المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



المجال الجمالي  
  
2842   11:21 صباحاً   التاريخ: 28-4-2017
المؤلف : السيد نذير الحسيني
الكتاب أو المصدر : فلسفة التربية في الاسلام
الجزء والصفحة :
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

اهتم الاسلام بالتربية الجمالية، واعطاها بعدا اخر لا يقف عند حدود نفس الجمال، بل توصل بها الى دقة ابداع الجمال وتصويره : {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: 7].

والمتأمل في الكون المرئي يجد ان كل شيء خلق على اجمل ما يكون، وبنظرة اخرى الى الكون المقروء وهو القرآن يجد تصوير جمالي اخر بالإضافة الى دقة الخلق فمثلا: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات: 6].

وغير ذلك من الصور الرائعة التي وصفت الكون وما خلق فيه من نبات او جماد او حيوان.

فاهتمت التربية الاسلامية بالجمال، وحسن الصورة، وامرت المسلمين بل كل ابناء ادم بالتزين والتجمل، قال تعالى : {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف:31].

ولو تتبعنا المنظومة الخلقية الجمالية في الاسلام لوجدنا تشريعات كثيرة كانت تهدف الى خلق وايجاد الجمال فالجمال ليس غاية في نفسه بل هو وسيلة وهناك كلمة للغزالي في خصوص الجمال يقول فيها:

للإنسان عقل وخمس حواس ولكل حاسة ادراك في مدركات تلك الحاسة ما يستلذ : فلذة النظر في المبصرات الجميلة كالخضر والماء الجاري والوجه الحسن، وبالجملة سائر الالوان الجميلة، وهي في مقابله ما يكره من الالوان الكدرة والقبيحة، ولشم الروائح الطيبة، وهي في مقابله الانتان المستكرهة، وللذوق الطعوم للذيلة كالدسومة والحلاوة والحموضة وهي في مقابله المرارة والمستشبعة وللمس لذة الليل والنعومة والملامسة، وهي في مقابل الخشونة و الضراسة وللعقل لذة العلم والمعرفة، وهي في مقابل الجهل والبلاذة وكذلك الاصوات المدركة بالسمع تنقسم الى مستلذة كصوت القناديل والمزامير، ومستكرهة كنهيق الحمير وغيرها (4).

وقال ايضاً: ان الجمال ينقسم الى الصورة الظاهرة المدركة بعين الراس والى جمال الصورة الباطنة المدركة بعين القلب ونور البصيرة والاول يدركه الصبيان والبهائم والثاني يختص بدركه ارباب القلوب ولا يشاركهم فيه من لا يعلم الا ظاهراً من الحياة الدنيا ، وكل جمال فهو محبوب على مدرك الجمال(5).

____________

  1. ابو حامد الغزالي، احياء علوم الدين، ج2،ص270،271
  2. المرجع السابق، ج4،ص330



احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.