المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6763 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
التربة المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
نظرية زحزحة القارات وحركة الصفائح Plate Tectonic and Drifting Continents
2024-11-24
نظرية ثاني اوكسيد الكاربون Carbon dioxide Theory
2024-11-24
نظرية الغبار البركاني والغبار الذي يسببه الإنسان Volcanic and Human Dust
2024-11-24
نظرية البقع الشمسية Sun Spots
2024-11-24
المراقبة
2024-11-24



حضارة مصر في العصر الحجري الحديث  
  
8156   03:04 مساءً   التاريخ: 11-1-2017
المؤلف : محمد أبو المحاسن عصفور
الكتاب أو المصدر : معالم تاريخ الشرق الأدني القديم
الجزء والصفحة : ص59- 71
القسم : التاريخ / العصور الحجرية / العصور القديمة في مصر /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-13 686
التاريخ: 2024-06-27 808
التاريخ: 2024-05-20 844
التاريخ: 2024-09-29 198

ازداد تغير المناخ في العالم القديم فأصبحت الاختلافات بين البيئات المحلية أكثر وضوحًا وازداد الجفاف في الشرق الأدنى؛ وبذلك اضطر الإنسان أن يقترب من الوديان أكثر من ذي قبل، ولم يغامر بالابتعاد عن الأنهار؛ فاستقر في جماعات بالقرب منها وألجأته الحاجة لضمان غذائه إلى استئناس الحيوان ومعرفة الزراعة، وكان من الضروري -وقد عرف الزراعة- أن يختزن محصوله؛ فعرف صناعة الأواني وبذلك أقام حياته على أسس اقتصادية ثابتة.

وانتقل أهل مصر من حياة البداوة إلى حياة الاستقرار وأتاحت لهم ظروف بيئتهم الطبيعية فرصة الاتحاد في مملكتين: إحداهما في الوجه القبلي, والأخرى في الوجه البحري كما أشرنا(1). ويختلف الوجه القبلي والوجه البحري, كل عن الآخر: فالأول "الوجه القبلي" عبارة عن شريط ضيق من الأراضي الزراعية على جانبي النهر, تحف به هضبتان صخريتان من الشرق والغرب، أما الثاني "الوجه البحري" فتتسع أراضيه الزراعية إلى درجة كبيرة وتكثر بها المستنقعات وتتخللها البحيرات والقنوات، وهذه المساحات الواسعة من الأراضي الزراعية بعيدة في معظمها عن الصحارى. وكذلك يتميز الوجه البحري عن الوجه القبلي بأنه أقرب منه نسبيًّا إلى آسيا وأوروبا؛ ولذا كانت الحضارات التي نشأت في كل من هذين الإقليمين تتسم بمظاهر خاصة تجعلنا نميز فيما بينهما، وتعد الفيوم أشبه بواحة في الصحراء بين هذين القسمين من مصر؛ ولكن نظرًا لأنها أقرب إلى الوجه البحري فقد اشتركت حضارتها "في صفاتها" مع حضاراته أكثر من اشتراكها مع حضارات الوجه القبلي؛ ولذا ألحقناها به وإن كنا نميل إلى جعلها حضارة قائمة بذاتها.

وتمثل هذا الدور "العصر الحجري الحديث" في الوجه القبلي حضارتا ديرتاسا "التاسية" والبداري، وفي الوجه البحري حضارات حلوان الأولى "العمري" ومرمدة بني سلامة, ومع أن كلًّا منها تنفرد بمميزات خاصة إلا أنها جميعًا تشترك في تقدم صناعة الفخار وصقل الآلات الحجرية، ومن المخلفات التي عثر عليها أمكن التوصل إلى أن المستنقعات كانت تسود الدلتا والأحراش كانت منتشرة في الوجه القبلي, وأن الحيوانات الكبيرة الحجم كالزراف والضباع وأفراس النهر كانت مألوفة لدى المصريين, وسنتكلم بإيجاز عن كل حضارة على حدة.

