المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الفطرة
2024-11-05
زكاة الغنم
2024-11-05
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05

كتابة الإعلانات للسلع المعقدة فنيا
8/9/2022
العوامل التي تساعد على توطن الصناعة - الموقع الجغرافي Geographical Location
22-4-2021
كن صريحاً في لباقة
2024-08-25
Unitary Divisor Function
4-7-2020
محمد بن آدم الهروي
30-12-2015
نشأة وتطور السؤال البرلماني
16-4-2022


الاصطدام بالنكسة والهزيمة يفجر الطاقة المخزونة  
  
2430   11:41 صباحاً   التاريخ: 30-4-2017
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص227 -231
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية النفسية والعاطفية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-4-2017 2005
التاريخ: 3-4-2022 1995
التاريخ: 12-2-2017 7518
التاريخ: 10-7-2019 1754

لقد اكد الكثير من علماء النفس والتربية ان هناك جواهر ولآلئ مخزونة في كيان الانسان لا تصقلها وتجليها على الواقع إلا صدمات الحياة والهزائم المرة التي تحل به. والواقع ان اغلب الاشخاص لا يعرفون الكثير من مواهبهم الباطنية وطاقاتهم الذاتية الا بعد تعرضهم لهزائم قوية، واصطدام بنكسات خطيرة، ولولاها لم يتمكنوا من ادراك القوى والامكانات والدور المخبئة في اعماق وجودهم وكيانهم.

والحقيقة ان كل الاختراعات الكبيرة والاكتشافات العظيمة والاعمال العجيبة والاثار الثمينة المهداة إلى البشرية اليوم ونراها امورا اعتيادية كانت قبل وجودها ضرباً من الخيال والمحال، ولكن العلماء في حل مشاكلها المعقدة والمضنية بكل صبر وأتاه، وتدبر وتألم حتى تمكنوا في النهاية - وبعد جهد جهيد وسهر ونصب لا يقبل الكلل والملل - إلى اخراجها من عالم الفكر والنظرية إلى حيز المحسوس والواقع.

ومما لا يقبل الشك، ان هذه التصورات التي حصلت في حقول العلم والمعرفة والتكنولوجيا المتطورة قد سبقتها جهود مريرة وهزائم متكررة، ونكسات عديدة، وقد حفزت وشجعت وفجرت تلك الطاقات المخزونة في الكيان البشري حتى وصلت إلى ما نحن عليه اليوم، من تقدم مدني وتقني وتطور حضاري. وعليه فان الاصطدام بالهزيمة والنكسة يفجر طاقات الانسان المخزونة ويحررها في الواقع من اجل الصالح العالم.

يقول العالم (دايل كارنيجي) بهذا الشأن:

(قبل اكثر من ربع قرن بل نصفه ضرب معلم صفعتين قويتين على خد تلميذ كان يتحرك كثيرا على كرسيه او منضدته، ضربه امام سائر التلاميذ واهانه بحيث لم يتمالك الطفل دون ان قام راجعا إلى بيته باكيا بصوت عال: هق هق ! وكان اذ ذاك لا يتجاوز سن السادسة من عمره، واستنتج ان ما فعله المعلم بحقه ظلم وتجاوز، فاحس منذ تلك اللحظة في نفسه انزعاجاً شديدا من الظلم والعدوان ولذلك فهو اخذ على نفسه كفاح الظلم حتى اخر عمره).

انه : (كلارنس دارو) كان بحق اكبر محام في المحاكم العامة بل اشهرهم على الاطلاق، وقد نشرت صحف امريكا اسمه في صحافتها الاولى ما يعد كثيرة، ولا زال القدماء في (اشتابولا) من امريكاً يتحدثون عن اول مرة توكل فيها للمحاماة واول موضوع في تلك القضية، انه اقام في تلك القضية ضجة وضوضاء كثيراً، بينما لم يكن نزاع الطرفين الا على عنان حصان لم يكن يساوي من اوله اكثر من خمس دولارات! ولما سئل:

لماذا اقمت كل هذه الضجة من اجل عنان حصان؟

اجاب. المهم الدفاع عن الحق والحقيقة وليس المهم قيمة الموضوع الذي تقام من اجله المحكمة.

