أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-24
![]()
التاريخ: 27-8-2016
![]()
التاريخ: 5-2-2017
![]()
التاريخ: 14-1-2023
![]() |
في بيان أن المتواتر على قسمين :
لفظي ، معنوي
فالأول : ما إذا اتحد ألفاظ المخبرين في خبرهم .
والثاني : ما إذا تعددت ألفاظهم ولكن اشتمل كل منها على معنى مشترك بينها بالتضمن أو (1) الإلتزام ، وحصل العلم بذلك القدر المشترك بسبب كثرة الأخبار .
وإن شئت توضيح ذلك لقلنا :
إن الأول ؛ ما كان محل الكثرة – التي عليها مدار التواتر المفيد للعلم بصدق الخبر – قضية ملفوظة مصرحاً بها في الكلام ، ومرجعه الى فرض تحقق التواتر بالنسبة الى المدلول المطابقي (2) للخبر ، وهو النسبة الموجودة فيه على الوجه الذي اعتبره المخبرون ، كقولنا : مكة موجودة .. وغيره من الأمثلة المتقدمة للتواتر .
والثاني : ما كان محل الكثرة المذكورة قضية معقولة متولدة من القضية الملفوظة ، باعتبار ما يفرض لها من دلالة تضمن أو التزام حاصلة في كل واحد من الآحاد على وجه أوجب كون تلك القضية المعقولة مشتركة بينها ، متفقاً عليها ، متسالماً فيهاعند المخبرين الكثيرين ، بحيث صارت كأنها أخبر بها الجميع ، متفقين على الإخبار بها (3) .
أما التواتر المعنوي ؛ باعتبار الدلالة التضمنية ، فمثل ما لو أخبر واحد (4) بأن زيداً ضرب عمراً ، وآخر بأنه ضرب بكراً ، وثالث بأنه ضرب خالداً .. وهكذا الى أن يبلغوا حد الكثرة المعتبرة في التواتر ، مع اختلاف الجميع في خصوص المضروب ، فإن هذه القضايا الملفوظة باعتبار دلالتها التضمنية تنحل الى قولنا : صدر الضرب من زيد ووقع على أحد هؤلاء ، والجزء الأول منه قضية مشتركة بين الجميع باعتبار كون صدور الضرب من زيد محل وفاق بين جميع المخبرين ، فهو المتواتر ، بخلاف الجزء (5) الثاني ؛ فإنه مختلف فيه بينهم ، فهو من كل منهم خبر واحد .
وربما مثل بعضهم للمتواتر باعتبار الدلالة التضمنية بجود حاتم ، فيما لو أخبر كل من عدد التواتر بإعطائه لفلان كذا .. من حيث تضمّن كل واحد من الحكايات جود حاتم ، من حيث أن الجود المطلق جزء الجود الخاص .
وفيه مسامحة ؛ لأن الجود صفة النفس وليس من جملة الأفعال حتى تتضمنه ، بل هو مبدأها وعلتها ، فالحق إن ذلك من باب الاستلزام ، ومثال التضمن ما ذكرناه .
وقد مثلوا لتتواتر المعنوي باعتبار الدلالة الالتزامية بشجاعة أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، حيث روي عنه أنه (عليه السلام) فعل في غزوة بدر كذا .. وفي أحد كذا ..
وفي خيبر كذا .. وهكذا ، فإن كل واحدة من الحكايات تستلزم شجاعته (عليه السلام) ، فالحكايات المتكثرة يتولد منها قضية قولنا : علي (عليه السلام) شجاع .. فهي قضية معنوية أخبر (6) بها المخبرون على كثرتهم – أي اتفقوا على الإخبار بها – فتكون متواترة بخلاف الآحاد ، فإن كل واحد منها قضية ملفوظة (7) والقضية المعقولة ؛ لأنه معنى يدرك بالعقل لا بالحس ، والأولى خبر حقيقة ، والثانية بصورة الخبر ، لعدم كونها من جنس الكلام .
وربما صور بعض المحققين * ؛ التواتر المعنوي على وجوه :
أحدها : ان يتواتر الإخبار باللفظ الواحد ، سواء كان ذلك اللفظ تمام الحديث ، مثل : " إنما الأعمال بالنيات " – على تقدير تواتره ، كما ادعوه – او بعضه ، كلفظ : " من كنت مولاه فعلي مولاه ... " ، ولفظ : " إني تارك فيكم الثقلين ... " ، لوجود التفاوت في بقية ألفاظ الخبرين (8) .
الثاني : ان يتواتر بلفظين مترادفين ، أو ألفاظ مترادفة ، مثل أن الهر طاهر والسنور طاهر ، او الهر نظيف ، والسنور طاهر .. وهكذا ، فيكون اختلاف الأخبار باختلاف الألفاظ المترادفة .