حضارات الوجه القبلي:

1- الحضارة التاسية: (2)

هي أقدم حضارات العصر الحجري الحديث في الصعيد، وتنسب إلى ديرتاسا التي تقع إلى شمال البداري، ويستدل من آثارها على أن أهل هذه الحضارة عرفوا زراعة الحبوب؛ ولكنهم لم يعيشوا معيشة استقرار تامة؛ فكانوا يمارسون الصيد إلى جانب الزراعة البدائية, وعرفوا النسيج واتخذوا الحلي من أصداف البحر المثقوبة والخرز الأسطواني المصنوع من العظم أو العاج تحليه خطوط متقاطعة واستعملوا الأساور، وفي مخلفاتهم عُثِر على صلايات من المرمر والحجر الجيري والأردواز لصحن الدهنج والمغرة وعلى مراخٍ وبعض الحبوب وعدد من السنانير " الشصوص" وطبق من الخوص ودبابيس وإبر من العظام، ومن المرجح أنهم استعملوا الوسائد؛ إذ وجد تحت رءوس عدد من الموتى بعض التبن أو القش الذي كان لا ريب داخل كيس "جلد أو كتان"؛ ولكنه فني مع الزمن, كما يرجح أن الأشجار الكبيرة والمستنقعات كانت منتشرة في ذلك العهد؛ إذ وجدت فئوس من أحجار مختلفة لا بد وأنها استخدمت من أجلها، أما فخار ديرتاسا فيمكن تقسيمه إلى نوعين:

أولًا: بني ذو سطح خشن عادة, وهو خالٍ من التموجات إلا في بعض القدور النادرة التي نجد بها تموجات مائلة أو عمودية.

ثانيًا: أسود رمادي أملس عادة, ذو تموجات عمودية والبعض القليل مصقول، ومن أواني هذا النوع أقداح ذات شفة مقلوبة على شكل البوق, وهي سوداء مصقولة تحلي سطحها الخارجي وشفاهها من الداخل خطوط محفورة مليئة بعجينة بيضاء تمثل خطوطًا أفقية, بينها مثلثات مخططة لتثبيت المادة البيضاء فيها.

وفخار هذه الحضارة خالي من علامة الصانع أو صاحب الإناء، ومن بين هذا الفخار بعض المغارف غير العميقة, ذوات لسان مسطح بارز من الحافة بمثابة مقبض.

وكانت مقابر القوم عبارة عن حفر كبيرة بيضية في الغالب والقليل منها ذو جوانب مستقيمة بزوايا مستديرة وفي جانبها الغربي دخلة "طاقة" تتسع لآنية، وكان الميت يدفن في وضع مقرفص أشبه بالجنين ورأسه إلى الجنوب ووجهه إلى الغرب, ويوضع معه بعض الفخار إلى جانب يديه أو ركبتيه, وجثته تغطى بجلد حيوان؛ بحيث يكون الشعر أو الصوف إلى الداخل، ويلف بعد ذلك في حصير وتوضع الرأس فوق ما يشبه الوسادة من القش, ثم يحاط الميت بتقفيصة من الأغصان.

وهذه المقابر كانت بعيدة عن المساكن وقد وجد بعضها مختلطًا بمقابر البداريين؛ ولذا يمكن القول بأن التاسيين كانوا أقرباء أو أسلاف البداريين, وهذا هو ما دعا بعض الأثريين إلى أن يلحقوا هذه الحضارة بحضارة البداريين ويعتبرونها جزءًا منها(3).

2- البداري:

كان البداريون أرقى من أي جماعة عاشت في الدور الحجري الحديث؛ إذ استقروا في قرى منتظمة يزرعون الحبوب ويستأنسون الماشية وأنواعًا من الأغنام والماعز فضلًا عن صيد البر والبحر, وكانوا مهرة في كل صناعات هذا الدور، ومع أن بعض حيواناتهم يظن أنها تنتمي إلى غربي آسيا؛ إلا أن من المرجح أنهم وفدوا إلى مصر من منطقة تبعد عن البداري كثيرًا إلى الجنوب.

واستعمل البداريون طريقة التشظية بالضغط في صناعة آلاتهم الحجرية، وقد امتازوا عن أسلافهم بمعرفة النحاس, فاستعاضوا الفأس النحاسية عن الفأس الحجرية التي سادت في الحضارات السابقة, كذلك يتمثل رقيهم عمن سبقهم في أنهم استخدموا السهام والقسي وعصي الرماية "Boomerang" ودبابيس القتال ذات الرؤوس التي على شكل القرص, وعرفوا السنانير وتفوقوا في صناعة اللوحات الاردوازية وبعض لوحات من المرمر، وقد عثر بين آثارهم على ثلاثة تماثيل صغيرة لسيدات؛ أحدها من الطين والثاني من الطين المحروق والثالث من العاج وليست هذه التماثيل دقيقة الصنع وبعض أجزائها مفقود.

