المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

حجيــــة الظــــــواهر
18-8-2016
النظرية عند قدامة
1-04-2015
Wiggling Wire
10-9-2016
عمل رجال الشرطة.
2024-05-15
القبول والتأشير على الصك من قبل المسحوب عليه
12-2-2016
المديـر والموظـف في الحكـومة الإلـكترونـية
10-8-2022


الغاية من الصورة الأدبية  
  
2519   09:18 صباحاً   التاريخ: 27-7-2017
المؤلف : علي علي مصطفى صبح
الكتاب أو المصدر : الصورة الأدبية تأريخ ونقد
الجزء والصفحة : ص:172-174
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد الحديث /

 

الصورة الأدبية أصدق تعبير عما يجول في النفس من خواطر وأحاسيس وأدق وسيلة تنقل ما فيها إلى الغير بأمانة وقوة، وأجود موصل إلى الآخرين في سرعة وإيجاز ووفرة، والصورة أجمل وأنضر طريقة في شد العقل إليها، وربط الإحساس بها، وتجاوب المشاعر لها، وإحياء العاطفة وسحر النفس، ويؤثر الأديب والشاعر والناقد الصورة الأدبية في الأدب والنقد لأهداف كثيرة أهمها:

أ- الصورة هي الوسيلة المرغوبة عند الشاعر، والمفضلة عند الأديب، ولكن غيرهما يكتفي بدونها في توصيل فكره التجريدي، ومعانيه الذهنية ونقله إلى الآخرين خبرًا وإعلامًا، يكتفي في ذلك بلفظ جامد لا حياة فيه، وتعبير مركز دقيق لا إيحاء فيه، ويكون اللفظ والتعبير على قدر المعنى والفكرة مجردين من كل منابع الصورة وعناصرها الحية.

ولكن الأديب والشاعر يفضلان في النقل إلى الآخرين الصورة الأدبية الفنية بطرق عديدة من التعبير عن المعنى بالمحسات، وإيثار الوحي والتخييل والتجسيم والتشخيص، ليصل إلى مضمون الصورة -لا بالعقل وحده كما في النمط التجريدي الأول بل عن طرق كثيرة ووسائل شتى:

أولًا: عن طريق الوجدان المنفعل بالوقف، وفي الانفعال حرارة ونشاط تستوعب الناس فيه كل ما يتلقفه العقل، أو يقع تحت الحس.

ثانيًا: عن طريق التخييل، وبه تجتمع الأضداد، وتتآخى المتقابلات وتتآلف المتنافرات، ويمتزج عالم الفكر بعالم الواقع، ونقف على أسرار الجهاد، ولغات الطبيعة، وتراسل المظاهر في الحياة.

ثالثًا: وعن طريق الحواس الخمس الظاهرة، فالعين ترى، والأذن تسمع وتطرب النغم، والآناف تشم، واللسان تطيب له اللذة، ويحلو المذاق، واللمس يهتز لموجات الصورة المختلفة من الصوت والدلالة، والبرق والوحي.

رابعًا: عن طريق العقل الواعي، والفكر المحدود، والذهن المجرد، وهذا قدر مشترك بين الصورة وغيرها من ألوان الفكر والعلم في مختلف النشاط الإنساني.

ب- الصورة هي أقدر الوسائل على نقل الأفكار العميقة والمشاعر الكثيفة في أوفر وقت، وأوجز عبارة، وأضيق حيز، فكلما أمعن الناظر فيها، استقطب أفكارًا جديدة، ومشاعر متجددة.

ومن هنا تتحول إلى رمز، وهو أبلغ تأثيرًا في النفس عن الحقيقة، وأكثر امتلاء من اتساع الواقع المكشوف، وتضحي النفس أسيرة إليه، مجذوبة بقوة خفية، فهي تنسى المعارف التي اكتسبتها من المكشوف الظاهر بعد قليل من الزمن، ولا تنسى من الخفي الرامز، الذي استقر فيها بعد لأي ومجاهدة، ويظل في النفس آمادًا وآبادًا، وهو سر الجمال في الصورة، وروعة الجلال في التصوير، وإن كانت تختلف فيه النسب حسب قدرات الآخرين، ودرجات الصبر والتأمل فيهم.

ج- والغاية من الصورة أن تعرض الحقائق المعروفة، والواقع المألوف، في صورة حية، ونمط روحي؛ لأنها نتجت من معامل التجربة الإنسانية في الشاعر فكانت مولوده الحي، الذي فيه بقاء شخصه، وفي ذاته استمرار حياته، فقد مرت من خلال وسط نابض بالحياة، يموج بالشعور والخواطر والأحاسيس والعواطف، فسرى في الصورة سحرها، وانتشرت الروح في أجزائها ومن هنا نرى أن صدق الصورة عند شاعر ما، يكون بمقدار قدرتها على تمثيل نفسه؛ لأن مواد الصورة حينئذ ليست من الواقع، بل أصبحت من نفس الشاعر ودمه وعقله وروحه، وإلا كان مقلدًا وتابعًا.

د- وبناء على ما سبق فالصورة تعمق المحسوسات، وتبعث الحياة في الجمادات، وتبث الروح في كل ما يتناوله الشاعر فيها، من مظاهر الحياة والواقع وجوامد ما يقع تحت الحس في الطبيعة، فتتعانق هذه الظواهر كلها، بعضها مع بعض، وتتآلف في تعاطف وتجاوب، فهي وسيلة التعرف على أسرار الحياة، والعلاقة التي تربط الإنسان بغيره من المخلوقات، فتراها في الصورة حية نابضة، استودعها الله روحًا مثل روح الإنسان. وإن كانت تختلف عنها في النوع، والمظهر ولكنها تلتقي معها في اللب والجوهر.

لذلك فالصورة تدفع إلى الإثارة والشعور باللذة فتحقق السعادة التي ينشدها الإنسان. وكم من شاعر أحس بفقدان السعادة بين البشر، ولم يجدها إلا في أحضان الطبيعة والواقع؟ التي همست بها إليه في صوره الرائعة. ولا يخلو منها أدبنا الحديث الذي قطع شوطًا فيها. كما لا يحرم أدبنا القديم منها. وبخاصة عند النوابغ من الشعراء.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.