أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-2-2017
2284
التاريخ: 4-12-2016
1954
التاريخ: 4-7-2021
9558
التاريخ: 7-2-2017
1986
|
لما اشتد البلاء من قريش على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بعد موت عمه أبي طالب (عليه السلام عانى من سفهاء قومه ما عاناه حيث قد تجرأوا عليه وكاشفوه بالأذى ما لم يكاشفوه به من قبل، خرج (صلى الله عليه وآله) إلى الطائف، ورجا أن يؤووه وينصروه على قومه، ويمنعوه منهم.
فلما وصلها اجتمع (صلى الله عليه وآله) بهم في ناديهم ودعاهم إلى اللّه، فلم ير فيهم من يجيبه أو يؤويه وينصره، ونالوه مع ذلك بأشد الأذى ونالوا منه ما لم ينل قومه.
وكان معه (صلى الله عليه وآله) زيد بن حارثة مولاه، فأقام بينهم في الطائف عشرة أيام لا يدع أحداً من أشرافهم إلاّ جاءه وكلمه.
فقالوا: اخرج من بلادنا، وأغروا به سفهاؤهم، فأخذ هؤلاء السفهاء يرجمون عراقيبه (صلى الله عليه وآله) بالحجارة حتى اختضبت نعلاه بالدماء، وكان إذا أذلقته الحجارة قعد إلى الأرض فيأخذونه بعضديه ويقيمونه، فإذا مشى رجموه وهم يضحكون، وزيد بن حارثة يقيه بنفسه، حتى لقد شج في رأسه شجاجاً، وما زالوا به حتى ألجأوه إلى حائط لابني ربيعة: عتبة وشيبة، فعمد إلى الظل وانصرف عنه السفهاء، فأخذ (صلى الله عليه وآله) يناجي ربه ويدعوه بالدعاء المأثور:
(اللهم إني أشكو إليك ضعف قوّتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت أرحم الراحمين، ورب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى عدوّ بعيد يتجهمني، أو إلى عدوّ ملّكته أمري، ان لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي غضبك، أو يحل عليّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلاّ بك).
فلما رآه ابنا ربيعة ورأيا ما لقي (صلى الله عليه وآله) من ثقيف تحركت له رحمهما، فبعثا إليه مع غلامهما عدّاس النصراني قطفاً من عنب، فلما وضع (صلى الله عليه وآله) يده في القطف قال: بسم اللّه، ثم أكل.
ثم نظر عداس إلى وجهه وقال: واللّه إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة.
فقال له (صلى الله عليه وآله): من أي البلاد أنت، وما دينك؟
قال: نصراني من أهل نينوى.
قال: من قرية الرجل الصالح يونس بن متّى؟
قال عداس: وما يدريك؟
قال: ذاك أخي، وهو نبي مثلي.
فأكب عداس على يديه ورأسه يقبلهما.
فقال ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه: أما غلامك فقد أفسده عليك. فلما جاءهما عداس قالا له: ويلك يا عداس مالك تقبّل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟
قال: يا سيدي ما في الأرض خير من هذا، فقد أخبرني ما لا يعلمه إلاّ نبي.
قالا: ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك، فإن دينك خير من دينه.
ثم إن ابني ربيعة نهرا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من ان يستظل بظل بستانهما غيظاً وحنقاً منهما عليه، فخرج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من الطائف متّجهاً إلى مكة.
في منزل نخلة:
ولما نزل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بنخلة في مرجعه من الطائف قام يصلّي في جوف اللّيل، فصرف اللّه إليه نفراً من الجنّ فاستمعوا قراءته، وكانوا من أهل نصيبين.
فلما فرغ (صلى الله عليه وآله) من الصلاة ولوا إلى قومهم منذرين، قد آمنوا به وأجابوا إلى ما سمعوا، فقص اللّه خبرهم عليه فقال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف: 29] (1).
وأقام رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بنخلة أياماً، فقال له زيد بن حارثة: كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك؟ يعني قريشاً.
فقال: يا زيد إن اللّه جاعل لما ترى فرجاً ومخرجاً، وإن اللّه ناصر دينه ومظهر دينه.
ثم انتهى (صلى الله عليه وآله) إلى مكة، فأرسل ـ على قول ـ رجلاً من خزاعة إلى المطعم بن عدي ليقول له: أدخل في جوارك؟
فقال: نعم. ودعا بنيه وقومه فقال: البسوا السلاح وكونوا عند أركان البيت، فإني قد أجرت محمداً.
فدخل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ومعه زيد بن حارثة، حتى انتهى إلى المسجد الحرام، فقام المطعم بن عدي على راحلته فنادى: يا معشر قريش، إني قد أجرت محمداً، فلا يهيجه منكم أحد. فانتهى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إلى الركن فاستلمه، وصلى ركعتين، وانصرف إلى بيته والمطعم بن عدي وولده محدقون به بالسلاح حتى دخل (صلى الله عليه وآله) بيته.
العودة إلى مكة:
وفي مكة عاد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إلى تبليغ رسالات ربّه كما كان عليه من قبل، فكان (صلى الله عليه وآله) يقف بالموسم على القبائل ويتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة وذي المجاز.
وكان (صلى الله عليه وآله) لا يسمع بقادم من العرب له اسم وشرف إلاّ كان يأتيه ويعرض عليهم الاسلام وخلفه أبو لهب فيقول: لا تطيعوه فإنه كذاب، ثم يرميه بالحجارة.
لكن ذلك لم يكن صاداً رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن مهمّته ولا كافاً له عن ابلاغ رسالته وانما كان مجداً في مواصلة طريقه حتى أسلم جماعة كان منهم: (الطفيل بن عمرو الدوسي) فإنه أسلم ودعا قومه إلى الإسلام، فأسلم بعض قومه، فأقام الطفيل في بلاده إلى أن هاجر بعد عام الخندق هو وجماعة ما بين السبعين والثمانين بيتاً من قومه إلى المدينة فوافوا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بخيبر.
ثم إن الطفيل كان عند رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بالمدينة حتى قبض اللّه رسوله (صلى الله عليه وآله)، فخرج بعدها مع المسلمين إلى اليمامة ومعه ابنه عمرو بن الطفيل فقُتل هو باليمامة، وجرح ابنه جراحةً شديدة، ثم استبسل فيها ثم قُتل عام اليرموك.
__________
(1) الأحقاف : 29.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|