واتخذوا حليًّا من أحجار مختلفة ومن الأصداف والنحاس, كان أهمها الخرز والأساور والأحزمة والأمشاط الطويلة الأسنان من العاج، ومن المرجح أنهم عرفوا صناعة السلال والحصر؛ حيث عثر على أجزاء منها في مقابرهم، كما يبدو أنهم كانوا على دراية بنسيج الكتان؛ لأن بعضًا من الإبر المصنوعة من العظام وجدت بين آثارهم ومن بينها مجموعة وجدت في جعبة صغيرة صنعت من ساق فرس النهر، ولم يقتصر البداريون في صناعة أوانيهم على الفخار؛ بل كانت لديهم أوانٍ عاجية منها إناء على شكل فرس النهر وأوانٍ حجرية من البازلت أيضًا.

وفخار البداري أرقى من فخار الحضارات السابقة إن لم يكن أرقى أنواع الفخار في مصر القديمة على الإطلاق، وهو يمتاز بما يحلي جدرانه من تموجات تشغل السطح الخارجي بأكمله أو نصفه الأعلى أو تكون شريطًا يحيط بحافة الإناء، كذلك قد توجد هذه التموجات بالسطوح الداخلية لبعض الأواني الواسعة ومع أنه مصنوع باليد -إذ لم تكن عجلة الفخار قد عرفت بعد-

إلا أنه يمتاز برقة الجدران, وهو على سبعة أنواع يمكن حصرها بصفة عامة فيما يلي:

1- أوانٍ ذات لون بني أو أحمر مصقول ولها حافة سوداء غالبًا.

2- أوانٍ ذات سطح أملس مصقول, لونها بني أو أسود.

3- أوانٍ ذات سطح خشن, لونها بني أو أسود كذلك.

وأشكال هذا الفخار متشابهة ومحدودة وذلك باستثناء عدد قليل من الأواني ذات الأشكال العجيبة كانت تُغطَّى أحيانًا بقطع من الخوص المضفور، وقد عثر على قدح ملفوف بقماش الكتان. وفخار البداري على العموم خلو من علامة الصانع أو المالك وكان يوضع غالبا عند رأس الميت أو قرب يديه أو مرفقيه أو عند ركبتيه، وفي أحيان نادرة كان يوضع خلف الميت.

ومقابر البداري تقع في شرق منطقة المساكن في جهة يسهل حفرها بالآلات البسيطة، وهي غالبًا بيضية الشكل أو مستديرة ونادرًا ما تكون جوانبها مستقيمة وأركانها مستديرة وكانت تغطى بالحصير كما استعملت العصي في تسقيفها أحيانًا، وكان الميت يوضع على ما يشبه الأريكة أو "تقفيصة" ويحيط بالجثة حصير يعتمد على عصا على شكل خيمة تحمي الميت من انهيار الرمال عليه, وكان يدفن عادة على جانبه الأيسر, ورأسه إلى الجنوب, وهو متجه إلى الغرب, ويداه بالقرب من رأسه وتوضع إلى جانبه الأدوات التي كان يستعملها في حياته الدنيا وأدوات زينته وبعض التمائم، وقد عني بدفن الثور والكلب والشاة وغيرها؛ مما يدل على تقديس تلك الحيوانات, والاعتقاد بوجود حياة أخرى وبالبعث.

حضارات الوجه البحري:

1- العمري "حلوان أ":

عثر على آثار هذه الحضارة في منطقة تقع في شمال حلوان, وقد سميت كذلك؛ لأن شخصًا يدعى أمين العمري هو الذي أرشد إلى موقعها الأثري، وفيها تم الكشف عن آثار مساكن مستديرة في وسط كل منها موقد ووجدت بها مقابر مستقلة عن المساكن؛ فهي في هذا تشبه حضارة ديرتاسا؛ ولكنها تتميز بما وضع فوقها من أحجار وهي ظاهرة لم تتمثل في الحضارات الأخرى التي ترجع إلى هذا الدور، وكان الميت يوضع في وضع الجنين وإلى جانبه توضع قرابين قليلة لا تعدو إناءً من الفخار عبارة عن قدر أو طاجن. وفخار العمري على العموم يشبه فخار مرمدة في أنه من لون واحد أسود وقد عثر على ما يشبهه في طرة وقرب الأهرام؛ مما يوحي بأنه انتشر في الدلتا؛ إلا أن مدى انتشاره ليس واضحًا.

2- مرمدة بني سلامة:

تقع مرمدة بني سلامة على بعد نحو 50كم إلى شمال غربي القاهرة، وقد عثر فيها على آثار ترجع إلى أواخر الدور الحجري الحديث وجدت نظائر لها عند أوانٍ من العمري الحافة الشمالية للفيوم وخاصة في منطقة قصر الصاغة، وهي التي عرفت باسم حضارة الفيوم "ب"، وكان المعتقد أنها ترجع إلى أواخر الحجري الحديث وأوائل ما قبل الأسرات؛ ولكن يبدو أنها ترجع إلى عهد أحدث من ذلك كثيرًا(4).

