المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9093 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

نموذج لخبر أدبي
3/11/2022
أهمية صناعة الإعلان
6-6-2022
DYALŊUY CORRESPONDENTS OF SOME VERBS OF MOTION
2024-08-19
Physical properties of group 1 metals
12-1-2018
حلم بخور مريم (حلم الشليك) (Playtonemus palidus (Banks
25-9-2019
الخصائص الطبيعية لمياه البحار والمحيطات- لون ماء البحر
14-8-2019


جيشا الروم والاسلام يتواجهان  
  
2899   06:57 صباحاً   التاريخ: 21-6-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص444-447.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /

كانت الروم قد اصيبت يومذاك ـ نتيجة الحروب العديدة والطويلة مع منافستها ايران ـ بالفوضى، والهرج والمرج الشديدين.

فمع ان قادة الروم كانوا سكارى من نشوة الانتصار على ايران إلاّ أنهم قد بلغهم شيء كثير عن شجاعة المسلمين وبسالتهم النابعة من إيمانهم والتي كسبوا عن طريقها أمجادا عظيمة، وكانوا يراقبون على الدوام تحرك جنود الاسلام ونشاطاتهم العسكرية.

ولهذا لما بلغ هرقل قيصر الروم بموعد توجه جنود الاسلام الى ناحية الشام لتاديب عميله شرحبيل الغساني، أرسل جيشا عظيما وقويا لمواجهة جنود الاسلام البالغ عددهم ثلاثة آلاف.

وقد اعدّ شرحبيل حاكم ارض الشام وحده مائة ألف فارس من مختلف القبائل القاطنة في الاراضي الشامية ووجهه الى حدود الشام لإيقاف تقدم الجيش الاسلامي، وقد أعدّ قيصر قبل ذلك مائة ألف جندي رومي فنزل في منطقة تدعى مآب من مدن البلقاء، واستقرّ هناك كقوة احتياطيّة تتدخل عند اللزوم.

ولقد كان تجميع هذا القدر الهائل من الجنود والمقاتلين لمواجهة جيش يقلّ عددا بكثير عن هذا القدر نابعا من الانباء التي بلغت قادة الروم والشام عن فتوحات المسلمين وانتصاراتهم الساحقة، وعن الوقوف على شجاعتهم وبسالتهم التي ذاع صيتها، وإلاّ فان عشر هذا العدد، ( أي عشرون ألف ) يكفي لمواجهة ثلاثة آلاف مقاتل مهما كانت شجاعة هؤلاء.

كما أنه لدى المقارنة بين العسكرين كان الجيش الاسلامي أضعف من جيش الروم بكثير، سواء من ناحية العتاد، أو من ناحية المعرفة بفنون القتال وتكتيكاته العسكرية، لان القادة العسكريين الروم كانوا قد كسبوا خبرة حربية واسعة نتيجة المشاركة في الحروب العديدة والطويلة التي دارت بين الروم وبين ايران، وعرفوا بالتالي مفاتيح الانتصار، بينما كانت معلومات الجيش الاسلامي الناشئ معلومات بدائية وبسيطة في هذا المجال.

هذا مضافا إلى عدم وجود التكافؤ بين الجيش الاسلامي والجيش الروماني في نوعية المعدّات الحربية والاجهزة القتالية ووسائل النقل وما شابه ذلك.

وفوق هذا وذلك فان القوّة الاسلامية كانت تحارب في أرض غريبة عليها، وتقوم بدور المهاجم، بينما كان الرومان يقاتلون في بلادهم دفاعا وهم يتمتعون بجميع مستلزمات القتال ومتطلبات الحرب.

وفي مثل هذه الحالة يجب ان تكون القوة المهاجمة قوية جدا، بحيث يمكنها ملاقاة سلبيات الظروف غير المساعدة.

ومع هذا فإننا سنرى عما قريب كيف أن قادة الجيش الاسلامي قاوموا وآثروا الصمود والقتال على الهروب والفرار مع انهم كانوا يرون الموت على بعد أقدام معدودة منهم، وبهذا أضافوا إلى أمجادهم أمجادا اخرى، وسطروا اسطرا اخرى في سجلّ بطولاتهم.

منذ أن ورد المسلمون المناطق الحدودية للشام عرفوا باستعدادات العدوّ العريضة، وحجم قدراته العسكرية الواسع فشكّلوا من فورهم شورى عسكرية فقال البعض : نكتب الى رسول الله (صلى الله عليه واله) فنخبره الخبر، فإما يردنا وإما يزيدنا رجالا.

وكاد هذا الرأى ان يلقى قبولا من المشاورين الآخرين لو لا أن عبد الله بن رواحة  الذي طلب ساعة خروجه من المدينة من الله ان يرزقه الشهادة كما اسلفنا، شجعهم على الصمود وقال : والله ما كنا نقاتل الناس بكثرة عدد، ولا بكثرة سلاح، ولا بكثرة خيول، إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، انطلقوا، والله لقد رأيتنا يوم بدر ما معنا إلاّ فرسان، ويوم احد فرس واحد، وإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور عليهم، فذلك ما وعدنا الله ووعدنا نبينا، وليس لوعده خلف، وإما الشهادة فنلحق بالإخوان نرافقهم في الجنان.

فقوّت هذه الخطبة الحماسية الصادقة معنويات المقاتلين المسلمين وبثت فيهم روح البسالة والمقاومة.

ثم تواجه الجيشان في منطقة تدعى مشارف  ولكن جنود الاسلام تأخروا وانسحبوا قليلا لبعض العلل، ونزلوا في مؤتة. فقسم جعفر بن أبي طالب قائد الجيش، جنود الاسلام إلى اقسام : مختلفة، وأمّر على كل قسم اميرا، ثم بدأت المبارزة الفردية على نحو ما كان متعارفا في حروب العرب، فكان على جعفر ان ياخذ اللواء بيده ويوجّه صفوف المقاتلين المسلمين، ويقاتل في نفس الوقت.

ثم اننا نكتشف مدى الشجاعة الروحية وثبات الارادة لتحقيق الهدف من خلال الرجز الذي أنشده جعفر  خلال القتال فقد أخذ يرتجز ويقول :

يا حبّذا الجنة واقترابها

                   طيبة وباردا شرابها

والروم روم قد دنا عذابها

                   كافرة بعيدة أنسابها

عليّ إذ لاقيتها ضرابها

ولقد قاتل قائد الجيش الاعلى ( جعفر ) قتالا عظيما، فلما حاصره الأعداء في ساحة القتال وأيقن بالشهادة وثب الى الارض ثمّ عقر فرسه في الحال لكي لا ينتفع به العدوّ واخذ يقاتل، وهو آخذ باللواء بيمينه، فقطعت يمينه فاخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى لا يسقط لواء رسول الله (صلى الله عليه واله) على الأرض حتى قتل وقد وجد به ثمانون جراحة او تزيد!!.

فلما قتل جعفر أخذ الراية زيد بن حارثة معاونه الاول فقاتل ببسالة عظيمة حتى قتل برماح القوم.

فاخذ الراية عبد الله بن رواحة معاونه الثاني، ثم تقدّم بها وهو على فرسه، فجعل يقاتل ويرتجز، فاحسّ بالجوع أثناء القتال، وألحّ عليه، فاتاه رجل بعرق من لحم ليزيل به جوعه ويشدّ به صلبه، فلم يأكل منه شيئا حتى سمع صوت هجوم العدوّ، فألقى الطعام من يده، ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.