انه كان يدافع عن دعواه في المحكمة بكل شهامة وحرارة دم وكأنه يرى امامه (فهداً بنغالياً)! وكانه مضطر إلى ذلك الدفاع، اعطاه الذي وكله للمحاماة خمسة دولارات اجرة محاماته، ولكنه حيث لم يتم عمله عقب الدعوى إلى سبعة اعوام وجرها إلى سبعة محاكم، يتصبب عرقاً ويطارد وراء القضية حتى انتصر في دعواه اخيرا لدى المحكمة وقال في النهاية:

( انه لم يتقبل تلك الدعوى لأجرتها او لاثبات فضله بها)(1).

انظر عزيزي القارئ: كيف اثرت هاتين الصفعتين على خد ذلك التلميذ الذي لم يتجاوز سن السادسة من عمره! وكيف اثر ذلك الضرب والاهانة له من قبل المعلم امام زملائه التلاميذ! حيث فجر كل ذلك طاقاته الهائلة المخزونة، واحساسه العميق بقبح الظلم والعدوان ووجوب مقارعته، لان ما صدر بحقه من قبل المعلم هو ظلم وتجاوز في نظره، فاخذ على نفسه ان يكافح الظلم والعدوان والتعدي بكل ما اوتي من قوة وقدرة ولم يهدأ له بال حتى يعيد الحق إلى نصابه، وهذا ما حصل له بالفعل حيث دافع عن دعواه (عنان حصان) في سبع محاكم ولمدة سبع سنين بكل شهامة وحرارة دم وصبر وثبات منقطع النظير حتى انتصر في دعواه في نهاية الامر، على الرغم من ان اجور اتعابه هي خمسة دولارات فقط !!

اجل ، ان هذه الحالة الصعبة، او النكسة التي حلت به قد فجرت في نفسه فضيلة الدفاع عن الحق والحقيقة وبغض الظالم والتعدي ومكافحته بقوة شديدة. وعليه فان ضغط الشدائد وخيبة الأمل ليس مضراً بل هوة يبعث الجواهر المخبأة. والقوى والاستعدادات الباطنية ويشغلها، ويكمل الشخصية الاخلاقية الانسانية للإنسان. وهذا بلا شك قد يكون منبع لتجديد القوى والاستعدادات فيه.

ان انكسار الخواطر والحالات الصعبة التي تواجه الانسان في مرحلة الطفولة او ما بعدها هي بالحقيقة كمدرسة للفضيلة والتقوى، ومما لا شك فيه ان المصائب تهذب النفس وتقوي العقل وتذكيه، وتعمل على تنبه الانسان وتصحيح افكاره واحكامه وقد تجنبه اتباع الهوى وارتكاب المعاصي.

فالاختبار والابتلاء لابد منه في هذه الحياة، وهو سنة جارية لا يمكن لاحد ان يختلف عنها ويتمكن من الخروج عن دائرتها لان فيها حكمة تعود بالنفع على البشرية كلها خصوصاً الصالحين منهم لأنهم يتعودون على تحمل الشدائد والصعاب والنكسات والصبر عليها فيستحقوا بذلك اجرا ومثوبة من لدن رب العزة والجلال يوم المثول امامه يوم القيامة.

وبناء على ما تقدم يجب على الاباء والمربين والمعلمين ان لا ينزعجوا من الحوادث المؤلمة وانكسار الخواطر التي تحل بالأطفال والناشئة والشباب ولا يقلقوا مطلقا وإنما يجب عليهم مضاعفة الجهود والانشطة من اجل توعيتهم وتثقيفهم بما يناسبهم ويشجعهم ويعينهم على العبور والاستمرار في الدرس والنشاط والاستفادة من كل الاسباب التي ادت إلى فشل او حلول العقاب والهزيمة واستخلاص العبر النافعة من كل تلك الدروس القاسية.

ويجب ان يعرف الجميع ويعي ويتفهم ان الله تبارك وتعالى له قانونه الخاص بشأن الانتصار والنجاح في الحياة، وهو لا يتحقق في الوجود البتة الا عن طريق الايمان القوي والسعي والمقاومة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]

نعم، في ظل التقوى وخلوص النيّة يتحقق الاداء الحسن، والالتزام بأوامر الله تعالى ونواهيه على احسن وجه، ويتجدد النشاط وتقوى الهمم، ويتحقق الانتصار والنجاح في الحياة.

وعليه: يجب على المربين ان يضعوا كل ذلك مورد الرعاية والاهتمام البالغين لكي نحصل على جيل قوي متسلح بالأيمان والصبر والاناة والثبات والقيم الانسانية السامية.

______________

1ـ انظر رسالة الاخلاق: ص214.

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.