وفي مرمدة بني سلامة وجدت آثار ثقوب محفورة في الأرض في مجموعات غير منتظمة, يستدل منها على أنها كانت موضع أعمدة لأشجار تقام عليها أكواخ من البوص أو ستائر من الحصير تحمي من الرياح الشديدة، كما عثر على آثار مساكن بيضاوية يعلو نصفها سطح الأرض، ولكل منها مدخل خاص به وهو عبارة عن قطعة من ساق فرس النهر مثبتة داخل الجدار لتساعد على الهبوط إلى داخل المسكن الذي تنحدر أرضيته إلى مكان منخفض ثبت فيه إناء ليتسرب فيه ما يدخله من ماء، وبأسفل الإناء ثقب لتصريفه في باطن الأرض أما الجدران فكانت تبنى من كتل من الطين يوضع بعضها فوق بعض، كما كشف عن أهراء للحبوب في هيئة حفر قليلة الغور, مسورة بسور من الطين, تختزن الحبوب فيها بوضعها في سلال تطمر في داخلها.

ومن الآثار التي عثر عليها يمكن استنتاج أن أهل مرمدة كانوا يربون الماشية والخنازير ويطحنون الغلال على الرحى, وفخارهم كان أسود غالبًا والقليل منه بني أحمر، وهو إما مصقول أو ناعم أو خشن, وأوانيهم منها القدور الكبيرة التي يحتمل أنها كانت للطبخ ولبعضها بروزات لإمساكها بها أو تعليقها، ولبعضها ثقوب، ولبعضها قواعد تستقر عليها ومنها ما يشبه القارب, ومنها المغارف ذات المقابض العريضة أو السميكة المستديرة، وهذا الفخار خال من النقوش والرسوم على العموم؛ ولو أن بعض الأواني تحليها خطوط بارزة أو عدد من البروزات عند الحافة، وإلى جانب الأواني الفخارية صنع أهل مرمدة أواني حجرية من البازلت.

وقد اتخذوا رؤوسا للسهام مثلثة الشكل أو مقوسة القاعدة, بعضها له سنخ ودبابيس قتال كمثرية الشكل "طراز البحر الأبيض" أو شبه كروية، واستعملوا في الصيد نوعًا من الشص المصنوع من قرن الحيوان وهو أكثر استواء من خطاطيف الفيوم، ويبدو أنهم اتخذوا الملابس؛ إذ وجدت لديهم فلكات مغازل ومسلات وإبر، وكانوا يتزينون بحلي في هيئة أساور من العاج وخواتم وخرز حلقي أو أسطواني من الأصداف وبلط صغيرة تعلق على شكل تمائم واستعملوا صلايات من المرمر والبازلت لصحن المساحيق.

وكان الميت يدفن على جنبه بين المساكن، مقرفصًا في وضع يشبه الجنين ووجهه إلى الشرق ومعظم الهياكل العظمية التي عثر عليها كانت لنساء وكُنَّ أطول قامةً من نساء الوجه القبلي، ولم توضع مع الموتى قرابين في العادة، وربما كان ذلك لاعتقادهم أنه كان يشارك أهله طعامهم؛ إلا أن بعض الحبوب وجدت في أحوال قليلة ملقاة أمام فم الميت؛ ولكن ربما كان ذلك شيئًا رمزيًّا فقط.

ومع أن مظاهر قليلة من حضارة مرمدة كانت تشبه بعض نواحي حضارتي الفيوم والبداري إلا أن من المرجح أن مرمدة قد ورثت هذه المظاهر؛ لأنها في أغلب الظن متأخرة عنهما في الزمن.

الفيوم:

يستدل من الآثار التي اكتشفت فيها على وجود مرحلتين حضاريتين؛ الفيوم "أ" والفيوم "ب" ويؤرخهما غالبية الأثريين بـ"الدور الحجري الحديث" وعصر ما قبل الأسرات على التوالي؛ ولكن الفروق بينهما ليست من الضخامة؛ بحيث توحي بأن الفارق الزمني بينهما كان كبيرًا، وبإعادة النظر في آثار الفيوم ودراسة الصناعات التي سادت فيها أصبح الاعتقاد سائدًا بأنها لا تسبق حضارة نقادة الثانية "التي ترجع إلى ما قبل الأسرات" كثيرًا في الزمن(5), وعلى ذلك يمكن أن ندخل حضارتي الفيوم ضمن عصر ما قبل الأسرات وأن ندرسهما كوحدة قائمة بذاتها, وخاصة لأنها تأثرت بكل من حضارات الوجه القبلي والوجه البحري وإن كان تأثرها بحضارات الأخير أكثر منه بحضارات الوجه القبلي.