الثالث : أن تتواتر الأخبار بدلالتها على معنى مستقل ، وإن كان دلالة بعضها بالمفهوم والأخرى بالمنطوق ، وإن اختلفت (9) ألفاظها أيضاً ، مثل : نجاسة الماء القليل بملاقاة النجاسة الحاصلة من مثل أن يرد في بعض الأخبار : إن الماء القليل ينجس بالملاقاة ، وفي آخر : الماء الأنقص من الكرّ ينجس بالملاقاة ، وفي ثالث : " إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء " (10) .
بل ويتم ذلك على وجه فيما كانت النجاسة في تلك الأخبار مختلفة ، كما في قوله (عليه السلام) : " ولا تشرب سؤر الكلب إلا أن يكون حوضاً كبيراً يستسقى منه الماء " (11) ، وقوله صلوات الله عليه – حين سئل عن التوضي في ماء دخلته الدجاجة التي وطأت العذرة : " لا ، إلا أن يكون الماء كثيراً قدر كرّ " (12) .. وهكذا ؛ فإن المطلوب بالنسبة الى الماء القليل – وهو انفعاله – أمر مستقل مقصود بالذات ، لا أنه قدر مشترك منتزع من أمور ، فإن الحكم لمفهوم الماء القليل لا لخصوصيات أفراده التي يشترك فيها هذا المفهوم .
وذلك – أيضاً – أعم من أن يكون الأخبار منحصرة في بيان هذا المطلب المستقل أو مشتملة على بيان مطلب آخر أيضاً .
الرابع : ان يتواتر الإخبار بدلالة تضمنية على شيء مع اختلافها ؛ بأن يكون ذلك المدلول التضمني قدراً مشتركاً بين تلك الأخبار ، مثل ما تقدم من مثال الإخبار بضرب زيد فلاناً وفلاناً وفلاناً الى ان يحصل عدد التواتر (13) ، حيث يورث العلم بما اتفقت عليه الأخبار ، وهو صدور الضرب من زيد (14) ، وكذلك لو اختلفوا في كيفيات الضربات ، ومن ذلك ورود الاخبار فيما تحرم عنه الزوجة من الميراث ، بأن يقال : إن حرمانها في الجملة يقيني ، لكن الخلاف فيما تُحرم عنه ، فالقدر المشترك هو مطلق الحرمان الموجود في ضمن كل واحد من الجزيئات .
الخامس : ان تتواتر الأخبار بدلالة التزامية بكون ذلك المدلول الالتزامي قدراً مشتركاً بينها ، مثل أن ينهانا الشارع عن التوضي بمطلق الماء القليل إذا لاقته العذرة ، وعن الشرب منه إذا ولغ فيه الكلب ، وعن الاغتسال به إذا لاقته الميتة ..
وهكذا ، فإن النهي عن الوضوء في عرف الشرع يدلّ بالالتزام على النجاسة ، وكذا الشرب والاغتسال ، فإنه يحصل العلم بنجاسة الماء القليل بذلك .
السادس : أن تتكاثر (15) الأخبار بذكر أشياء ملزومات للازم يكون ذلك اللازم منشأ لظهور تلك الأشياء ، مثل الأخبار الواردة في غزوات أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وما ورد في عطايا حاتم ..
وهذا القسم يتصور على وجهين :
أحدهما : أن تذكر (16) تلك الوقائع بحيث تدل بالالتزام على الشجاعة والسخاوة ، مثل أن تذكر (17) غزوة خيبر بالتفصيل الذي وقع ؛ فإنه لا يمكن صدورها بهذا التفصيل والتطويل والمقام الطويل والكرّارية من دون الفرارية إلا عن شجاع بطل قويّ بلغ أعلى درجة [في] (18) الشجاعة .. وهكذا غزوته (عليه السلام) في احد ، وفي الأحزاب .. وغيرها ، فباجتماع هذه الدلالات يحصل العلم بثبوت أصل الشجاعة التي هي منشأ لهذه الآثار ، وكذا عطايا حاتم .
والفرق بين هذا وسابقه أن الدلالة في الأول مقصودة جزماً ، والأخبار مسوقة لبيان ذلك الحكم الالتزاميّ ، بخلاف ما نحن فيه ؛ فإنه قد لا يكون بيان الشجاعة مقصوداً أصلاً وإن دل عليها تبعاً ، فحصول العلم فيما نحن فيه من ملاحظة (19) كل واحد من الأخبار .. ثم تلاحق كل منها بالآخر .
الثاني : أن تذكر (20) تلك الوقائع لا بحيث تدل على الشجاعة ، مثل أن يقال : إن فلاناً قتل في حرب كذا رجلاً ، وقال آخر : إنه قتل في حرب آخر (21) رجلاً .. وهكذا فبعد ملاحظة المجموع يحصل العلم بأن مثل ذلك الاجتماع ناشٍ عن ملكة نفسانية هي الشجاعة ، وليس ذلك بمحض الاتفاق ، أو مع الجبن ، أو لأجل القصاص ..
