
(7) دلائل النبوة للبيهقي 4: 246، سيرة ابن كثير 3: 391، ونقله المجلسي في بحار الأنوار
1: 23 | 17.
(8) نقله المجلسي في بحار الأنوار 21: 23 | 17.
(9) المخرش: خشبة يخط بها الخرّاز. «الصحاح ـ خرش ـ 3: 1004».
(10) الشوحط: ضرب من شجر الجبال تتخذ منه القسي. «النهاية 2: 508».
(11) المأمومة: الشجة التي بلغت اُم الرأس. «لسان العرب 12: 33».
(12) دلائل النبوة للبيهقي 4: 294، سيرة ابن كثير 3: 418، وانظر: المغازي للواقدي 2:
66، وسيرة ابن هشام 4: 266، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 21: 41.
(13) المناقب لابن شهر آشوب 1: 205، وسيرة ابن هشام 4: 271، ودلائل النبوة للبيهقي 4:
97، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 21: 41.
(14) المناقب لابن شهر آشوب 1 : 205 ، وسيرة ابن هشام 4 : 269 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 21 : 41 .
(15) المحجن: عصا معقّفة الرأس كالصولجان: «لسان العرب 13: 108».
(16) المناقب لابن شهر آشوب 1: 205، وانظر: سيرة ابن هشام 4: 13، وتاريخ الطبري 3: 24، والكامل في التاريخ 2: 227، وسيرة ابن كثير 3: 431.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|