ولم يكشف في منطقة الفيوم إلا عن منطقة السكن؛ إذ لم يعثر على قبر واحد فيها, وتدل الآثار المكتشفة على أن أهلها عرفوا الزراعة؛ غير أن جل اعتمادهم كان على الصيد, أي: إنهم كانوا في ظروف تشبه ظروف الزراع البدائيين، وكانت لديهم مجموعتان من المطامير لخزن الحبوب بالقرب من المساكن، وهذه كانت عبارة عن حفر قطر معظمها من قدم إلى أربعة أقدام وعمقها من قدم إلى ثلاثة, ومعظمها مكسوٌّ من الداخل بغشاء من قش القمح المضفور يكسو جوانبها وقاعها، واستخدموا مناجل من الصوان ورحى لطحن الحبوب من أحجار مختلفة؛ ولكن يبدو أن تربية الحيوان لم تلعب دورًا كبيرًا في حياتهم.

وفي هذه المنطقة عثر على رءوس سهام مثلثة ذات قاعدة مستقيمة أو مستديرة أو ذات سنخ "مثل سهام مرمدة" كما وجدت سكاكين من الصوان وهي طويلة مقوسة من طرفها الأعلى وبعضها محزز عند القاعدة, أما رءوس دبابيس القتال؛ فمنها المخروطي ومنها القرصي والبعض الآخر كروي الشكل تقريبًا؛ غير أن هذه الأخيرة صغيرة الحجم إلى درجة تدعو إلى الظن بأنها كانت فلكات مغازل, ولم يعثر على شص من النوع الذي عرف في مرمدة؛ ولذا يحتمل أن الأسماك كانت تصاد بخطاف من العظام.

وفخار الفيوم كان يصنع باليد، من صلصال خشن مخلوط بنسبة كبيرة من التبن؛ ولذا كان من النادر إخراجه في شكل متناسق, وهو إما أحمر مصقول أو أسود مصقول أو بني أملس أو خشن وهذا الأخير هو الشائع. ولا يخرج فخار الفيوم عن كونه طواجن وقدورًا كبيرة للطبخ أو طواجن وأقداحًا صغيرة ذات قاعدة بارزة للخارج قليلًا أو مفصصة، ومنه كذلك ما هو في هيئة صحاف مستطيلة حوافها مرتفعة عند الأركان، وبعض أواني الفخار مثقوبة عند الحافة وجميعه خالٍ من الرسوم أو النقش, أي: أنه يخلو من علامة الصانع أو المالك, وقد تميزت آنية واحدة ببروزات قرب حافتها.

ولا شك في أن أهل الفيوم عرفوا صناعة السلال والنسيج؛ حيث عثر في آثارهم على بعض سلال "على شكل قارب أو على شكل برميل" وعلى بعض أطباق مسطحة من الحشائش المضفورة، كما وجدت قطعة من قماش الكتان داخل قدر من الفخار, وعثر على دبابيس ومخارز من العظام.

أما فيما يختص بأدوات الزينة؛ فقد تحلى القوم بدلايات من الخرز الذي كان على شكل القرص أو على شكل برميل أو من الأصداف التي تعلق مفردة أو تنظم في عقود؛ كذلك عثر على سوار صغير وتميمة على شكل بلطة صغيرة من الصدف، وكانت لديهم صلايات بسيطة بيضية الشكل لصحن المغرة .

هذا وقد عثر على آلات صوانية تشبه آلات الفيوم والبداري في الواحات وفي غرب وادي النيل وخاصة بالواحة الخارجة وجنوب تونس؛ مما يوحي بأن الفيوم والمناطق الجنوبية من مصر كانت منبعًا استمد منه شمال غربي أفريقيا بعض مظاهر حضارته وإن كانت هناك بعض الآراء التي تناقض ذلك.

_______

(1) انظر ص51.

(2) يرى أولئك الذين يجعلون الحضارات التالية للسبيلية وتسبق عصر الأسرات جميعها تدخل في عصر واحد هو ما قبل الأسرات, بأن الحضارة التاسية تعد من صميم حضارة البداري انظر: "E. Baumgartel, op, cit, 20 ff".

(3) انظر هامش ص60.

(4) E. Baumgartel, op., cit, pp, 17f and 43.

(5) Baumgartel, op. Eit. 20 ff.

 

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).