المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

الاحتساء الحيوي Pinocytosis
21-8-2019
مشروعية الاستسقاء بالكتاب والسنة والاجماع
3-12-2015
كوكبة الكلب الأصغر Canis Minor
2023-11-11
أهـداف بـرامج حـلقات الجـودة
7-11-2021
أفما تقدر أن تفطر في كل ليلة رجلاً مسلماً ؟
29-6-2017
متذبذب خَطي مخمد damped linear oscillator
25-7-2018


إقتْراحُ أبي طالب  
  
3187   10:48 صباحاً   التاريخ: 18-4-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص255-258.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / أسرة النبي (صلى الله عليه وآله) / آبائه /

لقد دفع وضع ( محمَّد ) المعيشي الصعب أبا طالب سيد قريش وزعيمها الّذي كان معروفاً بالسخاء وموصوفاً بالشهامة وعلو الطبع وإباء النفس إلى ان يفكر في عمل لابن أخيه كيما يخفف عنه وطأة ذلك الوضع.

ومن هنا اقترح على ابنه أخيه محمَّد العمل والتجارة بأموال خديجة بنت خُويلد الّتي كانت امرأة تاجرة ذات شرف عظيم ومال كثير تستأجر الرجال في مالها أوتضاربهم اياه بشيء تجعله لهم منه.

فقد قال أبو طالب للنبيّ (صـلى الله علـيه وآله) : يا ابن أخي هذه خديجة بنت خويلد قد انتفع بمالها اكثر الناس وهي تبحث عن رجل أمين فلو جئتها فوضعتَ نفسَك عليها لأسرعتْ اليك وفضَّلتك على غيرك لما يبلغها عنك من طهارتك.

ولكن إباء رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) وعلوّ طبعه منعاه من الإقدام بنفسه على هذه الأمر من دون سابق عهد ولهذا قال (صـلى الله علـيه وآله) لعمّه : فلعلّها أن ترسل إليّ في ذلك؛ لأنّها تعرف بأنه المعروف بالأمين بين الناس.

فبلغ خديجة بنت خويلد ما دار بين النبيّ وعمه أبي طالب فبعثت إليه فوراً تقول له : إنّي دعاني إلى البعثة اليك ما بلغني من صدق حديثك وعظم أمانتك وكرم أخلاقك وأنا اعطيك ضعفَ ما اُعطي رجلا من قومك وابعثُ معكَ غلامين يأتمران بأمرك في السفر.

فاخبر رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) عمّه بذلك فقال له ابو طالب : إنّ هذا رِزقٌ ساقهُ اللّهُ إليك .

هل عَمِلَ النبيُّ أجيراً لخديجة؟

وهنا لابدّ من التذكير بنقطة في هذا المجال وهي : هل عمل النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) أجيراً في أموال خديجة أم أنه قد عمل في تجارتها بصورة اُخرى كالمضاربة وذلك بأن تعاقد النبي مع خديجة على أن يتاجر بأموالها على أن يشاركها في ارباح تلك التجارة؟

انّ مكانة البيت الهاشميّ وإباء النبيّ الأكرم (صـلى الله علـيه وآله) ومناعة طبعه كل تلك الاُمور والخصال توجب أن يكون عملُ النبيّ في أموال خديجة قد تمَّ بالصُورة الثانية ( أي العمل في تجارتها على نحو المضاربة لا الإجارة ) وتؤيّد هذا المطلب امور هي :

أولا : انه لا يوجد في اقتراح أبي طالب أيّة اشارة ولا أي كلام عن الإجارة بل قد تحاور أبو طالب مع إخوته ( أعمام النبيّ ) في هذه المسألة من قبل وقال : امضوا بنا إلى دار خديجة بنت خويلد حتّى نسألها ان تعطي محمَّداً ما لا يتجربه .

ثانياً : ان المؤرخ الأقدم المعروف باليعقوبي كتب في تاريخه : ان النبي ما كان أجيراً لأحد قط.

ثالثاً : ان الجنابذي صرّح في كتابه معالم العترة بأن خديجة كانت تضاربُ الرجال في مالها بشيء تجعله لهم منه ( اي من ذلك المال أومن ربحه ) .

تهيّأت قافلة قريش التجارية للسفر إلى الشام وفيها أموال خديجة أيضاً في هذه الاثناء جعلت خديجة بعيراً قوياً وشيئاً من البضاعة الثمينة تحت تصرّف وكيلها ( أي النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) ) وامرت غلاميها ( ميسرة وناصح ) اللذين قررت ان يرافقاه (صـلى الله علـيه وآله) بان يمتثلا أوامراه ويطيعاه ويتعاملا معه بأدب طوال تلك الرحلة ولا يخالفاه في شيء .

وأخيراً وصلت القافلة إلى مقصدها واستفاد الجميع في هذه الرحلة التجارية أرباحاً إلا أن النبي (صـلى الله علـيه وآله) ربح اكثر من الجميع كما أنه ابتاع أشياء من الشام لبيعها في سوق تهامة.

ثم عادت تلك القافلة التجارية إلى مكة بعد ذلك المكسب الكبير والحصول على الربح الوفير.

ولقد تسنيّ لفتى قريش محمَّد أن يمرّ ـ للمرة الثانية في هذه السفرة ـ على ديار عاد وثمود.

وقد حمله الصمتُ الكبير الّذي كان يخيّم على ديار واطلال تلك الجماعة العاصية المتمردة في نقلة روحانية إلى العوالم الاُخرى اكثر فاكثر هذا مضافاً إلى أن هذه الرحلة جدّدت خواطره وذكرياته في السفرة الاُولى فقد تذكّر يوم طوى مع عمه ابي طالب هذه الصحاري نفسها وهذه القفار ذاتها وما كان يحظى فيها من عمه من الحدب والعناية.

وعند ما اقتربت قافلة قريش إلى مكة وصارت عند مشارفها التفت ميسرة غلامُ خديجة إلى النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) وقال : يا محمَّد لقد ربحنا في هذه السفرة ببركتك ما لم نربح في اربعين سنة فاستقبل بخديجة وابشرها بربحنا فأخذ النبي باقتراح ميسرة وسبق القافلة العائدة في الدخول إلى مكة وتوجه نحو بيت خديجة بينما كانت خديجة جالسة في غرفتها فلما رأت النبي مقبلا عليها نزلت من منظرتها وركضت نحوه واستقبلته وأدخلته في غرفتها فخبّرها رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) بما ربحوا ببيان جميل وكلام بليغ فسرت خديجة بذلك سروراً عظيماً ثم قدم ميسرة في الأثر ودخل عليها وأخبرها بكل ما رآه وشاهده من النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) في تلك السفرة من الكرامة والخير والخُلق العظيم والخصال الكريمة ومن الاُمور الّتي كانت برمتها تدل على عظمة شخصيته (صـلى الله علـيه وآله) وسمو خصاله ومن جملة ما حدثها به ميسرة هو أنه لما وقع بين النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) وبين رجل تلاح وجدال في بيع قال له ذلك الرجل : إحلف باللات والعُزى فقال رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) : ما حلفتُ بهما قط وإني لأمرُّ فاعرضُ عنهما .

وحدثها أيضاً بأنه لما مرّ ببصرى نزلا في ظل شجرة ليستريحها فقال راهبٌ كان يعيش هناك لما رأى النبيّ يستريح في ظل تلك الشجرة : ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبيّ سأل عن اسمه فأخبره ميسرة باسمه فقال : هو نبيّ وهو آخر الأنبياء إنه هو هو ومُنزّلِ الانجيل وقد قرأت عنه بشائر كثيرة .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.