ونحو ذلك ، وكذلك في قصة الجود ، والقدر المشترك الحاصل من تلك الوقائع على النهج السابق هو كلّي القتل والإعطاء ، وهو لا يفيد الشجاعة ولا الجود ، ولكن الحاصل من ملاحظة المجموع من حيث المجموع هو الملكتان ، ولعل من جعل الجود والعطاء .
تذييل :
لا شبهة في تحقق التواتر كثيراً في أخبار أصول الفروع (22) ، كوجوب الصلاة اليومية ، وأعداد ركعاتها ، والزكاة والحج .. ونحو ذلك ، إلا أن مرجع ذلك الى التواتر المعنوي دون اللفظي ، وأما تحقق التواتر اللفظي في الأحاديث الخاصة المنقولة بألفاظ مخصوصة .. فقد قيل إنه قليل ؛ لعدم اتفاق الطرفين والوسط فيها ، وإن تواتر مدلولها في بعض الموارد ، بل عن ابن الصلاح (23) – وهو من العامة – أن من سأل عن إبراز مثال للمتواتر اللفظي فيها أعياه طلبه ، وأن أكثر ما ادعي تواتره من قبيل متواتر الأخير والوسط دون الأول ، والمدعي للتواتر ينظر الى تحققه في زمانه ، أو هو وما قبله (24) من غير استقصاء جميع الأزمنة ، ولو أنصف لوجد في الأغلب خلوّ أول الأزمنة ، بل ربما صار الحديث الموضوع ابتداء متواتراً بعد ذلك ، لكن شرط التواتر مفقود من جهة الابتداء .
ونازع بعض المتأخرين في ذلك وادعى وجود المتواتر بكثرة ، وهو غريب .
ثم قال : نعم ، حديث : " من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله عن النبي (صلى الله عليه وآله) اثنان وستون صحابياً ولم يزل العدد الراوي له في ازدياد ، وظاهر ان التواتر يتحقق بهذا العدد ، بل ما دونه (25) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. في الطبعة الثانية من الكتاب : و .
2. في الطبعة الثانية : المطابق .
3. لا توجد : بها ، في الطبعة الثانية من الكتاب .
4. في الطبعة الثانية من الكتاب : اخبروا أحداً .
5. في الطبعة الثانية : جزء .
6. في الطبعة الثانية : أخبروا .
7. لا توجد : القضية الملفوظة .. في الطبعة الثانية من الكتاب .
*) هو الفاضل القمي قدس سره . (منه [قدس سره])
وذلك في كتابه قوانين الأصول : 426 – 427 .
8. في الطبعة الثانية : في بقية الألفاظ المخبرين ، وهو غلط . وفي القوانين المحكمة 1 / 426 قال : لوجود تفاوت في سائر الألفاظ الواردة في تلك الأخبار .
9. في الحجرية – بطبيعتها - : اختلف .
10. من لا يحضره الفقيه 1 / 3 و 23 و 32 . ولاحظ : وسائل الشيعة 1 / 99 باب 1 وما بعده من الأبواب .. وغيرهما .
11. التهذيب 1 / 64 ، الاستبصار 1 / 11 ، وكذا في وسائل الشيعة باب 1 من أبواب الاسآر 1 / 163 حديث 7 .. وغيره .
12. التهذيب 1 / 119 ، وسائل الشيعة 1 / 117 باب 9 عدم نجاسة الكر من الماء الراكد حديث 4 .. وغيرهما .
13. لا يخفى ما في هذه العبارة من المسامحة ؛ إذ أنكر العدد في التواتر ، والأولى ان يقال : إلى أن يحصل التواتر أو مدلوله او حقيقته .. وما شابه ذلك .
14. وإن لم يحصل العلم بالمضروب .
15. في الخطية : يتكاثر .
16 و 17 . الطبعتين : يذكر .
18. لا توجد (في) في الأصل ، وزيدت من المصدر .
19. توجد في الطبعة الاولى من الكتاب وخطيتها هنا كلمة : لعل ، وقد حذفت من الطبعة الثانية .
20. في المطبوعة والخطية : يذكر .
21. كذا ، والظاهر : اخرى ، أو رجلاً آخراً .
22. في الطبعة الثانية : الأصول الفروع .
23. مقدمة ابن الصلاح : 393 ، بألفاظ متقاربة ، وليس فيه قيد (اللفظي) ، وحكاه السيوطي في التدريب 1 / 190 .. وغيره .
24. كذا في الخطية ، وفي الطبعة الأولى : وهو قبله ، وفي الثانية : أو هو قبله ..
25. البداية : 14 [طبعة البقال 1 / 66] بتصرف واختصار .
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
بمناسبة مرور 40 يومًا على رحيله الهيأة العليا لإحياء التراث تعقد ندوة ثقافية لاستذكار العلامة المحقق السيد محمد رضا الجلالي
|
|
|