مرحلة ما بعد جني العسل

1– اصبح موسم الجني الرئيس وراء ظهرنا. قد تسير الأمور فيه بشكل متقلب , لكن مهارة وجدية النحّال تجعل الأمور تسير بشكل ناجح.

ان شهر آب بالنسبة للنحل هي فترة جد وعمل , حيث لا مجال لهدر أي دقيقة من الزمن , فيه يتم التحضير لفترة الشتاء الطويلة. في شهر آب تقل كمية الأزهار في النباتات ويكون الرحيق شحيحاً. نعم في مثل هذا الوقت تتم زراعة عباد الشمس ويزهر الخلنج , يستمر الجني عندها حتى فصل الخريف. على اي حال ان سلوك النحل يتغير انهم يبدؤون بالاقتصاد في استهلاك الغذاء ويحافظون على كل نقطة عسل.

2– ان اول شيء يفعله النحل اثناء تحضيره لتمضية فترة الشتاء هو طرد الذكور من العش. ان فترة تكاثر النحل والتطريد قد انتهت , كان للذكور اثناء فترة التكاثر دور , ولم تشكل تغذيتهم هماً على نحل الطائفة.

يقوم النحل بنقل العسل من الاطارات السفلية والجانبية الى الاعلى تحضيراً للشتاء. يتم تشديد حراسة مدخل الخلية. تستمر الحراسة حتى اثناء الليل. الكثير من الحشرات تتوق لتذوق عسل النحل الحلو واللذيذ. إن حراس مدخل الخلية يراقبون بدقة كل نحلة تحط على باب الخلية ويقومون بتدقيق هويتها وتفحصها عند حصول اي شك او ريبة بها. بعد التأكد تماماً انها من نحل الطائفة يسمح لها بالدخول.

ان النحل الغريب الذي يحاول دخول الخلية, يهاجمه الحراس ويمسكونه من ارجله او اجنحته او قرون استشعاره ويلقونه خارجاً.

3– لكي تساعدوا طائفة النحل في حراسة مسكنها, عليكم تصغير فتحة الخلية بحيث لا تكون اعرض من 5سم.

بإمكان النحل تصغير فتحة خليته اذا كانت كبيرة , وذلك باستخدام العكبر , الذي يستخدمه لسد الشقوق داخل الخلية.

في فترة الجني, يعمل النحل ليل نهار : في النهار يجني النحل الرحيق وغبار الطلع , أما في الليل , يعالج النحل الرحيق لتحويله الى عسل. انه عمل شاق ينهك اجساد النحل وقواه. بسبب ذلك الكثير من النحل يتعب , من يبقى يكون منهك القوى لا يستطيع اجتياز فترة الشتاء. ان غريزة النحل تخبره كيف يمكن جعل الطائفة اكثر شباباً.

4– ان عبء التشتية ومستقبل الطائفة يقعان على كاهل جيل النحل الذي فقس في شهري آب وايلول. إنها الأكثر نشاطاً وفتوة, والأكثر قوة.

يتابع جيل النحل هذا القيام بمهمات الاعتناء باليرقات الجديدة, وبناء الاقراص الشمعية وجني العسل وحبوب اللقاح وحفظها لاستخدامها في الربيع القادم. ان الملكة وبحكم قوانين الطبيعة , لا تقوم بوضع البيض بشكل كبير كما في فصل الربيع , إلا ان النحل يتابع الاعتناء بها وتغذيتها بكثافة, وتهيئة مكان مناسب لوضع البيض, يفرغون العيون السداسية الواقعة في وسط العش من العسل لوضع البيض كونه المكان الاكثر دفئاً في العش.

5– كلما كانت الملكة فتية اكثر, كانت قدرتها على الاستمرار في وضع البيض اكبر, حتى مع قدوم البرد وانخفاض درجات الحرارة.

يعتقد الكثيرون ان النحل الذي خرج من العيون السداسية بشكل متأخر والذي لم تتح له فرصة الخروج من الخلية والطيران بعد ولادته , بسبب البرد والصقيع , وبقي داخل الخلية شتاء ليقوم بالاهتمام بالطائفة. ان هذا الجيل لا يعمر طويلاً ليدرك الربيع القادم , ويشكل النسبة الكبيرة من النحل النافق شتاءً. لكن الوقائع وضحت ذلك: إن النحل الذي ولد في نهاية كانون الثاني وبداية شباط , حتى مع عدم تمكنه من مغادرة الخلية للحوم والطيران  إلا انه يعيش بشكل طبيعي لغاية الربيع , مع العلم ان النحل الفتي الذي لم يستطيع تنظيف امعائه من الصعب عليه اجتياز فترة الشتاء.

