أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-11-2014
1372
التاريخ: 6-08-2015
790
التاريخ: 20-11-2014
827
التاريخ: 10-4-2018
878
|
هل الاستطاعة والقدرة في الإِنسان متقدمان على الفعل أو مقارنان له؟.
العدليّة على الأول ، والأشاعرة على الثاني. و الحق التفصيل و لعلّ هذا مراد الجميع.
بيان ذلك : إِنَّ القدرة تطلق و يراد منها أحد الأمرين :
الأول : صحة الفعل و الترك ، و إن شئت قلت : كون الفاعل في ذاته بحيث إن شاء فعل و إن لم يشأ لم يفعل. فلو أريد من القدرة هذا المعنى ، فلا شك أنها مقدمة على الفعل فطرة ووجداناً ، فإنَّ القاعد ، قادر على القيام حال القعود ، و الساكت قادر على التكلم في زمان سكوته ، لكن بالمعنى المزبور.
الثاني : ما يكون الفعل معه ضروري الوجود باجتماع جميع ما يتوقف وجود الفعل عليه ، و تحقق العلة التامة التي لا ينفك المعلول عنها. فالقدرة بهذا المعنى مقارنة للفعل ، ليست مقدمة عليه تقديماً زمانياً و إنْ كانت متقدمة رتبة.
والحق إِنَّ المسألة بديهية للغاية و ما أثير حولها من الشبهات خصوصاً ما ذكره الشيخ الأشعري في (اللمع) أشبه بالشبه السوفسطائية (1). و مثله ما ذكره تلاميذ مدرسته ، كالتفتازاني في (شرح المقاصد) و نظام الدين القوشجي في (شرح التجريد) (2)...
وبذلك يظهر أَنَّ ما أقامته المعتزلة من البراهين على تقدم القدرة على الفعل تنبيهات على المسألة ، و لا يحتاج الأمر إلى هذا التفصيل المُسْهَب. ولكن الذي ينبغي البحث عنه هو تبيين الحافز الذي دعى الشيخ الأشعريّ إلى اختيار ذلك المذهب (مقارنة القدرة للفعل). مع أَنَّ التقدم و المقارنة بالنسبة إلى ما جاء في الكتاب و السنّة متساويان ، فإذاً يقع الكلام في تعيين الداعي إلى اختيار القول بالتقارن بل التركيز عليه.
المحتمل قوياً أنْ يكون الداعي هو قوله بمسألة خلق أفعال العباد ، و إنها مخلوقة لله لا للعباد لا أصالة و لا تبعاً ، حتى أنَّ القدرة الحادثة في العبد عند حدوث الفعل غير مؤثرة في إيجاده بل مقارنة له. فإذاً المناسب لتلك العقيدة نفي القدرة المتقدمة على الفعل ، والإكتفاء بالمقارن له ، و كأن الشيخ تصوّر أن القدرة المتقدمة على الفعل تزاحم قدرة الله تعالى فلأجل ذلك وجد في نفسه دافعاً روحياً إلى البرهنة على بطلان التقدم و إثبات التقارن.
نعم ، القول بالتقارن و نفي التقدم لا يختص بالشيخ الأشعري و تلامذته ، بل وافقهم عليه بعض المعتزلة ، كالنّجار ، و محمد بن عيسى ، و ابن الراوندي ، و غيرهم (3).
وقد اتفقت كلمة الجميع على أنّ قدرة الله تعالى متقدمة على الفعل. و ذلك أيضاً معلوم حسب أصولنا ، لأن القدرة في غيره سبحانه عين القوة و الإِمكان. و في الواجب تعالى عين الفعلية و الوجوب ، و أَنَّ وجوده بالذات ، و كل صفة من صفاته ، بالفعل ليس فيها قوة و لا إمكان و لا استعداد.
و قد أسهب صدر المتألهين الكلام في هذا المقام في أسفاره و دفع بعض الإِشكالات التي ترد على القول بقدم قدرته و فعليته (4).
الاستطاعة في أحاديث أئمة أهل البيت :
لقد تضافرت الروايات عن أئمة أهل البيت على تقدم الاستطاعة على الفعل. و إليك بعض ما روي عنهم في هذا الشأن :
1 ـ روى الصدوق عن هشام بن سالم عن أبي عبدالله ( عليه السَّلام )قال : « ما كَلَّف الله العبادَ كُلْفَةَ فِعل و لا نهاهم عن شيء حتى جَعَل لهم الإِستطاعة ، ثم أَمَرَهُم و نهاهم ، فلا يكون العبد آخذاً و لا تاركاً إلاّ بالإِستطاعة متقدمةً قبل الأمر و النَّهي ، و قَبْل الأخْذ و التَّرك و قبل القبض و البَسْط » (5).
2 ـ وروى أيضاً عن أبي بصير عن أبي عبدالله قال : سمعته يقول ـ و عنده قوم يتناظرون في الأفاعيل و الحركات ـ فقال : « الإِستطاعة قبل الفعل
لم يأمر الله عز وجل بِقَبْض و لا بَسْط إِلاَّ والعبدُ لذلك مستطيع » (6).
3 ـ و روى أيضاً عن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السَّلام ـ يقول : « لا يكونُ مِنَ العَبَدِ قَبضٌ وَ لاَ بَسْطٌ إِلاَّ باسْتِطَاعَة متَقَدّمة للقبْضِ والبَسْطِ » (7).
4 ـ وروى أيضاً عن محمد بن أبي عمير عمن رواه من أصحابنا عن أبي عبدالله ( عليه السَّلام ) قال سمعته يقول : « لا يكُون العَبْدُ فاعلا إِلاَّ و هو مُسْتَطيعٌ وَ قَدْ يَكُون مُسْتطيعاً غير فاعل ، وَ لا يكونُ فاعلا أبداً حتَّى يكُونَ معه الإِستطاعة » (8) و هناك رواياتٌ كثيرةٌ أخرى مبثوثة في باب الإِستطاعة من (التوحيد) فلاحظها.
ومن لطيف ما استدلَّ به أئمة أهل البيت على تقدم الإِستطاعة على الفعل قوله سبحانه : {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] ، فقد « سأل هشام بن الحكم الإِمام الصادق عن معنى الآية و قال : ما يعني بذلك؟ قال : من كان صحيحاً في بدنه ، مُخلىً سِرْبُه ، له زاد وراحلة » (9).
« و قال أبو بصير : سمعت أبا عبدالله ( عليه السَّلام ) يقول : « من عُرِضَ عليه الحجُّ ولو على حِمار أَجْدَعَ مَقْطُوعِ الذَّنَبِ فَأَبى ، فهو مِمَّن يَسْتطيع الحجّ » (10).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ لا حظ اللمع ، ص 93 ـ 94.
2 ـ شرح المقاصد ، ج 1 ، ص 240 و شرح القوشجي ، ص 392.
3 ـ شرح المواقف ، ج 6 ، ص 92.
4 ـ الأسفار الأربعة ، ج 6 ، ص 312.
5 ـ التوحيد للصدوق ، باب الإستطاعة ، الحديث 19 ، ص 352.
6 ـ التوحيد للصدوق ، الحديث 21 ، ص 352.
7ـ المصدر السابق ، الحديث 20 ، ص 352.
8 ـ المصدر السابق ، الحديث 13 ، ص 350.
9 ـ التوحيد للصدوق ، الحديث 14 ، ص 350.
10 ـ المصدر السابق ، الحديث 11 ، ص 350
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|