أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1908
التاريخ: 4-08-2015
2168
التاريخ: 11-08-2015
1805
التاريخ: 1-07-2015
3176
|
قيل: هو «ما يصدر عن الفاعل» وهو تعريف دوريّ. وقيل: هو «مبدأ التغيير في آخر» وينتقض بكثير من الكيفيّات. والحقّ: أنّه ضروريّ التصوّر.
ثمّ إنّه إمّا أنْ يوصف بزائد على الحدوث، أو لا، والثاني: كحركة السّاهي والنائم، والأوّل: إمّا أن ينفر منه العقل وهو «القبيح» أو لا وهو «الحسن» فإمّا أن لا يكون له وصف زائد على حسنه وهو «المباح» أو يكون: فإمّا أن يترجّح تركه وهو «المكروه» أو يترجّح فعله: فإمّا أن يمتنع تركه وهو «الواجب» أو لا يمتنع تركه وهو «المندوب».
ثم الحُسْن والقبح قد يراد بهما ملائمة الطبع وعدمها أو كون الشيء صفة كمال أو صفة نقص ولا خلاف في كونهما عقليّين. وقد يراد بهما استحقاق المدح والذم عاجلًا، والثواب والعقاب آجلًا فعند الأشعري: شرعيّان- والحكمان معلومان بالعقل العملي إذ عليهما مدار مصالح العالم- وعند العدليّ، منهما(1) عقليّ ضروريّ كشكر المنعم وحسن الصدق النافع وقبح الكذب الضار، ونظري: كحسن الصدق الضار وقبح الكذب النافع، وغير عقلي كحسن صوم آخر رمضان وقبح ما بعده.
ونبّه على الضروري: باتّفاق العقلاء على حسن ما ذكر وقبحه، وليس ذلك بالشرع وإلّا لما حكم به البراهمة(2) ، ولا بالطبع لأنّ الطباع مختلفة، فإنّ كثيراً من الامور ينفر منها طبع إنسان ويميل إليها طبع غيره، مع الإتّفاق على الحكم لما ذكرناه، فلم يبقَ إلّا أنْ تكون أحكامه عقليّة؛ وليست نظريّة وإلّا لما حكم بها العوامّ. وبأنّ العاقل يختار الصدق على الكذب عند تخييره فيهما حال استوائهما عنده، فلولا تقرّر حسن الصدق وقبح الكذب عنده لما اختار الأوّل(3).
وحصول التفاوت بين هذه القضايا وبين سائر البديهيّات- إنْ سلّم- فلمقوليّة الضرورة على ما تحتها بالتفاوت(4) ، ككون الواحد نصف الإثنين ونصف عشر العشرين فإنّ الحكم فيهما ضروريّ، مع أنّ الأوّل أجلى، ومن هنا نشأ اختلاف العقلاء فيما ذكرناه.
وأمّا النظريّ: فلأنّه لمّا كان الحسن والقبح لازمين لمطلق الصدق والكذب كما ذكرناه، كانا لازمين للصدق الضارّ أيضاً والكذب النافع، لكون المطلق جزءاً من المركّب، ولازم الجزء لازم الكلّ.
واستدلّ أيضاً على المطلوب: بأنّه لولاه لزم عدم الوثوق بالوعد والوعيد، لجواز الكذب حينئذٍ على الشارع، ولجاز تعذيب المؤمن وإثابة الكافر، إذ لا حاكم على الفاعل بالقبح، ولجاز أيضاً إظهار المعجز على يد الكذّاب.
واحتجاج الأشعري:- بأنّه لو كان كما قلتم لما صدر القبيح من الشارع الممتنع القبيح عليه عندكم، لكنّه صدر منه تكليف ما لا يطاق: كتكليف الكافر المعلوم عدم الإيمان منه له تعالى المستلزم لمحاليته، وإلّا لزم انقلاب علمه جهلًا(5). وبأنّ الكذب قد يحسن حال اشتماله على تخليص نبي أو وليّ(6) - باطل:
أمّا الأوّل: فلمنع عدم الطاقة على الايمان لأنّه ممكن في نفسه، والكافر قادر عالم بقدرته، فكان تكليفاً بما يطاق، ونمنع تأثير العلم بل هو مطابق له فقط.
وأمّا الثاني: فلمنع زوال القبح عن الكذب، وإنّما جاز لأنّ قبحه أضعف من قبح إيقاع النبيّ في الضرر، فارتكب أضعف القبيحين للضرورة.
سلّمنا: لكن لحوق القبح للكذب من مبدأه الاستيجاب، فهو مشروط بعدم المانع، فيتخلّف الأثر عن المؤثّر عند وجود المانع، والمانع هنا اشتماله على المفسدة فتخلّف القبيح.
سلّمنا: لكن نمنع زوال القبح، بل الواجب حينئذٍ التعريض، فإنّ في المعاريض مندوحة(7).
______________
(1) أي من الحسن والقبح ما هو ضروري ومنهما ما هو نظري.
(2) البراهمة : طائفة من الهند، إنّما انتسبوا إلى رجل منهم يقال له:« براهم» وقد مهّد لهم نفي النبوّات أصلًا وقرّر استحالة ذلك في العقول بوجوه. راجع الملل والنحل 2: 258.
(3) الحق أنّ ملاك حكم العقل بحسن فعل وقبح آخر هو التأثير الإيجابي لذلك الفعل في الوصول إلى الغاية المطلوبة عنده والتأثير السلبي للآخر. وكونه ضرورياً أو نظرياً تابع لوضوح التأثير وخفائه.
(4) التفاوت إنّما هو في مقام التصوّر لا التصديق.
(5) شرح المقاصد 4: 296- 301.
(6) شرح المقاصد 4: 285.
(7) تظهر مواقع النظر في هذا الكلام مّما أشرنا إليه من ملاك حكم العقل بالحسن والقبح، فأجد التأمل فيه.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|