6– ان الطيران المتأخر ليس قليلاً حتى في المناطق الشمالية.

يعمل النحّالة حالياً على فكرة تقوية الخلية شتاءً, لا سيما في المناطق الجنوبية الدافئة , وذلك من اجل ان تصبح الطائفة فتية واكثر حيوية ونشاطاً مع حلول فصل الربيع , لذلك يلجأ النحًالة الى استعمال جميع الوسائل الممكنة التي تساعد على زيادة امكانية وضع البيض في فصل الخريف وازالة جميع المسببات التي تحد من ذلك. ان توفر الاحتياط الغذائي في الخلية تؤثر في اطالة مدة وضع البيض وكميته في العش.

لقد لاحظ مربو النحل ان الملكة اثناء الربيع تستمر في وضع البيض وان كان احتياط الغذاء في الخلية قليلاً (5-7) كغ وحتى اثناء البرد او عندما يكون الطقس سيئاً , أما في فصل الخريف , فان الملكة تتوقف عن وضع البيض حتى مع توفر كمية اكبر من مخزون العسل(12-15 كغ). في الربيع تزهر مزيد من الازهار كل يوم , ومهما يحصل يتوفر الغذاء في الطبيعة ولا يشعر النحل بالخشية من قلة الغذاء الا في نهاية فصل الربيع , عندما تزهر اخر النباتات مانحة الرحيق, هنا ليس امام النحل الا الاعتماد على المخزون المتوافر في العش. لذلك فان الطوائف التي لا تمتلك احتياطياً كافياً من الغذاء تتأخر في تربية اليرقات بشكل مبكر.

7– ان الاحتياط الكبير من الغذاء يعتبر ضرورياً , ليس فقط من اجل زيادة عدد الطائفة في نهاية الموسم , بل ضرورياً ايضاً لنموها مع بداية الموسم القادم. إنها ضمانة لجني كمية كبيرة من العسل في العام القادم.

لذلك في الخلايا متعددة الطوابق يتم ترك 2-3 صناديق, في الخلايا داونوفسك أعشاش تامة وخلايا افقية و 12 اطاراً, وطوائف صغيرة وصندوق واحد. من المهم جداً, أن يتمكن النحل من ايجاد ولو كمية قليلة من الرحيق. هذا يدعمهم ويبقيهم في حالة نشطة. ان تنشيط الخلايا في نهاية الصيف واثناء الخريف يجعل الطوائف تربي كمية جيدة من النحل الفتي, لذلك فان تنقيل الطوائف المتأخر لهذا السبب يحقق فعلياً ذلك الهدف.

8– اذا كان موسم الجني سيئاً, بسبب الجفاف او الطقس الممطر والبارد ؛ ولم تتمكن الطوائف من تخزين مؤونتها من العسل لاجتياز الشتاء. عندها على مربي النحل ان يغذيها بالمحلول السكري. بالتأكيد من الأفضل تغذية الطوائف بالعسل. ان المربين المحترفين يتركون احتياطياً من العسل بشكل دائم لهذه الغاية.

اثناء شح الرحيق , يستطيع النحل العيش على التغذية السكرية. يتم تحضير المحلول السكري هكذا : يتم تسخين لتر واحد من الماء الى درجة الغليان , بعدها تتم اذابة (1) كغ من السكر به ثم يترك حتى يبرد لدرجة حرارة 35-40°. يصب المحلول ليلاً في غذاية الطائفة. يكتشف النحل سريعاً المحلول السكري وينقله الى عشه. يحول النحل المحلول الى عسل عبر إزالة الماء الزائد واضافة الخمائر والانزيمات التي تسرع من عملية تحويل الكسر العادي الى سكاكر بسيطة. اي ان النحل يعمل على تحويل المحلول السكري الى عسل تماماً , كما يفعل بالنسبة للرحيق.

9-  في غضون يوم او يومين, أو في اليوم التالي, يتم تقديم المحلول السكري, وهكذا الى ان يتشكل احتياطي غذائي لدى الطائفة بالحد الأدنى (16-18 كغ).

عند معالجة المحلول السكري لتحويله الى عسل يبذل النحل الكثير من الجهد والطاقة لدرجة ان اجسام النحل تنهك بسبب ذلك. لذلك من الافضل تقديم التغذية التكميلية في النصف الأول من شهر آب, وذلك من اجل إشراك جيل الصيف من النحل في عملية معالجة المحلول وتحويله الى عسل كونهم لن يدركوا الشتاء. يمكن مساعدة النحل كثيراً لو تم اضافة على الأقل ثلث كمية المحلول عسلاً والذي يساعد في تحسين نوعية الغذاء. يتم اللجوء الى تقديم المحلول السكري عندما يحتاج النحل الى الأملاح المعدنية والتي يؤدي تركيزها الكبير الى حصول اضطرابات سلبية في امعاء النحل.

