الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
أحمد حسن الزيات والصورة الأدبية
المؤلف:
علي علي مصطفى صبح
المصدر:
الصورة الأدبية تأريخ ونقد
الجزء والصفحة:
ص :110-111
27-7-2017
3244
يقول الزيات: والمراد بالصورة: إبراز المعنى العقلي أو الحسي في صورة محسة(1)، والصورة عنده خلق المعاني والأفكار المجردة، أو الواقع الخارجي من خلال النفس خلقًا جديدًا. لتبرز إلى الوجود مستقلة عن حيز التجريد المطلق وتتخذ لها هيئة وشكلًا، يأتي على نمط خاص، وتركيب معين، بحيث تجري فيهما -على هذا النسق- الحياة والروح، والقوة والحرارة، والضوء، والظلال، والبروز والأثر(2)، وبذلك يتلقى السمع من الصورة أصوات الفكرة، وترى العين ألوانها، وترقب حركاتها، وتحس النفس نسيمها وانطلاقه، وتستروح الآناف رائحتها، وتستعذب الأذواق طعومها.
ويرى الزيات أن الصورة لا يمكن فصلها بحال عن الفكرة، وينكر أشد الإنكار هؤلاء الذين يمثلون الصورة بالكساء، فهي رداء ذاتي مستقل له خصائصه وأوصافه، ولكنه يرى تبعًا لابن رشيق وغيره أن العلاقة بينهما كالعلاقة بين الجسد والروح، لا يمكن أن يستقل أحدهما عن الآخر، وإلا مات الحي؛ لأن البلاغة لا تفصل بين الموضوع والشكل، فالصورة والفكرة كل لا يتجزأ، إذا تغيرت الصورة تغيرت الفكرة. وكذلك الأمر لو تغيرت الفكرة تتغير الصورة، فهناك فرق بين القولين: ما شاعر إلا فلان، وما فلان إلا شاعر، ويرى أن العمل الفني(3). كالماء يتكون من الصورة والفكرة، كما يتكون الماء من الهيدروجين والأوكسجين, ولو استقل أحدهما، أو تغيرت نسبته، انعدم وجوده، حتى لو وجد لكان غير طبيعي(4) وأرى أن هذا الاتجاه مع ثقافة الزيات الواسعة، تظهر فيه الأصالة العربية، في فهم الصورة متأثرًا بابن رشيق وعبد القاهر وغيرهما، وإن كانت ثقافته العميقة أعانت على توضيح الصورة أكثر وأعمق ممن تأثر بهم من القدامى، وبيان خصائصها التي نبعت من عبارته "صورة محسة".
ويذكر بعض الصور ليميز فيها بين الفكرة وصورتها، التي يشخص معالمها في قوة وبراعة، وذلك في قول علي بن أبي طالب: "إلا أن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها، وخلعت لجمها، فتقحمت بهم في النار. وأن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها، وأعطوا أزمتها، فأوردتهم الجنة". يقول الزيات: تجد صورتين صورة الفرس الشموس، لم يروض ولم يلجم، فيندفع براكبه جامحًا، لا ينثني حتى يتردى به في جهنم، وصورة الناقة الذلول قد سلس خطوها، وخف عنانها، فتنطلق بصاحبها في رسيم كالنسيم حتى تدخل به الجنة، ثم تجد عاطفتين عاطفة النفور من الألم الذي يشعر به الخاطئ، وقد جمحت به خطاياه الرعن في أوعار الأرض، حتى ألقته في سواء الجحيم، وعاطفة الميل إلى لذة المتقي والورع، وقد سارت به قواه سيرًا لينًا، حتى أبلغته جنة النعيم، ذلك من حيث الموضوع، أما من حيث الشكل فتجد اختيار الألفاظ المناسبة لفكرة كالمطايا وما يلائمها من الانقياد والإيراد هنا، وكالخيل وما يوائمها من الشماس والتقحم هناك. والفرق في الطبيعة بين هذين الحيوانين، في هذين المكانين لا يخفى على ذي لب ثم تجد بعد ذلك التأليف المتوازن المحكم الرصين، وهذه المقابلة البديعة بين عشرة معان لا تكلف في صوغها ولا تعسف(5).
ويرى الزيات أن الصورة في العمل الأدبي، لا بد أن تتوافر فيها الوسائل المنتقاة، التي تتلاءم مع الفكرة والعاطفة في نسق يفيض بالإيقاع والنغم، فالمطايا التي اختيرت للتقوي سهلة الانقياد، والخيل التي اختيرت للخطايا شرود جموح، ثم هذه الموسيقى على امتداد النص من المزاوجة والطباق والمقابلة وفوق هذا وذاك خرجت الفكرة المجردة. وهي التقوى والخطايا في صورة محسة مألوفة وهي صورة المطية والخيل.
__________
(1) دفاع عن البلاغة: أحمد حسن الزيات ص63.
(2) المرجع السابق: ص62.
(3) المرجع السابق ص59، 60.
(4) المرجع السابق ص78.
(5) المرجع السابق ص63، 64.
الاكثر قراءة في النقد الحديث
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
