أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-5-2016
9336
التاريخ: 6-9-2017
3443
التاريخ: 4-5-2017
2943
التاريخ: 2024-10-25
46
|
كانت الروم قد اصيبت يومذاك ـ نتيجة الحروب العديدة والطويلة مع منافستها ايران ـ بالفوضى، والهرج والمرج الشديدين.
فمع ان قادة الروم كانوا سكارى من نشوة الانتصار على ايران إلاّ أنهم قد بلغهم شيء كثير عن شجاعة المسلمين وبسالتهم النابعة من إيمانهم والتي كسبوا عن طريقها أمجادا عظيمة، وكانوا يراقبون على الدوام تحرك جنود الاسلام ونشاطاتهم العسكرية.
ولهذا لما بلغ هرقل قيصر الروم بموعد توجه جنود الاسلام الى ناحية الشام لتاديب عميله شرحبيل الغساني، أرسل جيشا عظيما وقويا لمواجهة جنود الاسلام البالغ عددهم ثلاثة آلاف.
وقد اعدّ شرحبيل حاكم ارض الشام وحده مائة ألف فارس من مختلف القبائل القاطنة في الاراضي الشامية ووجهه الى حدود الشام لإيقاف تقدم الجيش الاسلامي، وقد أعدّ قيصر قبل ذلك مائة ألف جندي رومي فنزل في منطقة تدعى مآب من مدن البلقاء، واستقرّ هناك كقوة احتياطيّة تتدخل عند اللزوم.
ولقد كان تجميع هذا القدر الهائل من الجنود والمقاتلين لمواجهة جيش يقلّ عددا بكثير عن هذا القدر نابعا من الانباء التي بلغت قادة الروم والشام عن فتوحات المسلمين وانتصاراتهم الساحقة، وعن الوقوف على شجاعتهم وبسالتهم التي ذاع صيتها، وإلاّ فان عشر هذا العدد، ( أي عشرون ألف ) يكفي لمواجهة ثلاثة آلاف مقاتل مهما كانت شجاعة هؤلاء.
كما أنه لدى المقارنة بين العسكرين كان الجيش الاسلامي أضعف من جيش الروم بكثير، سواء من ناحية العتاد، أو من ناحية المعرفة بفنون القتال وتكتيكاته العسكرية، لان القادة العسكريين الروم كانوا قد كسبوا خبرة حربية واسعة نتيجة المشاركة في الحروب العديدة والطويلة التي دارت بين الروم وبين ايران، وعرفوا بالتالي مفاتيح الانتصار، بينما كانت معلومات الجيش الاسلامي الناشئ معلومات بدائية وبسيطة في هذا المجال.
هذا مضافا إلى عدم وجود التكافؤ بين الجيش الاسلامي والجيش الروماني في نوعية المعدّات الحربية والاجهزة القتالية ووسائل النقل وما شابه ذلك.
وفوق هذا وذلك فان القوّة الاسلامية كانت تحارب في أرض غريبة عليها، وتقوم بدور المهاجم، بينما كان الرومان يقاتلون في بلادهم دفاعا وهم يتمتعون بجميع مستلزمات القتال ومتطلبات الحرب.
وفي مثل هذه الحالة يجب ان تكون القوة المهاجمة قوية جدا، بحيث يمكنها ملاقاة سلبيات الظروف غير المساعدة.
ومع هذا فإننا سنرى عما قريب كيف أن قادة الجيش الاسلامي قاوموا وآثروا الصمود والقتال على الهروب والفرار مع انهم كانوا يرون الموت على بعد أقدام معدودة منهم، وبهذا أضافوا إلى أمجادهم أمجادا اخرى، وسطروا اسطرا اخرى في سجلّ بطولاتهم.
منذ أن ورد المسلمون المناطق الحدودية للشام عرفوا باستعدادات العدوّ العريضة، وحجم قدراته العسكرية الواسع فشكّلوا من فورهم شورى عسكرية فقال البعض : نكتب الى رسول الله (صلى الله عليه واله) فنخبره الخبر، فإما يردنا وإما يزيدنا رجالا.
وكاد هذا الرأى ان يلقى قبولا من المشاورين الآخرين لو لا أن عبد الله بن رواحة الذي طلب ساعة خروجه من المدينة من الله ان يرزقه الشهادة كما اسلفنا، شجعهم على الصمود وقال : والله ما كنا نقاتل الناس بكثرة عدد، ولا بكثرة سلاح، ولا بكثرة خيول، إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، انطلقوا، والله لقد رأيتنا يوم بدر ما معنا إلاّ فرسان، ويوم احد فرس واحد، وإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور عليهم، فذلك ما وعدنا الله ووعدنا نبينا، وليس لوعده خلف، وإما الشهادة فنلحق بالإخوان نرافقهم في الجنان.
فقوّت هذه الخطبة الحماسية الصادقة معنويات المقاتلين المسلمين وبثت فيهم روح البسالة والمقاومة.
ثم تواجه الجيشان في منطقة تدعى مشارف ولكن جنود الاسلام تأخروا وانسحبوا قليلا لبعض العلل، ونزلوا في مؤتة. فقسم جعفر بن أبي طالب قائد الجيش، جنود الاسلام إلى اقسام : مختلفة، وأمّر على كل قسم اميرا، ثم بدأت المبارزة الفردية على نحو ما كان متعارفا في حروب العرب، فكان على جعفر ان ياخذ اللواء بيده ويوجّه صفوف المقاتلين المسلمين، ويقاتل في نفس الوقت.
ثم اننا نكتشف مدى الشجاعة الروحية وثبات الارادة لتحقيق الهدف من خلال الرجز الذي أنشده جعفر خلال القتال فقد أخذ يرتجز ويقول :
يا حبّذا الجنة واقترابها
طيبة وباردا شرابها
والروم روم قد دنا عذابها
كافرة بعيدة أنسابها
عليّ إذ لاقيتها ضرابها
ولقد قاتل قائد الجيش الاعلى ( جعفر ) قتالا عظيما، فلما حاصره الأعداء في ساحة القتال وأيقن بالشهادة وثب الى الارض ثمّ عقر فرسه في الحال لكي لا ينتفع به العدوّ واخذ يقاتل، وهو آخذ باللواء بيمينه، فقطعت يمينه فاخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى لا يسقط لواء رسول الله (صلى الله عليه واله) على الأرض حتى قتل وقد وجد به ثمانون جراحة او تزيد!!.
فلما قتل جعفر أخذ الراية زيد بن حارثة معاونه الاول فقاتل ببسالة عظيمة حتى قتل برماح القوم.
فاخذ الراية عبد الله بن رواحة معاونه الثاني، ثم تقدّم بها وهو على فرسه، فجعل يقاتل ويرتجز، فاحسّ بالجوع أثناء القتال، وألحّ عليه، فاتاه رجل بعرق من لحم ليزيل به جوعه ويشدّ به صلبه، فلم يأكل منه شيئا حتى سمع صوت هجوم العدوّ، فألقى الطعام من يده، ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|