ان النحل لا يكتفي فقط بجمع رحيق الازهار, بل يجني المفرزات السكرية التي تفرزها حشرات الندوة العسلية وبقية الحشرات التي تعتمد على امتصاص النسغ النباتية من الاوراق والسوق الفتية للنباتات والاشجار وتتغذى عليها. ان الصيف الحار والرطب يعتبر مناسباً لنمو وانتشار تلك الحشرات. تنتشر تلك الحشرات وتفرز المحاليل السكرية الحلوة بغزارة لدرجة انها تلاحظ على على التربة والصخور وتسقط على شكل نقاط كبيرة من السائل الحلو. يعمل النحل على جني الندوة العسلية وتحويلها الى عسل تماماً كتعامله مع رحيق الازهار. مع العلم , وبسبب المركبات المعقدة التركيب في عسل الندوة العسلية , انها ليست جيدة لتغذية العسل شتاءً كجودة عسل رحيق الازهار.

10– ان عسل الندوة العسلية (عسل المن) غني جداً بالأملاح المعدنية, ويحتوي على نسبة عالية منها تفوق ما يحتويه عسل الازهار.

يتميز عسل الندوة العسلية بلونه الغامق الضارب الى الخضرة, انه كثيف, سميك القوام. ان النحل الخالي من التعفنات المعوية يستطيع ان يتغذى على عسل الندوة العسلية , لكنّ الكثير من النحل لا سيما في فصل الشتاء يصاب بالتعفن المعوي, والاسوأ انه لا يستطيع الخروج شتاءً للتخلص من فضلات الأمعاء , لذلك حتى احتواء عسل الأزهار على نسبة من الندوة العسلية يعتبر ضاراً بالنحل. لذلك من الافضل تبديل اطارات العسل الحاوية عليه بإطارات عسل مجني من رحيق الأزهار.

11– على العكس ان عسل الندوة العسلية مفيد جداً صحياً لا سيما لمرضى الرئة.

في اوربا , يطلب عسل الندوة العسلية بشكل كبيرة ؛ ويفوق سعره سعر عسل الأزهار. لذلك ينقل النحّال نحلهم حيث تتواجد مصادره. وتعلموا التنبؤ بالطقس من اجل التخطيط لعملية نقل طوائف سابقاً لهذه الغاية.

12– ان اعظم اهتمامات النحّال في شهر آب تكمن في خلق الشروط المناسبة من اجل تربية جيل كثيف من النحل لقضاء التشتية.

من اجل هذا يتم جمع الطوائف الى بعضها , جمع طائفتين او ثلاث طوائف ضعيفة والتي لم تنمُ بشكل جيد ولم تستطيع جمع ما يكفي من احتياطي الغذاء , مثل التقسيمات الضعيفة او الطرود المتأخرة , ان جمعها في طائفة واحدة تخلق خلية نحل قوية تستطيع ان تمضي فترة الشتاء بفعالية.

12– على مربِّي النحل ان يجهزوا خلايا النحل لفصل الشتاء.

في الخلايا متعددة الطوابق , يترك طابقان لتشتية الطائفة. يكون الطابق السفلي فارغاً , بعد قيام النحل بنقل العسل الى الطابق العلوي. يجب ان يكون الطابق العلوي مليئاً بالعسل. ان الخلية ذات الطابقين تشابه مسكن النحل القديم داخل التحرك شتاءً بشكل عمودي – من الاسفل الى الأعلى حيث تتوضع احتياطيات الغذاء , ان الخلية ذات الطابقين قريبة من عش النحل البري , حيث يستطيع النحل التحرك بحرية من قرص شمع الى اخر. يسهل ذلك الفراغ الكافي بين الأقراص واحتواء الخلية على ممرات وازقة ومتاهات تسهل من تنقل النحل داخل الخلية وداخل عنقود النحل.

13– يجب ان تحتوي خزينة الغذاء في الخلية متعددة الطوابق على 35-40 كغ غذاء (عسل وغبار طلع).

في الخلايا ذات الاثني عشر اطاراً , وفي الخلايا الأفقية , يجب ان تحتوي خلية النحل على اطارات يحوي كل منها 2.5 كغ عسل. بوجود مثل هذا الاحتياط من العسل, إضافة لذلك يجب وضع عاسلات مع اطارات عسل. بوجود مثل هذا الاحتياط من العسل لا يخشى من حصول جوع في الطائفة اثناء الشتاء وتجتاز فصل الشتاء بنجاح.

المصدر:

فلاديمير كروكافير. ترجمة م. منتجب يونس (2009)، موسوعة النحل "حياته – مجتمعة – تربيته".