أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-09-2015
16568
التاريخ: 14-08-2015
9477
التاريخ: 14-08-2015
28735
التاريخ: 27-7-2017
3418
|
يقول الزيات: والمراد بالصورة: إبراز المعنى العقلي أو الحسي في صورة محسة(1)، والصورة عنده خلق المعاني والأفكار المجردة، أو الواقع الخارجي من خلال النفس خلقًا جديدًا. لتبرز إلى الوجود مستقلة عن حيز التجريد المطلق وتتخذ لها هيئة وشكلًا، يأتي على نمط خاص، وتركيب معين، بحيث تجري فيهما -على هذا النسق- الحياة والروح، والقوة والحرارة، والضوء، والظلال، والبروز والأثر(2)، وبذلك يتلقى السمع من الصورة أصوات الفكرة، وترى العين ألوانها، وترقب حركاتها، وتحس النفس نسيمها وانطلاقه، وتستروح الآناف رائحتها، وتستعذب الأذواق طعومها.
ويرى الزيات أن الصورة لا يمكن فصلها بحال عن الفكرة، وينكر أشد الإنكار هؤلاء الذين يمثلون الصورة بالكساء، فهي رداء ذاتي مستقل له خصائصه وأوصافه، ولكنه يرى تبعًا لابن رشيق وغيره أن العلاقة بينهما كالعلاقة بين الجسد والروح، لا يمكن أن يستقل أحدهما عن الآخر، وإلا مات الحي؛ لأن البلاغة لا تفصل بين الموضوع والشكل، فالصورة والفكرة كل لا يتجزأ، إذا تغيرت الصورة تغيرت الفكرة. وكذلك الأمر لو تغيرت الفكرة تتغير الصورة، فهناك فرق بين القولين: ما شاعر إلا فلان، وما فلان إلا شاعر، ويرى أن العمل الفني(3). كالماء يتكون من الصورة والفكرة، كما يتكون الماء من الهيدروجين والأوكسجين, ولو استقل أحدهما، أو تغيرت نسبته، انعدم وجوده، حتى لو وجد لكان غير طبيعي(4) وأرى أن هذا الاتجاه مع ثقافة الزيات الواسعة، تظهر فيه الأصالة العربية، في فهم الصورة متأثرًا بابن رشيق وعبد القاهر وغيرهما، وإن كانت ثقافته العميقة أعانت على توضيح الصورة أكثر وأعمق ممن تأثر بهم من القدامى، وبيان خصائصها التي نبعت من عبارته "صورة محسة".
ويذكر بعض الصور ليميز فيها بين الفكرة وصورتها، التي يشخص معالمها في قوة وبراعة، وذلك في قول علي بن أبي طالب: "إلا أن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها، وخلعت لجمها، فتقحمت بهم في النار. وأن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها، وأعطوا أزمتها، فأوردتهم الجنة". يقول الزيات: تجد صورتين صورة الفرس الشموس، لم يروض ولم يلجم، فيندفع براكبه جامحًا، لا ينثني حتى يتردى به في جهنم، وصورة الناقة الذلول قد سلس خطوها، وخف عنانها، فتنطلق بصاحبها في رسيم كالنسيم حتى تدخل به الجنة، ثم تجد عاطفتين عاطفة النفور من الألم الذي يشعر به الخاطئ، وقد جمحت به خطاياه الرعن في أوعار الأرض، حتى ألقته في سواء الجحيم، وعاطفة الميل إلى لذة المتقي والورع، وقد سارت به قواه سيرًا لينًا، حتى أبلغته جنة النعيم، ذلك من حيث الموضوع، أما من حيث الشكل فتجد اختيار الألفاظ المناسبة لفكرة كالمطايا وما يلائمها من الانقياد والإيراد هنا، وكالخيل وما يوائمها من الشماس والتقحم هناك. والفرق في الطبيعة بين هذين الحيوانين، في هذين المكانين لا يخفى على ذي لب ثم تجد بعد ذلك التأليف المتوازن المحكم الرصين، وهذه المقابلة البديعة بين عشرة معان لا تكلف في صوغها ولا تعسف(5).
ويرى الزيات أن الصورة في العمل الأدبي، لا بد أن تتوافر فيها الوسائل المنتقاة، التي تتلاءم مع الفكرة والعاطفة في نسق يفيض بالإيقاع والنغم، فالمطايا التي اختيرت للتقوي سهلة الانقياد، والخيل التي اختيرت للخطايا شرود جموح، ثم هذه الموسيقى على امتداد النص من المزاوجة والطباق والمقابلة وفوق هذا وذاك خرجت الفكرة المجردة. وهي التقوى والخطايا في صورة محسة مألوفة وهي صورة المطية والخيل.
__________
(1) دفاع عن البلاغة: أحمد حسن الزيات ص63.
(2) المرجع السابق: ص62.
(3) المرجع السابق ص59، 60.
(4) المرجع السابق ص78.
(5) المرجع السابق ص63، 64.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|